Al-Quds Al-Arabi

ميسي وبرشلونة... هل اقترب موعد الوداع الحزين؟ وأين وجهته المقبلة؟

- لندن ـ «القدس العربي»: عادل منصور

خلعت إذاعـــة «كادينا سير» القلوب في كتالونيا، بــالــكــ­شــف عـــن نــوايــا أسطورة برشلونة في كل العصور ليونيل ميسي، استنادا إلـى معلومة من داخــــل أروقـــة الــــغـــ­ـرفــــة ا لمتحكمة فـــــي «كــامــب نـــو»، تُـفـيـد بـــأن الـبـرغـوث «ســئــم» مــن وضــع الـنـادي والطريقة التي يُـدار بها من قبل الرئيس جوزيب ماريا بارتوميو ومجلسه المعاون، معتقدا أنها السبب الرئيسي فــي الــنــزاع­ــات الـداخـلـي­ـة وحــالــة الـتـوتـر المسيطرة على البلو غرانا في الشهور القليلة المـاضـيـة، مـا دفعه لتأجيل مفاوضات تمديد عقده الممتد لمنتصف العام المقبل، ليصبح ليو حديث الساعة في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الرياضية، كمادة دسمة لا تفوت لإثـارة الجدل والقيل والـــقـــ­ال حـــول مستقبله ووجهته المحتملة، إذا لم يغير رأيـه أو موقفه حتى يومه الأخير في عقده مع الإدارة، بسيناريو مشابه مــن حـيـث المـضــمـو­ن لما حــــدث عـــامـــي 2014 و2016، عندما أثيرت حوله الشكوك بطريقة كربونية ممــا يحدث مـــعـــه الآن، وفـــي الـلـحـظـا­ت الأخــيــر­ة تــراجــع عــن قـــراره، وفــي الـعـام التالي

أغلق باب الشائعات نهائيا، بوضع القلم على عقده الحالي التاسع، كرسالة واضحة آنذاك، أن نيته الأولى هي الاعتزال بين جدران النادي، أو على الأقل الالتزام بخمس سنوات أخرى إلى أن يجد جديد.

عاش برشلونة على صفيح ساخن هذا الموسم، تارة للأداء الغامض للفريق على أرض الملعب، وتارة أخرى بالمشاكل والجدل وراء الكواليس، الأمر الذي أدى في النهاية إلى تدهور علاقة الرئيس باللاعبين والمشجعين، لأسباب تتعلق بسياسة التعاقدات غير المفهومة والإدارة المرتعشة، كما حدث في فصل الصيف المـاضـي، بعدم الـوفـاء بالعهد مع ميسي، بإعادة صديقه الصدوق نيمار جونيور من باريس سان جيرمان، بمحاولة اعتبرها الإعــام الفرنسي غير جادة، نظرا لتواضع العروض الكتالونية، التي اقتصرت على مبادلة لاعب أو اثنين لتقليل المبلغ المطلوب لإطــاق ســراح الساحر البرازيلي من «حديقة الأمـراء»، وبدلا من ذلك، جاءت الإدارة بالفرنسي أنطوان غريزمان، رغم أن الفريق كان بحاجة لرأس حربة صريح أو جناح مهاجم في الجهة اليسرى، بعد تقدم لويس سواريز في السن واستمرار معاناة عثمان ديمبيلي مع لعنة الإصابات، فكانت النتيجة شبه كارثية، بظهور الأنيق بصورة مغايرة تماما لما كان عليها مع أتلتيكو مدريد، لصعوبة توظيفه في مكانه المفضل كمهاجم حر في العمق، في ظل وجود ميسي الذي يقوم بهذا الدور، وهو عزز الاعتقاد السائد لدى المشجعين واللاعبين، بــأن الإدارة لا تفكر فـي مصلحة الفريق، لإصــرار المسؤولين على إهـدار مئات الملايين من اليوروهات في الهواء، بعد الفشل الذريع للثنائي فيليب كوتينيو وديمبيلي، الـذي كبد الخزينة قرابة ربع مليون من نفس العملة، ومـا قطع شعرة معاوية بين مجلس الإدارة وأيقونة النادي، ما حدث في فبراير / شباط الماضي، بطرد المدرب الباسكي إيرنيستو فالفيردي وتعيين كيكي سيتيين، على عكس رغبة وإدارة ليو وباقي رفاقه، ليختلط الحابل بالنابل منذ تلك اللحظة، بتسارع مريب في الأحداث والمشاكل بين ليو وكبار النجوم والمسؤولين. وبدأت بالحرب الباردة بين القائد ميسي والمدير الرياضي إيريك أبيدال، لمحاولة الأخير «الوقيعة» بين اللاعبين ومدربهم السابق، مدعيا في مقابلته مع «موندو ديبورتيفو»، أن الإدارة أقالت فالفيردي بناء على رغبة اللاعبين، وما زاد الطين بلة، تحامله على أفراد الفريق، بإلقاء اللوم عليهم وحدهم، معتبرهم السبب الرئيسي وراء تراجع الأداء والنتائج آنــذاك، وهو ما فجر البركان الخامد داخـل ميسي، بعدما ظل متكتما على تخبط الإدارة لفترة ليست قصيرة.

في نفس الساعة التي تقمص فيها أبيدال دور مدير الشركة الحازم مع موظفيه، جاءته الرسالة الرادعة من ميسي، بتحذير واضح وصريح من عواقب تدخل المدير في ما لا يعنيه مرة أخرى، والاكتفاء بعمله في المكاتب

وعلى طاولة المفاوضات لشراء الصفقات التي يريدها المدرب، وإلا سيحدث ما لا يحمد عقباه. وسرعان ما وصلت الرسالة إلى الرئيس بارتوميو وإدارته، وبناء عليه، استخدم الأسـلـوب الأسفنجي المعتاد لمسك العصا من المنتصف، بالإبقاء على أبيدال في منصبه بصلاحياته كمدير رياضي لا شأن له بالأمور الفنية وأداء اللاعبين والمــدرب داخـل المستطيل الأخضر، على الأقل أمام الصحافة والإعلام، بجانب تلبية رغبة ميسي وظهوره بصورة المنتصر أمام الجماهير والرأي العام. منها أكسبت إدارة بارتوميو مزيدا من الوقت لإنهاء الموسم بهذا القدر من المشاكل، ومنها أيضا شراء ود ليو قبل فتح مباحثات عقده العاشر كلاعب مع النادي، لكن ما حدث بعد استئناف النشاط، بالكاد بعثر أوراق الرئيس ومجلسه المعاون، والسبب ضعف التواصل بين القائد والمدرب، أو بمعنى أكثر صراحة، عدم اقتناع النجم الكبير بشخصية المـدرب، لمبالغته في الاعتماد على مساعده إيدير سارابيا، الـذي لا يحظى بعلاقة جيدة مع اللاعبين الكبار، كما تُشير التسريبات من داخل النادي، واللقطات الحية التي نشاهدها جميعا في مباريات البارسا، وتحديدا في دقيقة الراحة في منتصف كل شوط، نلاحظ دائما أنه لا يكترث لما يقوله المساعد ولا حتى المدرب، فقط يجلس مع نفسه لشرب الماء، تاركا البقية يستمعون للتعليمات والملاحظات الفنية. ولعل أوضح دليل على تدهور علاقته بالجهاز الفني، ما فعله مع سارابيا في ليلة التعادل مع سيلتا فيغو بهدفين لمثلهما، بتجاهل مساعد المدرب بطريقة فيها كثير من «الإهانة» لمنصبه وشخصه. صحيح السلوك لا يليق باسم ولا سيرة ميسي، كأسطورة ونجم يُحتذي به للأجيال القادمة، لكن كثيرا مـن المشجعين والـنـقـاد، اعتبروا حالة اللامبالاة هذه، نتيجة طبيعية للضغط الهائل الُملقى على كاهل النجم الأرجنتيني في السنوات الأخيرة، بتحميله مسؤولية الانتكاسات والانتصارا­ت على حد سواء، ومطالبته باستمرار بتقمص دور البطل الخارق في كل مباريات الفريق، خصوصا الاختبارات المعقدة، كأنه كابتن «تسوباسا» (كابتن ماجد(، المطلوب منه القيام بالمستحيل للحفاظ على شخصية وهيبة النادي وألقابه، حتى بعد رحيل صديقه ومساعده الموهوب تارو ميساكي )ياسين(، تماما كما حدث في الحقيقة، بعد انتقال مساعده الأمـن نيمار إلى باريس سان جيرمان عام 2017، ومنذ ذلك الحين، تضاعف الحِمل على ليو، لتحمله وحـده مسؤولية وعـبء الهجوم، ويظهر ذلك بوضوح في نتائج البارسا عندما لا يكون نجمه في حالته العادية أو تحت مراقبة صعبة أو غير موفق، والأمثلة كثيرة، منها مباراتا روما وليفربول الشهيرتان في دوري أبطال الموسمين الماضيين، ومؤخرا إشبيلية وأتلتيكو مدريد، رغم أنه سجل من علامة الجزاء في مرمى الهنود الحمر.

الشاهد والحقيقية التي لا يختلف عليها اثنان، أنه عندما يبدع ميسي، يكون من الصعب جدا مجاراة برشلونة في النتيجة، وفي السابق، كان الأمر يبدو طبيعيا لصغر سنه، لكن مع تقدمه في العمر بكسر حاجز الـ33 عاما، بجانب مشاكله البدنية والإصابات التي تضايقه من حين لآخر، انخفض معدل تأثيره، وهو ما أثر بشكل سلبي على نتائج وأداء الفريق، لعدم وجود ذاك اللاعب، القادر على إيجاد الحلول

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom