Al-Quds Al-Arabi

حوار: البرلماني اليمني شوقي القاضي

البرلماني اليمني شوقي القاضي:

-

نحو تحرير مدينة الحديدة من الانقلابيي­ن الحـوثـيـن، لكنهم للأسف تـركـوا الحديدة جانبا واتجهوا نحو مدينة التربة ومنطقة الحجرية وكـدّسـوا الأسلحة فيها، وهناك بيوت مليئة بالأسلحة، حيث تستأجر بيوت بأسعار مرتفعة واستغلوا الوضع الاقتصادي للناس والفقر وحاجة الناس للمال، حيث تم ضخ أموال ضخمة بطريقة مريبة واشتريت معدات لا تنبؤ إلا بأن هناك تربّصا، واستقدمت شخصيات عسكرية كبيرة جــدا موالية للإمارات، لا تعترف بالحكومة الشرعية ولا تواليها، ولاؤهــا للحوثي وبعضهم يفرون عندما يبدأ الشك حولهم، ويلجأون إلى حضن الحوثي بصنعاء. وهناك أيضا شخصيات عسكربة كبيرة لا تعترف بالشرعية مطلقا ولا بالجيش الوطني ولا بسلطاتها، وهناك سؤال كبير لمــاذا يتواجد هــؤلاء في منطقة التربة والحجرية وما هو هدفهم من ذلك؟ علما بأن هذه المنطقة هي الشريان الوحيد لمدينة تعز المحاصرة من قبل الانقلابيي­ن الحوثيين منذ 2015. فمدينة تعز ليس لها من طريق ولا من شريان يربطها بالمحافظات الجنوبية وبقية المحافظات والعالم الخارجي إلا طريق التربة والحجرية فقط، فالأمر لم يعد مريبا بل صار واضـحـا تماما بــأن هناك شيئا مـا يخطط لـه، يرتبط أولا بوضع مدينة وميناء المخا )الساحل الغربي لتعز( والمناطق المجاورة لها، بشكل سياجي منقوص، لا يرتبط بالسلطة الشرعية الرسمية بمدينة تعز، إمـا لإعلان شيء مستقبلي أو لجعلها خاضعة للنفوذ الإماراتي الذي حطّ عينه تماما على الموانئ والسواحل اليمنية وهذا أمر لم يعد مخفيا، وهذا حقيقة ذلك ان هناك تحركات مريبة تماما بالإضافة إلى وجود ميليشيات ومسلحين في منطقة التربة والحجرية لا ينتمون للمنطقة ولا للسلطات الإدارية في محافظة تعز ولا يأتمرون بأوامرها ولا يلتزمون بقراراتها وتوجيهاتها وإنمــا هـي عـبـارة عـن مجاميع يـدعـون أنهم يتبعون شخصيات عسكرية وسياسية، وصار الأمر واضحا ولم تعد تلك التحركات المشبوهة تنطلي على أحد، حيث أصبح جليا أن هناك شيئا يتم الإعداد له وهو ما استدعى مجابهة ذلك. الأمر الآخر هناك اختراق من ميليشيا الحوثي لهذه المجاميع المسلحة ولمعسكرات هذه القوات، ومن ضمنها ما يسمى بقوات حرّاس الجمهورية بقيادة طارق محمد عبدالله صالح )نجــل شقيق الرئيس السابق علي صالح، مدعوم من أبـو ظبي( وهناك قادة عسكريون كُثُر انتماؤهم لميليشيا الحوثي وهؤلاء هم الذين يتركون الطريق باتجاه مدينة الحديدة ويتجهون إلى التمركز في مناطق التربة والحجرية في الريف الجنوبي لمدينة تعز، ولهذا أصبح الوضع العسكري والأمني هناك خطيرا جـدا. وأنـا هنا أحمّل الرئيس عبدربه منصور هـادي ونائب الرئيس علي محسن، ووزراء الدفاع والداخلية ومحافظ

محافظة تعز المسؤولية الكاملة عما سيحصل هناك من أعمال مشبوهة من قبل هذه المجاميع المسلحة التي بدأت المؤشرات مؤخرا تتجه نحو ذلك.

○ إلى أي مــدى تعتقدون أن المقصود من الســيطرة على مدينة التربة ومناطق ريف الحجرية مــن قبل بقايا عســكريي الحرس الجمهوري الســابق بقيادة طــارق صالح، المواليــة للإمــارات هــو خنق مدينــة تعز، بالتنسبق مع ميليشيا أبو العباس المدعومة من الإمارات أيضا المتمركزة في طريق التربة عند مشارف مدينة تعز؟

• أستطيع الـقـول بصريح الـعـبـارة أن الشرعية والتحالف خذلا محافظة تعز، هذه من الآخر، وهي تصدق تماما فيما يقال، فمحافظة تعز كان ينبغي أن يستكمل التحالف والشرعية تحريرها من الانقلابيي­ن الحوثيين منذ وقت مبكر، بحيث كـان ينبغي أن تحـرر من جهة الشرق بفتح طريق تعز عبر منطقة الحوبان إلـى محافظة لحـج، لأنـه للأسف معسكرات الحوثيين وقناصتهم يتمركزون في طريق الحوبان بشكل مكثف، وبالذات في الجبال والتباب المطلة على مدينة تعز، والتي منها يقوم الحوثيون باستمرار بقصف الأحياء السكنية بمدينة تعز ويسقط جــراء ذلــك الكثير من الأطفال والنساء والمدنيين، ولهذا وبعد أكثر من خمس سنوات نرى أن الشرعية والتحالف للأسف خذلوا محافظة تعز، أولا لأنهم لم يستكملوا تحريرها ولم يدعموا جيشها لتحقيق ذلـك، ومـا زالـت ميليشيا الحوثي تهدد تعز وتشكل خطرا محدقا عليها، وثانيا خُذلت تعز لأن منتسبي الجيش الوطني فيها تمر عليهم بين أربعة إلى ثمانية شهور بدون أن يستلموا رواتبهم، وهم معتمدون اعتمادا كاملا عليها رغم تواضعها، وهم في الأخير جنود مرابطون في ثكناتهم، وثالثا لم يتم دعم الجيش الوطني بالأسلحة النوعية والحديثة، في الوقت يتم دعم ميليشيا أبوالعباس بشكل واضح من قبل دولة الإمارات بالأسلحة النوعية والدعم المالي الكبير، رغم أنها مصنفة لديهم بأنها فصيل إرهابي، وهذا شيء غريب ومتناقض ويحيّر العقول، خاصة في ظل الصمت على ذلك من قبل السعودية، ولهذا تصل ميليشيا جماعة أبوالعباس أسلحة نوعية وثقيلة ومصفحات ومدرعات إلى غير ذلك، بينما الجيش الوطني الـــذي يمثل الــدولــة يفتقر لأبـسـط المـعـدات والآلــيــ­ات العسكرية والـذخـائـ­ر. والتهديد لمحافظة تعز من قبل دولـة الإمــارات مستمر أيضا، حيث حاولت عدة مرات عندما كانت ميليشيا أبوالعباس متمركزة في قلب مدينة تعز القيام بانقلابات على السلطة الشرعية في المدينة، لكنها باءت بالفشل وأجبرها الجيش الوطني على الخـــروج منها وتمــركــز­وا في ضواحيها الجنوبية، بعد ان اغتالوا المئات من الضباط والجنود ومنتسبي القوات المسلحة والأمــن وعــدد كبير من الناشطين وخطباء

المساجد، وحملة الــرأي وموجهي المجتمع، المناهضين لسياسات الإمارات، ولهذا أبو ظبي ما زالت «حاطة عينها» على مدينة تعز، بذرائع ومبررات عديدة من أجل خنقها وإجبارها على الاستسلام للميليشيا والقوات الموالية لها كما فعلت في محافظة عدن.

○ مــاذا تمثل محافظــة تعز مــن أهمية للحكومة الشــرعية، ولما تبقــى من دولة في اليمن؟

• محافظة تعز بشكل عام تمثل العمود الفقري للشرعية وللجمهورية، فهي أكبر محافظة في اليمن من حيث التعداد السكاني، ينتشر أبناؤها في كل أرجــاء اليمن، أغلب الأطــبــا­ء فـي الـبـاد منهم، أغـلـب المـدرسـن والأكاديمي­ين والمهندسين والتجار وقادة الرأي وقيادات الأحزاب وغيرهم منها، لذا تعز تمثل عصب الحياة والعمود الفقري للجمهورية وللدولة وللشرعية في اليمن، وعليه لو حصلت أي انتكاسة ـ لا سمح الله ـ لتعز بسبب الخذلان لها والتآمر عليها والغدر بأحرارها ومقاوميها فإنما ستكون طعنة في خاصرة الشرعية ووالله لن تقوم للشرعية بعدها أي قائمة، وأؤكد بالبنط العريض وأقول بأنه لن تقوم للشرعية ولا للجمهورية ولا لليمن الاتحادي قائمة، إذا خذلت تعز، لأنها تمثل العمود الفقري لليمن.

○ إذا انتقلنا لمشكلة الجنوب، كما ترى أن اتفاق الرياض مات قبل أن يرى النور، والآن تحاول الســعودية انعاشــه عبر مقترحات بديلة والتي تبدو أنها تتجه لصالح المجلس الانتقالــ­ي الجنوبــي على حســاب مصالح الحــــكوم­ة الــشــــر­عية، كيــف تقرأون الأمور؟

• اتــفــاق الـــريـــ­اض جـــاء لحــل مشكلة أصبحت حقيقية وقائمة في الجنوب، بسبب أن الشرعية والتحالف تركتا ميليشيات تتقوى وتتغوّل وتتواجد على الأرض، وعندما كبرت هذه الميليشيا ومنها المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من الإمــارات، خـارج إطار الشرعية والدولة وخــارج إطـار مؤسساتها الرسمية ووزارة الدفاع والداخلية، وبالتالي كبرت وتغوّلت وصارت مشكلة حقيقية. ووفقا لنائب القائد العسكري الإماراتي حيث قال إن عدد عناصر الميليشيا الذين دربتهم الإمارات في اليمن بلغ نحو مئتي ألف، وفي أقل تقدير لو أخذنا نصف هذا الرقم، وقلنا يبلغ عددهم مئة ألف فقط، وهم المسلحون بأحدث أنواع الأسحة والذين يغدق عليهم بالأموال السخية والمنتظمة، لذا نموا وترعرعوا وكبرت المشلكة ولهذا جاء اتفاق الرياض تحصيل حاصل في أن يتعاطى مع حقيقة على الأرض، ولهذا أشدنا ورضينا به، ووافقنا عليه لأنه خلاص ما عاد هناك أي حل آخر، حيث وجد كيان جديد ولا بد من التعامل معاه، ورغم ذلك للأسف حصلت أمور مريبة، حيث لم تفرض بنود تنفيذ اتفاق الـريـاض حسب ما وعدنا بـه، والأخـــوة في

المملكة العربية السعودية الملتزمون بتنفيذ اتفاق الرياض والمشرفون على تنفيذه، تركوا الحبل على الغارب فتمدد المجلس الانتقالي كما هو معروف، ذهب باتجاه الجنوب الشرقي واحتل جزيرة سقطرى بدعم سعودي، أما الدعم الإماراتي فلا جدال فيه، حيث تأكد أن هناك تواطؤا سعوديا واضحا تماما، لأنه كانت هناك معسكرات سعودية في سقطرى مكلفة بحماية الجزيرة وتستطيع أن تمنع سقوطها في أيدي ميليشيا الانتقالي الجنوبي، لكن للأسف سلمتها، إما لتمرير أجندات معينة أو لدوافع سعودية أخـرى. وعقب ذلك جاء الاتفاق الثاني، اتفاق الرياض اثنين، ويبدو أن مسلسل اتفاقات الرياض سيستمر ثلاثة وأربـعـة وخمسة وغيرها، لأن الجـديـة غير موجودة للأسف، ورغــم ذلـك أشدنا بما تم التوصل إليه. أننا نفرح بأي شيء يتم التوصل إليه من أجل وقف نزيف نزيف الدماء ونزيف الدولة والشرعية، من أجل ان يتحرر الناس وأن يتحولوا إلى معركتهم الحقيقية ضد ميليشيا الانقلابيي­ن الحوثيين، التي تعد معركة اليمنيين الحقيقية، جنوبيون وشماليون، وشرقيون وغربيون، لأن بقية المكونات يمكن أن تصل معها إلى حلول، أما ميليشيا الحوثي فلا حلول معها لأنها استئصالية اجتثاثية، لا تؤمن أبدا بالآخر، إذا كانت مكرت بحليفها الاستراتيج­ي علي عبدالله صالح، الذي مكنها من كل شيء في البلد وسلمها الحرس الجمهوري وأغلب قطاعات الجيش، ومع ذلك عندما استغنت عن خدماته وعندما حان وقت تصفية الحساب قتلته شر قتلة، وتحتجز جثته إلى الآن منذ نهاية 2017 وترفض تسليمها لأهله لدفنها، يعني جماعة إرهابية سادية، اجتثاثية، لا تؤمن بالتعدد ولا بالتعايش ولا أن يكون للآخر أي وجود فيه كرامة، وتريد أن تحوّل جميع اليمنيين إلى عبيد لها، ولأن يكونوا حصالات نقود لها، وإلى دافعي الخُمُس )20 في المئة( لها، ولن تقبلهم إلا بهذه الصفة فقط، وكجنود محارق في معاركها، لكنها لا تقبل شركاء مطلقا، ونجدد أن معركة اليمنيين الحقيقية هــي مــع ميليشيا الحــوثــي، وعليه فرحنا باتفاق الرياض وأن الخــاف الآن يتمحور حـول الأولوليات، وبمــاذا سيبدأون؟ حيث يصر الرئيس هادي على ضرورة تنفيذ كافة البنود المتعلقة بالجانب العسكري والإداري والسياسي بشكل متزامن، بينما تصر قيادة المجلس الانتقالي على البدء بالجانب الإداري والسياسي فقط وترفض إخراج القوات من محافظة عدن.

○ هل من ســبيل في رأيــك للخروج من الأزمة العســكرية والأمنية والسياسية في المحافظــا­ت الجنوبية، في ظل هــذا الوضع المعقد؟

• بالنسبة للأزمة أو المشكلة الجنوبية هي ليست صعبة وكبيرة وقد عمل لها مؤتمر الحـــوار الوطني حلولا جـذريـة، والمكونات الجنوبية حينها وعت هذه الحلول واقتنعت بها وبدأت بترتيب وضعها على ذلك الأساس إلى أن جاءت دولة الإمارات وأنشأت المجلس الانتقالي الجنوبي خـــارج إطـــار المكونات الجنوبية، وأقصت المقاومة الجنوبية التي قادت تحرير المحافظات الجنوبية من ميليشيا الحوثيين، وأقصت القيادات الجنوبية التي اشتغلت منذ وقـت مبكر وأسست الحـراك الجــنــوب­ــي، مـنـذ 2007 وقــدمــت تضحيات وفـرضـت القضية الجنوبية على الـواقـع، واعــتــرف بها فــي مـؤتمـر الحـــوار الوطني وشاركت بفاعلية فيه، وتضمنت مخرجات الحــوار ومشروع دستور الدولة الاتحادية الكثير مـن الضمانات والمـكـاسـ­ب للقضية الجنوبية، والتي كفلت للمحافظات الجنوبية ان تكون شريكة في السلطة والثروة، وفي كل شيء، لكن المجلس الانتقالي جاء وهو لا يحمل قضية منطقية ودستورية، جاء للأسف عبارة عن وكيل لما تريده دولة الإمـارات، وموضوع حل الأزمـة الجنوبية سهل جـدا، أولا ان يتم تمكين القيادات الجنوبية ويعترف بها، صحيح

أنها أقل تسليحا من المجلس الانتقالي لكن إذا أرادت السعودية أن تفرض وجودها تستطيع ذلــك، وثانيا أن تضغط السعودية كقائدة للتحالف وكمشرفة على تنفيذ اتفاق الرياض، لأنها قـادرة جدا على تطبيق ذلك وعلى حل الأزمة الجنوبية برمتها لكن لو تحققت الإرادة السياسية.

○ هل تعتقد أن مشــروع تعديلات اتفاق الرياض سيؤدي إلى حل الأزمة في الجنوب، أم أنه يأتي في إطار شرعنة سيطرة الانتقالي الجنوبي على مقاليد الأمــور هناك، لفرضه كســلطة أمر واقع كما واقع الحال في الشمال من قبل جماعة الحوثي؟

• أي تغيير لبنود اتفاق الرياض وأي عبث به سيؤدي إلى مشاكل أكثر وأكثر لأن اتفاق الرياض هو الحد الأدنى من احترام الشرعية في اليمن وتمكين مؤسساتها التي بموجبها دخلت السعودية ودول التحالف إلى اليمن لإنهاء الانقلاب الحوثي وتعزيز سلطة الدولة الشرعية، ولهذا يعد اتفاق الـريـاض الحد الأدنـى، فإذا ما حصل أي اختلال ببنود هذا الاتفاق فهو شرعنة لميليشيات أخرى لمنافسة الدولة ولإضعاف أداءهــا وستكثر الكوارث المحيطة باليمنيين.

○ وفي الجانب الآخــر، إلى أي مدى ترى أن القبضة الحوثية أصبحت صعبة التفكيك في ظل التقدم العســكري لها في العديد من المناطق الحساســة والهامة، والتي أصبحت تشــكل خطرا وتهديدا حقيقيا على محافظة مأرب النفطية؟

• لــأســف ميليشيا الحــوثــي أضعف مما يعتقد ويتصور وعندما تدخل التحالف عسكريا في آذار/مــــارس 2015 كــادت هذه الميليشيا أن تختفي مـن وجــه الأرض لكن للأسف بدأ التحالف جيدا وحقق في البداية الكثير مــن الانــتــص­ــارات وأنــهــى موضوع الـطـيـران كسلاح للحوثيين، مـع احتمالية ارتكابهم حماقات وجــرائــم ضـد المدنيين أضـعـاف أضـعـاف مـا ارتـكـبـوه ضـدهـم من جرائم، واستطاع التحالف أن يحجّمهم وأن يطردهم بدعم من الجيش الوطني من بعض المحافظات الجنوبية، وساند الجيش الوطني بغاراته الجوية في معارك جبال نهم ومشارف محافظة مأرب وبعض المناطق الأخـرى، لكن للأسف بعد ذلك انحرفت بوصلة التحالف تماما فأوقف التحرك العسكري على مشارف جبهات نهم، وخذله بعد ذلك بعدم التسليح وعـدم تسليمه العتاد والعدة، وتسبب ذلك في تراجع الجيش الوطني عن السيطرة على جبال نهم، ومن محافظة الجوف بعد أن كان يحكم سيطرته عليها، ومُنع الجيش الوطني كذلك من تحرير مدينة الحديدة واشغل بمعارك أخرى جانبية، ومنع من أن يعزز وجود الدولة

في عدن، وقُصف بالطيران الإماراتي وقُتل فيه المئات وفتحت جبهات أخرى لمشاكل الجيش الوطني في محافظات حضرموت وسقطرى والمهرة، وهي بعيدة جدا عن الخطر الحوثي، مما جعل الحوثي يتغوّل ويتقوّى، وأؤكد هنا بأن استقواء الحوثي ليس بسبب قوته ولكن بسبب انحراف بوصلة التحالف عن الهدف الرئيس لتدخله في اليمن، ويساورني الشك في أن هناك توجها لدعم ميليشيا الحوثي بشكل أو بآخر من أجل أن تستقوي تسليحا وفي أن تستقوي مكانة، من هي هذه الأطراف الداعمة لها؟ ليست إيران فقط ولكن إيران أحد الداعمين لميليشيا الحوثي وهناك أكثر من علامة استفهام ودوائــر حمراء حول بعض الأطراف الإقليمية التي تدعم الحوثي بصورة أو بأخرى.

○ هل تعقتد أن هذه كانت الأســباب وراء تراخي الوضع العســكري مــن قبل القوات الحكوميــة فــي محافظة مــأرب والجبهات المحيطة بها؟

• بالتأكيد بعد أن مُنع الجيش الوطني أولا من مواصلة تحرير جبال نهم ومحافظة صنعاء، ومنع غربا وجنوبا من تحرير مدينة الحديدة ومنع من تحرير مدينة تعز، البعض يستغرب ويتساءل كيف يمنع ومــن الـذي أوقفه عن استمرار ذلك؟ وأقول مُنع بما يلي: الأول منع بقرار سياسي من التحالف وهذا أمر لم يعد سرا، وثانيا منع لأنه لم تسلم له معدات عسكرية لإنجاز مهمة التحرير، حيث احتفظ التحالف بالمعدات العسكرية الثقيلة في أيدي قواته، وبيد قادة التحالف في اليمن، أما الجيش الوطني لا يمتلك سوى الحد الأدنى من الأسلحة الخفيفة للدفاع عن النفس ولا تصلح لتحرير مناطق ذات ثقل استراتيجي، حيث يمنع منعا باتا تحريك أي من المعدات العسكرية الثقيلة الا بأمر التحالف، وهذه معلومة وليست تحليلا، الأمـر الآخـر سلاح الطيران الذي يعد مهما وجوهريا والأمضى في المعارك العسكرية، هذا السلاح لا تملكه الشرعية ولا الجيش الوطني، وإنما تملكه دول التحالف فقط، ولهذا مُنع الجيش الوطني من تحرير صنعاء والحديدة وتعز وحُرم جنوده من استلام المرتبات، ورغم ذلك انه عندما كانت بعض وحدات الجيش تحاول التقدم في بعض الجبهات تقصف بالطيران من قبل المقاتلات الحربية التابعة للتحالف، وحصل هذا مرارا وسقط جراء ذلك العديد من القادة العسكريين والكثير من الجنود بهذه الغارات التي كانت مقصودة لمنعهم مـن التقدم. ولـهـذا تشكل ميليشيا الحوثي تهديدا حقيقيا وخطيرا، بعد أن وصلت إلى الجوف وإلى مشارف محافظة مأرب التي تعد المخزون النفطي لليمن، حيث أصبحت تطوق محافظة مــأرب، ولو تمكنت

ميليشيا الحوثي ـ لا سمح الله ـ من اقتحام مدينتي مــأرب تعز فإنها ستتحرك جنوبا لامحالة، إلا اذا كانت هناك صفقة بين الإمارات وإيران.

○ مجلس النواب كممثل للشعب اليمني، لماذا بــدى وضعه هزيلا ولــم يتخذ قرارات ومواقف حازمة بهذا الشأن تساند الحكومة الشرعية سياسيا، خاصة بعد فقدان العديد من المــدن الجنوبية مؤخــرا لصالح المجلس الانتقالي بدعم إماراتي؟

• مجلس النواب كان ينبغي أن يستفاد منه مبكرا لكن للأسف عندما جرى الانقلاب الحوثي في 21 ايلول )سبتمبر( 2014 وأعلنت ميليشيا الحوثي عن تعليق الدستور وإلغاء البرلمان وإلــى غير ذلــك، واضطر الكثير من أعضاء مجلس النواب إلى مغادرة صنعاء لأنهم ربما سيتعرضون للاعتقال وربمـا للتصفية الجسدية من قبل الحوثيين، ثم جاءت عاصفة الحـزم التابعة للتحالف نهاية آذار )ماس( 2015 وظلت فترة والناس تائهون وباحثون عن مأوى آمن، ولكن للأسف الشديد غيبت رئاسة الشرعية دور مجلس النواب تماما، فتخيلوا انه من نهاية آذار )مارس( 2015 لم يدعى المجلس النيابي للانعقاد إلا في نهاية 2017 وعندما قتل الحوثيون الرئيس صالح تمكن من استطاع من نوابه الخروج من العاصمة صنعاء والإفلات مـن قبضة الحوثيين، وانضموا للشرعية، وحينها تـوفـرت الأغلبية للمجلس، ولكن بعدها نام البرلمان، لأننا نعتقد أنه كان هناك استقصاد من رئاسة الشرعية وتعمد من قيادة التحالف في ألا ينعقد مجلس النواب، لأنه ربما سيشكل حرجا كبيرا لهم، لأنه صاحب صوت حر، حتى وان وجد فيه بعض الأعضاء لديهم منطق آخـر، فهناك أصــوات سترتفع وتعلوا وتخوض في مناقشة موضوع الفساد وموضوع انحراف بوصلة التحالف وإلى غير ذلك، ولم يتمكن مجلس النواب من الانعقاد إلا في منتصف نيسان )ابريل( 2019 في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت، على أساس أن تلك الجلسة ستكون تدشينا لاستئناف انعقاد الجلسات، ولكنها للأسف كانت يتيمة حيث توقفت جلسات المجلس عقب ذلك رغم أننا كنا قد وعدنا شعبنا بأن لجان المجلس ستسنأنف عملها، وستفوم بالمهام المنوطة على عاتقها، وأصبح المجلس حاليا جاهزا لأي جلسة أو دورة انعقاد ولكن للأسف لم يرد له أن يقوم بمهامه التشريعية، وحُصر عمله حاليا بأنشطة هيئة رئاسة المجلس والذي أفقده دوره الفاعل والمؤثر.

○ في ظل هذا الوضع الصعب والمعقّد في اليمن، إلى أين تتجه الأمور؟ وهل تعتقدون أن هنــاك بصيص أمــل للخــروج من هذه الأزمة؟

• فعلا الـوضـع صعب ومعقد، وهناك ضبابية كبيرة لا يستطيع المـرء التنبؤ معها بمعرفة إلــى أيــن تتجه الأمـــور، أو محاولة استكشاف واسـتـشـرا­ف مستقبل اليمن، لأســبــاب عـــديـــد­ة، الـسـبـب الأول رخـــاوة الشرعية، حيث أصيبت باسترخاء قاتل، ومكونات الشرعية يمكن وصفهم بأنهم اخوة متشاكسون، والقوى الوطنية الداخلية ليست متراصّة وأهدافها ليست مـوحـدة، ودخل المال القذر فمزّق ما تبقى من تقارب والتئام بين قيادات ووجهاء وأعيان، حيث استقطب العديد من هؤلاء الوجهاء والقادة بواسطة المال القذر فعقّد الوضع اليمني، كما أن مشاكل الـوضـع الإقليمي ضاعفت المشكلة، حيث انعكست الأزمة الخليجية بظلالها على اليمن وتسببت بإشكالات مضاعفة له، خاصة مع إصرار الإمارات على أن تلعب دور الامبراطور­ية في اليمن، وتستحوذ على السواحل والجزر والموانئ والمطارات، وهو ما عقّد القضية بشكل كبير، والتي تستخدم أموالها ومرتزقتها المحليين والدوليين لتحقيق ذلك، ولذا نرى أن الموقف العالمي للأسف الشديد خذل اليمنيين وخــذل الشرعية، ومـن ثم أصبحت المسألة اليمنية صعبة ومعقدة جدا، ولذا إلى أين تتجه الأمـور؟ لا أستطيع تحديد ذلك، مع أن الأمل موجود، ولنا في رواندا مثال حي على ذلك، التي تجــاوزت أكبر مشكلة عرقية وخرجت إلى طريق السلام بأمان وقبلها خرجت أوروبا أيضا إلى طرق بعد أن كان وضعها أشد تعقيدا من وضعنا.

○ رغــم هذه التعقيــدا­ت، ما هو بصيص الأمل الذي أشــرت إليه من أجل التوصل إلى حل للأزمة اليمنية لانهــاء الحرب وتحقيق الســام المســتدام، خاصة في ظل استحالة تســليم الانقلابيي­ن الحوثيين والانفصالي­ين الجنوبيين للســاح والمدن التي ســيطروا عليها؟

• أعتقد أن الحل الأمثل والأنجع والأدوم والأطـول لمشاكل اليمن هو أن تنتصر الدولة وان تنتصر الشرعية انتصارا قويا، حتى تضعف أمامها كل الميليشيات، لكن الحلول السلمية وحلول المهادنة وحلول الترقيع ستبقي هذه الميليشيات بأسلحتها وبجنودها ومرتزقتها ومنتسبيها يتقاسمون وضع اليمن، فالدول التي خرجت بحلول سياسية لمشاكلها الطائفية هي أضعف الـدول التي تعاني إلى اليوم انعكاسات ذلك، ولا داعي لذكر الأمثلة الحية لذلك، حيث نرى تعطل حكومات تلك الدول لسنوات، ولهذا فإن الحل الأمثل هو ان تنتصر الشرعية، وأن تهزم الميليشيات هزائم ساحقة، حتى تكون هناك حلول دائمة، أما في ظل بقاء هذه الميليشيات فإن كل الحلول انما هي ترحيل لأزمات وتأجيل لمعارك آتية.

 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom