Al-Quds Al-Arabi

هل يحرك اغتيال الهاشمي حكومة الكاظمي أم يستمر ضياع دماء الشهداء؟

-

للانشغال بقضايا أخــرى أكثر الحاحا وأكدت أن زيارة المبعوث الشاب لإدارة ترامب للمنطقة، آفي باركوفيتش، انتهت بـ «خيبة أمل كبيرة» في إسرائيل. منوهة أن بعض مقربي نتنياهو ما زالوا يعدون بأن الفكرة لن يتم اهمالها تماما، ويتوقع أن يعودوا ويرفعوا الوتيرة على أمـل تجنيد موافقة أمريكية قبل الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. في المقابل ترى كما يرى مراقبون محليون آخـــرون أنــه مـع ذلـــك، يتبين أن الأول من تموز/يوليو، الموعد الذي حدده نتنياهو لبداية عملية الضم في الاتفاق الائتلافي مع «أزرق- أبيض» لن يمر بــدون أي عملية رمزية.

الاحتجاجات الفلسطينية

إلى ذلك تتواصل الاحتجاجات الفلسطينية في الضفة الغربية على مخطط الضم فيما أصيب خلالها شاب بعيار معدني مغلف بالمطاط في صدره، يوم الجمعة، خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي على مدخل بلدة كفل حارس، شمال سلفيت، عـقـب تشييع جـثـمـان الشهيد إبراهيم أبو يعقوب. وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية بأن الشاب الذي يبلغ من العمر 24 عاما أصيب بعيار «مطاطي» اخترق صـدره، أدخل إثرها إلى غرفة العمليات في مستشفى الشهيد ياسر عرفات في سلفيت، وأن وضعه مستقر. يذكر أن أبو يعقوب استشهد أول أمس بعد أن أطلقت قوات الاحتلال النار عليه أثناء تجوله وصديقه داخل البلدة.

مؤتمر الاستراتيج­ية

وبتنظيم من التجمع الوطني للمستقلين وجــامــعـ­ـة الـقـدس وبـالـشـرا­كـة مــع وزارة الـعـدل ومعهد ماس انطلق أمس مؤتمر الاستراتيج­ية الوطنية لمواجهة صفقة القرن وسياسات الاحتلال والــــذي يمـتـد عـلـى مـــدار يومين عبر التقنية المـرئـيـة بعد تعذر عقده فعليا بسبب انتشار وباء كــورونــا. وشـهـد المـؤتمـر جلسة افتتاح تضمنت حديث ممثلين عن المنظمين إضافة إلى كلمة لمنظمة التحرير الفلسطينية قدمها د. صائب عريقات وكلمة الحكومة الفلسطينية قدمها الدكتور محمد اشـتـيـة إضــافــة لكلمة الـداخـل الفلسطيني لرئيس لجنة المتابعة العليا محمد بركة. ويهدف المؤتمر الذي يستضيف نخبة من الخبراء في المجال السياسي والاقتصادي والـقـانـو­نـي والإعــامـ­ـي وكذلك نماذج مشرفة في المقاومة الشعبية من مختلف أنحاء الوطن إلى بلورة مسودة برنامج وطني مع آليات تنفيذية لمساندة القيادة في تنفيذ القرارات الأخيرة ومحاولة حشد الـطـاقـات وتوحيد الجـهـود من خلال اقتراح استراتيجية متكاملة لمواجهة صفقة القرن. كذلك ضم المؤتمر جلسة تجمع ممثلين عن كافة الفصائل الفلسطينية ضمن جلسة بعنون «دور الفصائل والقوى الفلسطينية في المرحلة الــقــادم­ــة» عـلـى الـعـلـم أن هـذه الجـلـسـة تم تأجيلها إلـــى حين إمكانية عقدها بشكل مباشر نظرا لخصوصيتها. من جهته أوضح منيب رشيد المصري رئيس التجمع الوطني للمستقلين بـأن المؤتمر يأتي عطفا على اجتماع القيادة بتاريخ 19 أيار/مايو واستجابة للظروف العصبة التي تمـر بها القضية الفلسطينية وأهمية استثمار كل المـسـارات لمواجهة صفقة القرن ومخططات الضم. وأضــــاف المــصــري بـــأن المـؤتمـر يبحث في كافة الاستراتجي­ات الممكنة وتحديدا تعزيز المقاومة الشعبية الفلسطينية باعتبارها مـن أبــرز الخــيــار­ات إضـافـة إلى الخيارات الأخرى. وأكد المصري دعم القيادة والوقوف إلى جانبها بــ «الـــقـــر­ارات الجريئة الـتـي تم اتخاذها، مع أهمية بلورة برنامج كامل للمواجهة يبدأ بإنهـــاء الانقـــسا­م فــورا مـع التـــأكيد على أهمية المؤتمر الصحـــافي الـــذي عقــد بين اللواء جبــريل الرجوب والشيخ صالح العاروري وضرورة البناء عليه.»

صرخة شعبية

مــن جهته أكـــد وزيـــر الـعـدل الفلسطيني محمد الـشـالـدة بـأن هـذا المؤتمر يشكل نموذجا متميزا للشراكة بين القطاع العام والخــــاص ومـنـظـمـا­ت المجتمع المــدنــي لــبــلــو­رة جـهـد مشترك لمواجهة التحديات التي تمر بها القضية الفلسطينية، معتبرا أن المؤتمر يتميز بشمولية محاوره ومشاركيه. وشــدد محمد بركة رئيس لجنة المتابعة في الداخل بأن هذا المؤتمر يأتي ليفتح مسارا داعما لموقف القيادة الفلسطينية ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية ولمــوقــف الاجــمــا­ع الفلسطيني الشامل المتمسك بثوابت الحقوق الفلسطينية وعلى رأسها الدولة والــقــدس والـــعـــ­ودة والــرافــ­ض للاحتلال ولصفقة القرن، ويأتي دعما للوحدة الوطنية وللمساعي المخــلــص­ــة لإنـــهـــ­اء الانــقــس­ــام الــبــغــ­يــض. ورأى فـــي المــؤتمــ­ر الصحافي المشترك بين جبريل الرجوب وصلاح العاروري، بداية لعملية هامة يجب أن تفضي إلى الهدف المنشود. وأكــد بركة ان هـذا المؤتمر لا يأتي ليكون بديلا للمنظومة السياسية والوطنية الفلسطينية ولا لأي جـزء منها، انمــا صرخة وطنية تستند إلى رؤية استراتيجية جامعة لمواجهة الأخـطـار التي تتربص بشعبنا وبقضيته وتستند إلــى أولوية المقاومة الشعبية. يعلم العراقيون جيدا، أن ظاهرة السلاح الكاتم والاغتيالا­ت التي استباحت مدنهم بعد 2003 هي أسلوب الفصائل المنفلتة، لإسكات الأصوات المعارضة لأحزاب السلطة، الذي تستخدمه الآن للضغط على حكومة الكاظمي.

بغداد-القدس العربي»: مصطفى العبيدي

يتصاعد صــراع الإرادات العلني والخفي بين حكومة مصطفى الكاظمي الساعية لتحقيق بعض مطالب الشارع الإصلاحية ولحماية هيبة الدولة وسلطة القانون، وبين أدوات الدولة العميقة، التي تتحرك بقوة لإضعاف الحكومة وإبقاءها أسيرة مصالح أحزاب السلطة والمشاريع الإقليمية.

وتتوالى هــذه الأيـــام مـؤشـرات تحــدي سلطة الدولة العراقية عبر العديد من الحوادث والمواقف، كحوادث اغتيال الرموز الوطنية وتفشي الفساد والسلاح المنفلت، وسط حملة منظمة من الانتقادات لإجراءات حكومة الكاظمي واتهامات لها بالتقصير والعجز عن تحقيق وعودها. والهدف النهائي لهذا الحراك هو إفشال هذه الحكومة تمهيدا لإسقاطها وإحباط مساعيها لتنفيذ الإصلاحات التي يطالب بها الشعب والتي تعينها في نفس الوقت على مواجهة أزمتها الاقتصادية.

وفي ضربة شكلت تحديا جديا لحكومة بغداد، صدم الشارع العراقي بعملية اغتيال جديدة طالت رمــزا وطنيا، هـو الباحث الاستراتيج­ي هشام الهاشمي، أحد أبرز الخبراء الأمنيين في العراق، ومؤلف العديد من الكتب والبحوث والمقالات، عن الإرهاب والجماعات المسلحة ووسائل مواجهتها. فبعد أيام من إطلاق سراح أعضاء خلية الصواريخ التابعة لكتائب حزب الله رغم ضبطها مع أدوات الجريمة، يبدو أن نجاح الضغوط على الكاظمي في إطـاق سـراح عناصر الخلية، قد طمأن الفصائل المسلحة، وشجعها على الــرد المقابل واستفزاز الحكومة، عبر تحريك فرق الموت التابعة لها، لتنفيذ عملية لا تستهدف شخصية بحثية كشفت الكثير

من أسرار الفصائل المسلحة المتسلطة على المشهد العراقي فحسب، بل وتتحدى قدرات الكاظمي الذي كان بحكم عمله رئيسا لجهاز المخابرات، ومطلعا على أســرار الفصائل المسلحة وفـرق المـوت التي تعمل بكل حرية على الساحة العراقية منذ 2003 وبالتالي فإن تقاعس الحكومة عن كشف ومعاقبة منفذي عملية الاغتيال الجديدة ستؤكد فشلها في مواجهة الفصائل المسلحة، وتسقطها أمام العراقيين وتؤكد عجزها عن تنفيذ وعودها بالإصلاح وفرض القانون وهيبة الدولة. وقد أدخلت حكومة الكاظمي نفسها في اختبار جديد، عندما أعلن رئيس مجلس الــوزراء أنه سيلاحق ويحاسب قتلة المتظاهرين والشخصيات الوطنية، وأنه لن يسمح للـ»عصابات» بـأن تختطف الـدولـة، متعهدا بالعمل على حصر السلاح بيد الدولة، وهو ما يعني المواجهة الحتمية بين الحكومة والفصائل المنفلتة التي تستبيح البلد.

والشهيد الهاشمي خبير مختص بشؤون الجماعات المسلحة، وقد دفع حياته ثمنا لانتقاداته المتكررة لانفلات الفصائل المسلحة الشيعية الموالية لإيران وهيمنتها ودعواته لحصر السلاح بيد الدولة، كما انه قدم تقريرا لإصـاح الحشد الشعبي إلى رئاسة الوزراء أغضب الفصائل المنضوية فيه. وقبل أيام من اغتياله، أكد في آخر لقاء له على قناة «الحرة» إن «الميليشيات العراقية الموالية لإيران ظلت تتمرد وتعمل خارج قـرارات الدولة في عهود الحكومات السابقة» واصفا عناصرها بأنهم «خارجون عن القانون» ومؤكدا أن قدرات القوات الرسمية أكبر بكثير من قــدرات الفصائل المسلحة، إذا توفرت الإرادة السياسية لمواجهتها. وقد أدت مواقفه إلى تلقيه تهديدات من تلك الفصائل قبل اغتياله، حسب مقربين منه.

وطبعا أنكرت الفصائل المسلحة، صلتها بعمليات الاغتيال الجديدة والقديمة، رغم قناعة الجميع بانها هي التي تمتلك وتستخدم فرق الموت بحرية ضد معارضيها منذ سنوات، بل انها، ومع بعض القوى الشيعية، وخاصة كتلة القانون بقيادة نوري المالكي، شنت هجوما على الحكومة متهمة اياها بعدم قدرتها على تنفيذ وعودها الإصلاحية وبالخضوع لنفوذ الولايات المتحدة التي يفترض ان يتواصل إجراء الحوار الاستراتيج­ي لتنظيم العلاقة، بين البلدين في واشنطن الشهر الحالي، كما شنت حملة مسعورة ضد قرارات الكاظمي التي أبعدت مسؤولين فاشلين محسوبين على أحـــزاب السلطة، وخـاصـة في المجـالات الأمنية، واستبدلتها بشخصيات تتوفر فيها الكفاءة والولاء للوطن.

ولم يكن المجتمع الدولي بعيدا عن عملية الاغتيال الجديدة، إذ أدانت الولايات المتحدة وبريطانيا وبعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، ذلك الفعل الجبان، كما دعا السفير البريطاني في العراق، ستيفان هايكي، المجتمع الدولي لدعم الحكومة في عملية التصدي للميليشيات. مؤكدا «إنه من دون وضع الفصائل العراقية الموالية لإيران تحت مظلة الدولة، لن يكون هناك استقرار في العراق.»

ولأن أصابع الجـار الشرقي، لا يمكن ان تكون بعيدة عن تفاصيل الأحداث والتطورات في العراق، فإن المراقبين لا يستبعدون ان تكون عملية الاغتيال هي جزء من حملة لإضعاف الكاظمي، ظهرت في مواقف الفصائل الموالية لإيران، إضافة إلى تقرير نشرته وكالة «مهر» الرسمية الإيرانية للأنباء، انتقد اداء حكومة مصطفى الكاظمي، واتهمته انه خيب الآمـال «في أن يقوم بالمهام الموكلة إليه في شتى المجالات السياسية والاقتصادي­ة والأمنية.» وادعى التقرير وجود اخفاقات في عمل حكومة الكاظمي أبرزها انه «تجاهل عقد الانتخابات المبكرة، وانه ينوي البقاء رئيسا للوزراء» ووضع «العقبات أمام الحشد الشعبي» و«ترك الحرية للقوات الأمريكية» إضافة إلى إحـداث تغييرات «غامضة ومريبة في الهيكل الأمني العراقي .»!

ويعلم العراقيون جيدا، ان ظاهرة السلاح الكاتم والاغتيالا­ت التي استباحت مدن العراق بعد 2003 هي أسلوب الفصائل المنفلتة، لإسكات الأصوات المعارضة لأحــزاب السلطة، الـذي تستخدمه الآن للضغط على حكومة مصطفى الكاظمي، لإحراجها وإفشال خططها الإصلاحية. والمؤكد ان فرق الموت في الـعـراق ومـن يحركها، لا تخفى على حكومة بغداد، ولذا يتوجب عليها مواجهتها بحزم استنادا إلى الدعم الشعبي الجـارف إضافة إلى امكانيات وخـبـرات عسكرية وأمنية حكومية مقتدرة في محاربة الإرهاب، وإلا فالبديل هو الإقرار بالفشل، بما سيترتب عليه من انهيار الدولة أمام اللا دولة والبقاء في أسر الدولة العميقة ومشروعها الإقليمي المشبوه.

 ??  ?? احتجاجات إثر اغتيال هشام الهاشمي
احتجاجات إثر اغتيال هشام الهاشمي

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom