Al-Quds Al-Arabi

واشنطن تواصل ضغوطاتها وحزب الله لن يتراجع فهل يقع الانفجار؟

- بيروت ـ «القدس العربي»:

لبنان الرسمي لا ينوي القطيعة مع الولايات المتحدة والانضمام إلى محور الممانعة

على الرغم من تخصيص الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله فقرة طويلة من خطابه الأخير لمهاجمة التدخّل الأمريكي في لبنان وتحديداً أداء السفيرة الأمريكية الجديدة دوروثي شيا، وعلى الرغم من إرسال مجموعة من مناصري الحزب إلى طريق المطار للاعتراض على زيارة قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأمريكي كينيث فرانكلين ماكنزي، إلا أن الزيارة تمّت على أكمل وجه وشملت كلاً من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة حسان دياب وقائد الجيش العماد جوزف عون، ما يعني أن لبنان الرسمي ما زال يتمايز في الموقف عن حزب الله ولا ينوي لغاية الآن إجراء أي قطيعة مع الولايات المتحدة والانضمام إلى محور الممانعة.

ولم تقتصر الحركة الأمريكية على زيارة ماكينزي وإدلائه بحديث إلى محطة تلفزيونية لبنانية أكد فيه على الشراكة الاستراتيج­ية بين الجيشين اللبناني والأمريكي، بل إن السفيرة شيا قامت في اليوم التالي بزيارة الرئيس بري في عين التينة وتناول البحث ملف ترسيم الحدود البرّية واستعداد واشنطن للسماح للبنان باستيراد النفط من العراق وليس من إيران. واللافت أن هذه الحركة الأمريكية معطوفة على تصريح وزير الخارجية مايك بومبيو جاءت كردّ على تكرار الدعوات من قبل حزب الله إلى التوجّه شرقاً واعتماد خيارات التعاون مع الصين وإيران.

ويظهر هذا التحرك الأمريكي حجم الكباش مع إيران وحليفها حزب الله على الساحة اللبنانية، فواشنطن لا تريد إخلاء هذه الساحة لحساب الجمهورية الإسلامية ونفوذها، وطهران لا تريد التخلّي عن بيروت كإحدى العواصم العربية الأربع التي تسيطر أو تهيمن على قرارها. وبدا أن السفير الإيراني في لبنان محمد جلال فيروزنيا بصدد إجراء سلسلة لقاءات مع حلفاء بلادهم لشدّ العصب والحد من تواصلهم مع السفارة في عوكر، وفي هذا الإطار، إندرجت زيارته بنشعي حيث التقى أحد أبرز المرشحين إلى رئاسة الجمهورية رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية.

وحسب أوسـاط حزب الله فإن حزب الله لن ينكفئ أمام الهجمة الأمريكية تجاه لبنان ولن يسكت عن محاولة تحميله مسؤولية الانهيار الاقتصادي والمالي في البلاد، من هنا جاءت إطلالة السيد نصر الله الذي رغب في طمأنة اللبنانيين إلى أن دعواته للانفتاح شرقاً لا تعني إقفال الباب على الغرب أو تغيير النظام الاقتصادي أو اقتباس النموذج الإيراني.

وعلى المستوى العسكري، يتحدث قريبون من حزب الله عن استعداد الحزب لأي مواجهة محتملة مع العدو الإسرائيلي، وهي مواجهة يتخوّف منها باقي اللبنانيين لأنها ستكون مدمّرة للبلاد، فأي حرب بين إسرائيل وحزب الله في صيف 2020 ستكون مغايرة لحرب تموز 2006 وإن الدعم العربي الذي كان متاحاً لدعم لبنان على إعادة النهوض ولإعادة إعمار قرى وبلدات الجنوب هو حالياً غائب، ما يعني أن أي ضربة عسكرية إسرائيلية ستعيد فعلاً لبنان هذه المرة إلى العصر الحجري. إلى أين سيصل الضغط الأمريكي على حزب الله؟ لا مـؤشـرات حتى الآن، فبين الهجمة الواضحة لواشنطن وبين استعدادات الحزب للمواجهة، تبدو الساحة اللبنانية أمام احتمالين: إما حسم طرف المعركة لصالحه بعد إنكفاء الطرف الآخر، وإما وقوع الانفجار. ولا يبدو أن واشنطن مستعدة للانكفاء وترك لبنان للنفوذ الإيراني والتعاطي مع هذا الوضع كأمر واقع، وكذلك لا يبدو أن حزب الله سيأخذ بعين الاعتبار المصلحة الوطنية العليا وحجم الانهيار الاقتصادي والخسائر المالية في البلد ويتراجع أمام الضغط. وربما يعتقد الحزب أن الإدارة الأمريكية تهوّل عليه ليس أكثر وأنها لن تصل بضغوطاتها لدفعه إلى التنازل إلى حد معاقبة كل لبنان إلى درجة الانهيار الشامل.

في ضوء تلك المعطيات، يمكن قراءة موقف لبنان الرسمي الذي يحاول السير بين النقاط، فلا هو قادر على الخروج من تحت عباءة حزب الله أو الوصاية الإيرانية، ولا هو راغب في الانخراط بشكل كامل في الأجندة الإيرانية ومعاداة الولايات المتحدة إدراكاً منه لمخاطر مثل هذا السلوك. وبين الخيارين، ثمة خلاصة واحدة وهي عجز الدولة اللبنانية وعدم قدرتها على حسم الأمور تماماً كتجارب سابقة أودت إلى اضطربات وحروب وثورات.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom