Al-Quds Al-Arabi

قوانين جديدة في السودان… ورجل دين متشدد: حكومة حمدوك «فاجرة واقتلاعها فريضة»

وزير العدل نصح من يتعرضون للتكفير باللجوء إلى المؤسسات لإنصافهم وحمايتهم

- الخرطوم ـ «القدس العربي» من عمار عوض:

أجاز مجلس الســيادة الســوداني جملة من القوانين بينها إلغاء حــدّ الردة، ورفع الظلم عن المرأة، وتوفيــر حقوق لغير المســلمين تتيح لهم شرب المشروبات الكحولية وحيازتها وصناعتها، وذلــك من خلال إجازة قانــون مفوضية إصلاح المنظومة الحقوقية والعدلية لسنة 2020.

وهــذا القانون معنــي بقيادة وبناء أســاس عمليــة إصــاح وتطويــر المنظومــة الحقوقية والعدلية بجانــب قانون التعديــات المتنوعة )الحقوق والحريات الأساســية( لســنة 2020، وهو قانون معني بإجــراء جزء من الإصلاحات الواردة فــي الوثيقة الدســتوري­ة حول حقوق الإنســان وحرياتــه، كإنصــاف حقــوق المرأة والطفــل عبر إلغاء عــدد من المــواد المتفرقة في بعض القوانين التي تحط مــن قدر وكرامة المرأة كتجريم ختــان الإناث والإقرار بحــق المرأة في اصطحاب أطفالها في حال السفر خارج السودان وغيرها من الحقوق، بجانــب القانون الجنائي )تعديل( لسنة 2020 الذي أتاح شرب المشروبات الكحولية لغير المسلمين، وتعديل المادة الخاصة بممارسة الدعارة لتكون أكثر إحكاما من ذي قبل.

مهام الفترة الانتقالية

وزارة العــدل قالت في بيــان إن التعديلات تعد «خطوة نحو تحقيــق مهام الفترة الانتقالية الواردة في المادة 8 من الوثيقة الدســتوري­ة، فقد اكتملت إجازة القوانين أدناه بعد توقيع الســيد رئيس مجلس الســيادة عليها بالأمس الخميس التاسع من يوليو)تموز( وتعتبر هذه الخطوات لبنة أساسية لبسط العدل في السودان وللترقي بمنظومــة العــدل الســوداني­ة لملاقــاة المعايير العدلية الدولية ».

وكشف وزير العدل، نصر الدين عبد الباري، تفاصيل جديدة حول قانون التعديلات المتنوعة، مؤكدا إلغاءه «مادة الردة وتضمينه عدم تعريض شاربي الخمر من غير المسلمين لأي عقوبات.»

وتُعــد «الردة» أكثــر مادة مثيــرة للجدل في القوانين الســوداني­ة، مما جعــل البلاد معرضة لضغــوط كثيفة مــن جمعيات حقوق الإنســان المحلية والعالمية، وسبق بموجبها إدانة شخص في 2017، إلا أن محكمة الاســتئنا­ف ألغت الحكم في العام ذاته، إثر حملة دولية كبيرة.

وظل الســوداني­ون يطالبــون بتعديل كافة القوانين التي تحد مــن الحريات العامة وتحرير المــرأة من سلســلة قوانين قمعيــة فرضها نظام الرئيس المعزول عمر البشير خلال الثلاثين عاما الماضية تصــادر حرية المرأة وتضعها تحت ولاية الرجل في كل ما تقوم به.

عبد الباري بيّن في مقابلة تلفزيونية مســاء السبت أن «التعديلات هدفت لمواءمة القوانين مع الوثيقة الدستورية التي تحكم الفترة الانتقالية ووفقا للحاجة الملحة بإقــرار الحريات وضمان سيادة حكم القانون دون تمييز.»

وأضاف «أجيــز قانون التعديــات المتنوعة وقدم إلى مجلس الســيادة في أبريل/ نيســان، ولم يكن هناك اعتراض عليه، بل تعليقات سعت وزارة العدل لتضمينها بمــا لا يقوض القانون.» وتابــع «القانون يلغــي عقوبة الجلــد عدا في الجرائم الحدية والقصاص .»

وأكد الوزير كذلــك أن «القانون الجديد ألغى المادة 126 الــواردة في القانــون الجنائي لعام 1991 التي تتحدث عن الردة واســتبدال­ها بمادة تجــرم التكفير، ســيما أن الوثيقة الدســتوري­ة نصت على ضمان حرية الاعتقــاد، كما أن تكفير الآخرين بات مهددا لأمن ولسلامة المجتمع»، وفق قوله.

صعوبة التطبيق

وأقر عبــد البــاري بـ«صعوبات ســتواجه تطبيــق هــذه التعديــات»، لكنه لفــت إلى أن «النيابة يمكنها لعب دور مهم في ذلك»، كما نصح من يتعرضون للتكفير باللجوء إلى المؤسســات العدلية لإنصافهم وحمايتهم.

وبشــأن دواعــي التعديل الذي كفــل للمرأة اصطحاب أطفالها عند السفر دون انتظار موافقة والدهــم، قــال إن «الخطــوة انطلقت مــن مبدأ المســاواة بين الجميع لأن الرجل لم يكن بحاجة لإظهــار موافقة الزوجة وهــذا يتعارض مع مبدأ المساواة ومبدأ حرية الحركة».

ولفت إلى أن «هذه القضية تتصل بجوانب في قانون الأحوال الشخصية الذي كشف عن اتجاه لإلغائه وإقرار قانون بديل».

وبشأن تعاطي المشــروبا­ت الكحولية أوضح أن «غير المسلمين معفيون من أي مساءلة جنائية فيما يتعلق بتناول الخمــر، إذا ما كان بينهم، أما المسلمون فما زالوا محاسبين».

وشــرح بالقول «التداول والتناول الجماعي للخمر ســيعاقب عليه الشــخص غير المسلم إذا تعاون مع شخص مسلم».

وبين أن «هذه القضايا من شأنها خلق تحديات كثيرة لكن يمكن معالجتها في إطار السياســات العامة للدولة». وأردف «نحن ســعينا فقط لأن نضمن لغير المسلمين حقوقهم».

في الســياق، غرد رئيس الوزراء السوداني، عبــد اللــه حمــدوك، الجمعــة أن المراجعــا­ت والتعديــا­ت القانونيــ­ة ستســتمر حتى نكمل معالجة كل التشــوهات في النظم القانونية في البلاد.

وقــال «إجــازة وتمريــر هــذه القوانــن والتعديــا­ت الجديــدة هــي خطــوة هامة في طريق إصلاح المنظومــة العدلية من أجل تحقيق شــعار الثورة: حرية، سلام وعدالة، عبر قوانين ومؤسسات عدلية تضمن سيادة حكم القانون.»

في المقابــل، وصف رجل الدين المتشــدد عبد الحي يوســف، الذي يعارض الأوضاع الجديدة في الســودان من مقــر إقامته في اســطنبول، الحكومــة الانتقاليـ­ـة بـ«الفاجــرة» وذلك عقب التعديــات القانونيــ­ة التــي أجازهــا المجلس السيادي مؤخرا.

وقال في سلســلة تغريدات نشرها عبر موقع التواصــل الاجتماعي «تويتــر» إن «العمل على اقتلاع هذه الحكومــة الفاجرة هو فريضة الوقت وواجب كل قادر؛ فقد ضيعوا الدين والدنيا معا، وليس لبقائهم مبرر بعد أن فشــلوا في إحراز أي إنجاز .»

وأضاف : «لماذا يشن الناس الهجوم على وزير العــدل ويتغافلون عن رئيس مجلس الســيادة عبد الفتاح البرهان الذي مهــر بتوقيعه ـ طائعاً مختــاراً ـ هذه التعديلات التي فيهــا محادَّة لله ورسوله وتحليل للحرام وإشاعة للفواحش؟».

ودعا من أسماهم «شــرفاء الجيش والشرطة والأمن والمخابرات والدعم السريع للخروج عن طاعة البرهان وحميدتي وذلك للدفاع عن شــرع الله والمنافحة عن الدين»، حسب وصفه.

وتابــع قائــا : «حكومــة غيــر منتخبة ولا مفوضة، بل هي حكومة لصوص متغلبة من حملة الجوازات الأجنبية سطت على الحكم بليل بعدما مارست الخداع والحيل .»

وهرب يوســف من الســودان العام الماضي بحجة تســجيل برنامــج ديني عقــب تطورات الأوضاع، بعد رفع قضايا من قبل منظمة سودانية ضده بتهم متعلقة بالفساد.

ومنذ ســقوط نظــام الرئيس المعــزول عمر البشــير يتهم البعض يوســف بقيــادة «ثورة مضادة لتصوير الأحداث باعتبارها مواجهة مع الدين والشرع».

كمــا يُتهم يوســف «بتحريض الشــارع ضد الثــوار بذريعــة نصــرة الشــريعة ومحاربة العلمانية». المثقف الســوداني شمس الدين ضو البيت الذي حكم عليه بالردة في الســودان في عهد البشــير علق على القوانين الجديد بالقول: «بما أنني ربما السوداني الوحيد على قيد الحياة الذي حوكم مرتين بالردة، فإن شــعوري بنعمة الخروج مــن حفرة الدولة الدينيــة ربما لا مثيل له».

وأوضح قائلا «أول مرة مع الردة كانت بسبب توزيعي ورقة، حكــم القاضي عبد المجيد إدريس بحجزي في مشــفى أمراض نفسية، انقذني بعد 40 يوما د. ســراج ود. أبوالعــا». وتابع «المرة الثانية مع الردة كانت لتوزيــع ورقة أيام ثورة الربيــع، طلبت مني هيئة حريــات قوى الإجماع السفر فقضيت عامين بعيدا عن البلد والأسرة».

وأضاف «كواحد مــن ضحايا الردة أعجب من متعلمين ودكاتره يتشــدقون الآن بالحريات لم ينتقدوا مســاندتهم وقتالهم مــن أجل نظام في قانونه مثل هذه المادة».

وزاد «ليــس أدل علــى حالــة الانحطــاط السياســي والأخلاقي التــي كنا فيها مــن أننا نحتفي في عشرينيات القرن الواحد والعشرين بإلغاء قانون اسمه الردة!».

 ??  ?? سودانيات يسرن قرب جدارية حول الثورة في أحد شوارع الخرطوم
سودانيات يسرن قرب جدارية حول الثورة في أحد شوارع الخرطوم

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom