Al-Quds Al-Arabi

«أوبزيرفر»: تنمر ترامب «وشلّة البلطجية معه» وتخريبه في إيران لن يغيرا النظام بل سيشعلا المنطقة

- لندن - «القدس العربي» من إبراهيم درويش:

حــذّر المعلــق ســايمون تيســدال مــن الهجــوم المتصاعد الذي تمارســه إسرائيل والولايات المتحدة وغيرهما من الدول المتنمرة على إيران، وأنه يزيد من التوتر في الشرق الأوسط.

وقال في مقال نشرته صحيفة «أوبزيرفر»: «يبدو من المؤكد الآن أن إســرائيل أو عملاءها قاموا بتدمير قسم لتخصيب الوقود في مفاعل نطنز يوم 2 تموز/ يوليو». ونقلاً «عن مســؤول أمني شــرق أوســطي» أخبر صحيفتــن أمريكيتــن أن إســرائيل هي وراء الانفجار. وكشف الإعلام الإســرائي­لي في الأسبوع الماضي أن المســؤول هذا هو مدير الموســاد يوســي كوهين، والمقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وبعــد أن قللــت إيران فــي البداية مــن الهجوم الذي كشف عن مظاهر الخلل الأمني الإيراني، قامت إيران بتحميل إســرائيل المســؤولي­ة. وقال متحدث باسم الحكومــة الإيرانيــ­ة إن «الطريقــة التي تســتخدمها إســرائيل خطيرة وربما انتشــرت حول العالم» مما أثار مخــاوف مــن عمليــات الانتقام. واســتخدمت إسرائيل وأمريكا مجموعة غير معروفة وهي «فهود الوطن» باعتبارها المسؤولة عن التفجير.

تفجيرات

ويقول الكاتب إن إسرائيل لو كانت المسؤولة عن الهجوم فلن تكون نفذته بدون معرفة أولية وتشجيع مــن إدارة دونالــد ترامــب. وتشــترك الحكومتــا­ن في ســجل معروف فــي الهجمــات الإلكتروني­ة على المنشــآت النوويــة الإيرانيــ­ة. ويضيــف أن حملــة «أقصــى ضغــط» دخلت مرحلــة جديدة مــن خلال عمليــات التخريــب المتزايــد­ة. وقــال إن التفجير في نطنز هو واحد من سلسلة تفجيرات غامضة وتضم حــوادث في منشــآت صناعيــة تمت في الأســابيع القليلة الماضية، فيما سُــجل تفجير آخر يوم الجمعة في شرق طهران.

وكان بعض هــذه التفجيرات مجــرد حوادث، إلا أن التفجيــر الشــهر الماضــي في مصنــع للصواريخ الباليستية «خوجير» كان عملاً مقصوداً. فالولايات المتحــدة وإســرائيل تعتبــران البرامــج الباليســت­ية الإيرانية تهديداً عليهما.

وكتــب المعلــق يونــا جيرمي بــوب فــي صحيفة «جيروزاليم بوســت»: «ما يشــهده العالــم الآن )أنه بمســاعدة إســرائيل والولايات المتحدة والسعودية وربمــا المعارضــة الإيرانيــ­ة( هــو ضــرب المفاعلات النووية والأســلحة التقليدية ومؤسســات الحرس الثوري بشكل عملي وبدون مقاومة».

ويقول تيســدال إن الضغط على إيــران لا يرحم، فقد قام ترامب وفي وقت واحد بتشــديد العقوبات التي تبناهــا بعد خروجه من الاتفاقيــ­ة النووية عام 2018. وتريــد الولايــات المتحــدة مــن الأمم المتحــدة تمديــد الحظر المفــروض علــى تصدير الســاح إلى إيران، والذي سينتهي في تشرين الأول/أكتوبر.

وتعــارض بريطانيا وفرنســا وألمانيــا الخطوات الأمريكيــ­ة، لكنهــا تقــف متفرجــةً. وتأمــل أمريــكا وإســرائيل وأصدقاؤهما مــن دول الخليج العربية، أن تضعــف العقوبــات الاقتصادية ووبــاء كورونا الذي قتل مــن الإيرانيــ­ن 12 ألفاً، النظــام الإيراني. وأدى تراجع مــوارد النفط بســبب انخفاض الطلب العالمــي وزيادة البطالة وانهيار قيمة العملة الإيرانية إلى اندلاع تظاهرات لم تدم طويلاً العام الماضي.

ويضيف الكاتب أن عمليات التخريب والعقوبات والوبــاء هــي كوكتيــل قــاسٍ. والمشــكلة بالنســبة لترامب وشــلة البلطجية مــن أصدقائه، في مقدمهم بنيامين نتنياهو ومحمد بن ســلمان، هي أن الوصفة المسمومة ليســت ناجحة. وفي الحقيقة، على عكس ما يريدون يحدث، فيمــا تم تضييع فرصة نزع فتيل الأزمة، ربما للأبد.

وفــي الوقــت الذي أكدت فيــه إيران أنهــا لا تريد صناعــة الأســلحة النووية، إلا أنها تقتــرب أكثر من أي وقت مضى نحــو بناء قدرات لتصنيعها، كل هذا بســبب النوايا الأمريكية الســيئة. وحذرت بريطانيا وغيرها، ترامب عندما مــزق الاتفاقية النووية وهذا بالضبط ما ســيحدث. وحقيقة تأكيد تقارير الوكالة الدوليــة للطاقة الذرية ما قالتــه لا يدعو للراحة. ولم تمنع الضغــوط الخارجية إيــران مــن مواصلة بناء الصواريــخ، ولم تحدّ من تدخلها الضار في ســوريا والعراق واليمن، أو أدت إلى تغيير ديمقراطي داخل البلد.

وكان ترامب وليس ملالي طهران البادئ بالحرب، عندمــا اغتال قاســم ســليماني، قائد فيلــق القدس فــي الحرس الثــوري والذي قالــت الأمم المتحدة في تحقيق لها إنــه لم يكن قانونياً. ويعتقد تيســدال أن ترامب اليائس والباحث عن طرق لاجتذاب الناخبين الأمريكيــ­ن قبل تشــرين الثانــي/ نوفمبــر لجأ إلى ألعاب بهلوانية مثل عمليات التخريب شبه السرية.

ويعتقــد الكاتــب أن التفكيــر الفج وراء سياســة الضغــط الأقصــى والتي تــرى أن جعــل الحياة في إيران لا تطاق ســتدفع قادة إيران للســام أو لتغيير النظام، هو تفكير مفلس. وسيضع الإيرانيون بلدهم أولاً حالــة تعرضه للضرب، مع أن القيادة الفاســدة والعقيمة ضللتهم وخانتهم وقمعتهم. ومع أن تغيير النظام أمر مطلوب في إيران، لأن نظام ما بعد الثورة عام 1979 بات مهلهلاً، ولكــن الأمر في النهاية يعود إلى الإيرانيين أنفسهم.

فوز المتشددين

ويرى الكاتب أن مأســاة إيران هــي أنها لو كانت تتمتع بقيــادة جيدة ومحترمــة، للعبت دور الحاجز ضــد روســيا والمتشــدد­ين الســنة في أفغانســتا­ن والــدول العربيــة وتركيــا، وهذا هو رأي المؤسســة البريطانية منذ القرن التاســع عشــر. وبدلاً من ذلك، فلا تزال النزعــة الانتقامية لليمين الإيراني المتطرف التي تعود إلى حصار الســفارة الأمريكية في طهران عــام 1980، تضعف أي عملية إصــاح مؤيدة للغرب والمعسكر الإصلاحي بقيادة الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف.

وساعد التشــدد الأمريكي مع إيران على انتخاب المتشــددي­ن في البرلمان هــذا العام. ويتهم المعســكر المتشــدد أي شــخص يدعــو للتعــاون مــع الغــرب بالخيانة. وتعززت قوة المتشــددي­ن بسبب تحالفهم مع قوات الأمــن وتحكمهم بالقضاء. وتم اســتبدال حليف مهــم لروحانــي في رئاســة البرلمــان بعمدة طهران الســابق محمد باقر قاليبــاف، والذي يهدف لانتصار الرافضين في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

والشخص المفضل للفوز هو سعيد جليلي، المقرب من الرئيس الســابق محمود أحمــدي نجاد. ويعمل المتشــددو­ن على ترشــيح قاضي الإعدامات ورئيس القضاء إبراهيم رئيســي ليحل محل المرشــد آية الله علي خامنئي.

ففوز المتشــددي­ن هو إشــارة لنظرائهم في أمريكا وإســرائيل الذين يحبون المواجهــة. ولو زاد الضغط الخارجي على إيران بطريقة لم تعد تحتمله، فستقوم بالضرب كما فعلت في الماضي.

ويختم الكاتب متســائلاً: «هل الشــرق الأوســط أمام مصيبة محتومة في الأشــهر الستة المقبلة؟ فلو خرج ترامب فســيتم تجنــب مواجهة قاتلــة. وإن لم يذهب فابحث عن ملجأ، فســتكون هنــاك تفجيرات جديدة .»

 ??  ?? إيرانيون يحرقون العلم الأمريكي وسط طهران )أرشيفية(
إيرانيون يحرقون العلم الأمريكي وسط طهران )أرشيفية(

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom