Al-Quds Al-Arabi

بين «عيشوا حياتكم» وتبني تغريدة ترامب ومفاجآت بايدن وقراراته

نتنياهو وكورونا الإسرائيلي

- شمعون شيفر يديعوت 2020/7/12

1. اعتراف صغير: في أثناء الموجة الأولى، حرصت على ألا أشــاهد عــروض نتنياهو في التلفزيــو­ن. فقد وفرت على نفســي الغرور في وصف زعماء العالم الذين يستشيرونه، وكذا حملة التخويف الرامية إلى تنفيذ تعليماته. ولكن بعد أن تبين لنا جميعاً بأننا في ذروة الموجة الثانيــة، وفي ضوء التحطــم الاقتصادي لمئات آلاف الإســرائي­ليين، قررت أن أشاهد عرضه يوم الخميس. أردت تصديقه.

نتنياهو الذي رأيناه على الشاشات يبدو محطماً، فزعاً، وبالأساس غير مصداق على الإطلاق. بعد 14 سنة في مكتب رئيس الوزراء، اتهم البيروقراط­ية التي تمنع المواطنين من نيل حقنة الأكســجين لمواصلة وجودهم، ووعد بأن يعمل من أجلنا ليل نهار. ويطرح الســؤال: لماذا إذن انشــغلت بتشــكيل لجنة تحقيق لتضارب المصالح لدى القضاة، بالفكرة العابثة عن ضم الضفة وباســتردا­دات ضريبية بقيمة مليون شيكل؟

2. سيدي رئيس الوزراء، قلت للفلسطينيي­ن: «إذا أعطوا سيأخذون وإذا لم يعطوا لن يأخذوا». الإسرائيلي­ون أعطوا، ويتوقعون منك الآن أن تعطيهم ما يستحقون. المال مالهم، ومظاهرتهم محقة، وخيبة أملهم منك محقة. اسمح لي أن أكون شخصياً: أبناء جيل، مقدم في الاحتياط، خدم في زمن الموجة الأولى من الوباء على مدى ســبعة أســابيع في الاحتياط. من أجلي ومن أجل رفاقــه أثبت لهم أنك تحل ضائقة عائلة واحدة كل يوم، في الفترة الصعبة التي يمر بها المجتمع الإسرائيلي.

«لن يغفر التاريخ لنا إذا ذهبنا إلى انتخابات رابعة»، حذر الأسبوع الماضي رئيس «شــاس» آريه درعي. حســناً، كليشيه آخر لسياسي. ولكن في الثناء على درعــي يقال بلا تهكم، إنه يمثل ناخبيه الذين لن يغفروا له إن لم يحقق وبالســرعة الممكنــة الميزانيات اللازمة لوجود عالم المدارس الدينية ومؤسسات التعليم المستقل.

.3 «لا يوجــد مواطن، حتى وإن كان رئيســاً، يقــف فوق الواجب الأســاس لأن يقدم لســلطات إنفاذ القانون الأدلــة اللازمة لفحص الإجراءات الجنائية المتعلقة به» ـ هكــذا علل جون روبرتس، رئيس المحكمــة العليا في الولايات المتحــدة، قبل بضعة أيــام، القرار الذي بموجبه أمر ســبعة قضاة العليــا، مقابل اثنين مــن زملائهم، دونالد ترامب بأن يســلم ســجلات مداخيله وغيرها مــن الوثائق للمدعي العــام في نيويورك في إطار إجراء قضائي يجــري ضده. أما ترامب، من جهته، فقد ســارع إلى التغريد بأن هذه «ملاحقة للرئاســة وصيد ســاحرات». وخيــراً كان لــو أن نتنياهــو ومؤيديه في الشــبكات الاجتماعية اســتوعبوا بأن رئيس وزراء مع ثلاث لوائح اتهام لا يقف فــوق القانون، وحان الوقــت لأن يكف عن التهجم على المؤسســات المسؤولة عن إنفاذ القانون وعلى السلطة التشريعية.

4. إن نية نتنياهو بسط السيادة على غور الأردن ومناطق واسعة من الضفة قبل حسم انتخابات الرئاسة الأمريكية، عللها نتنياهو بأن هناك تخوفاً من ألا ينتخب ترامب لولاية أخرى في البيت الأبيض. غير أن رئيس الوزراء نســي بأن كل شــيء قابل للتراجع: هو نفسه كان شريكاً في قرار ترامب للانسحاب من الاتفاق مع إيران، الذي استهدف إبطاء الســباق من جانب نظام آيات الله للوصول إلى سلاح نووي، وهكذا خلق سابقة بأن من شأن الرئيس التالي أن يلغي قرارات سلفه. جو بادين، المرشح الديمقراطي للرئاسة، الذي يتصدر الاستطلاعا­ت الحالية بفارق كبير، أعلن ـ إذا جرى انتخابه رئيســاً- بإعادة أمريكا إلى منظمــة الصحة العالمية التي انســحب منها ترامــب. وهذا ما قد يحصل لتلك القــرارات التي أشــرف عليها الرئيــس الجمهوري في موضــوع ضم هضبة الجولان، ونقل الســفارة الأمريكية إلى القدس، وبالطبع أيضاً بسط السيادة على يهودا والسامرة.

.5 «عيشوا حياتكم»، هكذا طلب منا نتنياهو في نهاية الموجة الأولى من الوباء. بعد أشهر طويلة من الإغلاق، وتخزين الأغذية، ومحاولات لا تنتهــي لملء الحياة التي قيدت في إطار عشــرات أمتار من الشــقق المكتظة، امتلأنا إحساســًا بالخروج إلى مجالات جديدة. والآن نجدنا مطالبين بأن نعود فندخل إلى المجالات المحصنة من الشــقق التي تمر فيها حياتنا.

عــدت إلى مكتبتي. في كتاب «وداع برلين» يكتب القاص البريطاني كريستوفر ايشــروود عن دور الكاتب: «أنا كاميرا عدستها مفتوحة، تلتقط وتســجل دون أن تفكر. تســجل الرجل الذي يظهر في النافذة المقابلة والمرأة التي تصفف شــعرها. ذات يوم ســتكون حاجة لفتح الســجلات وطباعتها بعناية، لتثبيتها». ذات يوم، ســننظر إلى هذه الأشــهر، ولعلنا نفهم ما حصل لنا. لعلنا نفهم شــيئاً عن الأفق الذي أخفى عن فهمنا في هذه اللحظة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom