Al-Quds Al-Arabi

الغنوشي مقابل الفخفاخ: الائتلاف الحاكم في تونس يدخل «حرب الكل ضد الكل»

- تونس - «القدس العربي» من حسن سلمان:

دخــل الائتلاف الحاكــم في تونس مرحلة "حرب الــكل ضد الكل" في ظل التراشــق الحاد بــن حركــة النهضة من جهــة والتيــار الديمقراطي وحركة الشــعب من جهة أخرى، وخاصة بعد مطالبــة "النهضة" في مناســبات عدة بتوســيع الائتــاف الحاكم لإشــراك حزب قلــب تونس وائتــاف الكرامة، فضلاً عن دعوتها )بشكل غير رسمي( رئيــس الحكومــة للاســتقال­ة في ظل شــبهة تضارب المصالح التي تلاحقه، وهو ما يرفضه كل من التيار والشعب.

ويُنتظــر أن يعقــد مجلــس شــورى حركة النهضة مؤتمراً صحافياً، اليوم الإثنــن، للكشــف عن موقــف الحركة الرســمي من حكومة الياس الفخفاخ، فــي ظــل وجــود أنبــاء متضاربة عن إمكانية لجوء الحركة إلى الانســحاب من الحكومة والســعي لتقــديم لائحة لوم ضدهــا، بالتعاون مع شــركائها، حيث ســيقرر البرلمــان حينهــا مصير حكومة الياس الفخفاخ.

ويمكــن لثلــث أعضاء البرلمــان )73 نائباً( تقديم لائحة لوم ضد الحكومة،

لرئيــس البرلمــان، ويشــترط لســحب الثقة مــن الحكومــة موافقــة الأغلبية المطلقــة مــن أعضــاء المجلــس )109 نــواب(، وتقديم مرشــح بديل لرئيس الحكومة يُصــادَق على ترشــيحه في نفس التصويت، ويتــمّ تكليفه من قبل رئيــس الجمهوريــ­ة بتكويــن حكومــة جديدة، وفق الفصل 97 من الدســتور التونسي.

وكان عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس شــورى حركة النهضة، تقدم بـ"نصيحة" لرئيــس الحكومة، دعاه مــن خلالها إلى الاســتقال­ة، مشــيراً إلى أن شــبهة تضارب المصالح التي تلاحقــه أضــرت بصــورة الائتلاف الحكومي في البلاد.

ويتزامــن مؤتمــر مجلس شــورى حركــة النهضــة مع إعــان أربع كتل برلمانيــة، هــي الكتلــة الديمقراطي­ــة )التيار الديمقراطي وحركة الشعب( وكتلة الإصــاح الوطني وكتلة تحيا تونــس والكتلة الوطنيــة، عن قيامها بالإعــداد للائحــة برلمانيــة تطالــب بســحب الثقــة مــن رئيــس البرلمــان راشد الغنوشــي، ويفترض أن تعلن أيضاً بشــكل رســمي عن هــذا الأمر خلال مؤتمر صحافي، الإثنين.

وقــال الناطــق باســم التيــار الديمقراطي محمد عمّار، إن اللائحة تأتــي بعد قيام رئيــس البرلمان بعدد مــن الخروقــات، حيــث تم خــرق الفصل 13 من النظام الداخلي المنظم لنشــاط المجلس من طــرف الترويكا البرلمانيـ­ـة )النهضــة وائتــاف الكرامــة وقلــب تونس( عبــر إرجاع مشــروع قانون لتمديد فترة رئاســة المجلس بـ3 سنوات إلى لجنة النظام الداخلي، في حين أن القانون يفرض على مكتب المجلس إحالتها مباشــرة إلى الجلسة العامة".

كما شــملت الخروقــات "مراجعة مشــروع قانون تنقيح فترة رئاســة المجلــس مــن قبــل لجنــة النظــام الداخلــي التــي أدرجــت تنقيحــاً ينص على التمديد بـ5 ســنوات على مــدة تولــي رئاســة المجلــس لتقوم

بالمصادقــ­ة مــرة ثانية علــى صيغة المشروع وتحيله إلى مكتب البرلمان. كما خرقت رئاســة المجلــس الفصل 66 من النظــام الداخلي الذي يفرض الإعــان عــن تركيز لجــان التحقيق البرلمانية خلال الجلســة العامة قبل الإشــراف على تشــكيلها من طرف رئيس مجلس النواب أو نائبه".

ويمكن للبرلمان التونســي سحب الثقــة مــن رئيســه أو أحــد نائبيــه بموافقة الأغلبيــة المطلقة من أعضاء المجلــس، بنــاء علــى طلــب كتابــي معلــل يقــدم لمكتب المجلــس من ثلث الأعضاء على الأقل. ويعرض الطلب على الجلســة العامة للتصويت على ســحب الثقة مــن عدمه فــي أجل لا يتجــاوز ثلاثة أســابيع مــن تقديمه لمكتــب الضبط، وفــق الفصل 51 من النظام الدخلي للبرلمان.

وأثــارت التراشــق بــن الطرفين جدلاً سياســياً كبيراً، حيث استبعد وزيــر أمــاك الدولــة والشــؤون العقاريــة والقيــادي فــي التيــار الديمقراطـ­ـي، غــازي الشواشــي، انســحاب حركــة النهضــة مــن الحكومــة، معتبــراً أن النهضة تقوم بـ"منــاورات" لإشــراك حــزب قلــب تونــس وائتلاف الكرامــة، لكنه قال

إن رئيس الحكومة إليــاس الفخفاخ لن يستجيب لدعوة النهضة لتوسيع الحــزام السياســي لحكومتــه ولن يستقيل.

وكتب الباحث والمحلل السياسي د. طارق الكحلاوي: "الانقسام عميق ولا يهدد فقط استقرار الحكومة، بل أيضــاً اســتقرار الدولــة. نحــن منذ أشهر أشبه بوضع "تصعيد الحرب" للأســف. لا يوجد في أغلب الحروب قــرار واضــح ومبدئــي بالحــرب. الحروب تحصــل في أحيــان كثيرة بتصعيــد متبادل يهــدف في الأصل إلى تحسين شــروط التفاوض، لكن يحصــل انفلات لم يكــن في نية أحد وتحصل الحــرب. والحــروب نادراً ما يوجــد فيها رابحــون، إذ الجميع سيدفع ثمناً ما".

وأضاف "من المهم أن يعلم الجميع أن الجميــع يملــك أوراق الــردع، ولا يوجــد ســيناريو رابــح. نحــن إزاء توازن دقيــق للقوى يجعــل النتيجة النهائيــة صفــراً، ومــن ســيخرج خاسراً، بكل تأكيد، الديمقراطي­ة بل السياسة نفســها. الأمل، وبلا شك، أضعــاف القدرة علــى مواجهة أكبر أزمــة اقتصاديــة في تاريــخ تونس المعاصر".

 ??  ?? رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي
رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom