Al-Quds Al-Arabi

سكان نيوزيلندا يعودون للترابط الاجتماعي وحب الطبيعة

-

■ ولينغتون - دب أ:كانــت الطبيعة دائما تمثل مصدر إلهام للمصــورة الفوتوغراف­ية لايري بوريك. وكانــت تعتقد أن كل ما تحتاجه لاســتدعاء الإلهام، مســاحات واســعة مفتوحة ومنطقة ريفية خضراء ومحيط حافل بالحياة البرية.

وتنحدر بوريك من جمهورية إســتونيا، وانتقلت منذ أربع ســنوات لتعيش وســط البرية البكر، في جزيرة راكيورا ستيوارت الكائنة جنوبي نيوزيلندا وتعد الجزيرة الثالثة فيها. ولم تكن بوريك تهتم على الإطلاق بالتقاط صور لأشخاص، لكن فترة الإغلاق والعزل بســبب جائحــة كورونا غيرت مــن رؤيتها الفنية.

وحيث أنها تقوم مــن آن لآخر بتوديع أصدقاء لها تعلم أنها لن تراهم لفترة من الزمن قد تطول، بسبب تعليمات العزل الاحترازية فقد دفعها ذلك إلى التقاط صور لهم بهاتفها ليظلوا ماثلين في الذاكرة.

وأصبحــت هــذه الصــور الأولى مــن نوعها في سلسلة من الصور تحت عنوان «التكيف مع العزلة» تسجل جزءا بعيدا للغاية من العالم خلال أوقات غير مسبوقة.

وتقول بوريك إن «هذا الاتجاه غير ســلوكي إزاء الناس، فكل فرد منهــم كانت له قصته الخاصة حول كيفية التكيف مع العزلة، وهــذه الجزيرة الصغيرة

فتحت آفاقا أوسع حتى بالنسبة لي».

وهذا جعلها تولي مزيدا من التقدير للجزيرة، مما ساعدها على النظر إلى معالم الطبيعة بشكل مختلف. وتوضح بوريك وجهة نظرها قائلة «إننا انفصلنا عن الطبيعة، وأحيانا لا تســتطيع أن ترى معالم الحياة حولك لأنك تركز جهودك على أشياء أخرى».والشيء الأكثر أهميــة أنها عثرت على مصــدر جديد للإلهام، وتقول «كل شــخص قمت بتصويــره كان له تفرده مثلما هــو الحال مع قصته». وتضيــف «جعلني ذلك أشعر بأنني صرت أكثر اتصالا بالناس».

وفــي 26 آذار/مــارس 2020 اســتيقظ ســكان نيوزيلنــد­ا، ليشــهدوا عــددا من أكثــر الإجراءات الاحترازية صرامــة في العالم لمنع تفشــي فيروس كورونا.

ومع ذلك وكما اكتشــفت بوريــك فإن هذا الإغلاق الذي طبق فــي جميع أنحــاء البــاد بهدف تجنب انتشــار الجائحة، لــم يوقف ســكان نيوزيلندا عن الترابط الاجتماعي.

فمثلا نجد أن فريق « روكرز أوف أيجز» كما يطلق على نفســه والذي يعني اسمه مشــاركة كبار السن في موســيقى وغناء الــروك، يقدم أغــان لمجموعة متنوعة مــن المغنيين اعتبارا من ديفيــد باوي حتى فريق رولينج ستونز، وذلك بمدينة كرايستتشير­ش النيوزيلند­ية. كما أن أفــراد فريق الكورال ينضمون إلى البروفات، وبدأوا يشــاركون في مسابقات حل الفوازير التي تقام ليلا في الحانات، إلى جانب العزف على جيتار صغير يسمى أوكوليلي وأصله يرجع إلى جزر هاواي، وأيضا ترديد الترانيم الكنسية.وحيث أن كثيرا من الأفراد المشــاركي­ن يعيشــون في عزلة، فإنهم يجلبون معهم مواضيع يريدون أن يشــاركهم فيها الآخرون.

ويقــول نيكي بيري قائــد فريق الكــورال «يأتي الناس بحكايــات مختلفة، وبالتالــي أصبحنا نعلم ما إذا كانت ســيدة لديها زوج يعانــي من الزهايمر وتعتني به فــي بيتهمــا، أو إذا كان آخرون يعانون من مرض مــا، وأصبحت هناك بالفعل شــبكة قوية للدعم بــن الناس».وبالنســبة للطبيــب البيطري بريان جارتريل كان صوت الطيور هو الذي ســاعده على تجــاوز متاعب العزلة.ووجد جارتريل نفســه على ســطح منزله يعتنــي بطائــر الكاروهيرو­هي النيوزيلند­ي.

وكان للطيور نصيب من هذا التواصل الاجتماعي، فالطائر الذي اعتنى به جاتريل، وأطلق عليه اســم هولي، كان قد أصيب بجــرح من جراء صنارة لصيد الأسماك، ويقول عنها جارتريل «إنها يمكن أن تسبب أضــرارا بالغــة للطائر».وعندما جرى نقــل الطائر

إلى مركــز لإنقاذ الطيــور يرأســه جارتريل ويعمل به كمتطوع، وجــدوه مغلقا بســبب الجائحة، ومن هنا حول جارتريل ســطح منزله بمســاعدة جيرانه إلــى عيــادة مؤقتة.وتم خــال وقت قصيــر مداوة جرح هولي وإعداده لدخــول مركز للتأهيل، ويعلق جارتريل قائلا «أثناء فترة الإغلاق لا يمكننا التوقف عن عمليات عــاج الطيور». ويضيــف «واجبنا أن نعتني بالكائنات الحية ببلادنــا، والتي تعد حيوية بالنسبة للنظام البيئي برمته.»

وأثناء فترة الإغــاق اعتاد جارتــرل أن يجلس على ســطح منزله ليتناول فنجانا من القهوة، ناظرا إلى الأشــجار الكثيفة التي تحيط بمنزله، وذات يوم شاهد 17 نوعا مختلفا من الكائنات الحية المحلية.

وكان هذا المشــهد استشرافا لمستقبل كان يأمل في بلوغه منذ فترة طويلة.

ويقول جارترل «علينا أن نعتنــي بهذه الكائنات لأننا لو لم نفعل ذلك فستختفي من الوجود». وشعر جارترل بالتشــجيع من جــراء عدد الأفــراد الذين بدأوا في مشــاهدة الطيور المحلية المتواجدة حولهم أثناء فترة الإغلاق. ويقول إن هذه الأسابيع الأربعة منحت الناس الوقت للتمتع بالهدوء ومراقبة بيئتهم. ويتابع «إنها تمثل نقطة البداية، وآمل أن يستمر هذا التقدير للطبيعة .»

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom