Al-Quds Al-Arabi

الأزمة الاقتصادية تهدد قطاع الأدوية اللبناني

-

■ بيروت - الأناضول: بينما يرزح لبنان تحت وطأة الأزمات الماليّة والاقتصاديّــة التي لم يســبق لها مثيل، يتخوف قطــاع الأدوية من أن تصله شظايا هذه الأزمات. ويصطف آلاف اللبنانيين أمام الصيدليّات لشــراء الأدوية بالعملة الصعبة المرتفعة أمام الليرة اللبنانية لتخزينها خوفا من انقطاعها، أو استبدالها بأخرى إيرانية.

وما أثار خشــيّة البعض هو احتمال تهريب الأدوية المســتورد­ة إلى لبنــان بالدولار المدعوم عبر المعابر غير الشــرعية للــدول المجاورة كما يحصل في قطاع المازوت والمواد الغذائيّة، وســط أحاديث عن إدخال حزب الله أدوية إيرانية إلى السوق اللبنانيّة.

ويتخــوف رئيس لجنــة الصحّــة النيابيّة، الدكتــور عاصم عراجي، مــن «إعــادة تصديــر الأدوية المســتورد­ة من لبنــان»، ويقــول «بعض أدويــة القلب فقدت من الســوق المحلية، لكن هناك اجتماعات ســتعقد للبحث في هذا الأمر مع المعنيين». ويضيف «ســبق وأن التقيت بنقيب مســتوردي ومصنعي الأدوية الذين وعدوا بــأن لا ينقطع أي دواء عن السوق».

وعن سبب غياب بعض الأدوية من السوق المحلية، رجح بأن «هناك احتمالات عدة من بينها التخزين لإعادة بيعها في الســوق السوداء». وأردف أن مــن بــن الاحتمــال­ات كذلك «تهريــب الأدوية إلــى الخارج لبيعها بسعر صرف الدولار في السوق الموازية»، لكنه شدد في الوقت

نفسه على أن تلك الاحتمالات «بحاجة إلى إثبات».

وقــال «بالإضافة إلى كل ذلك، فإن الشــركات المســتورد­ة للأدوية تُحمــل مصرف لبنــان )المركزي( مســؤولية تأخير فتــح الاعتمادات، ونحــن كلجنة نتابع كل هذه الاحتمــال­ات للتأّكّد منهــا». وعن امكانيّة اغــراق الســوق اللبنانيــ­ة بالأدويــة الإيرانيّــة قال عراجــي «الحدود مفتوحــة، ومــن الممكــن أن يدخل الــدواء الإيرانــي إلى البلاد بشــكل غيــر قانوني من خلال المعابر غير الشــرعية، خصوصــا وأن البلد غير مضبوط».

مــن جهــة ثانية كشــف نقيــب الصيادلة، غســان الأمــن، أن «200 صيدليــة أقفلت منذ بداية الأزمة الاقتصاديّــة». ورجَّح أن «يرتفع عدد الصيدليــا­ت المغلقة إلى ألف صيدلية»، مشــيرا إلــى أنها «تمثل 35 في المئة مــن الصيدليّات فــي لبنان». واعتبــر أن «السياســات المتبعة في الســنوات الماضيــة أدت إلى اســتنزاف الكثير من رأســمال أصحاب الصيدليات.»

وأوضــح أن «مصرف لبنان يؤمن 85 في المئة من اســتيراد الأدوية بالــدولار وفق ســعر الصرف الرســمي )ألف و550 ليــرة)». وأضاف «لكن مع تدهور ســعر صرف الليرة مقابل الدولار )خاصة في السوق الســوداء( بات الدواء في لبنان الأرخــص في المنطقة خصوصا، وأنه يُباع بالليرة اللبنانيّة».

واعتبر الأمــن، أن لبنان «ليس بلــدا محميا من عمليّــات التهريب»، مؤكــدا أن «التهريــب يحصل إلى العــراق». ولفت في هــذا الصدد إلى «إصــدار وزير الصحــة اللبناني قــراراً يمنع فيه التصديــر إلى العراق لكــن التهريب لم يتوقف». وأعرب عن الخشــية « مــن أن تزيد عمليات التهريب بأضعاف مع اعادة فتح المطار».

وحذر من «عدم ضبط مســألة التهريب، لأن ذلك ســيؤدي إلى أزمة في قطاع الأدوية». وطالب «بضبط الحدود البرية والجوية، أو أن يتم رفع سعر الدواء على سعر معين لمنع تهريبه».

وعــن تقييمه للأدوية الإيرانيّة في ظل الأحاديث عن إغراق الســوق بهــا قال الأمين «هذا الكلام سياســي، ولا يوجــد دواء إيراني إلى حد اليــوم». في المقابل ســبق لوزير الصحة اللبناني، حمد حســن، أن أكَّد الشــهر الماضي وجود أدوية إيرانيّة، مشــيرا إلى أنهــا «عالية الجودة على المســتوى العالمي»، ودعا في حينه إلى «إبعاد ما وصفها «الكيديّة السياسيّة» عن الواقع الاستشفائي.

لكن الدكتور فادي كرم، أمين ســر تكتل «الجمهورية القوية»، يقول «وزير الصحة وعدنا بمتابعة الملف عندما كشــفنا محاولات تســريب الأدوية الإيرانيّة إلى لبنان بطريقة ملتوية».

وأضاف «التمســنا أن هناك محاولة لإدخال الدواء الإيراني بطرق غير قانونية، وبأدوية غير مســتوفية للشــروط...كما بدا جليا أن هذه الأدوية أعراض جانبيّة خطرة».

وشكك كرم «بوجود مختبرات في إيران قادرة على أن تكون مرجعا لإدخــال الأدويــة إلى لبنــان»، لافتا إلــى أن الأدوية التــي تصل بلاده «ليست أدوية أصلية وتسمى بيو- سيميلر أيّ مشابهة».

وأشار إلى أنه «قبل استقدام هذه الأدوية تابعنا هذا الملف، وراقبنا احتمال إدخاله بشــكل غير مباشــر، وهذا ما تبين لنــا عندما أصبحت هــذه الأدوية مُدرجة على الصفحة الرســمية لــوزارة الصحة». واعتبر أن «ادخــال هذه الأدوية إلى الســوق اللبنانية لــه اعتبارات واضحة»، مشــيرا إلــى «دور المســؤولي­ن الإيرانيين فــي ذلك»، مضيفــا القول أن «إيــران قد تكــون تعمل على اســتخدام اقتصاد لبنــان لمصلحتها، لأن هنــاك أرباحا تجنى من عمليات تهريب الأدوية تصل 150 مليون دولار سنويا».

ورغم أزمــة الأدوية في لبنان، إلا أن رئيســة نقابة مصانع الأدوية، كارول أبي كرم، طمّأنت اللبنانيين بأنه «لا خوف على الأدوية الُمصنَّعة في البلاد»، وقالت «هناك تفاوت بالنسبة لدعم الأدوية».

وأضافــت أن «مصــرف لبنان يدعمنــا بـ85 في المئة مــن كلفة المواد الأوليّة فقط، لكنه يدعم 85 في المئة من كامل كلفة الأدوية المســتورد­ة، وهنا لا يوجد أي توازن فــي الدعم». وأردفت أن «هناك 50 في المئة من التكلفة ندفعها بسعر صرف السوق السوداء».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom