Al-Quds Al-Arabi

«الغارديان»: تقرير يشير إلى توفر اليورانيوم بكميات كافية لتنتج السعودية سلاحاً نووياً

-

نشــرت صحيفة «الغارديان» تقريراً عن توفر الكميات الكافية من اليورانيوم لكي تنتج الســعودية الوقــود النووي. وقالت إن التقرير الســري الذي اطلعــت عليه يزيد من مظاهــر القلق حول برنامج سلاح نووي. وأضافت أن الكمية من اليورانيوم المتوفرة للســعودية كافيــة لأن تنتــج الوقــود النــووي محليــاً. وجاءت المعلومات عن المخزون في تقرير جهزّه للســعودية جيولوجيون صينيــون كانــوا يعملــون علــى مســاعدتها لتحديــد احتياطها من اليورانيوم وبســرعة، كجــزء من التعاون في مجــال الطاقة النووية بين البلدين.

صحة التقرير

وعلقت الصحيفة أن الكشف عن هذه الجهود سيعزز المخاوف من اهتمام الســعودية بالحصول على القنبلة النووية. ويكشف التقرير المســحي كيــف عمل الجيولوجيو­ن طــوال عام رغم الحر القائظ لتحديد احتياطي اليورانيوم الذي قد ينتج 90 ألف طن من ثلاثة مواقع في وســط وشــمال غربي البلاد. وتم النظر إلى هذا المخزون تحت الأرض في الدراسة المسحية كنتائج أولية، وهناك حاجة لمزيد من التنقيب للتأكد من احتياطي اليورانيوم وحساب كلفة استخراجه.

ولــم تخف الســعودية طموحاتها فــي اســتخراج اليورانيوم محليًــا، حيــث قــال مســؤول ســعودي عــام 2017 إنهــا خطوة «للاكتفاء الذاتي» لتوليد الوقود واستخدامه في برنامج الطاقة. ويقترح التقرير أن الســعودية لديها احتياطي تستخدمه كوقود في المفاعلات ولتصديره أيضًا.

ولــم تســتطع «الغارديــا­ن» التأكد بشــكل مســتقل من صحة التقريــر والذي أعده معهد بكين لأبحــاث جيولوجيا اليورانيوم، ومؤسســة الطاقة النوويــة القومية الصينيــة، واللتان عملتا مع مؤسسة المســح الجيولوجي السعودي. ويقول البرفيسور كيب

جيفري، مدير مدرســة كامبرون للمناجم في جامعة إكستر: «لو كان أي مــن هــذه المخازن قابــا للاســتخرا­ج- ولا توجد طريقة لمعرفة إمكانية هذا- فالحجم الحقيقي ســيكون زائداً عن حاجة مفاعل نووي أو مفاعلات». ولو اســتطاعت السعودية استخراج اليورانيوم بنفســها بدلاً من استيراده من جهة أجنبية، فستكون لديهــا القــدرة على بناء برامجها التســلحية الخاصــة كما يقول الخبــراء. وقال مارك هيبس الزميل فــي برنامج الطاقة النووية بمركــز كارنيغي: «لــو فكرت بتطوير أســلحة نووية، فســتكون أفضــل لو صنعت محلياً. ففي بعض الأحيان يشــترط المزودون الأجانــب لليورانيــ­وم اســتخدامه في برامــج ســلمية. ولو كان اليورانيوم مستخرجاً محلياً فلن تقلق بشأن هذا الشرط».

وعلق خبيــر آخر وهو بــروس ريدل من معهــد بروكينغز، أن المعلومات الواردة تشــير إلى أن الســعوديي­ن «يحاولون وبشدة تأمــن المتطلبــا­ت الأساســية» إمــا لبرامــج الطاقة أو الأســلحة وتأمين مصدر محلي لليورانيوم ســيقوي من وضعهم. وأشارت الصحيفة إلى أن طموحات السعودية النووية تحولت إلى مصدر قلق متزايــد داخل الكونغرس الأمريكي والحلفاء، خاصة عندما أعلــن ولــي العهد محمد بن ســلمان عــام 2018 أن بلاده ســتبدأ بتطويــر القنبلة النووية لو حصلت عليها الجارة إيران المنافســة للسعودية.

والمشــكلة كمــا تقــول الصحيفــة هي غيــاب الشــفافية لدى الســعودية. وبناء على اتفــاق 2015 مع الوكالــة الدولية للطاقة الذريــة، تجنبت الســعودية بروتوكــول التفتيش علــى الكميات الصغيرة الذي يعفي الوكالة من المراقبة إلى حد المرحلة التي يتم فيها إدخال الوقود الإنشطاري في المفاعل.

وحاولــت الوكالة إقناع الســعوديي­ن بالقبول برقابة شــاملة منهــا، لكــن الســعودية قاومت هــذه الجهــود إلى هــذا الوقت. وقال مدير الوكالة رفائيل غروســي: «نحن في حوار معهم وهم مهتمون بتطويرالطا­قة النووية لأغراض سلمية، بالطبع». ويبدو

أن المركــز الأغنى باليورانيو­م الذي ظهر علــى الخريطة قريباً من الموقع الذي اختير لبناء مدينة نيوم التي تعبر عن رؤية 2030 التي يروج لها ولي العهد. وبدأت الصين بالتنقيب عام 2017 في تسعة مناجم مختلفة حددت بأن فيها احتياطياً محتملاً من اليورانيوم، وانتهت الأعمال في نهاية العام الماضي.

ويأتــي اهتمــام بكــن بالتنقيب مــن الناحيــة الدبلوماسـ­ـية والتجارية. فمســاعدة الســعودية على تطوير برنامجها النووي سيقوي من علاقاتها مع حليفة الولايات المتحدة في الخليج. كما أن الصــن تبحث دائمًا عن أماكن للتزود منها باليورانيو­م الخام ومشترين لمفاعلاتها النووية. وأشار معدو التقرير للسرعة التي أنجــز فيها الخبــراء الصينيــون عملهم تحت حــر الصيف الذي وصلت الحــرارة فيه أحيانا إلــى 50 درجة مئوية بشــكل عرّض عــددا من أعضــاء الفريق لضربات الشــمس. وحســب التقرير: «بنــاء على الممارســة الدولية المعروفة، فهنــاك حاجة لما بين 5- 8 ســنوات للكشــف عن وتقدير المصادر مــن يورانيوم- ثوريوم المختبئة، واستغرق المشروع عامين.»

سلسلة من النكسات

وغطت الدراســة المسحية تســع مواقع على مســاحة 30 ألف كيلومتــر مربع، ولم يكن هناك في بعــض الأحيان منفذ أو طريق للأماكن التي شملتها الدراسة المسحية. و»قضى الجيولوجيو­ن الصينيون في الميدان ثمانية أشــهر متتالية، وعملوا مع زملائهم الســعوديي­ن خــال عطــل الأســبوع والإجــازا­ت وحتــى إجازة الربيع» في التقويم الصيني.

وتم الحديــث فــي التقرير عن سلســلة مــن النكســات. فعند الحدود مع اليمــن، عطّل القتال القريب مــن أماكن الحفر العمل، فيمــا اعتبر الســكان المحليون بعض الأماكــن ممنوعة على فريق التنقيــب. كمــا عطّــل الفيضان عمــل الحافلات وعقّد مــن عملية الحفــر. وفي مكان آخر واجه الفريق مشــكلة في حفر تضاريس ليّنة وعــادة ما كانت تنهار الكتل الصخريــة وتؤخر عمل الفريق لتنفيذ برنامجه.

وأشرفت مؤسسة المســح الجيولوجية الفنلندية التي تحظى باحتــرام دولي على بعض أعمال التنقيــب، مما أعطى مصداقية للنتائــج. أما عن الخطــوة المقبلة، فهــي العمل المكثــف في ثلاثة مواقع حددت بالمهمــة ومحاولة التأكد من مســتوى الاحتياطي والكلفــة الاقتصاديـ­ـة لاســتخراج­ه. وكلهــا واقعــة فــي منطقة جيولوجيــة قديمــة تعــرف بحــزام الســعودية، وهي مشــابهة لأحزمة معروفة في الولايات المتحدة وكندا.

وقال جيمس مارتن المحلل في مركز أبحاث انتشــار الأسلحة النووية، إنه لا توجد إشــارات من الصور التــي التقطتها الأقمار الصناعيــة على بــدء العمل في الأماكــن التي حددتها الدراســة المسحية الصينية. وعلق مدير المركز إيان ستيوارت: «من الأهمية بمــكان رصــد المواقــع لأنها تعطــي إشــارة واضحة عــن تحرك السعوديين للتنقيب عن اليورانيوم.»

وذكرت تقارير إخبارية أمريكية نقلاً عن مســؤولين أمريكيين، أن الســعوديي­ن أقاموا مطحنة لمعالجــة اليورانيوم الخام وإنتاج «الكعك الأصفــر» والخطوة المقبلة في العملية الطويلة، هي إنتاج الطاقة للمفاعل النووي أو السلاح النووي.

لكن ســتيوارت أشــار إلى عدم وجود أدلة عبر صــور الأقمار الصناعيــة على خطوة كهذه، وحتى وجــود مطحنة. وقال: «في ضوء بُعد المواقع المرشــحة عن المطحنة المزعومة، فإننا نتساءل عــن صحة التقارير وإن كانت موجودة أصلاً» و«نشــك أن هناك مطحنــة بنيــت بــدون مصــدر لليورانيــ­وم الخــام، ونفترض أن المصــدر لليورانيوم الخام هــو ما حددته هــذه الوثائق. ولو كان لدى الحكومات دليل على وجود المنشــأة فعليهم إخبارنا لتأكيد صحة التقارير». يذكر أنه لا الســلطات السعودية ولا المؤسسات الصينية أو الفنلندية علّقت على ما ورد في تقرير الصحيفة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom