Al-Quds Al-Arabi

خطط أمريكية إسرائيلية إماراتية لفلسطين ورئيسها!

-

■ إضافــة إلــى الصفاقــة فــي قــول الســفير الأمريكي في إســرائيل إن بــاده «تفكر» في «تعيــن» محمد دحلان، القيادي الفلسطيني المفصول من حركة «فتح» مكان محمود عباس، رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، فإن تأكيد ديفيد فريدمــان علــى تفكيــر الإدارة الأمريكية في هــذا الموضوع، والحديث عن «تعيين» سياسّــي فلســطيني محســوب على الإمــارات علــى رأس القيــادة الفلســطين­ية، أمــران لا يجب الاستهانة بمعانيهما، أمريكيا وعربيا وفلسطينيا.

يناقــض فريدمان نفســه، بدايــة، حين يقــول إن الإدارة الأمريكيــ­ة التــي يمثّلهــا «لا ترغــب فــي هندســة القيــادة الفلســطين­ية» فهــذه الأفــكار تــرددت بشــكل غير مباشــر فــي تهديــدات الرئيــس الأمريكــي دونالــد ترامــب للقيادة الفلســطين­ية، كما أن فريدمان، الــذي لا تختلف تصريحاته عــن أي من عتاة المســتوطن­ين واليمين المتطرف الإســرائي­لي

فــي كل ما يخص الشــؤون الفلســطين­ية، أبدى ســابقا عن أشــكال من الغطرسة الفاحشة ضد الفلسطينيي­ن، وبالتالي فـ»التفكيــر» في تغيير عباس، هو أمر يمكن توقعه بســهولة من شخصية مثل فريدمان.

إضافــة إلــى البجاحة التي تليق بشــخصية المســتوطن العنصــريّ التــي يمثلهــا فريدمان فــي فكرة «الاســتبدا­ل» تفترض فكرة «تعيين» رئيس للسلطة الفلسطينية القفز على المؤسسات المكونة للسلطة والمجتمع الفلسطيني، من منظمة التحرير الفلسطينية، إلى المجلس الوطني الفلسطيني، مرورا بحركة «فتح» وغير ذلك من مؤسســات دفع الفلســطين­يون أثمان تأسيسها بالدماء والنضال على مدى عقود.

تســتبطن فكرتــا «الاســتبدا­ل» و«التعيــن» مــع ذلــك، مفارقة كبيرة، فالســفير الأمريكي يتجاهل أن الفلسطينيي­ن لــم يستســلموا لمــا يســمى «صفقة القــرن» رغــم الجبروت الأمريكــي، والقمــع الإســرائي­لي، والضغط العربــيّ عليهم، وأنهم، لهذا السبب بالذات، فرضوا قرارهم الوطني ومنعوا أشــكال التطبيع والتطويع التي كانــت إدارة ترامب وصهره المستشــار جاريــد كوشــنر تريد فرضهــا عليهــم، وإذا كان الحال كذلك، فعلى أي شــيء يســتند الســفير الاستيطاني لـ«يفكر» باستبدال عباس وتعيين دحلان؟

الأغلــب أن فريدمــان يفكّــر علــى خلفيــة الإحســاس بالانتصار والزهوّ بعد إعلان الإمارات والبحرين التطبيع مع إســرائيل، وإذا أضفنا إلى ذلك الأنباء عن محاولة الإمارات التصــرّف كما لــو أنها صــارت مخوّلة بالتبرع بالمقدســا­ت الفلســطين­ية، فهذا يعني أن قصة «الاســتبدا­ل» و«التعيين» تم «التفكير» فيها أيضا في الإمارات التي يتصرّف حكامها، حيثما اســتطاعوا، بالطريقة الإسرائيلي­ة، التي صارت مثالا عربيا محتــذى، لكنّ لديهــم «أريحيّة» أكبر فــي «التصرّف»

بمن يملكون من الجهات السياســية أو الأشــخاص، كما هو حــال «المجلس الانتقالي» في اليمن، الــذي صار منافحا عن إسرائيل فجأة، وحال الجنرال خليفة حفتر في ليبيا.

تبــدو الإمــارات، في هذه اللوحــة التي شــكّلها فريدمان والطاقــم الأمريكــي - الإســرائي­لي الــذي يديــر العمليــة السياســية الجاريــة، موضوعا مطواعا، ليــس للتوقيع على بيــاض على اتفــاق مــع إســرائيل، بــل للاســتعما­ل أيضا كامتداد لإســرائيل وللإدارة الأمريكية وخططهما بالنســبة للفلســطين­يين، وكمــا يمكــن ضــمّ الأراضــي الفلســطين­ية، بالتضاد مــع القوانين العالمية والقــرارا­ت الأممية، والتفكير باســتبدال عباس وتعيــن دحلان، وبما أن الإمــارات عيّنت نفســها وصيّة على المقدسات الفلســطين­ية، فما الذي يمنع أبــو ظبي أيضا من المشــاركة بالتخطيط لمســتقبل الأراضي الفلسطينية وقيادتها؟

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom