Al-Quds Al-Arabi

عون طرح حلولاً وسطية رفضها «حزب الله»: إذا لم تُشكّل الحكومة «رايحين على جهنّم»

- بيروت - «القدس العربي» من سعد الياس:

«إذا لــم تُشــكّل الحكومــة... رايحــن على جهنّم» ، بهذه العبارة لخّص الرئيس اللبناني ميشــال عون المخاطــر التي تتهــدّد لبنان في حال عــدم التوافق على تأليف الحكومة. وإذا كان عون تمايز في الموقف عن حليفه الشيعي حــزب الله بالنســبة إلى حقيبة المــال، إلا أنه لــم يبرّئ الرئيــس المكلّف مصطفــى أديب من عدم التأليف بســبب عدم الأخذ برأي رؤساء الكتــل، مقترحاً كخطــوة نحو الدولــة المدنية «إلغاء التوزيع الطائفي للوزارات التي سُمّيت بالسيادية وعدم تخصيصها لطوائف محددة بل جعلها متاحة لكل الطوائف.»

فقــد عقد الرئيس عون مؤتمراً صحافياً في قصر بعبدا اســتهلّه بتلاوة بيان مكتوب جاء فيه «نحن اليوم أمام أزمة تشكيل حكومة، لم يكن مفترضــاً أن تحصل لأن الاســتحقا­قات التي تنتظر لبنان لا تسمح بهدر أي دقيقة.»

لاغالب ولا مغلوب

وأضــاف عــون «مــع تصلّــب المواقــف لا يبــدو فــي الأفــق أي حــل قريــب لأن كل الحلول المطروحة تشـّـكل غالباً ومغلوباً. لقد طرحنا حلولاً منطقية ووســطية ولكن لم يتم القبول بها مــن الفريقين، وتبقــى العودة إلى النصــوص الدســتوري­ة واحترامها هي الحل الذي ليــس فيه لا غالــب ولا مغلــوب». وقال «أربــع زيــارات للرئيــس المكلّف ولم يســتطع أن يقــدّم لنا أي تصــوّر أو تشــكيلة أو توزيع للحقائــب أو الأســماء، ولم تتحلحــل العقد، التي يمكن تلخيصها بالتالي:

الرئيس المكلف لا يريد الأخذ برأي رؤســاء الكتــل في توزيــع الحقائب وتســمية الوزراء ويطرح المداورة الشاملة، ويلتقي معه في هذا الموقف رؤساء حكومات ســابقون. ويُسجّل لــه أنه يرفــض التأليف إن لم يكــن ثمة توافق وطني على التشكيلة الحكومية.

كتلتا التنمية والتحريــر والوفاء للمقاومة تصــرّان على التمســك بــوزارة الماليــة وعلى تسمية الوزير وسائر وزراء الطائفة الشيعية الكريمــة. ويســجّل لهمــا التمســك بالمبادرة الفرنسية».

وأضــاف عــون «عندمــا تفاقمت المشــكلة واســتعصت قمت بمشــاورات مع ممثلين عن الكتل النيابية لاســتمزاج الآراء، فكانت هناك مطالبة بالمداورة من قبــل معظم من التقيتهم، ورفــض لتأليــف الحكومــة مــن دون الأخــذ برأيهــم، أمــا موقفي مــن كل مــا يحصل فهو التالــي: لا يجوز اســتبعاد الكتــل النيابية عن عملية تأليف الحكومــة لأن هذه الكتل هي من سيمنح الثقة أو يحجبها في المجلس النيابي، وإن كان التأليــف محصــوراً بالتوقيــع بــن رئيــس الحكومة المكلف ورئيــس الجمهورية. كمــا لا يجوز فــرض وزراء وحقائب من فريق على الاخرين خصوصاً وأنه لا يملك الأكثرية النيابية.

لا ينص الدســتور على تخصيص أي وزارة لأي طائفــة مــن الطوائــف أو لأي فريــق مــن الأفرقاء كمــا لا يمكن منح أي وزير ســلطة لا ينص عليها الدستور.

إن المشاركة في الســلطة الاجرائية هي من خلال الحكومة وتمارس من قبل الوزراء وفق المادتين 65 و 66 من الدستور، ما يجعل جميع الوزراء متســاوين كل في شؤون وزارته ومن خلال العضوية فــي مجلس الــوزراء، وليس لأحد أن يفرض ســلطته علــى الاخر من خارج النصوص الدستورية.

التصلّب في الموقفين

أما السلطة الإجرائية فقد أناطها الدستور بمجلس الوزراء مجتمعاً وليس برئيسه أو أي مــن أعضائه فتتحقق المشــاركة فــي صناعة القرار الإجرائي وفق آليات الدستور. ورئيس الجمهوريــ­ة الــذي يمــارس وظيفــة رئاســة الدولــة، يرئس مجلس الــوزراء حين يحضر، ويشــارك في المــداولا­ت إلا أنــه لا يصوّت، ما يجعلــه الوحيــد في مجلــس الــوزراء الذي لا مشاركة فعلية له في السلطة الاجرائية.»

وتابــع عــون «إن التصلّب فــي الموقفين لن يوصلنــا إلــى أي نتيجــة، ســوى المزيــد من التأزيم، في حين أن لبنان أكثر ما يحتاجه في ظــل كل أزماته المتلاحقة، هــو بعض الحلحلة والتضامــن ليتمكن مــن النهــوض ومواجهة مشــاكله. وأتوجّــه إلــى جميــع اللبنانيــ­ن، مواطنــن ومســؤولين، بينما نلمــس جميعاً عقم النظام الطائفي الذي نتخبّط به والأزمات المتلاحقة التي يتسبّب بها، وبينما استشعرنا ضــرورة وضع رؤية حديثة لشــكل جديد في الحكم يقوم على مدنيــة الدولة، أقترح القيام بأول خطوة في هذا الاتجاه عبر إلغاء التوزيع الطائفي للــوزارات التي سُــمّيت بالســيادي­ة وعدم تخصيصها لطوائف محددة بل جعلها متاحــة لــكل الطوائــف فتكــون القــدرة على الإنجاز وليس الانتماء الطائفي هي المعيار في اختيار الوزراء.فهل نقوم بهذه الخطوة ونبدأ عملية الانقاذ المتاحة أمامنا أم سنبقى رهائن الطائفيــة والمذهبية؟».وختــم « لا الاســتقوا­ء على بعضنا ســينفع، ولا الاستقواء بالخارج سيجدي، وحده تفاهمنا المبني على الدستور والتــوازن هــو مــا ســيأخذنا إلى الاســتقرا­ر والنهوض».

ويأتي موقف عون بعد الحديث عن فشــل مســعاه مــع رئيس «كتلــة الوفــاء للمقاومة» النائب محمد رعد قبل يومين حيث إقترح عليه أن يســمّي هو وزيراً مســيحياً للمالية يضمنه شــخصياً، لكــن طرحه قوبــل بالرفض حيث قال رعــد «الــكلام إنتهــى ووزير المــال يجب أن يكــون شــيعياً». ولــم يؤكد عــون أو ينفي حصول هذا اللقاء في مؤتمره الصحافي.

وكان الرئيــس المكلّــف مصطفــى أديــب أكــد في بيــان «أن لبنــان لا يملك تــرف إهدار الوقت وســط كمّ الأزمات غير المســبوقة التي يمرّ بها، ماليــاً ونقدياً واقتصادياً واجتماعياً وصحيــاً»، ورأى « أن أوجــاع اللبنانيين التي يتردد صداها على امتداد الوطن وعبر رحلات المــوت في البحــر، تســتوجب تعــاون جميع الأطــراف مــن أجل تســهيل تشــكيل حكومة مهمــة محــددة البرنامــج ســبق أن تعهّــدت الأطــراف دعمهــا، مؤلفــة مــن اختصاصيين وتكون قادرة علــى وقف الانهيار وبدء العمل لإخراج البلد من الأزمــات، وتعيد ثقة المواطن بوطنه ومؤسساته».

ولفت إلى أنه لن يألــو جهداً لـ»تحقيق هذا الهــدف بالتعــاون مــع رئيــس الجمهورية»، متمنيــاً علــى الجميــع «العمــل علــى إنجــاح المبادرة الفرنسية فوراً ومن دون إبطاء والتي تفتح أمام لبنان طريق الإنقاذ ووقف التدهور الســريع». وأكد أن «أي تأخير إضافي يفاقم الأزمــة ويعمّقها، ويدفــع الناس نحــو المزيد من الفقر، والدولة نحــو المزيد من العجز، ولا أعتقــد أن أحــداً يســتطيع أن يحمّــل ضميره مســؤولية التســبب مزيــد مــن الوجــع لهذا الشعب الذي عانى كثيراً ولا يزال».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom