ضغط روسي على أنقرة في إدلب... وجيفري يزور شرق الفرات استعجالاً لإعلان مرجعية سياسية كردية
يترجم الجانب الروسي فشــله بالتوصل إلى تفــاق مرضي مع تركيا، حيال إدلب شــمال غربي سوريا، في تصعيد مكثف يأتي في سياق ممارسة ضغــوط نحو المزيد من التنــازلات المطلوبة وفق الرؤيــة الروســية، دون الانــزلاق إلــى معركة عسكرية واسعة بحسب مراقبين، وذلك بالتزامن مع تطور آخر تشــهده المنطقة الشمالية الشرقية من البلاد.
فقــد زار الممثــل الخــاص للولايــات المتحدة الأمريكية لدى سوريا، الســفير جيمس جيفري، الحسكة، للقاء القوى السياسية الكردية السورية المتحــاورة، وعقد اجتماعاً مع الأحــزاب الكردية في إحــدى القواعد الأمريكية، وذلك لاســتعجالاً للإعلان عن مرجعية سياســية كردية بين المجلس الوطنــي الكردي وحــزب الاتحــاد الديمقراطي الكــردي «بي د». وأعــرب جيفري عــن دعمه المباحثات الجاريــة بين الأكراد في ســوريا وفق اتفاقيــة دهوك »، بينما طلبــت مبعوثة الخارجية الأمريكية الأطراف الكردية بترحيل بعض الملفات إلى جولات قادمة، للتســريع بالإعلان عن اتفاق بــن الطرفــن، وذلك خــال اجتمــاع عقدته مع المجلس الوطني الكردي وأحــزاب كردية يقودها حزب الاتحاد الديموقراطي «بي د» في الحسكة.
وذكر موقــع «بســنيوز» الكردي أن الســفير الأمريكــي أعــرب خــال الاجتمــاع عــن دعمه للمباحثات الجارية، وأكــد أن «الكرد هم جزء من المعارضة الســورية ومكون أساســي من مكونات ســوريا» ونقل الموقع عن مصدر مطلع لم يســمه قول الجفــري أن «حل الأزمة الســورية ســوف يكون من خلال قرار مجلس الأمن 2254 » مشــدداً على «ضرورة بنــاء ســوريا ديمقراطية و نظام ديمقراطي في البلاد يضمن حقوق كافة المكونات.»
كمــا أوضح المصدر أن «جيفــري نقل إلى قادة
أحزاب الحركة السياســية الكردية السورية دعم واشــنطن وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للاتفاق السياســي بين طرفي الحركة الكردية في ســوريا، كما شدد على دعم واشــنطن والرئيس الأمريكي لتحشــيد قــوى المعارضة الســورية، لدعــم الموقف الأمريكي، محملاً خــال اللقاء، كلاً من دمشــق وحليفتها موسكو، مســؤولية إفشال العملية السياسية في سوريا والاستمرار في الحل العســكري، ومســؤوليتهما عن عرقلة إحراز أي تقدم في أعمال اللجنة الدســتورية وتنفيذ القرار الأممي 2254 .»
وطالبــت مبعوثة الخارجيــة الأمريكية زهرة بيللــي، خلال الاجتمــاع، الجهــات المفاوضة في المباحثــات، ترحيل باقــي القضايــا العالقة بين الطرفين إلى الجولة الثالثــة من المباحثات، حيث أكدت على ضرورة ترحيل مســألة تداخلات حزب العمــال الكردســتاني «بك ك» وعلاقــة حــزب الاتحاد الديمقراطــي الحاكــم «بي د» بالعمال الكردســتاني إلى جولات مقبلة. وفي هذا الإطار عزا الباحث السياسي عبد الوهاب عاصي، زيارة المبعوث الأمريكي الخــاص جيمس جيفري الذي وصل إلى شــمال شرقي سوريا، «من أجل الإعلان عــن التوصّل إلــى مرجعية سياســية كردية بين الأحزاب المتحاورة .»
وتكتســب هذه الخطوة أهميتها بحسب رؤية المتحدث لـــ «القدس العربي » من قدرتها على قطع الطريق على مســاعي روسيا لاســتمالة الأكراد، لكنه حذر في الوقت نفسه من «إثارة هذه الخطوة قلق ومخاوف أنقرة». وقال عاصي، طالما أن تركيا لم تُبدِ موقفاً من المباحثات الكردية - الكردية منذ انطلاقها، فقد يكون ذلك لغياب اليقين إزاء النتائج المتوقعة، بغض النظر عــن أي تطمينات أو فرص قد تكون تلقتها مــن الولايات المتحدة، فعدم إبداء الرفض لا يعني القبول.
ويُمكــن الاعتقاد أن ما قد يُثيــر قلق ومخاوف تركيا مــن أي اتفاق محتمل هــو أن يكون «غطاءً لتمويل لاسيمافيحالعدموجودصيغة
جيمس جيفري تفاهم بــن تركيا وأمريــكا حول مصيــر النفط، وتعزيزاً لمشــروع الإدارة الذاتية لا سيما مع عدم الاستجابة لمطالب أنقرة حول إشراك فاعل للمكون العربي، وقاعدة عمليات تُهدّد تركيا خصوصاً إن لم يتم تطبيق وثيقة أنقرة )2019.»)
وانتقالاً إلى الشــمال الغربي، يبدو أن اللاعب الروســي مــدرك أنه لا بد مــن التلويــح بالعمل العســكري كورقة ضغــط لتحصل تنــازلات من الجانــب التركي ومن المعارضة الســورية، فضلاً عن محاولته لوصول لمعلومات عن توزع وانتشار القوات العســكرية المحلية الحليفــة لأنقرة. وفي المقابل ستقوم الأخيرة وهيئة تحرير الشام بالرد لتكون الصيغة العســكرية والأمنية الحاكمة لملف إدلب «تصعيداً مضبوطاً .»
ميدانياً، تواصل قوات النظام الســوري خرقها وقف إطلاق النار شــمال غربي ســوريا الذي تم الإعلان عنه في الخامس من شــهر مــارس/ آذار 2020، حيــث تتعمد اســتهداف المناطق والأحياء الســكنية فــي قــرى وبلــدات ريف إدلــب، لمنع عودة الســكان المدنيين إلــى مناطقهم. وقال مدير «منســقو اســتجابة ســوريا « د. محمد حلاج إن عدد الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار في شمال
غربي سوريا ناهز 2800 خرق من بينها استهداف بالطائرات الحربية الروســية والطائرات بدون طيــار. وخلّفت الخروقــات وفقًــا للمتحدث، 29 ضحية من المدنيين، واستهداف أكثر من 13 منشأة حيوية في المنطقة.
واســتنكر حلاج خــال حديثه مــع «القدس العربــي» سياســة غــض الطــرف الدولي عن التصرفات العدائية والخروقات المســتمرة لقوات النظام السوري والتي تســتغل من خلالها خرق كافة الاتفاقات الدولية ومتابعة سياســة الإرهاب الممنهجة ضد الســكان المدنيين فــي المنطقة، وقال لـ»القــدس العربي»: «إن المجتمــع الدولي وكافة الأطراف الفاعلة في الملف الســوري يجب أن تعي وتدرك أن النظام الســوري وحليفه الروسي لن يمتثل لأي اتفاق دولي أو اقليمي، ويجب التحرك الحثيث لحفظ أرواح المدنيين فــي المنطقة ووقف جرائم الحرب».
وتزامن القصف الاثنين، مــع مواجهات عنيفة بين قــوات المعارضة الســورية وقــوات النظام وميليشــياتها الداعمة، ووثق المرصد الســوري لحقوق الإنســان، قصفاً متقطعاً استهدف مناطق واسعة في منطقة «خفض التصعيد» حيث قصفت قوات النظــام قرى جبــل الزاويــة وريف إدلب الجنوبي ومواقع الفصائل في سهل الغاب، تزامناً مع قصــف مدفعــي وصاروخي نفذتــه الفصائل والقوات التركية استهدف تجمعات قوات النظام في سراقب ومحور كفرنبل في ريف إدلب.
وقــال أن الاشــتباكات المتقطعــة بــن قوات النظــام والمســلحين الموالين لها، لــم تتوقف منذ الليلــة الماضية على محــاور الفطيــرة في ريف إدلب الجنوبي، وتقاد وبســرطون في ريف حلب الغربــي، تزامناً مــع قصف مناطــق الفصائل في جبل الزاوية فــي ريف إدلب، وقريتــي كفرتعال وتديل بريف حلب، ومحور كبانة في جبل الأكراد في ريف اللاذقية، ومناطق في ســهل الغاب شمال غربي محافظة حماة. وتمكنــت الفصائل من صد محاولة تسلل لقوات النظام على محور الفطيرة.