Al-Quds Al-Arabi

تجميد مفاوضات سدّ النهضة يثير قلق المصريين... وتحذيرات للمزارعين من فيضان النيل

- القاهرة ـ «القدس العربي» من تامر هنداوي:

أثار الجمود الذي أصاب مفاوضات سد النهضة الثلاثية برعاية الاتحاد الأفريقي، قلــق المصريين، فقد انتهت جولة المفاوضات الأخيرة التي عقدت في أغســطس/ آب الماضي، بتوافق الدول الثلاث مصر والســودان وإثيوبيا» على أن تقوم كل دولة منفردة بإرســال خطــاب إلى رئيس جنوب أفريقيا، باعتباره رئيس الاتحاد الأفريقي، يتضمن رؤيتها للمرحلة المقبلة، وحتى الآن لم يعلق الاتحاد الأفريقي.

محمــد نصر الدين عــام وزير الري المصري الأســبق، وصف مــا تشــهده مفاوضات ســد النهضــة بـ«الصمت الرهيب».

وكتب على صفحته الرســمية على «فيســبوك» :»شعار المرحلــة الحالية للاتحــاد الأفريقي حول مفاوضات ســد النهضة، لا تصريح أو بيان أو إعــان، بالتوازي مع صمت مصري ـ ســوداني، وســعادة إثيوبية لاســتنزاف الوقت وفرض سياسة الأمر الواقع».

ولفت إلــى أن «مصر تقوم عن طريــق وزارة الخارجية بجهد دولي خارق لشــرح وجهة نظر مصر حول مباحثات ســد النكبة» على حد وصفــه، إذ «يتم تنظيــم ندوات عن طريق ســفاراتنا مع الســفارات الأجنبية والمراكز العلمية وكبار المتخصصين الدوليين».

واعتبر أن «الجمود في مفاوضات ســد النهضة غير مبرر

وغير مفهوم» مؤكــدا أنه «لا يجب إهدار مزيد من الوقت ولا بد من خطوة جديــة». أما نادر نور الدين، أســتاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة، فقد طالب بنقل ملف سد النهضة من جنوب أفريقيا إلى مجلس الأمن أو الاتحاد الأوروبي.

وكتب على صفحته الرســمية على «فيسبوك»: «إثيوبيا تنســق مع جنوب أفريقيا لتجميد المفاوضات وعدم إعطاء مصر والسودان أي حقوق».

وأضاف: «الســدود على الأنهار الدولية العابرة للحدود مشــكلة دولية وليســت افريقية لأن اســمها أنهار دولية، وبالتالي ينبغي نقل الملف بعد فشل وتجنيد جنوب أفريقيا إلى مجلــس الأمن أو الاتحاد الأوروبــي أو أمريكا أو البنك الدولــي أو منظمة الأمم المتحــدة للميــاه، لا تتركوا الملف لإثيوبيا وحلفائها».

وكانــت آخر جــولات مفاوضات ســد النهضة بين مصر وإثيوبيا والســودان، برعاية الاتحاد الأفريقي، انتهت قبل ما يقرب من شــهر، بعد أســابيع من الاجتماعــ­ات اليومية والتي لم تنته ســوى بمزيد من الفشــل، وعــدم التوصل لاتفاق ملزم لإثيوبيا ويرضي مصر والســودان، كما أعلنت ذلك مرارا وزارة الري والموارد المائية المصرية.

وحســب البيان الذي أصدرته وزارة الــري بتاريخ 28 أغسطس/ آب الماضي، فإن المفاوضات انتهت بعدم التوافق بين الدول الثلاث حول العديد من النقاط القانونية والفنية، بشــأن النســخة الأولية المجمعة، الُمعدة بواســطة الدول الثلاث، وتتضمن حصرا لنقاط الخلاف والتوافق، لكنها لم ترق إلى عرضها على هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي برئاســة

جنوب أفريقيــا، ليتم الاتفاق على أن تقــدم كل دولة ورقة منفصلة تتضمن رؤيتها.

وتلك الاجتماعــ­ات التي انتهت بالفشــل كانت انعقدت بناءً على مخرجــات القمة الأفريقية المصغــرة التي عُقدت 21 يوليو/ تموز الماضي، وكذلك الاجتماع السداسي لوزراء الخارجيــة والري من الــدول الثلاث )مصر ـ الســودان ـ إثيوبيا( الذي عقد يوم 16 أغسطس/ آب الماضي.

إلى ذلــك جابت ســيارات تابعة للوحــدات المحلية في بعض المحافظات المعرضة لخطر الفيضان، لتحذر المصريين مــن احتمالية غرق منازلهم وأراضيهــم الموجودة في طرح النيل، بســبب ارتفاع منســوب المياه خــال الأيام الثلاثة المقبلة، الأمر الذي أصاب الأهالي بحالة من القلق.

وجاء نص المنشــور: «في إطــار الإجــراءا­ت الواجب اتخاذهــا، تزامنــاً مــع احتمالية إمــرار تصرفــات زائدة بنهــر النيل، خلال الثلاثــة أيام المقبلة، ومــا يتبع ذلك من ارتفاع مناســيب المياه بفرع رشــيد من نهر النيل، وحدوث غمر لأراضي طــرح النهر المحصورة داخــل القطاع المائي، والمتعدى عليها من واضعي اليد بالزراعة أو الردم أو البناء أو الأقفاص الســمكية، يتم اتخاذ اللازم فــوراً نحو إخلاء جميع المبانــي، من منازل وحظائر مواش ومخازن وأقفاص ســمكية، وكذلك أي تشــوينات للمحاصيل الزراعية، على أراضي طرح النهــر، بنطاق الوحدة المحلية، وكذلك التنبيه على المواطنين بســرعة إخــاء المزروعــا­ت الخاصة بهم، وأي متعلقات يمكــن أن تتعرض للتلف، نتيجة الغمر بمياه النيل وارتفاع مناســيب المياه أو الفيضان.. هذا تحذير هام

وعاجل .»

ووفقا للمهندس عامر شكري، وكيل وزارة الموارد المائية والري في البحيرة، فإن بيــان إخطارات المحافظة للأهالي هو إجــراء دوري، حيث يتــم التنبيه عليهــم في التوقيت نفسه من كل عام لأنه يعتبر موسم الفيضان.

وأضاف في تصريحــات صحافيــة، أن التحذيرات من فيضان جاءت نتيجة الموازنات التــي تجريها وزارة الري بعد قياس منسوب المياه، وتحديد الاحتياجات.

وأصــدرت وزارة الري والمــوارد المائيــة بيانا طالبت فيه «بعدم نشــر أي أخبار إلا بعد الرجــوع للوزارة، حيث تقوم الوزارة باتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية المناســبة بالتنســيق مع المحافظات المعنيــة للتعامل مــع الفيضان للحفاظ على الأرواح والممتلكات.»

وأكــدت أن «التحذيرات تخص من يقــوم بالزراعة على أراضــي طرح النهر التي تُعتبر جزءا مــن مجرى نهر النيل دون غيره، وتهيب الــوزارة بالمواطنين احتــرام القوانين التي تُنظم التعامل مع مجرى نهر النيل وفرعيه ومنافعهم، والالتزام بالإجراءات التي تتخذها الوزارة، في ظل الزيادة الملحوظــة للتعديات على مجــرى النهر خلال الســنوات الماضيــة، التي تتصدى لها الوزارة بالتنســيق مع الجهات المعنية بالدولة .»

وتابعت: «فيما يخص المناطق المتأثرة بارتفاع المناسيب فهي مناطق معروفــة داخل المجرى والقطــاع المائي، وتتم زراعتها بالمخالفة، ومعتاد غمرهــا بالمياه مثلما حدث العام السابق، وكذلك الأســابيع الماضية، ومن المحتمل أن يستمر حتى نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الحالي».

محمد الزواوي، وكيل وزارة الزراعة في البحيرة قال إن «الفترة المقبلة ستشــهد غرق بعض الأراضي في المحافظة» منوها إلى أنه يتم عادة جمع المحاصيل في شهري سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/تشــرين الأول، لذا تناشــد وزارة الزراعة بسرعة إخلاء المحصول الصيفي من الأراضي.

وأضاف فــي تصريحــات متلفــزة، أنــه «حرصا على ممتلكات المزارعين نناشــدهم بتأجيل المحصول الشــتوي حتى ينخفض منسوب النيل وتبدأ المياه في الانحسار».

وأكد أن وزارة الزراعة وأجهزة المحافظة تتعاون لإعلام المزارعين بســرعة إخلاء المحصول الصيفي وتأجيل زراعة المحصول الشــتوي حتى انخفاض منســوب ميــاه النيل، مطالبا المواطنين بعدم القلق وأن المحافظة ستتعاون معهم.

وكانت وزارة الري والمــوارد المائية قد وجهت بضرورة المتابعة المســتمرة لفيضان النيل وشبكة الترع والمصارف، واســتمرار رفع درجة الاســتعدا­د بجميع أجهــزة الوزارة للتعامل مع الفيضان وموسم السيول المقبل.

وحســب المهندس محمد الســباعي، المتحدث الرســمي باســم وزارة الموارد المائية، فإن التحذيرات من غرق بعض الأراضي خلال فترة فيضان النيل تشمل جميع أراضي طرح النهر وتصل لـ13 محافظة.

وأوضح في تصريحات متلفزة، أن ارتفاع منســوب مياه النيل سيكون فوق المتوســط هذا العام وأعلى من الأعوام الســابقة، وهو ما اعتبــره منحة ربانيــة لتعويض العجز المائي الذي تمر به مصر حاليا.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom