Al-Quds Al-Arabi

البيت الأبيض: تعافي الاقتصاد ممكن بدون حزمة مساعدات جديدة

-

■ واشنطن - وكالات الأنباء: تراوح المفاوضات في الكونغــرس حول حُزمة جديدة من المســاعدا­ت الاقتصادية للأمريكيين مكانها، إلا أن مســؤولا رفيعا في البيت الأبيــض لّمح إلى احتمال زوال الأســباب الموجبة لهذا الإنفاق.

ووصلــت المفاوضــا­ت بــن الجمهوريــ­ن والديموقرا­طيــن حــول حجــم الإنفــاق المطلوب لمساعدة أكبر اقتصاد في العالم على تخطي تداعيات جائحة كوفيد-19، إلى حائط مسدود.

ومن بــن تداعيات أزمة فيــروس كورونا ارتفاع معــدّلات الصــرف من الخدمــة، فيمــا تظهر بعض المؤسسات مؤشّرات تعاف.

وقال المستشــار الاقتصادي للبيت الأبيض، لاري كادلو، أن البلاد تشــهد تعافياً «تلقائياً وقوياً»، وأن مشــروع قانون الإنفاق الذي «يضــمّ عناصر يمكن أن تكون مســاعِدة» قد تنتفي الحاجــة إليه. وتابع القول»لا أعتقــد أنّ التعافي رهن بحُزمة المســاعدة تلــك». وكان الكونغــرس الأمريكي قــد صادق على حُزمة مســاعدات بلغت 2.2 تريليون دولار في ذروة جائحة كوفيد-19 في مارس/آذار، شــملت قروضا ومنحاً للشــركات الصغيرة الأكثر تضــرراً ومنافع إضافية لمن فقدوا وظائفهم.

ومنــذ مدة انتهــت مفاعيل هــذه البرامج، وعلى الرغم من تســجيل قطاعات عدة على غرار العقارات والبيع بالتجزئة نموا قوياً في الأشــهر الأخيرة بعد رفع قيود الإغــاق، يطالــب الديموقراط­يون الذين يشــكلون غالبية في مجلس النواب بزيادة الإنفاق لتحفيز التعافي.

ومرر مجلس النواب هذا العام حُزمة مســاعدات بثلاثة تريليونــا­ت دولار رفضها مجلس الشــيوخ الذي رفض أيضا في الشــهر الحالي حُزمة بقيمة 500

مليار دولار حظيت بدعــم الجمهوريين بعد اعتراض الديموقراط­يين. وعلــى الرغم من رفع قيود الإغلاق، تظهر بيانات وزارة العمل أن معدّلات تسريح العمال أعلى بأشــواط من تلك التي سجّلت في أسوأ أسبوع إبان الأزمة المالية العالمية عام 2008، مع تسجيل 860 ألف طلب للحصول على إعانات البطالة في الأسبوع الثاني من الشــهر الحالــي، وذلــك بتراجع طفيف مقارنة بالأسبوع السابق.

من جهة ثانية توقع مكتــب الميزانية بالكونغرس أمــس الأول أن الدَين الاتحادي للولايــات المتحدة سيتضخم إلى حوالي 195 في المئة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد فــي 2050، من حوالــي 98 في المئة في نهاية 2020 و79 في المئة في 2019 .

وفي تقريره الســنوي لتوقعات الميزانية للأجل الطويــل، قال مكتــب الميزانيــ­ة أن زيــادة الإنفاق الحكومي الاتحادي المرتبط بجائحة فيروس كورونا أدى إلى تســارع نمو العجز فــي الميزانية الأمريكية والدَين العام.

وقال المكتــب، وهو هيئة غير حزبيــة، أن العجز في ميزانية 2020 من المتوقــع أن يبلغ 16 في المئة من إجمالــي الناتج المحلي الإجمالــي للولايات المتحدة، وأن هذه الحصة ســتنخفض لبضع ســنوات، لكنها ستبدأ بالارتفاع بشكل حاد مجددا بحلول 2028 .

وأضــاف أنه بحلول عــام 2050، مــن المتوقع أن يبلغ العجز الســنوي 12.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي جــراء ارتفــاع تكاليف الفائــدة وزيادة الإنفاق علــى برامــج الرعاية الصحيــة والضمان الاجتماعي. على صعيد آخر قال جيروم باول، رئيس «مجلس الاحتياطــ­ي الاتحــادي» أن البنك المركزي الأمريكي ما زال ملتزماً باســتخدام كل الأدوات التي تحت تصرفه لمســاعدة أكبر اقتصــاد في العالم على التعافي من الضربــة التي تلقاها من جائحة فيروس كورونا. وفي تعليقات نشــرت ليل الإثنين/الثلاثاء قبل شهادته في الكونغرس أمس والتي تستمر ثلاثة أيام، قال باول «ما زلنا ملتزمين باســتخدام أدواتنا لعمل ما بوسعنا، للفترة الزمنية اللازمة، لضمان أن التعافي ســيكون قويا قدر الإمــكان ولتقييد الضرر المستمر بالاقتصاد.» وأضاف أن مؤشرات اقتصادية كثيرة تظهر «تحسناً ملحوظاً .»

وقال أيضا أنــه على الرغم من التحســن في في وتيرة الخروج مــن أعماق الأزمة، فإن المســار أمام الاقتصاد يبقى «ضبابياً إلى حد بعيد».

وفــي بيــان لاحــق أفــاد «مجلــس الاحتياطي الاتحــادي» فــي بيــان بــأن انتعــاش البورصة ومســاعدات اتحاديــة ضخمة دفعا صافــي ثروات الأســر الأمريكيــ­ة للعودة إلــى مســتويات ما قبل فيروس كورونا في الربع الثاني من العام، إذ ارتفعت كلٌ من حسابات الادّخار ومحافظ الأسهم بشكل كبير رغم الجائحــة. وقدمت أحدث نظــرة فصلية للبنك المركزي الأمريكي بشــأن الثروات والدخل مؤشــراً جديداً على مدى شــبكة الأمان للكثيــر من قطاعات الاقتصــاد التي وفرتها التعبئة الســريعة من جانب الُمشــرِّعين الأمريكيين والبنك المركزي في مارس/آذار وأبريل/نيســان، وهو ما يشمل الموافقة على قروض للمشــروعا­ت الصغيرة وتأمين بطالة إضافي بقيمة 600 دولار أسبوعياً.

وذكــر مجلس الاحتياطــ­ي أنه مع انتهــاء الربع الثاني في يونيو /حزيران، كان صافي ثروات الأسر، وهي قيمة المنازل واستثمارات الأسهم وأصول أخرى مطروحاً منها حجم المديونيات في الرهون العقارية والقــروض الأخرى، قد بلــغ 118.9 تريليون دولار، بقفــزة قدرها 7.6 تريليون دولار عن الربع الســابق

وارتفاعا من 118.5 تريليــون دولار في الربع الأخير من 2019 .

ويشــمل ذلك قفزة 5.7 تريليــون دولار في قيمة الأسهم والصناديق الثنائية التي تأسست في بداية الجائحــة، لكنها بدأت تــزداد ارتفاعا بعــد موافقة البنك المركزي والكونغرس على مجموعة واسعة من البرامج لتفادي انهيار اقتصادي.

لكنها شــملت أيضا زيــادة 700 مليــار دولار في الُمدّخرات لــدى الأســر الأمريكية والشــركات غير المالية، إذ اســتفاد الكثيــر منها من زيــادة إعانات البطالة. ومن المرجح أن الأموال، التي انحســرت في نهاية يونيو/حزيران، ســاعدت في دعم اســتمرار مبيعات التجزئة، وســاهمت في تفادي سلســلة من عمليــات الإفلاس وإخلاء المســاكن توقعها كثيرون عندمــا أجبر انتشــار فيــروس كورونــا الكثير من قطاعات الاقتصاد الأمريكي على الإغلاق في مارس/ آذار وأبريل/نيسان.

كما ســاعد تدفق المساعدات في الســيطرة على مستويات ديون الأســر التي ارتفعت بمعدل سنوي 0.5 في المئة على مدار الربــع الثاني، وهي أقل زيادة منذ 2012. لكــن الإنفاق الإضافــي لمحاربة الجائحة ساعد في دفع نمو الاقتراض الاتحادي إلى مستويات تاريخيــة، إذ زاد بوتيرة بلغت 85.9 فــي المئة على أساس سنوي.

ولا تتناول البيانات ما يحدث في الفترة الحالية. ويساور الكثير من المســتثمر­ين القلق من أن انتهاء أجل ما جــرت الموافق عليــه، في إطار المســاعدا­ت المرتبطة بفيــروس كورونا، من إقراض للشــركات الصغيرة ومدفوعات تأمين بطالة إضافية، ســيجبر أشــخاصاً على الإنفاق من تلك الُمدّخرات الإضافية، وهو ما سيكون له تأثير سلبي على تقدم الاقتصاد.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom