Al-Quds Al-Arabi

هكذا يبدو القتل «حرية تعبير» بالتفسير التوراتي وفي نظر القضاء الإسرائيلي

اقتل عرباً لكن... «بحسن نية»:

- تسفي برئيل هآرتس 2020/9/23

■ «مســموح لحاخام في إســرائيل، في إطار حرية التعبير الحاخامية له وكجزء مــن وظيفته، الحديث من المنظور الديني ـ الوطني، قول أقوال توراتية حسب فهمه، ومســموح له أن ينقل للجمهور المؤمن به كل رسالة تتعلق بالشريعة التي يراها مناســبة، طالما يتعلق الأمر برسالة شرعية، يتم نقلها بصدق وبحسن نية».

هذا هو النص الملتوي للغز الذي طرحه القاضي اليكس شتاين في قرار حكم الاستئناف ضد حاخام صفد، شموئيل إلياهو. سيقدم إلياهو لمحاكمة انضباطية، وعزاء سريع لمن انقلبت أمعاؤهم عند سماع العنصرية النقية وحريق النار المقدســة، الــذي انطلق من فمه لفترة طويلــة. ولكنه أيضاً صفعة من المحكمة العليا لوزيرة العدل السابقة اييلت شكيد، عندما قررت المحكمة بأن قرارها عدم تقديم الحاخام لمحاكمــة انضباطية كان «يعتوره عوار جوهري في تقديــر الرأي». وكذلك «عدم معقوليــة كبيرة». وأنه لا يمكن للمحكمة التســتر على القرار المعيب بشــكل أساسي في تصريحات القاضي شتاين.

كم يجب على حضــرة آية الله الانحراف عن مقولتــه بأن «من يحاول رفع يده على يهودي يجب قتله والانتقام منه، حتى لو لم يقتل، فيكفي أنه ضرب أو أراد القتل» التي اســتخدمها شتاين كمثال لمقولة محظورة ـ لكي تقع أقواله في حدود «حرية تعبير الحاخامية» المشروعة في نظر شتاين؟

إذا أردنــا أن نكون متفائلــن، يمكن للمرء الابتهــاج للحظة من حقيقة أن الشــخص العادي الذي لا يعتبر حاخاماً، لا يستطيع أن يتمتع بفضاء حريــة تعبير منحه القاضي شــتاين لإلياهو، حتى لو كان يحمل رســالة دينية وطنية. تكمن المشكلة في الوجه المظلم الذي يظهر في تفسير شتاين. يمسك شتاين بإبرة ســميكة ليخيط فجوة غير قائمة بين رسالة شرعية، «يتــم نقلها بصدق وبحســن نية» و«منظور دينــي ـ قومي» وكأن هذين الأساســن لم يولدا من رحم واحد الذي يمنح للحاخام والمؤمنين به الحق في فعل كل ما يخطر ببالهم.

من يســتمتع بالنميمة يدعي بــأن كل من يريد التحريــض على القتل ويشــجعه، عليه أن يلبي شــرطين: منظور قومي ـ ديني، والتمســك به «بصدق وبحســن نيــة». إذا كان الحاخام يؤمن «بصدق وبحســن نية» أن الشــريعة تقتضي قتل رئيس حكومة، وعبر عن رأيه على الملأ استناداً للمنظور المذكور أعلاه، فلا يجب اتهامه بهــدر الدم، بل احترامه وتكريمه بجرعة من حرية التعبيــر الحاخامية التي يســتحقها. بهذا تتبدى حيلة القاضي شــتاين. ففي دولــة يهودية لا يمكن أن يكون هنــاك منظور غير الديني ـ القومي، أساساً صلباً للسياســة الإسرائيلي­ة، وليس فيها مكان لمن لا يؤمن بهذا المنظور، «بصدق وبحسن نية». ولماذا يحظى الحاخامات فقط بهذه الحماية المجنونة «من الله.»

ألا يستحق سياسيون ونشــطاء أحزاب وبالأحرى رئيس حكومة، أن يحملوا اسم الشريعة أو يتمســكوا بالمنظور الديني الأخلاقي للحماية من القانون الذي يمنع تعبيرات التحريــض والعنصرية؟ وفي نهاية المطاف، ما الفرق بين تصريح الحاخام إلياهو وقرار حكم الحاخام الرئيس إسحق يوسف الذي قرر في 2016 بأنه «يجب إطلاق النار على كل مخرب، ولا يهم ماذا تقول المحكمة العليا» وبين ما قاله وزير الأمن الداخلي السابق، إسحق اهارونوفيت­ش، بأن «المخرب الذي يمــس بالمدنيين حكمه القتل». أو أقوال الوزير نفتالي بينيت في 2013 بأنه «إذا تم إلقاء القبض على مخربين يجب قتلهم .» ولا أحد منهم قدم للمحاكمة ولم تقدم ضدهم أي دعوى. لماذا تم التركيز على إلياهو تحديداً؟ في نهاية المطاف، هو نشــر رسالة شــرعية في إطار «حرية التعبير الحاخامية» التي يبــدو أن لا حدود لها، وعبر عن مشاعر معظم الجمهور.

وماذا عــن المواطن العادي؟ الشــخص الــذي يصرخ باســم الدين ـ القومية: «الموت للعرب»؟ هل ســيغلق في وجهه نفــق الهرب الذي فتحه القاضي شــتاين أمام حاخامات الشريعة؟ لا ســمح الله. في الديمقراطي­ة الإسرائيلي­ة حرية التحريض محفوظة لكل اليهود.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom