500 إصابة فقط و7 وفيات... كيف نجحت «تايوان»...؟ سؤال يجيب عليه ممثلها «المسلم» في الأردن والصحة العالمية ترفض «الوصفة»
اتبعت تايوان سياســة مســتقلة تماماً عــن دول العالم في مكافحة تفشــي فيــروس كورونا المســتجد، وعلــى الرغم من اعتمادها التام على نفســها دون الحصول على مساعدة من أي جهة، أصبح واضحاً خــال فترة قصيرة أن الدولة الآســيوية حققــت نجاحاً ملحوظاً في مكافحة الوباء، لتتحول بعد ذلك إلى قبلة للعديد من دول العالم التي كانت حريصة على الاســتفادة من تجربة تايبيه فــي مواجهة كورونا، مع دعــوات كبيرة لمنح تايوان عضويــة منظمة الصحة العالمية بعد أن أثبتت قدراً كبيراً من الشفافية والمسؤولية.
وأوضح ممثل تايوان لدى العاصمة الأردنية عمان، الســفير إســماعيل ماي، أن بلاده التي يفوق عدد ســكانها 23,5 مليون نســمة، من أوائل الدول التي تعاملت مع الفيروس بشكل علمي ممنهج ومنتظم، فلم تسجل حتى الآن إلا ما يقارب الـ500 إصابة و7 وفيات، وذلــك بالرغم من كونها لم تغلــق الحياة العامة أو المطارات أو المــدارس، وبالرغم أيضاً من قربها الشــديد للصين مصدر الوباء، ووجود مئات الألوف من الصينيين الذين يدخلون ويخرجون من الدولة لأسباب اجتماعية وتجارية.
وفي لقاء جمعه مــع "القدس العربي" وعــدد من الإعلاميين الأردنيــن فــي عمــان، شــرح الســفير مــاي كيــف نجحت الاســتراتيجية التايوانيــة "المثيرة للإعجــاب" حتى الآن في الســيطرة والحد من الوباء، وذلك بالتركيــز على ثماني نقاط رئيســية أهمهــا: المراقبة الشــديدة، والفحوصــات المخبرية الفورية، وضبط الحدود بشكل محكم وشديد، وتخزين وتوزيع الموارد الصحية والطبيــة الوقائية ppe"،" بالإضافة إلى مزيج من الشــفافية العامة والمشــاركة المجتمعية، والتوظيف الجيد للتقنية، والاســتفادة من مزايا نظام صحي دقيق ومتطور يُعَدُّ اليوم مــن أفضل الأنظمة الصحية في العالــم، وهو نظام بدأت تايوان في تأسيســه وتشييده منذ التســعينيات كعلامة على قدرتها على الاعتماد على نفســها ولتبتاع قدراً من الاستقلالية بعيداً عن الهيمنة الصينية.
وأيضاً التوجيه والتوعية الطبية الرشيدة للمجتمع ومكافحة الإشــاعات والمعلومات المغلوطة، والتعامل بشفافية وصدق مع المجتمع المحلــي والدولي حول الوباء، الذي بدأ رحلته في مدينة ووهان الصينية في ظروف غامضة أواخر العام الماضي.
وعلى الرغم من نجاح تايوان في الحد من انتشار الوباء على أراضيها، واستعدادها على لسان مســؤوليها وخصوصاً وزير الخارجية جوزف وو، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية بنقل تجربتها إلى كثير من دول العالم التي تحتاج لمثل هذه المساعدة، إلا أن المنظمة ترفض دعوه تايوان للمشــاركة فــي اجتماعاتها أو حتى قبولها في عضويتهــا، وبالرغم من حاجة كثير من دول العالم وخصوصاً النامية والفقيــرة إلى خبرات تايوان العالية في مكافحة هذا الوباء.
ويعــود تعنت المنظمــة العالمية، التي من المفتــرض أن تضع الصحة قبل السياســة، إلى ميل المنظمة إلى التعاون مع الأجندة السياســية الصينية التي تناصب تايوان العداء وتضغط على المنظمات الدوليه من أجل ذلك.
وتعتبر الصين أن تايوان تابعة لها، وتوعدت مراراً بالسيطرة عليها، فيما حذّر وزير الخارجيّة التايواني مؤخراً، من أن الصين تســعى إلى تحويل جزيرة تايوان الديمقراطية إلى هونغ كونغ ثانيــة، قائلاً: "أصبحــت حياتنا اليومية صعبة بشــكل متزايد مع اســتمرار الصين فــي الضغط على تايوان لنقبل بشــروطها السياسية، وهي الشروط التي ستُحوّل تايوان إلى هونغ كونغ ثانية". فيما ذكر الســفير ماي أن أراضي جزيرة تايوان لم تكن قط تحت سيطرة النظام الشيوعي الصيني.
وخلال اللقاء، تحدث الســفير ماي عن علاقة تعاون بلاده مع الأردن، التي اعتبرها واســعة النطاق وفــي كافة المجالات، كما أشــار إلى أن بلاده تأتي في المرتبة الخامسة على العالم بحجم احتياطات العملة الأجنبية في البنك المركزي، مقدارها 496 مليار دولار، حيث تحتل الصين المرتبة الأولى، ثم اليابان ثم سويسرا وتليها الهند.
وذكر أن المسلمين في تايوان يتمتعون بكافة حقوقهم السياسية والاقتصاديــة والاجتماعية والدينية، فالكثيــر - كما يقول - من أفراد الأقلية المســلمة التايوانية يتبوأون مناصب مهمة في الدولة، التــي توفــر وتدعم مــن جانبها بناء المســاجد وأماكــن الصلاة للمســلمين في كل المرافق العامة، فالمســلم التايواني الذي يرغب بالحج إلى بيت الله الحرام لا يتكلف أي شيء فكل التكاليف المالية تتكفل بها الحكومة التايوانية، علماً بأن نســبة المسلمين لا تتجاوز 1٪ من عدد سكان الدولة.