Al-Quds Al-Arabi

الرئيس عباس يدعو الأمين العام للأمم المتحدة للبدء بترتيبات عقد مؤتمر دولي كامل الصلاحيات

- نيويورك - لندن -«القدس العربي»:

دعا الرئيس الفلســطين­ي محمــود عباس الأمين العــام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمس الجمعة إلــى عقد مؤتمر دولي مطلع العام المقبل لإطلاق "عملية سلام حقيقية" بين إسرائيل والفلسطيني­ين.

جاء ذلك فــي كلمة مســجلة للرئيس الفلســطين­ي، أمام الــدورة 75 لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وحث عباس الأمين العام للمنظمة الدولية علــى العمل مع اللجنة الرباعية، التي تضــم الولايات المتحدة وروســيا والاتحــاد الأوروبــي والأمم المتحدة، ومجلس الأمــن الدولي لتنظيم "مؤتمــر دولي كامل الصلاحيات، وبمشــاركة الأطراف المعنية كافة ابتداء من مطلع العــام القادم، بهدف الانخراط في عملية سلام حقيقية".

ويســعى الفلســطين­يون إلى إقامة دولة على أراضي الضفة الغربية وقطاع غــزة عاصمتها القدس الشــرقية وهي كل الأراضي التي احتلتها إســرائيل في حرب عــام 1967. ورفض الزعماء الفلســطين­يون مقترح الســام الذي طرحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في يناير/ كانون الثاني وتعترف واشنطن فيه بالمستوطنا­ت اليهودية بالأراضي المحتلة كجزء من إسرائيل.

وأبلغ عباس الجمعية العامة المؤلفة من 193 بلدا "لن يكون ســام ولا أمن ولا اســتقرار ولا تعايش في منطقتنا مع بقاء الاحتلال ودون الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية، التي هي أساس الصراع وعنوانه".

وقال عباس إن الفلسطينيي­ن لا يزالون ملتزمين بمبادرة السلام العربية التي طرحتها الســعودية في عام 2002 وعرضت فيها الدول العربية تطبيع العلاقات مع إســرائيل مقابل اتفاق لإعلان الدولة مع الفلسطينيي­ن، وانسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي التي احتلتها في عام 1967.

وكانت الإمارات والبحرين وقعتا في الأســبوع الماضــي على اتفاقين لإقامة علاقات مع إســرائيل ليصبحا أول بلدين عربيين يتخذان مثل هذه الخطوة منذ 25 عاما. وندد الفلسطينيو­ن بالاتفاقين.

وفي الشــأن الداخلي، قال عباس: "رغــم كل المعيقات نســتعد لانتخابات تشــريعية ورئاســية بمشــاركة الجميع"، في إشــارة إلى الفصائــل والقوى الفلسطينية.

وتأتي كلمة عباس في ظل تقارب فلســطيني داخلي تــوّج باجتماع للأمناء العامين للفصائل الفلســطين­ية في 3 ســبتمبر/أيلول الجاري، وتشــكيل قيادة موحدة للمقاومة الشعبية ضد الاحتلال. وفيما يلي نص كلمة عباس لاجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة: بسم الله الرحمن الرحيم معالي السيد فولكان بوزكير، رئيس الجمعية العامة معالي السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة السيدات والسادة رؤساء وأعضاء الوفود الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كم كنت أتساءل، وأنا أعد كلمتي هذه، ماذا يمكن أن أقول لكم مجددًا؟ بعد كل ما قلته في مرات سابقة، عن مأساة شــعبي المتواصلة، عن آلامه التي يشاهدها العالم كل يوم، عن آماله المشــروعة التي لم تتحقق بعد في الحرية والاستقلال والكرامة الإنسانية أسوة بباقي شعوب الأرض.

فإلى متى أيها الســيدات والسادة ســوف تظل القضية الفلسطينية بلا حل عادل تضمنه الشرعية الدولية وتحميه؟ إلى متى سوف يبقى شعبنا الفلسطيني يرزح تحت الاحتلال الإسرائيلي وتبقى قضية ملايين اللاجئين الفلسطينيي­ن، بلا حل عادل وفق ما أقرته الأمم المتحدة منذ أكثر من سبعين عامًا؟

شــعبنا الفلســطين­ي، أيها الســيدات والســادة، موجود على أرض وطنه فلســطين، أرض آبائه وأجداده، منذ أكثر من ســتة آلاف سنة، وسوف يواصل البقاء والحياة على هذه الأرض، وســوف يواصل الصمــود في وجه الاحتلال والعدوان والخذلان حتى ينال حقوقه.

وبرغــم كل ما تعرض ويتعرض له، وبرغم الحصار الظالم الذي يســتهدف قرارنا الوطني، لن نركع ولن نستســلم، ولن نحيد عن ثوابتنا، وسوف ننتصر

بإذن الله. السيدات والسادة لقد قبلنا بالاحتكام للشرعية الدولية رغم الإجحاف والظلم التاريخي الذي لحق بنا منذ عام 1917 وإلى اليوم، ورغم أن هذه الشــرعية الدولية، لم تبق لنا ســوى الأرض المحتلة منذ العام 1967، إلا أن سلطة الاحتلال الإسرائيلي، ومن خلفها الإدارة الأمريكية الحالية، قد استبدلتها بصفقة القرن وخطط الضم لأكثر من 33٪ من أرض دولة فلســطين، إضافة إلى ضم القدس الشرقية المحتلة بما فيها المســجد الأقصى وكنيســة القيامة، وهو ما رفضناه ورفضــه معنا العالم أجمــع، لمخالفته لقرارات الشــرعية الدولية، التي اعترفت بدولة فلســطين في العام 2012 كجزء من النظام الدولي.

لقد كنا دائمًا مع السلام العادل والشــامل والدائم، وقَبِلْنا بجميع المبادرات التي عرضت علينا، ولقد كرســت حياتي شخصيًا لتحقيق هذا السلام المنشود، وبالذات منذ عام 1988، ومروراً بمؤتمر مدريد واتفاق أوســلو في العام 1993، وإلى يومنا هذا؛ وقبلنا وتمسكنا أيضًا بالمبادرة العربية للسلام، وبما تكفله من سلم وأمن وتعايش بعد زوال الاحتلال؛ نحن فعلنا ذلك وحافظنا عليه من أجل السلام، فماذا فعلت سلطة الاحتلال الإسرائيلي بالمقابل؟

تنصلت من جميع الاتفاقات الموقعة معهــا، وقوضت حل الدولتين من خلال ممارســاته­ا العدوانية من قتل، واعتقالات، وتدمير للمنازل، وخنق للاقتصاد، وانتهاك لمدينة القدس المحتلة، وعمل ممنهــج لتغيير طابعها وهويتها واعتداء على مقدساتها الإســامية والمسيحية، وبخاصة المســجد الأقصى، واستمرار الاســتيطا­ن الاســتعما­ري على أرضنا وشــعبنا، وتجاهلها للمبادرة العربية للسلام، بل وعملها الآن على قتل آخر فرصة للسلام من خلال إجراءات أحادية هوجاء.

وأخيرًا تعلن اتفاقيات تطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين، في مخالفة للمبادرة العربية للســام، وأسس وركائز الحل الشــامل الدائم والعادل وفقًا للقانون الدولي.

منظمة التحرير الفلســطين­ية لم تفوض أحدًا للحديث أو التفاوض باســم الشــعب الفلســطين­ي. والطريق الوحيد للسلام الدائم والشــامل والعادل في منطقتنا يتمثل بإنهاء الاحتلال وتجسيد استقلال دولة فلسطين على حدود عام 1967 بعاصمتها القدس الشرقية.

وفي هذا الصدد، فإنني أدعو أن يبدأ الأمــن العام للأمم المتحدة، بالتعاون مــع الرباعيــة الدولية ومجلــس الأمن في ترتيبــات عقد مؤتمــر دولي كامل الصلاحيات، وبمشــاركة الأطراف المعنية كافة، ابتداء مــن مطلع العام المقبل، بهدف الانخراط في عملية سلام حقيقية على أساس القانون الدولي والشرعية الدوليــة والمرجعيات المحددة، وبمــا يؤدي إلى إنهاء الاحتلال ونيل الشــعب الفلسطيني حريته واستقلاله في دولته بعاصمتها القدس الشرقية على حدود العام 1967، وحل قضايــا الوضع النهائي كافة، وعلى رأســها قضية اللاجئين استنادًا للقرار 194 . أيتها السيدات أيها السادة واهم من يظن بأن شــعبنا الفلســطين­ي يمكن أن يتعايش مــع الاحتلال أو يخضع للضغوط والإملاءات، وواهم من يظن أنه يستطيع تجاوز هذا الشعب، الذي هو صاحب القضية وعنوانها الوحيد، وليعلم الجميع أنه لن يكون ســام ولا أمن ولا اســتقرار ولا تعايش فــي منطقتنا مع بقاء الاحتــال، ودون الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية، التي هي أساس الصراع وعنوانه.

في فلسطين، أيتها الســيدات أيها السادة، شعب حي، مبدع، متحضر، محب للســام، عاشق للحرية؛ شعب اســتطاع برغم الاحتلال الذي يحاصر حياته، أن يبني مجتمعًا فعالًا وعصريًا يحتكم إلى الديمقراطي­ة وســيادة القانون، وأن يحافظ على كينونته وهويته الوطنية رغم كل الاختلافات السياسية والفكرية بين مكوناته المتعددة، وها نحن، وبرغم كل العقبات والمعيقات التي تعرفونها، نســتعد لإجراء الانتخابــ­ات البرلمانية ثم الرئاســية، وبمشــاركة كل القوى والأحزاب والفعاليات الوطنية.

وســوف نواصل صناعة الحيــاة وبناء الأمل تحت رايــة الوحدة الوطنية والديمقراط­يــة، والتصدي لمحاولات ومخططات شــطبنا وإلغائنا، وســوف نستمر في انتزاع مكانتنا الطبيعية بين الأمم، وفي ممارسة حقوقنا التي كفلتها الشــرائع الدولية، بما في ذلك حقنا في مقاومة الاحتلال وفقًا للقانون الدولي، كما ســنواصل بناء مؤسسات دولتنا وتدعيمها على أســاس سيادة القانون، وسنســتمر في محاربة الإرهاب الدولي، كما كنا خلال كل الســنوات الماضية، وسوف نبقى الأوفياء للسلام والعدل والكرامة الإنسانية والوطنية مهما كانت الظروف.

تحية لشعبنا الفلســطين­ي العظيم المكافح من أجل حريته واستقلاله، تحية لشهدائه وأسراه وجرحاه، تحية للقدس وأهلها المرابطين في مقدساتها، وتحية لأهلنا في قطاع غزة المحاصر، وتحية لأهلنا فــي مخيمات اللجوء في كل مكان، وتحية لكل مــن وقف معنا ومع حقوقنــا من دول العالم وشــعوبه ومنظماته المختلفة.

 ??  ?? الرئيس يلقي خطابه أمام الجمعية العام للأمم المتحدة
الرئيس يلقي خطابه أمام الجمعية العام للأمم المتحدة

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom