Al-Quds Al-Arabi

المغرب: رجال دين ينزلون إلى الشوارع لتوعية المواطنين ودراسة ميدانية: كورونا زاد من تكريس الفوارق الاجتماعية

- الرباط ـ «القدس العربي» من الطاهر الطويل:

أمــام الصورة الســوداوي­ة التــي تبرزها المعطيات الرســمية بشــأن تنامــي حالات الإصابــة بفيــروس كورونــا المســتجد في المغرب، يحــذر خبــراء من كــون الأوضاع ســتزداد حرجــاً، متوقعــن أن المصابين قد يكونون أكثــر من الأرقام المعلنــة، بحكم أن المعطيات تســتند فقط إلــى الفحوص التي تجرى حول الحالات المحتملة أو المشكوك فيها ومُخالطيهــم. ويلقي مراقبــون باللائمة من جهة على فئة من المواطنــن ممن لا يتقيدون بالإجراءات الاحترازية، ومن جهة ثانية على الحكومة التي يعتبرونها تتخبط في قراراتها تجاه الجائحة.

وأعلنــت وزارة الصحة المغربية، عشــية الخميس، عن تســجيل 2356 إصابة جديدة بفيــروس كورونــا المســتجد، و1942 حالة شــفاء، و38 حالة وفاة خلال الـ24 ســاعة. وأوضحت في نشــرتها اليومية أن الحصيلة الجديــدة رفعت العــدد الإجمالــي لحالات الإصابة المؤكــدة في المغرب إلــى 110 آلاف و99 حالة منــذ الإعلان عــن أول حالة في 2 آذار/ مارس الماضي، ومجموع حالات الشفاء التام إلــى 90 ألفاً و186 حالة، فيما ارتفع عدد الوفيات إلى 1956 حالة، وما زال العدد الأكبر من الإصابات يسجل في جهة الدار البيضاء ـ سطات بـ 994 حالة.

عدد الوفيات

أرقام تجعل بعض الخبــراء غير متفائلين بتطور الأوضاع الوبائية في المغرب، وفي هذا الخصوص قال الدكتور عبد الرحمن بلمامون، مدير الأوبئــة في وزارة الصحة ســابقاً، إن الوضعيــة الوبائية في المغــرب في الحقيقة حرجــة حاليــاً، والمعطيــا­ت الوبائية تؤكد ذلك. وأضاف، فــي حوار أجرته معه صحيفة «الاتحاد الاشــتراك­ي» في عدد أمس الجمعة: «لأكثر من ستة أو ســبعة أسابيع، نلاحظ أن حالات عدد الوفيــات مضطرب، وهذا العدد مــن الوفيات مقارنة مــع مجموعة من الدول الأخــرى يوجد فــي ارتفاع، حيث نســجل يومياً معدل 28 إلى 30 وفــاة تقريباً يومياً.»

ولاحــظ الخبير المذكور أن الكشــف المخبري يخلق مشــكلاً بالنســبة للمريض، لأن عدداً من المرضى يصلون إلــى التحليل متأخرين، وحتى بعد التحليل ينتظرون ثلاثة إلى أربعة أيام للتوصل بالنتيجة، وهذه مسألة خطيرة، لأنه كلما تأخرنــا زاد خطر الدخول في خانة الحالات الحرجة وارتفع عدد الوفيات.

وأفــادت صحيفة «الأحــداث المغربية» أن وزارة الصحة أنجــزت حوالي مليوني و500 ألف اختبار بأجهزة الكشف السريع. وأضافت أنه بعد انتشــار الوباء فتــح المغرب المجال أمام عدد مــن المختبرات الخاصة التي تحترم شــروط الســامة الصحيــة والبيولوجي­ة للمشاركة في إجراء التحليلات.

وفي ريبورتاج مصور أنجزه موقع «الأيام» أعرب الأشــخاص الذين أدلــوا بتصريحات أنهم يحمّلون الحكومة والمواطنين مسؤولية ارتفاع إصابات كورونا.

مــن جهة أخــرى، أعلن رئيــس الحكومة المغربية، ســعد الدين العثمانــي، أن المغرب أبرم اتفاقيات مع شركتين مصنعتين للقاح ضد فيروس كورونا المســتجد )كوفيد 19( حتى يســتفيد المغاربة من التلقيح. وقال في كلمته الافتتاحية خلال انعقاد مجلس الحكومة «عن بعــد» أول أمس الخميس، إن العالم بأســره ما زال يعيش على وقع الجائحة، مشــيراً إلى أن عــدداً من الدول تشــهد ارتفاعــاً متزايداً ومضطرداً في عدد حالات الإصابة والحالات الحرجة وأيضاً في عدد الوفيات جراءها.

وأشــار إلى أنه مع وجــود تنافس دولي قوي للوصول إلى إيجــاد تلقيح ناجع، فإن المغرب سارع إلى إبرام اتفاقيات مع مُصنعين اثنين، موضحاً أن الامر يتعلق بشركة صينية وأخــرى بريطانية - ســويدية، وذلك حتى

يســتفيد المغاربة من التلقيح بمجرد الانتهاء من جميع مراحل البحث والدراسة والتجارب المتعلقة بهذه اللقاحات.

إغلاق 118 مدرسة

على صعيد آخر، ذكر سعيد أمزازي، وزير التعليم المغربي الخميــس، أن وزارته أغلقت 118 مؤسســة تعليمية، تســتقبل حوالي 61 ألف تلميذة وتلميذ، على إثر اكتشاف حالات إصابة بفيــروس كورونا، حيــث همت هذه الحالات 413 من التلاميذ، و807 من الأساتذة، و129 كادراً بهيئــة الإدارة التربويــة، و79 من الكوادر الأخرى. وأضــاف، في عرض له خلال المجلس الحكومي أول أمس، أن تشديد الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي الوباء على مســتوى بعــض المحافظــا­ت والأقاليم

والأحياء، فرض اعتماد نمط التعليم عن بعد على مستوى 2265 مؤسســة تعليمية، تضم أكثر من 972 ألف تلميذة وتلميذ.

وأعلنــت إدارات إقليمية فــي بعض المدن المغربية عن إعادة فتح المدارس أمام التلاميذ واعتماد التعليــم الحضوري، عوض التعليم عن بعد، ففي مدينة مكنــاس أعلن عن إعادة فتح 23 مؤسسة تعليمية تقع في الأحياء التي كانت مصنفة بؤراً وبائية، ويهم هذا القرار 18 مدرسة خاصة وخمس مدارس عمومية.

وفي مدينة طنجــة، أعيد فتح عدة مدارس وثانويات واعتماد صيغة التعليم الحضوري بالتنــاوب، وذلك بعد تحســن المؤشــرات الصحيــة فــي الأحيــاء الموبوءة، وشــدد المسؤولون على ضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازيـ­ـة فــي فضــاءات المؤسســات التعليمية.

إلــى ذلــك، حــرص «المجلــس العلمي» )المؤسســة الدينية الرســمية( على إعطاء الضوء إلــى أعضائه من أجل المســاهمة في توعية المواطنــن بأهمية الوقاية والانخراط في الالتزام بشروط الســامة الصحية، من أجل تفادي الإصابة بالفيروس. وهكذا شرع عدد مــن رؤســاء المجالس العلميــة المحلية في تنفيــذ هــذه الحملة التــي تجري تحت شــعار «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة» وذلك بالتعاون مع الســلطات المختصــة؛ فقد بث التلفزيون المغربي، مســاء الخميس، تقريراً ظهــر فيه رئيــس «المجلس العلمــي المحلي» لمدينــة ميدلت «با ســيدي أبــو طالب» وهو يوزع الكمامات الوقائية في الشــوارع وأمام المحال التجاريــة ويتحدث إلى المواطنين، كما نقلــت الكاميرا رجل دين متحدثــاً عبر مكبر صوت متنقل في سيارة وضعت لهذا الغرض. وقال أبو طالب إنه بعد تنامي عدد الإصابات والوفيات، أصبح من الــازم حث المواطنين والمواطنــ­ات على الالتــزام أكثــر بالتدابير الصحيــة التي يوصي بها الدين الإســامي، والتقيــد بالإجراءات الاحترازيـ­ـة والقواعد الصحية.

وفي ســا، نظم «المجلس العلمي المحلي» حملة تحسيســية ميدانية بمخاطــر الوباء، وضــرورة الالتــزام بالوقاية منــه، وحثت الحملة المواطنــن على احتــرام الإجراءات الاحترازية التي وضعتها السلطات المختصة لمواجهة هذه الجائحة، والتشــجيع على عدم التراخي.

من جانب آخــر، ذكر موقــع «زنقة20» أن الســلطات المحلية فــي مدينة طنجــة قامت بتطويق إقامــة أحد الملياردير­ات، عقب ورود أنباء عــن عزمه تنظيم مأدبة عشــاء منتظر أن يحضرها عدد كبير تجاوز العدد المسموح به، وهو ما يعتبــر خرقاً للإجراءات الوقائية ضد فيروس كورونا، وطوقت الإقامة الفخمة بســيارات وتعزيزات أمنيــة. وكان صاحب الإقامة يعتزم اســتضافة عشرات الأشخاص من مــدن مجاورة خاصــة العرائش وطنجة وأصيلة والقصر الصغيــر وتطوان، للإعداد للانتخابات التي ستجري العام المقبل.

سلاح أم فيروس أم عقاب؟

على صعيــد آخر، أفادت دراســة ميدانية أنجزها مكتب دراسات لفائدة مرصد الشمال لحقــوق الإنســان، حول «الشــباب المهمش وكوفيــد 19 فــي المغــرب: من الخــوف إلى الغضب» أن 48 في المئة من الشباب يعتبرون فيروس «كورونا» ســاحاً بيولوجياً، أطلق في إطار الصراع بين القوى العظمى، مقابل 31 في المئة من الشــباب يعبرونه فيروساً انتقل من الطبيعة إلى الإنســان، فيمــا قال 10 في المئة إنه عقاب إلهي ناتج عن الفســاد والظلم والابتعاد عن الدين، و9 في المئة اعتبروا أنه سلاح بيولوجي تسرب بشكل غير متعمد من مختبر، فيما 2 في المئة عبّروا عن عدم قدرتهم على الإجابة.

وأورد موقع «اليوم 24» الذي نشــر نتائج الدراســة، إن 85 في المئة من الشــباب قالوا إن وباء «كورونا» زاد مــن تكريس الفوارق الاجتماعية، مقابل 4 فــي المئة اعتبروا أنه لم يكرس الفوارق الاجتماعيـ­ـة، ورفض 11 في المئة الإجابة.

وفيما يخص تأثير «كورونا» على الشباب، فقــد رأى 24 فــي المئــة من المســتجوب­ين أن الفيروس أثر على نفســيتهم بشــكل سلبي، ويتمثــل ذلك في الاكتئــاب والقلق والضغط والتوتر والعزلة.

وأوضــح الموقع المذكور، نقــاً عن المرصد الحقوقي، إن الدراســة شــملت 500 شــاب وشــابة من الفئة العمرية بين 18 و25 ســنة، 52 في المئــة منهم ذكور و48 فــي المئة إناث، ويقطنون في جهة طنجة تطوان الحسيمة.

 ??  ?? عامل مغربي يعقم مبنى أحد الشوارع في الرباط
عامل مغربي يعقم مبنى أحد الشوارع في الرباط

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom