النهضة التونسية تستعيد قياداتها التاريخية ومراقبون يتحدثون عن عملية إصلاح هيكلي كبرى داخلها
تشــهد حركــة النهضــة التونســية حالياً عملية حدثاً بــارزاً يتمثل بعودة قيادات تاريخية معروفة إلى صفوفها، في وقت يتحدث فيه مراقبون عن قيام الحركــة بعملية إصــاح هيكلي كبرى تزامناً مع التحضيــر للمؤتمر الحادي عشــر المزمــع عقده قبــل نهايــة العام الجاري.
وقالــت مصــادر مقرّبة مــن الأمين العــام الســابق لـ"النهضــة"، حمّادي الجبالــي، لـ"القــدس العربــي" إن المفاوضــات بــن قيــادة الحــرك والجبالي تشــهد تطوراً كبيراً )بنسبة ثمانين في المئة(، مشيرة إلى أن رئيس الحكومــة الســابق قد يعود، رســمياً، خلال الأيام الُمقبلة إلى الحركة.
فيمــا أكــد عضــو المكتــب التنفيذي لحركــة النهضــة، خليــل البرعومــي، في تصريــح إذاعي، الجمعــة، تواصل النقاشات مع عدد من القيادات السابقة المستقيلة من الحركة، لإقناعها بالعودة إليهــا، على غرار الجبالــي، نافياً صحة إشــاعات تحدثت عن "استعانة" رئيس الحركــة راشــد الغنوشــي، بالقيادات المســتقيلة لمواجهــة العريضــة التــي تطالبه بعدم الترشــح مجدداً لرئاســة الحركة.
وأعلن القيادي السابق في الحركة، ورئيس حزب البناء الوطني )تم حلّه(، ريــاض الشــعيبي عودتــه رســمياً إلى صفوف الحركة.
ودوّن الشــعيبي علــى صفحتــه في موقع فيســبوك "بعد النداء الذي توجّه به الأستاذ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة لقدامى المناضلين في الحركة، ممن استقالوا منها في مراحل سابقة. وبعــد اجتماعــات عديــدة جمعتني به قبل هــذا النــداء وبعده لمســت خلالها رغبــة حقيقيــة فــي الانفتــاح علــى كل الكفاءات الوطنية. وبعد حوارات مهمة وعميقــة مع العديد مــن الأصدقاء ممن أعتزّ باستشــارتهم. وبســبب التزامي القــوي بالتعاطــي الفاعــل والإيجابي مع الشأن العام، واستشعار مسؤولية المســاهمة في النهوض بوضع البلاد.. أعلن التحاقي بصفوف حركة النهضة والعمــل من داخلها على ما آمنتُ به من مبادئ وقيم وطنية أصيلة. كما يهمني أن أجدّد لــكل الأصدقاء ممن وثقوا بي وجمعتني بهــم عهود الصدق والوفاء، احترامــي لــكل آرائهــم وإصغائي لكل ملاحظاتهم كما كنت أفعل باستمرار".
فيما رحبت حركة النهضة، في بيان أصدرتــه الجمعــة، بعودة الشــعيبي، معتبــرة أنها ستشــكل إضافة جديدة للحركة ومؤسساتها.
ورحــب عــدد كبيــر مــن المحللــن والمراقبين بقرار عودة الشعيبي، حيث اعتبر بعضهم أنه جزء من حركة تقييم وإصــاح كبــرى تقــوم بهــا الحركــة الإسلامية في الوقت الحالي.
ودوّن الباحــث الأمــن البوعزيزي: "الحركة/الحــزب هــي الرابحــة بشخصية مثل الشــعيبي، ومثل هكذا
شخصية لا يمكنها تغيير الواقع دونما أداة تغييره، وهنــاك تعددية للخطوط داخل الحركة".
وخاطــب الشــعيبي بقولــه: "كل رجائــي أن تحافظــوا علــى الخــط الــذي تميزتم به علــى مدار الســنوات الأخيــرة )البناء الوطني: بما هو التزام اجتماعــي ســيادي( وألا تذوبــوا في خط البراغماتية الســلطوي المستسلم لخيــار إدارة الواقع وعرقلــة كل إرادة لتغييــره. وهو خط نافذ جداً. يحســب لك أنك غادرتها وهــي قوية )مغرورة( بمــا يثيــر ذلك مــن أطمــاع )طموحات شخصية( وها أنت تعود لها وهي في وضع الخطر على نفســها من نفســها أكثر من أخطــار الخــارج )خصومها( عليهــا". وكتــب القيــادي الســابق فــي الحركة محمــد بــن جماعــة: "أنا والصديق رياض الشــعيبي وآخرون، أتينا جميعاً من طرق مختلفة وخلفيات وتجارب متعددة، والتقى مســارنا في تجربة تأســيس حزب البناء الوطني. ريــاض رجــل سياســي بامتيــاز، ولا يمكــن مقارنتي أو مقارنة أي شــخص آخر من مؤسسي حزب البناء الوطني بــه. وكوننا التقينا فــي حركة النهضة ســابقاً، لا يجعــل مســاراتنا متلازمــة بالضــرورة على الــدوام. ومــا ينطبق على ريــاض لا ينطبق بالضــرورة عليّ أو على غيري من أعضاء البناء الوطني السابقين".
وأضــاف: "مــن مصلحتنــا الوطنية أن يكــون لدينــا حــزب يمــن محافظ ديمقراطــي قــوي ومســتقر، وحــزب دســاترة ديمقراطــي قوي ومســتقر، وحــزب يســار ديمقراطــي قــوي ومســتقر، وحــزب وســط ديمقراطي قوي ومســتقر. بــدون هــذه المعادلة، ستفشــل ديموقراطتينا. وأي محاولة مــن أجل إضعــاف أو زعزعة أي حزب من هــذه الأحزاب الأربعــة، هي بمثابة إضعــاف وزعزعــة للديمقراطيــة فــي تونس، وضرب للمصلحة الوطنية".
وتابع بن جماعة بقوله: "إذا فشــلت النهضة في شيء وحيد، فهو في الحد من الاستقطاب ضدها رغم كل ما فعلته مــن أجل التقــارب مع الجميــع، وأزمة الثقة تجــاه قياداتها وطريقــة إدارتها للعلاقــات والسياســات تتفاقــم.. والدليل: المشاكل المتتالية مع شركائها قبل خصومها، والتقهقر المســتمر لدى الرأي العــام، بدون انقطــاع في نتائج الانتخابــات وفي اســتطلاعات الرأي. هنــاك فرضيتــان: الأولــى أن خيارات النهضــة ذكيــة وصائبــة، والثانية أن خيــارات النهضــة مرتجلــة وخاطئة. وفي كلتــا الحالين، هناك مشــكل ثقة حقيقي.. وهناك أخطاء حقيقية سواء كانــت الخيــارات صائبــة أو خاطئــة. وعــودة ريــاض الشــعيبي للنهضــة ربما تســاعد الإخوة المتخاصمين على الحوار الهادئ".