Al-Quds Al-Arabi

منظمة الصحة العالمية منشغلة باكتشاف أسباب محدودية تضرر افريقيا من كوفيد ـ 19

- نواكشوط -«القدس العربي» من عبد الله مولود:

بينمــا كان المنتظــر أن يعصــف وباء كوفيــد ـ 19 بالقارة الإفريقية لما تعانيه القارة الســمراء من وفرة ســكانية وفقر وضعف في البنى الأساسية، جاءت حصيلة الخســائر في هذه القارة بمعــدلات أقل مما سجل في القارات الأخرى.

وتنشــغل مصالــح ومختبــرات منظمــة الصحــة العالمية هذه الأيام بالكشف عن الأسباب التي جعلت المســجل في إفريقيا حتى الآن، حسب مركز الاتحاد الإفريقي للوقاية من الأمــراض ورقابتها، لا يتجاوز 1.4 مليون إصابة و35 ألف حالة وفاة، وهو رقم يقل عما ســجل في قارات العالم الأخــرى التي تقل فيها معدلات الفقر وتتوفر فيهــا البنى الصحية والكوادر الطبية.

وتواصــل منظمة الصحــة العالمية تدارســها لهذا الوضع بغية استكشاف خيوط هذا الفارق الكبير في التضرر والأضرار بين إفريقيا وبقية قارات العالم.

وكان المحللــون قد توقعوا لــدى انفجار الجائحة تســجيل ملايين الوفيات في هذه القارة التي تحوي غالبيــة أفقــر دول العالم والتــي تعانــي بلدانها من هشاشة وضعف الأنظمة الصحية.

لكــن بعد مرور ســتة أشــهر علــى تســجيل أولى الإصابــات بوباء كورونــا، لم يحدث الضــرر الكبير الــذي كان متوقعاً، بل إن أعــداد الإصابات واصلت انخفاضها في معظم دول القارة.

وبعد إجراء الكشــف الجيني علــى عدة عينات من SARS-CoV فيــروس 2-الموجودفــ­يإفريقيا تبين أنه شــبيه بالفيروس المتحرك في أوروبا، وهو ما أبعد احتمال وجود نســخة إفريقية من الفيروس أقل خطراً. فما هو السر الكامن، إذن، وراء محدودية تضرر القارة الإفريقية من هذا الوباء الفتاك؟

المؤكــد أن إجــراءات المكث في المنــازل التي طبقت بشــكل كبيــر داخــل دول القــارة، قــد ســاعدت في انخفاض حــالات الإصابة، كما أن الــدول الإفريقية ســبق أن جربت مواجهــة أوبئة مماثلة مثــل الملاريا وإيبولا، رغم وجود أنظمة صحية في غاية الضعف.

وإضافــة لذلك، لا شــك في وجود أســباب أخرى تفسر الخاصية الإفريقية.

ومــع أن المعطيــات الطبية والاجتماعي­ة شــحيحة حــول هــذه الخصوصيــة، فإن عــدداً مــن الباحثين المهتمين بالظاهرة، يــرون أن محدودية تضرر القارة السمراء، مفسر بتضافر عوامل عدة.

وتــرى الدكتــورة ماشيديســو موييتــي، مديــرة مكتب منظمــة الصحــة العالمية في إفريقيــا، أن أول عامل يفســر هــذا الواقع هــو عامل الســن؛ فقد أكد الأخصائيــ­ون أن الأشــخاص الأكبر ســناً هم الأكثر عرضة للإصابة بكوفيد 19.

ويلاحظ أن حوالي 3 من ســكان غالبية الدول الإفريقية تتجاوز سنهم الخامسة الستين.

ومن عوامل تفسير الخشــوصية الإفريقية القدرة على التحــرك والهروب من اكتظاظ المــدن إلى داخل البلاد، ومنها كذلك عدد السيارات حسب كل فرد من أفراد السكان.

ويــرى المحللــون أن العامل الأكبر في هذا الشــأن هو درجة الحرارة أو طرق الحيــاة. وتقول الدكتورة ماشيديســو موييتي إن "بقاء المســنين داخل المنازل العائلية دون تكدســهم في مجمعات المسنين كما هو حالهم في أوروبا، قد ساهم في عدم انتشار العدوى على نطاق واسع".

أمــا الأســتاذة فرانسيســك­ا موتابــي، المختصــة في انتشــار العدوى فــي جامعة أدمبــرج، فترى "أن فيروس كوفيد 19 ضعيف الانتشار في الخارج، وهو ما ســاهم في الحد من الإصابات فــي دول إفريقيا، لأن غالبية ســكان الأرياف يتحركون معظم الأوقات خارج المنازل".

وتؤكد دراســات أولية عن العدوى في إفريقيا "أن % 80 من حالات الكوفيد 19 المســجلة فــي إفريقيا، حــالات غير مصحوبة بأعراض مقابل ما بين و50 40 %

في أوروبا، حسب منظمة الصحة العالمية. ويقــول الدكتور مــارك وولهوز، المختــص في علم الأوبئــة، والــذي يديــر برنامجــاً لتجميــع المعطيات في تســع دول إفريقيــة: "يجب علينــا أن نفهم بعمق الخصوصيات الإفريقية، فلإفريقيا وباؤها الخاص المختلف عــن أوبئة بريطانيا وأوروبــا، فهي مختلفة تمامــاً، وهذا مــا يجعلنا ســنحصل علــى معلومات هامة مــن الحالة الوبائيــة الإفريقية، قــد تمكننا من تطويــر أنظمتنــا الوقائية علــى المســتوى الأوروبي والبريطاني".

وأمــام هذا الوضــع، يبقى الجميع منتظــراً لنتائج المسوح والدراســا­ت المتعلقة بالخصائص الإفريقية والموجهة للكشــف عــن محدودية تضــرر القارة من جائحة كوفيد 19.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom