Al-Quds Al-Arabi

القوى السودانية الحاكمة تبحث نتائج مفاوضات الإمارات اليوم... هل تقول عاصمة «اللاءات الثلاث» نعم؟

تضارب بين رفض الخرطوم ربط التطبيع بمغادرة قائمة الإرهاب ورهن الخطوة بالحصول على مساعدات مالية

- لندن ـ «القدس العربي» ـ وكالات:

يناقش مجلســا الســيادة والوزراء و«قــوى الحرية والتغيير» في الســودان، اليوم السبت، «السلام العربي» مع إســرائيل، ضمــن اســتعراض نتائــج المباحثات مع الولايات المتحــدة، مؤخرا، في الإمارات، وســط روايات متضاربــة، إحداها تؤكــد رفض الخرطوم ربــط التطبيع بمســألة رفع اســم البلاد مــن قائمة الإرهــاب، وأخرى، تشــير إلى أن عاصمة «اللاءات الثلاث» مستعدة للتطبيع مقابل مســاعدات مالية، يبدو أنها لم تحصل على ضمانات للحصول عليها.

مصدر «قوى الحرية والتغيير» (قائد الحراك الشعبي( بــن، بدون كشــف اســمه، أن «رئيس مجلس الســيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، يســتعرض السبت، نتائج مباحثاته مع المســؤولي­ن الأمريكيين، لشــركاء الحكم في السودان».

وأوضح أن اجتماع الســبت يســتهدف «الوصول إلى رؤية ســودانية مشــتركة حــول بنود المباحثات، ســيما المتعلقة بالسلام العربي مع إسرائيل».

وأضاف أن «قــوى الحريــة والتغيير تؤيد رفع اســم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بدون ربط ذلك بملف التطبيع مع إسرائيل».

والأربعــا­ء، قال البرهــان إن مباحثاته مع المســؤولي­ن الأمريكيين في الإمارات والتي استمرت خلال 3 أيام تناولت قضايا عدة بينها «السلام العربي» مع إسرائيل.

وفي وقت ســابق على ذلك، نقل موقــع «واللا» العبري الخاص، عن مسؤولين ســودانيين )لم يسمهم( قولهم إن «مباحثات سودانية أمريكية إماراتية ستتطرق إلى مسألة «انضمام الخرطوم لعملية التطبيع مع إسرائيل».

ومســاء الخميس نفى وزير الخارجية الســوداني عمر إســماعيل قمر الدين، صحــة مزاعم حول اعتــزام بلاده تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.

وقــال الوزير قمــر الدين، فــي مؤتمر صحافــي، عقب لقائــه المفوض الأممي للاجئين فيليبــو غراندي، في مدينة جنيــف: «ننظر إلى تطبيــع العلاقات مع إســرائيل كباقي القضايا. الجميع يقول السودان هي التالية ولكن أنا لا أرى ذلك، وهذه القضية لا تناقش على أي مســتوى في مجلس الوزراء».

ورغم مفاوضات استمرت أكثر من عام، يواجه السودان عقبة جديدة أمام رفع اســمه من القائمــة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، تتمثل فــي مطالبته بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، حسب ثلاثة مصادر مطلعة.

لكن ثلاثة مســؤولين في الحكومة الســوداني­ة قالوا إن السودان يقاوم الربط بين القضيتين، في الوقت الذي يصف فيه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، نفســه بأنه «صانع سلام تاريخي» في الحملة الانتخابية.

ويعــود تصنيف الســودان دولة راعيــة للإرهاب إلى عهد رئيســه المخلوع عمر البشير، ويجعل من الصعب على حكومته الانتقالية الجديدة الحصول على إعفاء من الديون وتمويل أجنبي هي في أمس الحاجة إليه.

ويمثل التضخم المستشــري في السودان وتراجع قيمة العملــة أكبر تحــد لاســتقرار الحكومة الانتقاليـ­ـة بقيادة رئيس الــوزراء، عبد اللــه حمدوك. ويقــول كثيرون من الســوداني­ين إن التصنيف، الذي فُرض فــي عام 1993 لأن الولايــات المتحدة كانت تعتقد أن نظام البشــير كان يدعم جماعات متشددة، بات غير مستحق بعد الإطاحة بالبشير العام الماضي، كما أن الســودان يتعاون منذ فترة طويلة مع الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب.

مســؤول ســوداني بــن أن «الســودان اســتكمل كل الشروط اللازمة. نتوقع شــطبنا من القائمة قريبا». وأكد، وزير الخارجيــة الأمريكي، مايك بومبيو، في رســالة إلى الكونغرس الأســبوع الماضــي، أن الإدارة تتطلع إلى إزالة الســودان من القائمة في أكتوبر/ تشــرين الأول. ورفض البيت الأبيض ووزارة الخارجية التعليق لدى سؤالهما عن وضع المفاوضات.

نموذج الإمارات والبحرين

مصــدران أمريكيان وآخر فــي الخليــج، أوضحوا أنه خلال محادثات مــع رئيس مجلس الســيادة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان هذا الأسبوع، لمح مسؤولون أمريكيون إلى أنهم يريــدون من الخرطوم محاكاة نمــوذج الإمارات

والبحرين وإقامة علاقات مع إسرائيل.

وأضافــت المصــادر أن الولايات المتحــدة عرضت على السودان أيضاً مساعدات تنموية وإنسانية.

ووفق مصدر في الحكومة الســوداني­ة «أوضح السودان للجانب الأمريكي أن لا توجد علاقة بين شطب السودان من قائمة الإرهاب واستكشــاف خيار العلاقات مع إســرائيل» مكررا رسالة من حمدوك إلى بومبيو، الشهر الماضي.

وقال المجلس الســيادي الذي يقــوده الجيش إن ناقش مســتقبل الســام العربــي الإســرائي­لي مع المســؤولي­ن الأمريكيين، وإن الحكومة ســتناقش الموضوع داخليا وفقا لمصالح وتطلعات الشعب السوداني.

وأبلغ مسؤول أمريكي كبير أن واشنطن مستعدة لإتاحة الوقت للســودان لاتخاذ قرار، قائــا إن هناك خلافات بين الجيش والحكومة المدنية بشأن كيفية المضي قدما.

وعقد البرهــان ورئيس الوزراء الإســرائي­لي، بنيامين نتنياهو، اجتماعا مفاجئا فــي أوغندا هذا العام. ومع ذلك، فإن إقامة علاقات أمر حساس، إذ كان السودان عدوا لدودا لإســرائيل في عهد البشــير وتعارض بعــض الأحزاب في التحالف الانتقالي اتخاذ مثل هذه الخطوة.

تأجيل من الكونغرس

حتــى إذا تم التوصل إلى اتفاق لتطبيــع العلاقات، فإن الكونغرس الأمريكي يعيق التشريع اللازم لإعادة الحصانة الســيادية للســودان، وهو المبدأ الذي يمنع رفع الدعاوى القضائية علــى الحكومــات ذات الســيادة، والتي فقدها السودان بسبب وضعه على قائمة الدول الراعية للإرهاب.

ويريد السودان إقرار التشريع قبل تقديم تسوية بقيمة 335 مليون دولار لضحايا هجمــات تنظيم «القاعدة» على الســفارتي­ن الأمريكيتي­ن في كينيا وتنزانيا عام 1998 والتي قال يوم الأربعاء إنه تم تأمين الأموال لها. وكانت التســوية أهم شرط وضعته الولايات المتحدة رسميا.

وبين محامو السودان في الولايات المتحدة، إنهم دفعوا بالفعل 72 مليــون دولار إضافية لضحايا هجوم «القاعدة» عام 2000 على المدمرة الأمريكية يــو.إس.إس. كول. وقال المحامي كريستوفر كوران «هذا أكثر مما يستطيع السودان تحمله».

وقال المســؤول الســوداني «نريد ضمان إقــرار قانون الحصانة حتى نتمكن من وضع حد لمسألة التسويات».

مصادر في الكونغرس بينت أن التشــريع اســتبعد من

مشــروع قانون الإنفاق قيد النظر هذا الأســبوع بســبب مخاوف من عضو مجلس الشــيوخ عــن ولاية نيوجيرزي الســناتور بوب مينينديــز وعضو مجلس الشــيوخ عن ولاية نيويورك الســناتور تشاك شــومر، من أن الحصانة الســيادية ســتجعل من الصعب على الضحايا وشــركات التأمين مقاضاة السودان للحصول على تعويضات مرتبطة بهجمات 11 سبتمبر/ أيلول.

ولم يرد مكتب شــومر على طلب التعليق، لكن مينينديز أوضح معارضته في تصريحات.

وقال مؤيدو التشــريع إنهم ما زالوا يأملون في التوصل إلى حل وسط يســمح بإقرار التشريع في مجلس الشيوخ بسرعة. وتقول المصادر إن الحل الوسط قد يشمل استثناء لحصانة السودان مما يسهل قضايا 11 سبتمبر/ أيلول.

وبخلاف رواية المصادر الرســمية السودانية، عن رغبة الســودان بفصل قضيــة التطبيع عن رفع اســم البلاد من قائمة الإرهاب، أوضــح موقع «الجزيرة نــت» أن «مطالب الســودان في الموافقة علــى التطبيع مع إســرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية كانت واضحة ومحددة تضمنت حزمة مســاعدات مالية في حدود 10 مليارات دولار تقســم على ســنوات الفترة الانتقالية بجانب رفع اســم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.»

وشــملت المطالب أيضا «إعــادة الحصانة الســيادية لدولة الســودان عبر تشــريع من الكونغرس حتى تغلق الأبواب أمام أي مجموعات تحاول مقاضاة الســودان في المستقبل؛ مثل مجموعة ضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 وكذلك قرار أمريكي بإعفاء ديون السودان للولايات المتحدة حتى يتسنى للسودان إعادة الاقتراض والتعامل

مع عدد من المؤسســات الأمريكية، كما قدم السودان طلبا آخر بأن تتعهد واشــنطن بدعم السودان في التفاوض مع نادي باريس، وتشــجيع جميع الأطراف على إعفاء ديون السودان ضمن مبادرة إعفاء ديون الدول الفقيرة.»

ونقــل الموقــع عن مصــدر قولــه إن: «كل مــا عرضه الأمريكيــ­ون كان عبارة عــن خطوط عريضــة لا تحوي جداول زمنية وحزمة مساعدات إنسانية سنوية لا تتجاوز 650 ميلــون دولار، وإن بقية فاتورة الســودان يجب أن يدفعها الأشــقاء وفي مقدمتهــم الإمارات والســعودي­ة. والدولة المضيفة، أي الإمارات، اكتفت بعبارات دبلوماسية «ظللنا ندعم الأشــقاء في الســودان، وسنواصل ذلك في المستقبل .»

«لن تحل أزمات البلاد»

محللون يرون أن المبلغ المطلوب من السودان، لن يساهم في حل أزمات البلاد، باعتبار أن هذا المبلغ لا يمكن أن يُحدث تغييرا ملموســا، كون البــاد منهارة اقتصاديــا، وتفتقد للبنية التحتية والتنمية.

فالســودان يعاني من أزمة اقتصادية طاحنة، تتمثل في انعدام الوقود والقمح وقطع الكهرباء، والارتفاع الجنوني للأســعار، ووصول ســعر الدولار إلى أكثر من 250 جنيها، مقابل 55 جنيها كسعر رسمي.

إضافة إلــى ذلك، فعملية الســام في الســودان مكلفة للغاية، باعتبار أن البلاد بحاجــة لدعم أكبر لتحمل عودة النازحين، وإعمار المناطق التــي دمرها الصراع في جنوب كردفــان والنيــل الأزرق ودارفــور، وتكلفة دمــج قوات الحركات المسلحة في الجيش الحكومي.

ويشهد الســودان حربا في دارفور منذ 2003 وكذلك في ولايتي النيــل الأزرق وجنوب كردفان منذ 2011 ويســعى لتحقيق الســام في الولايات من خلال مفاوضات ســام الســودان في عاصمة جنوب السودان جوبا، مع الحركات المسلحة.

ويظل السؤال المطروح بقوة، ماذا ستجني الخرطوم من التطبيع مع إسرائيل، في ظل الأزمات الطاحنة التي تعاني منها، وآمال الشعب المعلقة على الحكومة الانتقالية، إضافة إلى تحديات المرحلة؟

ويعتبــر محللون أن الفائــدة الوحيدة التــي يمكن أن تحصل عليها الخرطوم، من المفاوضــا­ت الجارية حاليا مع الجانب الأمريكي، وقبول الســودان للتطبيع مع إسرائيل، هي الحصول على تمويل دولي في الفترة المقبلة.

إلا أن البعض يــرى أن حتى هذه الفائــدة يمكن أن تتم بدون المضي في التطبيع إلى نهايته، باعتبار أن إزالة اســم الســودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب كفيل بإخراج البلد مــن عزلته الدولية، وحصوله علــى التمويل الدولي أيضا. وحسب اقتصاديين، فإن الأموال التي طلبها السودان قد تســاهم في حل أزمتــه جزئيا، في حال تم اســتخدامه­ا بشــكل صحيح في تنمية القطاع الزراعي والصناعي، وهو ما تواجهه تحديات بسبب سوء الإدارة والفساد.

وإلى حين انعقــاد المفاوضات التكميلية بين الســودان وأمريكا، حســب بيان مجلس الســيادة، المقررة الأسبوع المقبل في إحــدى الــدول الافريقية، يظل هــذا الملف قابلا لتغيرات.

فالتطبيع ومطالب الســودان المالية، وحذف اســمه من قائمة الــدول الراعية للإرهــاب، رهن بقــدرة المفاوضين الســوداني­ين علــى تحقيــق نقــاط على حســاب رغبات واشــنطن، التي يربطهــا الكثيرون بانتخابات الرئاســة الأمريكية المقبلة.

 ??  ?? وقفة تضامنية مع ضحايا فيضانات السودان في غزة
وقفة تضامنية مع ضحايا فيضانات السودان في غزة

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom