Al-Quds Al-Arabi

اليمن: معارك مأرب معقل الحكومة الأخير في الشمال قد تجبر النازحين على الهرب من جديد

-

مأرب ـأ ف ب:ينصب الشاب اليمني هادي أحمد هادي خيمة فــي خامس مخيم يفر إليه مع عائلته خلال العدد نفســه من الســنوات بفعل الحرب، لكنه يخشــى أن يدفعه اشتداد المعارك في مأرب الغنية بالنفط وآخــر معاقل الحكومة في الشمال، إلى نزوح جديد.

ويشــن الحوثيــون الذين يســيطرون على العاصمة صنعاء ومناطق شاســعة في شــمال وغرب اليمن حملة لطرد قوات الحكومة المعترف بهــا دولياً مــن مدينة مــأرب )120 كلم شــرق صنعاء( بهدف استكمال سيطرتهم على الشمال اليمني. واشــتدت المعارك في الأسابيع الأخيرة وأصبحت تهدّد مخيم الســويداء الواقع شمال مدينــة مأرب، مركز المحافظة التي تحمل الاســم ذاته.

وأصبــح النزوح أمــراً معتاداً لأســرة هادي الفقيرة المكونة من تســعة أفراد، إذ تجد نفسها في كل مرة مضطرة لجمع حاجياتها، من الملابس إلى ثلاجــة الطعام، والهرب نحــو مخيم جديد في البلد الغارق فــي الحرب منذ منتصف 2014. ووصلت الأسرة في أواخر آب/أغسطس الماضي إلى مخيم السويداء الممتد على مساحة كيلومتر واحد والــذي يضم أكثر من 700 أســرة نازحة. وبينما انشغل الوالد بتركيب الأسس الحديدية لخيمته الجديدة، جلس أطفاله السبعة بالقرب من بعض الأساسيات التي جلبوها معهم.

وقال هادي )46 عامــاً:) «حتى هذه اللحظة، نزحنــا خمس مرات» مضيفــاً: «وصلنا إلى هذا المخيم الذي لا توجد فيــه أي مقومات للحياة». وروى هــادي كيف أنــه اضطر في عــام 2015 للهروب مع أفراد عائلته من نهم )شمال صنعاء( بعدمــا اقتربت المعارك من منزلهــم، قبل أن تبدأ رحلة التنقل من مخيم إلــى آخر في عدة مناطق

وصولاً إلى مخيم الســويداء في مــأرب. وقال: «في كل مرة ننــزح فيها )...( أحــاول طمأنتهم بأننا سنســتقر. نترك أغراضاً في كل نزوح لأننا غير قادرين على حملها.»

وكانت مدينــة مأرب بمثابة ملجــأ لكثير من النازحــن الذين فروا هرباً مــن المعارك أو أملوا ببداية جديدة في مدينة ظلت مستقرة لسنوات، ولكنهم أصبحوا الآن في مرمى النيران مع اندلاع القتال للســيطرة عليهــا. وحتى بدايــة 2020، اســتطاعت مدينة مــأرب أن تعزل نفســها إلى حد ما عن الحرب وآثارهــا بفضل النفط والغاز فيهــا، وقربها مــن الحدود الشــمالية لليمن مع السعودية، والتوافق بين قبائلها.

وكان من بين الذين هربــوا من مناطق النزاع وتوجهوا إلى مأرب أطباء ورجال أعمال وأثرياء ازدادت بعيد وصولهم الاســتثما­رات وارتفعت أســعار العقارات. وازدهرت الأعمال في المدينة شــيئاً فشــيئاً، من افتتاح المطاعم إلى مشاريع البناء، إلى أن اشــتعلت المعارك فيها هذا العام، مهددة بســقوطها في أيدي المتمردين ومتسببة بموجات نزوح ضخمة.

وتقول مصــادر عســكرية تابعــة للحكومة اليمنيــة إن الحوثيــن يضيقــون الخناق على المدينة مــن ثلاثــة اتجاهات ويرســلون مئات المقاتلين يوميــًا لمواجهة قوات الحكومة المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية منذ آذار/ مارس 2015 .

ويرى ماجــد المذحجــي، من مركــز صنعاء للدراسات الاستراتيج­ية، أنّ القتال الدائر حالياً في مأرب «يشــكل أعلى معدل قتال في اليمن من ناحية عدد الاشــتباك­ات». وقــال إن ما يحدث حالياً هو «حرب استنزاف». وكما هي الحال في المناطق الأخرى، فإن المدنيين هم الذين يدفعون الثمن الأكبر.

ويؤكد ســيف مثنى، مدير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمــات النازحين في محافظة مأرب، أن «الحرب التــي تدور في أطراف مــأرب أدت إلى تدفق آلاف من الأســر إلى مديريات أخرى، وتم إنشاء مخيمات جديدة .»

وبعد ست ســنوات من الاقتتال على السلطة في نزاع حصد أرواح الآلاف، يشهد اليمن انهياراً في الصحة والاقتصــا­د والتعليــم وغيرها من القطاعات، فيما يعيش أكثر من 3.3 ملايين نازح في مدارس ومخيمات تتفشــى فيهــا الأمراض كالكوليــر­ا بفعل شــح المياه النظيفة. وحســب تقريــر صادر عــن الوحــدة التنفيذيــ­ة لإدارة مخيمــات النازحين فــي محافظة مــأرب، فإن 4847 أســرة يمنية نزحت في الفترة من 20 آب/ أغســطس إلى 15 من أيلول/سبتمبر الماضي في المحافظة. وتضم المحافظة 140 مخيماً للنازحين، بينها مخيــم الجفينة وهــو الأكبر فــي اليمن، حيث يعيش فيه نحو 40 ألف شــخص، حســب السلطات المحلية.

وتؤكد المتحدثة باسم منظمة الهجرة الدولية في اليمن، أوليفيا هيدون، أنه في أيلول/سبتمبر «أدى التصعيــد فــي القتــال إلى نــزوح 8000 شــخص». ومنذ نهاية كانون الثاني/ يناير مع بداية المعارك للســيطرة على مدينة مأرب، نزح أكثر من 70 ألف شــخص إلى أو داخل المحافظة. ووفقاً لهيدون، فإن مدينة مأرب مزدحمة بالفعل، إذ لم يجد نحو 80٪ من القادمين الجدد أي مكان للذهاب إليه مؤخراً «واضطروا للاســتقرا­ر في مخيمات مزدحمة للغاية» مؤكدة «هذا أمر يبعث على القلق، خاصة مع تفشــي فيــروس كورونا المستجد. وتضطر العائلات في المخيمات المكتظة إلى مشاركة أماكن ضيقة.

 ??  ?? عائلة يمنية في أحد مخيمات اللاجئين بالقرب من مأرب
عائلة يمنية في أحد مخيمات اللاجئين بالقرب من مأرب

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom