Al-Quds Al-Arabi

السودان: الصادق المهدي يصف التطبيع بالاستسلام ويعتزم قيادة حملة للوقوف ضده

العسكر يدعمون الخطوة ويرونها «فرصة»... وحمدوك: «نحتاج لنقاش شعبي»

- الخرطوم ـ «القدس العربي» من عمار عوض:

بلغ الجدل في الســودان أشده، على خلفية التطبيع مع إسرائيل، حيث اعتبر رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهــان، الأمر «فرصة لرفع الســودان من لائحة الإرهاب» فيما رأى رئيس الــوزراء، عبدالله حمدوك، أن المسألة «تحتاج إلى نقاش شعبي واسع» بالتزامن أوضح الصادق المهدي زعيم حزب «الأمة» إن التطبيع «استسلاما وليس سلاما».

والســبت، قال البرهان «هناك فرصة سانحة لرفع اسم الســودان من قائمة الــدول الراعية للإرهــاب من خلال إعادة العلاقــات الخارجية» في إشــارة مبطنة للتطبيع مع إسرائيل. أشــار لدى مخاطبته افتتاحية أعمال المؤتمر الاقتصــاد­ي إلى «اســتفحال الأزمــة الاقتصادية وبلوغ ذروتها الآن» وأضاف أن «الشــعب السوداني يتحمّل ما لا طاقة له به بســبب الأزمة الاقتصادية» ووجّه بـ«ضرورة الإســراع في حلها عبر وضع خطة شــاملة» محــذراً من «التأخــر في البحث عن العلاج، وشــدد على اســتعجال معرفة الأعراض والعمل على حلها».

«إشكالات متعددة»

لكن، حمــدوك، بــن أن «التطبيع مع إســرائيل يحمل إشــكالات متعددة» وتوســع، في حديثه بعدما قدم ورقة إلى المؤتمر الاقتصادي، نفسه، وقال «التطبيع مع إسرائيل يحمل إشكالات متعددة، كما إنه يحتاج إلى نقاش مجتمعي عميق». وتابــع قائلا: « أكدت لوزيــر الخارجية الأمريكي

مايك بومبيو عدم الربط بين رفع اســم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وبين التطبيع مع إسرائيل.»

مصدر قــال لـ «القدس العربي » بعــد حجب هويته، إن رئيس الوزراء على إطلاع الكامل بتفاصيل الصفقة.

وقال إن «رئيــس الوزراء على اطــاع كامل بتفاصيل المفاوضــا­ت التي جرت في أبو ظبي وهــو يتابع هذا الأمر خطوة بخطوة إلى هذه اللحظة التي أتحدث لك فيها.»

وأكد اســتمرار التشــاور حول مســالة التطبيع ورفع الســودان من لائحة الإرهــاب، وقال « إلى هــذه اللحظة المفاوضات غير المباشرة مستمرة وتجري مراسلات عديدة بهذا الشأن، وتســعى حكومتنا للوصول إلى أفضل صيغة لرفع الســودان من لائحة الإرهاب وتحقيــق أكبر قدر من المكاسب للشعب السوداني، وإن هذا الأمر صار قريبا جدا يفصلنا عنه أقل من أسبوعين، وستكون هناك عوائد مالية مقدرة جدا .»

وبرز التطبيع مع إسرائيل كشرط من الإدارة الأمريكية لرفع اســم الســودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، حيث جرت مناقشات في هذا الخصوص في دولة الإمارات الأسبوع الماضي قادها البرهان.

وطلبت الخرطوم خلال تلــك المحادثات دعم اقتصادها المنهار لإتمــام هذه الخطــوة، غير أن الولايــات المتحدة عرضــت دفع 300 مليــون دولار نقــدًا، و3 مليارات دولار لتخفيــف الديون مع وعود باســتثمار­ات واســعة، وهو مالم تقبله الخرطوم التي قالت إنها لن تســتطيع تسويق الصفقة «بدون مقابل ضخم.»

نائــب رئيس المجلس الســيادي، الفريق محمد حمدان دقلــو «حميدتي» علــق أيضاً علــى التطبيع، إذ كشــف، الســبت، عن دعم رجال ديــن في الســودان للتطبيع مع إســرائيل. وأكد أنهم «لــن يتركوا طريقا لمســاعدة البلاد

وتحقيق مصالحها».

مســؤولون كبار آخرون، بعضهم مــن الجيش، بينوا إنهم يفضلون التطبيع مع إسرائيل، خاصة إذا كان ذلك قد ســاعد في رفع وصمة العار عن تصنيف الولايات المتحدة للإرهاب، حســب صحيفــة «نيويورك تايمــز» الأمريكية التي تحدث لهــا الفريق بحــري مهنــدس ابراهيم جابر عضو مجلس السيادة، قائلا «عانى السودان لمدة 30 عاما من ديكتاتورية أعطت صورة ســيئة للبــاد». وأضاف: «الآن نحن نتقدم بشــكل جيد، نتحدث هنا وهناك. لا نرى أي مشــكلة في إحلال الســام مع أي دولة، بمــا في ذلك إسرائيل».

وفي الســياق، قال رئيس وزراء الســودان الأســبق، الصادق المهدي، أنه ســيقود حملة سياســية وشــعبية للوقوف ضد أي خطوة من الحكومــة الانتقالية في البلاد لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، الذي وصفه بـ«الاستسلام ولا صلة له بالسلام في المنطقة».

ودعا المسؤولين في الحكومة لإعلان التزام واضح بعدم القيام بأي مبادرات فردية، تســتغلها الجماعات المتطرفة لإحداث فتن في البلاد.

ابتزاز معين

واعتبر المهــدي، الذي يترأس حزب الأمــة، «ربط رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بالتطبيع ابتزازا مهينا لكرامة الشعب السوداني».

ويعد حــزب «الأمة» جــزءاً من الائتــاف الحاكم في السودان، الذي يعارض بشدة إقامة علاقات مع إسرائيل، باعتبار أن الحكومــة الانتقالية الحالية لا تملك صلاحيات للنظر في القضايا الكبرى.

وقــال في منتدى سياســي في الخرطــوم، إن «أجهزة الســلطة الانتقالية لا يحق لها الخــوض في أي مبادرات، تدفع البلاد لمواقف خلافية تفتح أبوابا للفتن».

وأضــاف «ندعو المســؤولي­ن في مجلســي الســيادة والوزراء أن يعلنوا التزامهم في أجهزة الإعلام الرســمية بعدم القيام بأي خطوة فردية تخلق فتنة في البلاد».

وأعلن المهدي تبنيه حملة يدعو لها الأحزاب السياسية والمكونــا­ت القبليــة، والطــرق الصوفيــة، والمنظمــا­ت الإسلامية لتكوين موقف موحد ضد التطبيع الذي تحاول تسويقه بعض المجموعات.

وأشــار إلى أنــه كوّن لجنــة قانونية لتبنــي نص في القانــون الجنائي، يوقــع عقوبة الســجن لا تتجاوز 10 ســنوات، أو الغرامة «لكل من يقوم باتخــاذ قرار أو عمل للتطبيع مع دولة عنصرية معادية».

ووصف المهدي موجة التطبيع الحالية بأنها استسلام ولا صلة لها بالســام، مشــيرا إلــى أن الموقــف العربي الإســامي هو «إلــزام إســرائيل بالقــرارا­ت الدولية في القضية الفلسطينية». مضيفا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حرص على تبني هذا التطبيع ليكســب به أصوات اليهود الأمريكيين في الانتخابات الرئيسية.

وقال إن ربط رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بالتطبيع «صفقة ابتزازية مهينة لكرامة الشــعب الســوداني. فالسودان يســتحق بموجب ثورته المجيدة إزالته من تلك القائمة، وإعفاء ديونه الخارجية» كما أشار إلى أن أمريكا وإســرائيل تعملان على جر السودان نحو التطبيع لمصلحــة حزبية لا علاقة لها بقضية الســام في المنطقة.

الحزب الشــيوعي، كذلك، دعا، لرفض صفقة التطبيع، وقــال «نرفض الهــوان بالتطبيع مع الكيــان الصهيوني الذي لعب دورا أساسيا في فصل جنوب السودان وتفتيت بلدان سوريا والعراق واليمن وليبيا ويسعى الان لتقسيم السودان إلى دويلات. فكيف يتم التطبيع معه وتقويته؟».

ودعا في البيان نفســه إلى «تعديل الوثيقة الدستورية التي كرســت هيمنة المكون العســكري بما يعــزز الحكم المدني الديمقراطي. وخروج الســودان مــن محور حرب اليمن وبقية المحاور العســكرية التي تعادي الديمقراطي­ة، وحماية الســيادة الوطنية وعــودة كل الأراضي المحتلة )حلايب. شلاتين.. الفشقة الخ.»)

وكانــت جمعيــة الصداقــة الشــعبية الســوداني­ة الإســرائي­لية أكدت أن مجلس الوزراء الســوداني، تدخل لمنع انعقاد مؤتمر صحافي كان يفترض الإعلان خلاله بدء أنشطتها رسميا، وذلك قبل 24 ساعة من انعقاده.

وقال عضو الجمعيــة، عوض عدلان، لموقع «ســودان تربيــون» إن «الجمعيــة ســبق وتقدمــت بطلب لمجلس الصداقة الشــعبية العالمية لتسجيل الجمعية قبل 5 أشهر، ولكن المجلس رفع الطلب إلى مجلس الوزراء للبت فيها.»

وأفاد بأن «قانون مجلس الصداقة الشعبية، يتيح لأي جمعية تســجيل عضويتهــا بعد 15 يوما مــن تقديم طلب تســجيلها، وأنه بعد انقضاء المهلة، شــرعت الجمعية في تسجيل عضويتها التي بلغت الآلاف.»

وأشــار إلــى أن كل «القاعــات في الخرطــوم رفضت اســتضافة المؤتمر الصحافي لتدشين أعمال الجمعية، عدا واحدة رحبت بالخطوة، لكنها فوجئت باتصال من مجلس الوزراء يوجهها بعدم السماح بعقد المؤتمر الصحافي.»

وقــال إن «صاحب القاعة، اتصــل بالجمعية، وأخبرها باعتــذاره عن تدشــن المؤتمــر الصحافــي، خاصة وأن تهديدات وصلته مــن مجلس الوزراء بســحب ترخيص القاعة حال انعقاد المؤتمر الصحافي.»

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom