Al-Quds Al-Arabi

لبنان: أديب اعتذر عن عدم تشكيل الحكومة... والحريري غير المرشّح للمعرقلين: «ستعضّون أصابعكم ندماً»

«حزب الله» لم يعلّق وعون ما زال على «دعمه» للمبادرة الفرنسية... وبري يتّهم طرفاً بإغراقها

- بيروت - «القدس العربي» :

لم يشــأ الرئيــس المكلّــف مصطفى أديب الرضــوخ لشــروط «الثنائــي الشــيعي» في تشــكيل الحكومة اللبنانية العتيدة بل ارتأى الاعتذار عن عدم الاســتمرا­ر في مهمة تأليف الحكومة، الأمر الذي أثــار عاصفة من ردود الفعــل الداخليــة والخارجيــ­ة أبرزهــا إتهام مصــدر مقــرّب مــن راعــي المبــادرة الرئيس الفرنســي ايمانويــل ماكــرون الاحــزاب بممارسة «خيانة جماعية.»

بري: مع المبادرة لكن...

وجـــاء اعتـــذار أديــب بعــد سلســلة اجتماعات عقدما مع الخليلين اللذين تمسّكا بشــرط تســمية الوزراء الشــيعة ما سيدفع بكتل وقــوى سياســية أخرى إلــى المعاملة بالمثل وهو ما ظهــر في مواقف لرئيس «تيار المــردة» ســليمان فرنجيــة ورئيــس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرســان والأمين العام لحزب الطاشــناق أغوب بقرادونيان. وعليه وبعد اســتمهال لمرتين بناء على طلب الرئيــس ماكرون قدّم الرئيــس المكلّف كتاب اعتذاره إلــى الرئيس اللبناني ميشــال عون الــذي قَبِل الاعتذار من دون أن يُقرِن موافقته بالدعوة إلى استشــارات جديــدة في انتظار مزيد من المشــاورا­ت ومعرفة مصير المبادرة الفرنســية التــي أعلــن العديد مــن الأطراف المســؤولي­ن عن إفشالها تمسّــكهم الظاهري بها.

وقــال أديــب فــي الاعتــذار «مــع وصول المجهــود لتشــكيل الحكومــة إلــى مراحلــه الأخيرة، تبيّن لي أن هــذا التوافق الذي على أساســه قبلت هــذه المهمة الوطنيــة في هذا الظــرف الصعب مــن تاريــخ لبنان، لــم يعد قائمــاً، وبما أن تشــكيلة بالمواصفــ­ات التي وضعتهــا باتــت محكومة ســلفاً بالفشــل، وحرصــاً منــي علــى الوحــدة الوطنيــة بدســتوريت­ها وميثاقيتهـ­ـا، فإنــي اعتذر عن عدم متابعة مهمة تشــكيل الحكومة، متمنياً لمن ســيتم اختياره للمهمة الشاقة من بعدي، وللذيــن ســيختارون­ه، كامــل التوفيــق في مواجهــة الأخطــار الداهمــة المحدقــة ببلدنا وشعبنا واقتصادنا».

وبعــد الاعتذار، بــدأت القوى السياســية تتنصّل من مســؤوليات­ها عن إفشال المبادرة الفرنســية، وأكد الرئيس عــون أن «المبادرة التــي أطلقهــا الرئيــس ماكــرون لا تــزال مســتمرة وتلقى مني كل الدعم وفق الأسس التي أعلنها الرئيس الفرنسي». وأضاف في اليوم التالي أنه «اذا كان الوعد مقدّســاً فكم بالحري قســم اليمين! يمين احترام الدستور والقوانين وصون اســتقلال الوطن ووحدة أراضيه» وتابع «أقســمت وسألتزم قسمي حتــى اليــوم الأخيــر من عهــدي وســأبقى ســداً منيعــاً في وجــه كل من يحــاول المسّ بمضمونه».

وفيما لــم يصدر أي تعليق مــن حزب الله علــى اعتــذار أديــب، أكّــد المكتــب الإعلامي لرئيس مجلــس النواب نبيه بري، أنّ «لا أحد متمســكاً بالمبادرة الفرنســية بقدر تمسّــكنا بها ولكــن هناك مــن أغرقها في مــا يخالف كل الأصــول المتبعــة» وأوضــح فــي بيــان «أنّ المبــادرة الفرنســية روحهــا وجوهرهــا الإصلاحــا­ت، والحكومــة هــي الآلــة التــي عليها أن تنفّذ هذه الإصلاحات بعد إقرارها، وأعتقــد أن كل الكتــل مع هــذه الإصلاحات والمجلس النيابــي أكثر المتحفّزيــن لإقرار ما يجب، ونحن على موقفنا بالتمسك بالمبادرة الفرنسية وفقاً لمضمونها «.

اما رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري

وفي أول تعليــق على اعتذار أديب الذي كان وراء تســميته فقال «مرة جديــدة، يقدّم أهل السياســة في لبنــان لأصدقائنا فــي العالم نموذجاً صارخاً عن الفشــل في ادارة الشأن العام ومقاربة المصلحــة الوطنية». واضاف «اللبنانيون يضعون اعتــذار الرئيس المكلف مصطفى اديب عن مواصلة تشكيل الحكومة اليــوم ، فــي خانــة المعرقلــن الذين لــم تعد هنــاك حاجــة لتســميتهم ، وقد كشــفوا عن انفســهم في الداخل والخارج ولكل من هبّ من الاشــقاء والاصدقــا­ء لنجــدة لبنان بعد الكارثة التــي حلّت ببيــروت». وختم «نقول إلــى اولئــك الذيــن يصفّقون اليوم لســقوط مبادرة الرئيس الفرنســي ايمانويل ماكرون ، انكم ســتعضون اصابعكم ندماً لخســارة صديــق مــن أنبل الاصدقــاء ولهــدر فرصة اســتثنائي­ة ســيكون مــن الصعــب ان تتكرّر لوقــف الانهيــار الاقتصادي ووضــع البلاد على سكّة الاصلاح المطلوب.»

«لا خضوع لحزب الله»

وفي ما يشــبه المأزق الذي بلغــه الاعتذار لجهــة صعوبة تكليف رئيــس حكومة جديد ،ردّ المكتب الإعلامي للرئيس ســعد الحريري علــى ما بدأت وســائل اعلامية بتــرداده عن احتمــال عودته إلى رئاســة الحكومة ، فأكد أنه «عطفاً على ما يتــم تداوله إعلامياً، يؤكد المكتب الإعلامــي للرئيس الحريــري انه غير مرشّــح لتولّي تشكيل الحكومة الجديدة، إلا أنه يبقى على موقفــه الداعم لمبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والمسهّل لكل ما من شأنه إنجاحها بصفتها الفرصة الوحيدة والأخيرة لوقف انهيار لبنان.»

وعلى خط شقيقه، فإن رجل الأعمال بهاء الحريــري أكــد أن «أيام الخضــوع لحاجات حــزب اللــه وأمراء الحــرب يجــب أن تكون وراءنــا» وقــال «إننــا بحاجة إلــى حكومة غيــر طائفية تضــم أشــخاصاً أكفــاء وغير متحيّزيــن يتمتعــون بصلاحيــات إرســال مســاعدات للبنان تصل مباشرةً إلى الشعب اللبنانــي وليس إلى أمــراء الحرب، والدعوة إلــى تحقيــقٍ مســتقلٍّ فــي قضيــة انفجار 4 آب/أغســطس في بيــروت، والتأكّد من عدم وجود دور لـــ «حزب الله» فــي اختيار قادة الحكومــة، والبــدء بعملية تشــكيل دســتورٍ جديــدٍ غيــر طائفــي». ورأى رئيــس الحزب التقدمي الاشــتراك­ي وليد جنبــاط «أننا لم نستفد من نافذة صغيرة جداً فتحها الرئيس ماكرون والكل ســوف يتباكون على المبادرة الفرنسية».

واعتبر رئيس حــزب «القــوات اللبنانية» ســمير جعجــع أنّ «اعتذار أديب أكــد المؤكد بأنه لا يمكــن التفكير بأي إنقــاذ إلا بحكومة مســتقلة فعلاً، وأن تســمية الوزراء من قبل فرقــاء المجموعــة الحاكمة الحاليــة قد أثبت فشــله وأدى بالبلاد إلى ما أدى إليه». ولفت إلــى أنّ «لا يمكــن التفكيــر مــن الآن فصاعداً بتشــكيل أي حكومة، إلا انطلاقاً من الأسس التــي اعتــذر الرئيس أديب بســببها». وختم مهنّئــاً الرئيس المكلّف بقولــه «تهانيّ الحارة للرئيس أديب، ولو لم نكن قد ســمّيناه، لأنه أول مسؤول لبناني يستقيل عندما لا يتمكّن من أن يترجم قناعاته».

ويفتــح اعتــذار أديــب الوضــع اللبنانــي على كل الاحتمالات، وبــات محتّماً أن لبنان ســينزلق إلــى المجهــول أو إلــى جهنّــم كما توقّــع الرئيس عون، في ظل اســتبعاد قبول أي شخصية ســنّية التكليف لتأليف حكومة جديدة، مــا يعني تعــويم حكومــة تصريف الأعمال حســان دياب التي لن يتعاون معها المجتمع الدولي ولا الدول العربية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom