Al-Quds Al-Arabi

هل من طرح أمريكي جديد وتعاون مع الروس شرق سوريا؟

- دمشق «القدسالعرب­ي» من هبة محمد:

في مؤشــر على وجود تفاعلات سياســية جديدة في منطقة شرق الفرات، كشف رئيس منصة موســكو المفروضة على المعارضة السورية، قدري جميل، الخميس، عــن مجموعة نقاط طرحها المبعوث الأمريكي الخاص إلى ســوريا، جيمس جيفري خلال لقاءات عقدها مؤخراً مع الأحزاب الكردية في الحســكة شمال شرقي سوريا.

ونقل في تصريحات إعلامية، عن جيفري قوله «لن نسمح للأتراك بإعادة ما حدث في رأس العين وتل أبيض أو الاســتحوا­ذ على أرضٍ جديدة، تحت طائلة العقوبات» وشدد على ضرورة الإسراع بالوصول إلى مرجعية سياسية كردية من أجل تشــكيل معارضة جديدة حيث قال «إننا ذاهبون إلى معارضة جديدة وقوية خارج إطار الائتلاف».

وأشــار جميل إلى أن جيفري أكد تمسك بلاده بوحدة ســوريا مع الحفاظ على حقوق الأكراد، وعلى ضرورة فك الارتباط بين حزب العمال الكردســتا­ني وحزب الاتحاد الديمقراطي «بي د».كما شــدد علــى أن البنود التي طرحها هي في ســياق الاســترات­يجية الأمريكية ولا علاقة لها بقدوم أو بذهاب رئيس أمريكي.

ووفقاً لرئيس منصة موســكو فإن «مجلس ســوريا الديمقراطي­ة «مســد» يتخوف من الانســحاب الأمريكي من شمال شرقي ســوريا، ولذا اتجهوا إلى موسكو وعقدوا معنا اتفاقاً».

وكان مبعــوث أمريكا الخــاص جيمس جيفري قد وصل إلى ســوريا مطلع الأسبوع الماضي، من أجل استعجال التوصّل إلى اتفاق يجمع الأحزاب الكردية.

وتشــير تصريحات جميل - من وجهة نظر روسية - إلى أن مصير الإدارة الذاتية محتوم إما بالتنسيق مع موسكو والتفاوض معها، أو من خلال المواجهة

مع تركيا، وفقا لرؤية الباحث السياســي عرابي عرابي الذي اعتبر أن تصريح جميل بما اتفق مع الأكراد يتوافق مع «مذكرة موسكو التي وقعتها «مسد» أخيراً مع حزب الإرادة الذي يترأسه جميل، وبذلك فإن النتائج النهائية التي تطلبها الولايات المتحدة وروســيا متقاربة ويمكن الاستفادة من ذلك في تعويم حزب الاتحاد الديمقراطي سياسياً وضمان عدم مهاجمة تركيا الحزب مرة أخرى.»

تناقض مع واشنطن

وتتناقض تصريحــات قدري جميل مــع مواقف ثابتــة للولايات المتحدة الأمريكية إلى الآن، حسب مراقبين لـ «القدس العربي» والتي تتمثل بالتصريح المباشــر للمجلس الوطني الكردي بضــرورة البقاء ضمــن الائتلاف كمكان طبيعي للمجلــس، كما أن الحوارات الكردية تصب في جــزء مهم منها لصالح تقريب الإدارة الذاتية من المعارضة الســورية، ولم يشــجع الجانب الأمريكي الإدارة الذاتية في الاستمرار بحواراتها الأحادية مع النظام السوري.

الباحث السياسي لدى مركز عمران للدارســات بدر ملا رشيد جزّأ تصريح قدري جميل، وصنفه ضمن ثلاثة عناوين عريضــة: الأول هو مطلب الأطراف الكُردية، من واشنطن بتجنيب المنطقة الكُردية من أية عمليات عسكرية تركية جديدة.

وقال لـ «القــدس العربي» رغم صعوبة الحكم علــى دقة تصريحات قدري جميل المتضمنة خمس نقاط نقلها السفير جيمس جيفري للأطراف الكُردية، إذ أنه «لا يمكن التأكد من دقة حديث جفري فقبل عملية نبع الســام، كانت هناك تصريحات مشابهة من بعض الشخصيات الأمريكية والتي لم تمنع العملية، إلا إنه من الممكن أن تكون إرادة أمريكية قد تشــكلت بشكلٍ أكثر ثباتاً من قبل، فيما يخص معارضة حدوث عمليات عسكرية جديدة».

والعنوان الثاني وفقاً للمتحدث: يتمثل في حقيقة متابعة الإدارة الأمريكية للحوارات الكُردية، ومحاولتهــ­ا الحثيثة هذه المرة لدفع الطرفين للوصول إلى

صيغة توافق بينهم.

والعنوان الثالث وهو ما يخص تشكيل معارضة جديدة، «فبالرغم من عدم وجود أي بوادر في هذا الاتجاه إلى الآن، إلا أن المشــاكل المستمرة ضمن الهيئة العليا للمفاوضات، ومؤخراً حالــة التوتر الحاصلة في علاقة المجلس الوطني الكُــردي برئاســة الائتلاف الوطني نتيجــة موقفها من الحــوارات الحاصلة شــرق الفرات، بالإضافة إلى حدوث تفاهمات جديدة في منطقة شرق الفرات وبالأخص كالتفاهم الذي حصل بين «مســد» و«حزب الإرادة» وإعلان جبهة الســام والحرية، كلها تصب في اتجاه حدوث تفاعــات جديدة بين منصات المعارضة، من الممكن أن تؤدي لزيادة الأصوات المطالبة بحدوث تغييرات سواءً كان ضمــن هياكل المعارضــة، أو في آليات تمثيل الخــارج للأطراف الموجودة داخل سوريا».

مشروع سياسي

ويمكن القول إن أبرز منجزات «حزب الاتحاد الديمقراطي» للحصول على اعتراف بمشروعه السياسي، كانت اتفاقه مع «حزب الارادة الشعبية» وهو أحد الكيانات المؤسسة لمنصة موسكو– في موسكو، حول وضع رؤية مشتركة بخصوص العملية السياسية والمبادئ الأساسية لمستقبل سوريا.

وكان مجلس سوريا الديمقراطي­ة «مسد» - وهو الجناح السياسي لقوات ســوريا الديمقراطي­ة - التابع عملياً لحزب الاتحــاد الديموقراط­ي قد وقع نهاية شــهر أغســطس /آب من العام الجاري، مذكّرة تفاهم مع حزب الإرادة الشــعبية تنصّ على وضع رؤية مشــتركة حول العملية السياسية والمبادئ الأساسية لمستقبل سوريا.

وتُعتبر هذه المذكّــرة وفقاً لرأي الباحث السياســي عرابي عرابي خطوة أخرى من قبل حــزب الاتحاد الديمقراطي للانخراط في العملية السياســية والحصول على اعتراف روســي، باعتبار أن حزب الإرادة الشعبية مقرب من دوائر صنع القرار في موسكو، لا سيما في مســار الإصلاح الدستوري الذي يعترف بطرفين في النزاع؛ وهما النظام السوري والمعارضة بدون الحزب أو أي من أجهزته وهيئاته.

ويقول إن الانخراط في العملية السياســية يتطلب العمل تحت مظلة أحد طرفي النزاع، وقبل ذلك الحصول على قبول دولي وإقليمي، «وعليه يُمكن فهم مســاعي حزب الاتّحاد الديمقراطي «لإعادة تعريف مشروعه السياسي عبر المفاوضات الكردية الكردية، ومن ثم إعادة فتح قنوات التواصل مع النظام السوري، على أمل التوصّل لاتفاق أو تفاهم على شكل الإدارة في المناطق التي يُســيطر عليها جناحه العسكري، وشــروعه بفتح قنوات تواصل مع منصة القاهرة؛ بهدف توقيع تفاهم مشــترك تعترف بحزب الاتحاد الديمقراطي أو الهيئة السياسية التابعة له كأحد أطياف المعارضة السورية.»

ووفقاً لرؤية المتحدث فإن جهود الحزب للحصول على اعتراف لمشــروعه السياســي «تبدو عســيرة أو تحتاج إلى مســار زمني طويل، خاصة في ظل وصول مفاوضاته مع النظام إلى طريق مســدود، بســبب تعنت النظام في الإقــرار بحق الحزب في إدارة شــرقي الفرات ورفــض الولايات المتحدة أي صيغة تضمن مكاسب للنظام في المنطقة.»

ويحمل التوافق مع حزب الإرادة الشــعبية رســالة من )مسد( حول مدى المرونــة التي يمكــن أن يُبديها حزب الاتحاد الديمقراطـ­ـي من أجل الحصول على الاعتراف الروســي. ويُعتقد أن «هذه الرسالة تحمل موافقة أمريكية، قد تكون ناجمة عن توافق روســي - أمريكي بهذا الخصوص، أو بادرة إيجابية من طرف واشــنطن لدفع الطرف الروســي للتعاطي بإيجابية مع المشــروع الكردي المدعوم أمريكياً في سوريا». كما يحمل اللقاء بين الحزبين في موسكو رسالة روسية إلى الطرف التركي، مفادها أن التجميد التركي لهيئة التفاوض سينعكس في مواقف روســية إيجابية تجاه أعدائها في شرق الفرات، وربما دفع المشــروع الروســي لتشــكيل مظلة معارضة «صديقة» لموســكو، وفقًا للمتحدث.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom