Al-Quds Al-Arabi

جونسون بين تحدي كورونا وبريكست: بدأ يفقد ثقة المحافظين... والعمال يتقدمون في الاستطلاعا­ت

-

■ لنــدن ـأ ف ب:يواجه رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، مرحلة حافلة بالصعــاب، مع زيــادة الإصابــات بكوفيد ـ 19 وتعثــر المفاوضــا­ت المتعلقــة بمرحلة ما بعد بريكســت، فضلاً عن الأزمة الاقتصادية وتراجعــه فــي اســتطلاعا­ت الــرأي، فيما يتهــم أيضاً من معســكره بالتصلب وانعدام النشاط.

وكمــا كل قــادة العالــم، يجــد بوريس جونسون نفســه أمام اختبار صعب بسبب الوباء، إلا أن عودة المرض إلى التفشي بكثافة في المملكة المتحدة التي كبدها الفيروس أكبر عدد وفيات في أوروبا )نحو 42 ألفاً( مقترنةً بالمخــاوف المرتبطــة بالخروج مــن الاتحاد الأوروبــي دون اتفاق فــي 31 كانون الأول/ ديســمبر، أنتجت حالة من التمرد في أوساط أقرانه المحافظين الذيــن يتهمونه بأنه يحكم وفقاً لإملاءات.

وفيما يمكــن تفســير التدابيــر الطارئة بتفشــي الوباء، إلا أنه كان أمام الحكومة ما

يكفي من الوقت للإعداد للحياة خارج الاتحاد الأوروب، لكن جونســون اختار طرح اتفاق بريكســت الذي تم التوصل إليه مع بروكسل للمساءلة عبر مشروع قانون يسمح بتعديل بعض مقتضياتــه، وهي خطــوة فيها خرق للقانــون الدولي وأثــارت غضب المحافظين. نجحت الحكومة بتهدئة السخط عبر تعديل مشــروعها، لكنه لا يزال يعطي الحق للبرلمان في إدخال تغييرات علــى الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي.

ورغم أن جونســون الملقب بـــ «بوجو» يملك غالبية من 80 مقعداً في مجلس العموم، إلا أن بــن 40 إلى 60 محافظــاً يهددون بعدم التصويــت لصالــح تجديــد الصلاحيــا­ت الاســتثنا­ئية الممنوحة للحكومة لإدارة أزمة الوبــاء. وفي هذا الموقف تغيــر راديكالي مع أجواء العام الماضي حين انتخب جونســون رئيساً لحزب المحافظين وانتزع فوزاً تاريخياً في الانتخابات التشريعية في كانون الأول/ ديسمبر.

وللمرة الأولى منذ وصول جونســون إلى السلطة، بيّن استطلاع رأي، نشر الأحد، تقدم المعارضة بقيادة حزب العمال بثلاث نقاط في نســب التأييد على المحافظين. ويشرح أستاذ السياســة في جامعة «كوين مــاري» بلندن تيم بايل أن المحافظين لم يختاروا جونسون بادئاً لأنهم يعتبرونــه ملائماً ليكون «رئيس وزراء جيداً» بل لأنهم «كانوا يريدون كســب الانتخابات بأي ثمن» على أمل أنه ســيلعب الدور جيداً في نهاية المطاف. ويضيف بايل: «إنهم يخشــون حالياً مــن أن الوضع لم يعد كذلك .»

تنتقــد الصحافة البريطانيـ­ـة التي لطالما كانت مؤيدة إلى حد كبير لجونسون، قراراته الأخيرة. وكتبت مجلة «ذي سبيكتاتور» التي كان جونســون رئيس تحريرها، أن الأخير يحكم فــي ظل «الفوضى والانهيــا­ر والتمرد وتغيير المواقف والإرباك .»

وذهب بعض المحافظــن لدرجة الإعراب عن قلقهم من التأثيــرا­ت طويلة الأمد للوباء الذي أصيب به رئيس الوزراء نفسه وكاد أن يودي به في نيســان/أبريل، وقوض قدراته على الحكم. واعتبــرت صحيفة «دايلي ميل» أنــه «مهما يكن الســبب، بات )جونســون( متصلباً ومعارضاً للنقاش».

وكتب في «ســبيكتاتو­ر» توبي يونغ الذي يعد مؤيداً مندفعاً لجونسون: «لم يعد مؤهلاً ليكــون رئيــس وزراء وعليــه التراجع بعد الانتهاء من بريكست».

وفي الأثناء، لا تكف شــعبية وزير المالية الشاب، ريشي ســوناك، البالغ من العمر 40 عاماً، عن التصاعد. وبإيجاده تدابير مبتكرةً لدعم الاقتصــاد في ظل أزمة كوفيد، كســب تأييد الرأي العــام ونواباً محافظين يريدون أن تكــون الأولويــة للإنعــاش الاقتصادي وليس للحجــر، باعتبار أن على البريطانيي­ن تعلم «العيش دون خوف».

وكتبت صحيفة «دايلي تلغراف» المحافظة: «نتحدث عن سوناك كما لو أنه رئيس وزراء في الســلطة» متحدثة في الوقت نفســه عن احتمال ارتــداد ذلك عليه حينما ســيخضع للمساءلة عن تلك التدابير الباهظة. ويواجه جونســون أيضاً الارتفاع المتزايد لشــعبية الزعيــم الجديــد للمعارضــة العمالية كير ستارمر الذي لم يتوان عن طرح أسئلة صعبة على رئيس الوزراء خلال جلســة مســاءلة الحكومة.

وتعد مهمة إعادة تعبئة حزبه مهمة معقدة فيما يمنعه الوباء من التواصل مباشــرةً مع معســكره، إذ يعقد المؤتمر الســنوي لحزب المحافظــن افتراضياً مــن 3 إلى 6 تشــرين الأول/أكتوبر. وستكون إعادة تعزيز موقعه مهمة أكثر تعقيداً في حــال لم ينجح بتوقيع اتفاق تبادل تجاري حر مع الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية العام. وربما يعود تضاؤل طاقة رئيس الوزراء إلى تعافيه البطيء من كوفيد ـ 19 ولواقع كونــه أباً جديداً، كما يرى بعض المعلقين. ويزيد تيم بايــل على ذلك، بالقول: «يعود ذلك على الأرجح إلى أنه يشغل منصباً يفوق قدراته بكثير .»

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom