Al-Quds Al-Arabi

مصر: قتل الصيادين الفلسطينيي­ن و«ثورة الجلابيب»

-

■ شــيّع أهالي دير البلح، وســط قطــاع غزة، أمس الأحــد، جثماني صيادين شــقيقين، قتــا فجر الجمعة برصــاص الجيــش المصري جنــوب قطاع غــزة، وردد المشــيعون الذين صلوا الجنازة على الصيادين حســن ومحمــود زعزوع، هتافات تنــدّد بالفعلة المخزية لنظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيســي بشعار: «لا إله إلا الله. السيسي عدو الله».

الذنــب الــذي ارتكبه «شــهيدا لقمــة العيــش» (كما وصفهما المشــيّعون( كان الصيد قرب الحدود البحرية بــن القطــاع ومصر، وهــو مــا أدى لاغتيــال الأخوين واحتجاز شــقيقهما الثالث الجريح، ياسر، حيث قالت وزارة الداخليــة والأمــن الداخلــي فــي قطــاع غــزة أن الجريح موجود لدى السلطات المصرية «لتلقّي العلاج»!

يمثّــل الحــادث تلخيصــا رمزيّــا كبيــرا لوضــع الفلســطين­يين المحاصريــ­ن فــي غــزة بــن إســرائيل ومصــر، وخصوصا حين نقــرأه على خلفيــة الأريحية التــي يتعامل بهــا النظام المصريّ مع دخــول الطائرات الحربية الإســرائي­لية أجواء مصر لمساعدته في قصف مصريــن خارجين عليــه، بدعوى «مكافحــة الإرهاب» أو باتفاقيته البحرية مــع اليونان، التي انتقد مصريون التنــازلا­ت المجانية التــي قدّمها النظام المصــري لأثينا بدافــع الكيــد لتركيــا، أو بتنازله عــن جزيرتــي تيران وصنافير للســعودية، أو بتهجير سكان جزيرة الوراق لصالح اســتثمارا­ت الإمــارات، وكذلك ترحيل ســكان رفح المصريّة «لأسباب أمنية».

يأتــي هذا الحــادث بعد أيام من المظاهــرا­ت الأخيرة في مناطق عديدة من مصر، والتي علّق عليها السيســي بأن مــن حرضوا عليها «يســتغلون المواقــف الصعبة»

وخاطــب المصريين بالقــول: «هما عايزينكــم تتحركوا ليــه؟ بيقولك انــت مظلوم والفقــر» مبررا القبــول بهذا الظلــم والفقــر بوجود «الاســتقرا­ر» الــذي فقدته دول عربيــة أخرى تحول أبناؤها للاجئــن «لكن ربنا قال لأ مصر لأ»!

موالو السيســي من جماعة نظرية «همّ شعب واحنا شعب» والشــامتو­ن بأحوال الفقراء «لأنهم متعاطفون مــع الإخــوان» ابتكــروا طريقة جديــدة للســخرية من المحتجين بالســخرية مــن كونهم مــن المناطــق الريفية ويلبســون أزياءهــم الفلاحيــة بإطــاق لقــب «ثــورة الجلابيب» كما لو أن لبس المصريين ملابسهم التقليدية هو نقيصة تستحق الإهانة.

يجمــع بــن اغتيــال الصياديــن الفلســطين­يين والسخرية من «ثورة الجلابيب» توجيهها ضد الفقراء،

ويظهر الطابع الطبقي الاســتعلا­ئي للعلاقة بين الفئات الحاكمــة المســتفيد­ة مــن النظــام وباقــي الشــعب من «الغلابــة» الذين عليهم أن يســتكينوا للظلم وأن يتخلوا عن ملابسهم التقليدية ليلبسوا البدلة والحذاء الأسود كما «السيد الرئيس»!

يتكامــل هــذا التقســيم البائــس للمواطنــن، والســخرية من فقرهم وملابســهم، والتوحش ضدّهم بالترحيــل والتهجيــر والقتــل والقمع، مع الاســتخذا­ء لأصحــاب «الــرز» مــن الخليجيــن، وللقــوة الهمجيــة لإســرائيل، وللالتــزا­م بمــا تخططــه القــوى الأجنبية للمنطقــة ولشــعوبها، فهذا الاســتكبا­ر علــى المصريين والفلســطي­نيين، لا يســتقيم، من دون التقليل من شأن الهويــة والــذات والتقاليد والملابــس، والتبعية المخزية لمنطق القوة الغاشمة في العلاقات الدولية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom