Al-Quds Al-Arabi

تعقيبا على مقال د. ابتهال الخطيب: خذ نفساً نقياً

-

توحش المجتمع

تصرفات الإنســان وأعمالــه تتأثر بتكوينه كمــا تتأثر بمحيطه ومجتمعه وأمور كثيرة أخرى خارج ارادته، لذلك هو ليس مســؤولا مائــة في المئة عن أعماله وبالتالي لا يجوز اعدامه بل يجب معالجته وإعادة تثقيفه.

الإجرام في البلاد التي تســمح بالإعدام لم يقل بل العكس يزداد لأن القتل البارد يوحش المجتمع.

العمل الخيري

سنتيك- اليونان

العمل الإنســاني يختلف حســب قدرة الإنســان وطاقته، فمنه العمل الميداني في ظروف شــاقة وأحيانا فيهــا نصيب من المخاطرة كتقديم المساعدة المباشرة للمحتاجين لها، كما هو الحال في مخيمات لاجئين وهذا أسمى أصناف العمل الإنساني، ثم هناك العمل الخيري بالتعهد بمنح تبرع مالي دوري كالتكفل بأيتام وهذا النوع من العمل الإنساني يكاد يكون واجبا أخلاقيا لكل مستطيع.

أما الصنف الثالث من العمل الإنســاني فيكتفي صاحبه بالنضال الحقوقي في المنابر الإعلامية وأمام المايكروفو­ن! فكل ميســر لما خلق له!

في كل الأحوال لا ينبغي أن نمــن على بعضنا بمجرد إقدامنا على

بعض التضحيات البسيطة والرمزية لعلها تخفف المشقة عن بعض المكروبين.

حكى لي زميل في العمل مرة عن أخ له يشــارك كل ســنة لبضعة أســابيع كمتطوع مع أطقم أطباء بلا حــدود، وكان يصف عودة هذا الطبيب المتطوع بعد كل رحلة إلى مناطــق توتر منهك القوى بدنيا، لكن بمعنويــات عالية. يذهب التعب الجســدي وتبقى روح الإيثار تلازمه ومحبة تقديم المساعدة دون انتظار مقابل، مما أذكر أيضا أنه لاحظ مع توالي الســنين أن أخاه أصبح ذا شخصية قوية لا تزعزعه الصدمات مع تواضع جــم وبغضه التباهي أو ســرد ما قدمه خلال مساره من خدمات هنا أو هناك. فشتان بين الثرى والثريا.

المناحي الثقافية

أظن العمل الإنســاني في التصور الإســامي غيــر محايد، لأنه عبادة وقربى إلى الله، لذا فالعمل الإنســاني ليس قاسيا، ولا مؤلما، ولا حارقا للنفس.

إنه دعوة إلهية حض عليها الإسلام وشجعها ووعد مقابله بجنة عرضها الســموات والأرض، وهناك آيات عديــدة وأحاديث كثيرة ومواقــف لا حصر لها للنبي صلى الله عليه وســلم ، مع المســلمين وغيرهم، تشــير إلى مد يد العون إلى الآخرين ومساعدة المحتاجين ونشر المعروف في كل مكان.

قد يســخر بعض العلمانيين ومن لديهم فوبيا الإسلام من كلامي، ولكني أزعم أن ما وضعه الإســام للعمل الإنســاني كان قاعدة بنى عليها العالم ما يسمى بهذا الاسم.

والمسألة ليســت حيادا فوق طاقة البشر، تفهماً للمناحي الثقافية المختلفة، واستبعاداً لكل مفهوم اجتماعي أو أيديولوجي أو ديني قد يقف عائقاً أمام المبدأ العام للعمل الإنساني. فمن يعطف على كلب أو قط لن يمتنع عن مد يد العون إلى إنســان غير مســلم أو عدو جريح أو خصم في ضائقة. وفي أدبيات القتال لا يجوز التنكيل بأســيرـ أو إهانة امرأة أو الإثقال على مريض….

مساعدة الفقراء

مبدئيا ليس من حق البشــر إزهاق أرواح بعضهم البعض سواء بالقانــون او بالأعراف الاجتماعية، لأن روح الإنســان ملك للخالق وهو من وضعها فينا وهو من له الحق بأخذها، أما العمل الإنســاني فلا يحتاج كذلــك إلى نوازع دينيــة وأعراف اجتماعيــة ليقوم به الإنســان، فالضمير وحده يكفي ليرشدنا لفعل الخير والمحبة، وهذا ما نجده في الغرب عموما.

فالطفــل ومنذ ســنينه الأولى في المدرســة يتربــى على تقديم التبرعات للأطفــال في جميع أنحــاء العالم في فتــرة الكوارث أو مساعدة الفقراء من أقرانه، وقضية اللاجئين أعطت درسا لنا بغض النظــر على قبولهم من قبل الأوروبيين بل من خلال قرارهم بالهجرة إلى تلك الدول وليس لدول الخليج أو دول آســيا الغنية رغم وجود عامل الدين.

الفطرة السليمة

نعم هو الضمير الذي يدفعنا لفعل الخير…ومن يقود الضمير إلى الصــواب إذا زاغ..هو الدين طبعا ، فما الدين إلا ارجاع البشــر إلى الفطرة السليمة.

اختلاف الرؤى

موضوع عقوبة الإعــدام واختلاف الرؤى حولــه هو حوار قتل بحثا وعرضا وليــس هناك ما يضاف أكثر مما قيل ونشــر عنه، أما رأي الأستاذة ابتهال فيه فهو معروف وقد سبق أن عبرت عنه مرارا في مقالاتها في هذا الركن، لا اســتوعب ما الفائدة من التكرار إذا علم المضمون ولم يأت ما يعاد طرحه بجديد يذكر!

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom