Al-Quds Al-Arabi

«الدستور» و«التحالف الشعبي»: الاحتجاجات نتيجة أوضاع اقتصادية سيئة وتقييد الحريات

- القاهرة ـ «القدس العربي»:

علق حزب «الدســتور» المصــري، أمس الأحد، علــى التظاهرات التي تخرج فــي مصر، موضحاً أن «مصــر شــهدت فــي الأيــام القليلــة الماضية احتجاجــات فــي قــرى وضواحــي العديــد من المحافظــا­ت لتعلــن عن احتقــان وغضب شــديد لدى قطاع واسع من الشعب المصري الذي ضاق ذرعا بالسياســا­ت والقرارات التــي أثقلت كاهله فــي حــن أن المواطن لم يكد يســتفيق مــن الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا ليجد نفســه مطالبا بأن يتحمل مســؤولية الحكومات الســابقة التي تراخــت فــي مواجهة فســاد المحليات لســنوات طــوال وأن يقتطــع من قــوت يومه الــذي بالكاد يتعيــش بــه أن يعــوض الدولة عــن أخطائها في السنوات الماضية».

وأضاف في بيان: «لم يجد المواطنون ســبيلا إلا الاحتجــاج للتعبيــر عــن رفضهم واســتيائه­م من الأوضاع الاقتصادية خاصة مع انســداد كل القنــوات الشــرعية للتعبير عن الــرأي فالأحزاب السياســية أغلق عليها الســبيل لممارســة دورها المشروع، والبرلمان وأعضاؤه بمعزل عن الشارع المصــري ومعاناتــه التــي كانوا ســببا بها طوال الدورة التشريعية السابقة».

وطالب «الســلطات المصرية بتغليب المصلحة الوطنيــة ومصلحــة المواطن علــى أي اعتبار آخر

والإنصــات إلى مطالب الشــعب بدلا من مواجهة الاحتجاجــ­ات بالقــوة المفرطــة التي تــؤدي إلى مزيد من الاحتقــان والغضب، إضافة إلى إطلاق سراح كل من تم القبض عليه أثناء ممارسته حقه في الاحتجاج السلمي والتعبير عن الرأي وكذلك كل المحبوســن احتياطيــا في قضايــا الرأي من المعارضين حزبيين كانوا أم مستقلين.»

ليست مؤامرة

كذلــك، رفــض حــزب «التحالــف الشــعبي الاشــتراك­ي» مواجهة الاحتجاجات الجماهيرية التي انتشرت في عدة محافظات، بالقوة والقمع، مشــددًا علــى أن هــذه التظاهرات «ليســت نتاج مؤامرة».

وقــال في بيــان: «أخبث المؤامــرا­ت لن تحرك جماهير راضية؛ بل صنعتها سياســات تجاهلت مطالب الفقراء».

وأعرب عــن «رفضــه مواجهــة الاحتجاجات الجماهيريـ­ـة بالقــوة والقمــع الــذي طــال حتى الأطفال» وحذر من «توجهات السلطات لتجاهل الدوافــع الاقتصادية والاجتماعي­ــة التي فجرت الغضــب، وتحويل هذه الاحتجاجــ­ات، كالعادة، إلى ملــف أمني، مثــل كل ما لا ترضــى عنه، بدلا مــن إدراك حاجة البــاد إلى إصــاح اقتصادي واجتماعــي وسياســي عاجل يســتجيب لمطالب الشعب في العدل والحرية».

وأكــد أن «الاحتجاجــ­ات الجماهيريـ­ـة التــي تفجــرت في بعــض قرى وأحياء المــدن في مصر ليســت نتاج مؤامرة، فأخبث المؤامرات لن تحرك جماهير راضية، بل صنعتها سياســات تجاهلت مطالــب وحقوق الفقراء وصمــت آذانها عن أنين بات مســموعا وتعاملــت معه بمنطــق القوة إلى حد تصريح السيســي باســتخدام الجيش لهدم البيوت، لأول مرة في التاريخ المصري».

وتابــع «أكدنا دوما أن الطريق إلى الاســتقرا­ر الذي ننشده ونحتاج إليه، يصنعه التوجه الثابت لتحويل الشــعارات التي رددتهــا حناجر الملايين فــي ثورة يناير/كانون الثاني )عيش حرية عدالة اجتماعية وكرامة إنسانية( إلى سياسات عملية، وثمار يحصدها المواطنون فــي حياتهم اليومية، بدلا مــن تبديد المــوارد في مشــروعات كبرى لم تثبت جدواها أو أهميتها على سلم الأولويات».

نتاج القمع

وزاد: «كمــا أكدنا دومــا أن التعددية والتنوع مصــدرًا للقــوة، وأن القمــع وتجريــف المجــال السياســي ســوف يقود إلى هبــات وانفجارات، فلكل فعل رد فعل، مهمــا تمتد حبال الصبر، وأن مصر أحوج ما تكون إلى فتح النوافذ والزنازين، فالزنازيــ­ن لن تمنــع الطريــق إلــى يناير/كانون الثانــي، بل يمنعــه انتصــار السياســات لمطالب الشعب، والثورة لم تتسرب من ثقوب في الجدار الأمني، بل من الفقر والظلم والإقصاء والفســاد والتوريث والتهميش».

وواصــل: «الحقيقــة أن مــا يلــزم إدراكــه أن انحيازات سياســات الحكم ضــد مصالح أغلبية الشــعب، وأن إهــدار مبــدأ اســتقلال وتــوازن الســلطات خاصة مع تعديلات دستور 2014 هو أكبــر تهديد للأمن، كما أن ما يلــزم مواجهته هي تلك السياســات الاقتصاديـ­ـة والاجتماعي­ة التي زادت الفقــراء فقــرا ودفعــت بالملايــن إلى قاعه وشــدت إلى حافته قطاعات من الطبقة الوسطى فتصاعــد أنينهــا الجماعــي وتحــول الغضــب المكبــوت إلى احتجاجــات عالية الصــوت، قابلة للانتشار، ويمكن أن يزيدها العنف اشتعالا».

ورأى أن «التوجــه نحو التنظيــم الواعي المعبر عــن مطالب أصحــاب المصلحــة هو الــذي يمكن أن يوفر مســارات آمنة لتغيير ســلمي ديمقراطي يجنبنــا مخاطر الانفجــار­ات والفوضــى والقمع والعنــف والعنف المضاد ومــن هنا تأتي ضرورة ترابــط الإصــاح السياســي مــع الإصــاح الاقتصادي».

وشــدد علــى «مطالب عاجلــة لفــك الاحتقان وفتح الطريق لتغيير أوســع وأشمل يكون هدف السياسات فيه هو تلبية الاحتياجات الأساسية المادية والروحية للمواطنين في التعليم والصحة

والغذاء والبيئة النظيفة والمســكن اللائق والأجر العــادل وتطوير القــدرات الإنتاحيــ­ة للاقتصاد وهــي توجهات تتناقض مع توجهات السياســة الاقتصاديـ­ـة الراهنــة وفي صدارة هــذه المطالب العاجلــة، منهــا الإفــراج عــن الســجناء المتهمين علــى ذمــة الأحــداث الأخيــرة خاصــة الأطفال وإقرار الحق فــي التظاهر الســلمي والإفراج عن المحبوســن احتياطيــا على ذمــة قضايــا الرأي عامــة، ضمــن انفراجة سياســية حقيقيــة لفتح النوافــذ والزنازيــ­ن والاعتراف بحــق الاحتجاج الســلمي والحــق فــي التعددية والتنــوع، خلافا لمنطــق ســمع هــس وتحويــل كل القضايــا الاقتصادية والاجتماعي­ة إلى ملفات أمنية.»

كمــا دعــا إلــى «دعــم الجمعيــات الزراعيــة ومســتلزما­ت الإنتــاج الزراعــي والصناعــا­ت الريفية وشــمول مظلة التأمين الصحي والرعاية الاجتماعية لصغار المزارعــن والعمال الزراعيين وإلغاء ووقف تســعير خدمات التعليم والصحة والإســكان الاجتماعــ­ي، والنظــر إليهــا كحقوق وليســت كمنــح أو مشــروعات تجاريــة ربحية، ووقــف القوانين والقــرارا­ت المتعلقــة بمخالفات البنــاء ووقــف البناء في المــدن لما نتــج عنها من إضرار لقطاعات شــعبية واسعة، وافتقادها لمبدأ العدل والإنصــاف بمحاباة الفاعلين والشــركاء الأصليــن وبالمبالغة في تقدير قيمــة المخالفات، بينمــا مــرت وتمــر جرائــم تحويــل الأراضــي الخضــراء والمخصصــة للاســتصلا­ح الزراعــي إلى مرافق حكومية والى مشــروعات للاستثمار العقــاري ومنتجعــات ســياحية واســطبلات خيــل، وإعادة صياغة القوانــن والقرارات بروح الإنصاف ومع مراعــاة مبدأ عدم تطبيق القوانين بأثر رجعي .»

فتح المجال العام

كما دعا الحزب إلى «فتح المجال العام وإلغاء القيود على الحريات ورفع الحصار عن الأحزاب والنقابــا­ت ومنظمــات المجتمــع المدنــي وعــودة المواقــع المحجوبــة وإقــرار حــق المعارضــة وكل تيــارات المجتمع فــي التعبير عن رؤاهــا وبدائلها في أجهزة الإعــام المملوكة للدولة وإلغاء قانون القوائم المطلقــة الموروث عن النظم الاســتبدا­دية واســتقلال الســلطة القضائيــة وعــدم تضارب المصالح والأدوار بين أجهزة ومؤسسات الدولة وتطهير المجال السياسي من المنافقين والطبالين وصنــاع الطغــاة والاعتــرا­ف بعــدم معصوميــة الحكام والإقرار بآدميتهم وبأنهم بشــر يخطئون ويصيبــون». كمــا طالب الحــزب، بـ«العودة إلى دســتور 2014 وإلغاء التعديلات التي طرأت عليه بهــدف مد الدورات الرئاســية للحاكــم بالمخالفة للنصوص الحاكمة للدســتور وتضييق مســاحة استقلال القضاء».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom