المغرب: مرصد يدعو الحكومة إلى الكف عن تخويف المواطنين ومختبرات خاصة تتسابق للظفر برخصة اختبارات كورونا
أعلن عشــية أول أمس الأحد فــي المغرب عن مجموع المصابين بفيروس كورونا المســتجد، إذ بلغ العــدد 117 ألفاً و685 حالة، بتســجيل 2444 إصابة جديدة خلال 24 ســاعة، ومــا زالت جهة الدار البيضاء ـ ســطات تتصــدر عدد الإصابات المؤكدة بـ969 حالة جديدة، متبوعة بجهة الرباط ـ القنيطرة بـ348، وسوس - ماسة بـ333.
وبالإعــان عن وفــاة 28 شــخص خلال 24 ساعة، وفق الإحصاءات الرسمية لوزارة الصحة المغربيــة، يبلغ عــدد المتوفين بالفيــروس 2069 حالة، منذ الإعلان عن دخول الجائحة إلى المغرب في ثاني آذار/ مارس الماضي، فيما وصل مجموع حالات الشــفاء التام إلــى 95 ألفــاً و591 حالة، بمعدل تعاف يناهــز 81,2 في المائة. وبلغ مجموع الحالات النشــطة التي تتلقى العــاج حالياً 20 ألفــاً و25 حالة، في حين وصــل مجموع الحالات الخطيــرة أو الحرجة الموجــودة حالياً في غرف الطوارئ والعناية المركزة إلى 369 حالة، 38 منها تحت التنفس الاصطناعي الاختراقي.
التعايش مع «كورونا»
وتتواصل الانتقادات التي توجه إلى الحكومة المغربية بشــأن طريقة تدبيرها للأزمة الصحية المتعلقة بالفيــروس، فقد دعــا «المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين» (منظمة غير حكومية تعنــى بالسياســة التعليميــة( حكومة ســعد الدين العثماني إلى إعــادة النظر في بروتوكول التواصل مع المواطنات والمواطنين زمن «كورونا» مؤكداً أن الحــل الأنجع في مواجهــة هذا الوباء يتمثل في تشجيع المغاربة على التعايش معه مع ضرورة احترام الإجراءات الاحترازية.
وفي بلاغ تلقت «القدس العربي» نسخة منه، شــدد المرصد على ضــرورة الكــفّ بالمطلق عن خطاب الترهيب والتخويف في رسائل الحكومة والخطابات الإعلامية، محـّـذراً «مما قد ينتج عن إصابة المغاربــة برهاب الوبــاء، وهو أخطر من الفيروس نفســه، لأن نتائج ذلك ستكون وخيمة على مستقبل الوطن بكل مكوناته.»
وطالــب الجهــات الحكومية المســؤولة على تدبير هذا الملف بإيــاء اهتمام خاص بالحالات الصعبــة والحرجــة المتوقعة والمتمثلة أساســاً في كبار الســن والمصابين بالأمراض المزمنة، مع الدعوة لإقامة مســح وبائــي لكل هؤلاء، عوض تركيز الاهتمام علــى كل المغاربة الذين لأغلبيتهم مناعــة ذاتية. كمــا دعا إلى التركيــز على إعادة الحياة للدورة الاقتصادية والســياحية والمالية والاجتماعية للمدن والقــرى، وبين المغرب وبين بقية دول العالم.
وحثّ المرصــد وزيــرَ التعليم علــى الإعلان عن دخول تربوي حضوري إجبــاري في جميع المؤسسات التعليمية العامة والخاصة ومدارس البعثــات الأجنبية تفعيلاً للمقتضيــات العلمية المعمول بهــا دولياً بخصوص الموســم التعليمي الجديــد، مــع الحرص علــى التطبيــق الصارم للبروتوكــول الصحــي خصوصــاً بالنســبة للأساتذة والإداريين وتلاميذ الثانوي تأهيلي.
وذكّر باستنتاجات تؤكد عدم تعرّض الأطفال ما دون 18 ســنة لمخاطر الإصابــة بكورونا تأثراً وتأثيــراً، ومن ثم أجبرت الأســر على مشــاركة بناتهم وأبنائهم فــي عمليات التعليم الحضوري في المــدارس والثانويات في العديــد من بلدان العالم. واســتند المرصد في ذلك إلى آراء أساتذة باحثين فــي مجــالات علــوم الطــب والأوبئة والاجتمــاع والنفس والاقتصــاد محلياً ودولياً، وكذا على المعطيات التي أكدتها المنظمات الدولية المختصة وحكومات الدول المتقدمة.
وقال نــزار بركة، أمين عام حزب الاســتقلال )المعارض( إن الحكومة المغربيــة ضيعت فرصاً ذهبية أتيحــت لها طيلة فتــرة الحجر الصحي، بدل استثمارها والتحضير لمرحلة ما بعد الحجر، حيث حظيت بارتفاع منسوب الثقة عند المواطن، وبإجماع وطني اســتثنائي، بالإضافة إلى طول مدة الحجــر، وإمكانيات مادية هائلــة. غير أنها أهــدرت كل الفرص المتاحة وأخلفت الموعد، حيث تملكها الغرور والإشــباع المؤقت، واســتعجلت الفــوز بالمعركة ضد كورونا قبــل الأوان، فقامت بتجميع المصابين بـ«كورونا» من مختلف المناطق في مستشــفيين ميدانيين في كل من بنســليمان وبنجرير، لكن الانتشــار الســريع للجائحة بعد تخفيف الحجر الصحي، أربك يقينيات الحكومة، فتفاقمــت الأوضــاع الاقتصاديــة والاجتماعية والصحيــة. واعتبر خلال عرضه السياســي في افتتاح أعمــال الدورة الســابعة للجنة المركزية لحزبه، أن المعالجة الحكومية المعتمدة فشلت في تدبير أزمة «كورونا» حيث بدت مؤشرات الفشل واضحة للجميع، بما فيها مكونــات من الأغلبية الحكوميــة، من خلال تضاعف أعــداد الإصابات والوفيات، وإفلاس الشــركات تحــت وطأة آثار الجائحة وغيرها.
كمــا أن الأزمــة كشــفت، حســب المســؤول الحزبي نفســه، عن حجم وتراكمات الاختلالات والنواقــص البنيوية العميقة على المســتويات الاقتصادية والاجتماعية، والمتمثلة في هشاشــة النظــام الصحي المغربي، وبــروز الحجم الكبير الذي يمثلــه القطاع غير المنظم، واتســاع المهول للفوارق الاجتماعية والمجالية، حيث سُجّل اليوم أكثــر من مليون فقير إضافي خلال ســتة أشــهر الأخيرة، وفق ما أورد موقع «لكم».
وأكد الخبيــر المغربي الدكتــور محيي الدين زاروف، فــي نــدوة افتراضيــة نظمتها صحيفة «هســبريس» الإلكترونيــة، أن «المغرب نجح في تسطيح منحنى الإصابات، بفعل سياسة الحجر الصحي، لكن الضرورة الاقتصادية والاجتماعية دفعت إلــى تخفيفه، غيــر أن الحركية المجتمعية جعلت الفيروس ينتشر بشكل تدريجي ». وأوضح أن «فيروس كورونا انتشــر بشــكل مضاعف في فصل الصيف، نظــراً إلى اعتقاد البعض بأنه فقد قوته، ثم أتت تنقلات عيد الأضحى التي ساهمت بدورها في تزايد أعداد المصابين، ومنها تصاعدت الحالات الحرجة» مشيراً إلى أن «هشاشة القطاع الصحــي دفعــت الحكومــة إلى شــراء المعدات والتجهيــزات خــال فترة الحجــر الصحي من أجل اســتيعاب أعــداد المرضى ».ونقلت صحيفة «لوبينيون» (الــرأي( الناطقة بالفرنســية عن الخبيــر في مجال التأمين، فــؤاد الدويري، قوله إنه «بإدخال مختبرات القطاع الخاص في عملية الفحص الخاصة بـ«كوفيــد 19» تبحث الدولة، من بــن أمور أخرى، عن بديــل لتخفيف نفقاتها في مواجهة وضعية وبائيــة متفجرة» مبرزاً أنه تم أيضاً إشراك شركات التأمين من أجل تعويض تكاليف هذه الفحوص المخبرية. وأوضح الخبير المذكور أن الشركات الخاصة للتأمين ستكون أقل تأثراً، بالنظر إلى أن عــدد منخرطيها لا يتجاوز 700 ألف شــخص». ولمواجهة هذا الأمر، شــكلت لجنة للتشــاور بين وزارة الصحة والمؤسســات المعنية بالتأمين بشأن شروط تعویض مصاريف «كوفيد». ومع ذلك، فإنــه في حالة إجراء فحص شــامل لمنطقــة معينة، فــإن مســؤولية إجراء الاختبارات تقع على عاتق الدولة.
غيــر أن قرار تعميم عمليات الفحص لتشــمل مجموعة من المختبــرات التابعة للقطاع الخاص لا يمــر حالياً بالمرونة المطلوبة، والســبب ـ وفق ما أفادت صحيفة «المســاء» في عدد أمس الاثنين ـ وجود حرب شرســة تدور حول اقتســام كعكة اختبارات «کوفید» بعدمــا قررت وزارة الصحة فتح أبــواب المختبــرات الخاصة أمــام المغاربة للاســتفادة من خدمات الكشــف عن الفيروس. وذكرت الصحيفة نفســها أنه في الوقت الذي لم يتجاوز فيه عــدد المختبرات التــي حصلت على الترخيــص 18 مختبــراً، تجري فــي الكواليس مواجهة ســاخنة وضغــوط قوية علــى وزارة الصحة من أجل توســیع لائحة هذه المختبرات. وتحدثت مصادر «المســاء» عن وجود عشــرات الطلبات التي تدرسها وزارة الصحة من أجل منح الترخيص وتوسيع قاعدة المختبرات المفوض لها إجراء هذه التحليلات، تحت إشــراف الوزارة، غير أن هناك بعض المختبرات التي لم تمتثل بعدُ للمعايير المحددة في دفتر التحملات )الشــروط والالتزامــات( الأمــر الــذي جعل لجــان المعهد الوطني للصحة تتريث في منح هذه التراخيص. وعزت أسباب هذه الحرب تعود، في جانب منها، إلى كون هــذه الاختبارات تمثل أيضاً متنفســاً لجني الأربــاح، ذلــك أن وزارة الصحة لم تعمد إلــى تحديد تعريفة الفحص، مما جعل الأســعار تصــل أحياناً إلــى 1000 درهــم )100 دولار( أو تتعداها، علماً بأن كلفــة الاختبار لا تتجاوز 500 درهم )50 دولاراً( كما سبق لمسؤولي الوزارة أن صرحوا في مناســبات مختلفة. في المقابل، أكدت
وزارة الصحة أنها مســتعدة لمنح الترخيص لأي مختبر خاص تتوفر فيه الشروط المحددة، فكلما ارتفع عدد المختبرات المرخص لها، ساهم ذلك في تخفيف الضغط على المنظومة الصحية، غير أنه لا يمكن غض الطرف عن بعض النقائص الجوهرية التي يســتحيل معها إجراء هذه الاختبارات في ظروف سليمة وآمنة.
محاكم الدار البيضاء
على صعيد آخر، أعلن المكتــب المحلي للنقابة الديمقراطية للعدل في الدار البيضاء عن اعتزامه تنظيم وقفــة احتجاجية إنذارية غــداً الأربعاء فــي المحكمة الاجتماعيــة، محمّــاً وزارة العدل المســؤولية عن ســوء تدبير الوضعية الوبائية في محاكم الدار البيضــاء، وفق بلاغ أصدره في الموضوع، مســتدلاً على ذلــك بـ«الوضع المقلق لبعــض المحاكم نتيجة عــدم احتــرام وتطبيق الإجــراءات الاحترازيــة الموصى بهــا، ورفض مســؤولين إجــراء التحليــات المخبريــة، بعد التحاق الموظفــن بعملهم بعد العطــل الإدارية، حيث جرى تســجيل إصابات مؤكدة في المحاكم الاجتماعيــة والزجرية والاســتئناف والمدنية. وســجل المكتب النقابي أيضاً عــدم التزام بعض المســؤولين الإداريين والقضائيــن بالتعليمات القاضيــة باعتماد نظام التناوب في العمل، ومنع الحوامــل وذوي الأمراض المزمنــة من الحضور في جل محاكــم البيضاء، كما لفــت الانتباه إلى ما ســمّاه تقصير لجنــة اليقظة عــن أداء مهامها وغياب التهوية في المكاتب وعدم تعقيم القاعات والمكاتب فــي المحكمتــن التجاريــة والإدارية. وأعربت نقابة العدل عن اســتنكارها واقع الحال فــي المحاكم الذي يؤســس لازدواجية ســحيقة بــن الخطاب الوطنــي المؤسســاتي المبني على التخويــف والتحذير مــن الوحــش «كورونا» والداعــي إلى الالتزام التــام بالتدابير الصحية والانخــراط بــكل مواطنــة فــي التغلــب على الفيروس، وبين ممارســات هشــة وتخبط كبير للمسؤولين وفشــلهم في إنزال سياسة تدبيرية ناجعة و فعالة تروم الاحتواء الحقيقي للمشكلة والحد من انتشار الفيروس.
وتحت عنــوان: غضــب عــارم للمغاربة من الســماح لمليارديرات بإقامة حفــات الأعراس ومعاقبة «المزاليــط» (الفقــراء المعدمين( توقف موقع «زنقــة 20» عند حــالات اختــراق أثرياء لقانــون الطــوارئ الصحيــة بتنظيــم حفلات وأعراس فــي إقاماتهم الفخمــة، وكتب الموقع ما يلي: «انتشر شريط فيديو على نطاق واسع على شــبكات التواصل الاجتماعــي يظهر حفل زفاف باذخ في زمن كورونا في مدينة قيل إن السلطات أغلقتها وشــددت التدابير بمداخلها ومخارجها. وتظهــر لقطــات الفيديــو الذي نشــرته إحدى الناشطات على «إنســتغرام» عشرات المدعوين في منطقة المدينة الخضراء بوسكورة )ضواحي الدار البيضاء(. واستشــاط المغاربة على مواقع التواصــل الاجتماعي غضباً من كيل الســلطات بمكيالــن، تجاه المواطنين بــن توقيف واعتقال الفقــراء بحجة التدابيــر الوقائية، والســماح للمليارديرات بإقامــة حفلات الأعراس أمام أعين الــدرك، وكأن وبــاء كورونا فقط علــى الفقراء والبسطاء .»