Al-Quds Al-Arabi

موريتانيا: الرئيس السابق يرفض التجاوب مع التحقيق في مواجهات مع أعوانه

- نواكشوط-«القدس العربي» من عبد الله مولود:

واصل الرئيــس الموريتاني الســابق، محمــد ولد عبــد العزيــز، رفضــه التام للتجاوب مــع محققــي شــرطة الجرائم الاقتصادية الذين أطلقوا سراحه أمس بعد ســاعات من مواجهته المباشرة مع عدد من كبار معاونيه خلال عشرية حكمه.

وأكــد مقربون منه "أنه واصل تمســكه بالحصانــة التي يرى أنها تمنع مســاءلته والواردة في المادة 93 من الدستور" وهو ما يرفضه فريق الدفــاع عن الطرف العمومي الــذي أكد "أن المــادة 93 من الدســتور، لا تحصن الرئيس الســابق ضد المساءلة عن قضايا الفســاد الواردة في تقرير البرلمان عــن فتــرة حكمه، بــل إنها تقتصــر على تحصينه من المساءلة في القضايا الخاصة بمهامه الدستورية دون أن تشمل تصرفاته الأخرى".

وكتب الشــيخ جدو، وهــو أحد خصوم الرئيــس الســابق، معلقاً علــى المادة 93: "غَبِي هو "عزيز" إن كان يظنُّ أن الدســتور يَهَبُهُ صلاحية الســرقة ويَحْمِيهِ عبْر المادة ."93

وكرســت شــرطة الجرائم الاقتصادية ساعات طويلة، مساء الأحد وليلة الإثنين، لمواجهــات بين الرئيــس الســابق وعدد من كبــار معاونيه بينهم رئيــس الوزراء الأسبق، يحي ولد حدمين، ورئيس الوزراء الأسبق، محمد ســالم ولد البشير، ووزير الماليــة الســابق والمدير الحالي لشــركة الصناعــة والمناجــم، المختار ولــد اجاي، والوزير الســابق والمدير الســابق لشركة الصناعــة والمناجم، محمد عبــد الله ولد الوداعة، والمدير الســابق لميناء نواكشوط المستقل حســنه ولد اعل، والمدير السابق لشــركة الوطنيــة للإيــراد والتصديــر، المرتجي ولد الوافي.

وخــال المواجهات عرضت الشــرطة على الرئيس الســابق تصريحات أعوانه بحضورهم، حول القضايا التي يشــملها البحث الأولي، وهــي رصيف الحاويات والمحروقات في ميناء نواكشوط المستقل "ميناء الصداقة، وقطاع الطاقة الشمسية في صفقات الشــركة الوطنيــة للكهرباء، وملابســات تصفية شــركة "سونمكس"، وتســيير الهيئة الخيرية لشركة الصناعة والمناجــم، وصفقة شــركة بولــي "هونغ دونغ" الصينية المختصة في صيد الأعماق، وحالــة الصنــدوق الوطنــي لعائــدات المحروقات، وملف عقارات الدولة".

وتؤكــد معلومات مســتقاة مــن فريق دفاع الرئيس الســابق "أن جميع معاوني الرئيس الســابق أكدوا فــي تصريحاتهم للشرطة أن القرارات التي اتخذوها كانت بتعليمات من الرئيس نفسه".

وأخلت الشــرطة الليلة سراح الرئيس السابق بعد ساعات من استدعائه للمثول

أمامها، وهي المرة الثالثة التي تســتدعيه ضمن التحقيــق الذي فتحتــه بناء على تقرير لجنة التحقيق البرلمانية.

وأكد أنصار الرئيس الســابق في بيان تداولــوه علــى صفحاتهــم "أن النظــام أقــدم مرة أخرى في تصعيــد خطير، على اســتدعاء الرئيس الســابق السيد محمد ولد عبد العزيز، فــي إطار مهزلة التحقيق الحالي حول الفساد، متحدياً بذلك دستور البلاد وقوانينها وأعراف وتقاليد أهلها".

وأضــاف: "في الوقت الــذي لا يتطرق فيــه هذا الدســتور، ولو بكلمــة واحدة، لموضوع إنشــاء لجان تحقيــق برلمانية، يتمادى النظام في خرقه الســافر لحقوق الرئيس الســابق الســيد محمد ولد عبد العزيز المحصنة بقوة المادة 93، في تناقض يتخــذ مرتكبوه مبــادرات حساســة لم يبوب الدســتور عليها ويتجاهلون نصه الصريــح، كل هــذا تصفية للحســابات السياســية على خلفية مشكلة "المرجعية" التي هزت الحزب الحاكم، منذ شهر أكتوبر الماضي".

"وتشــكل هذه المهزلة، يضيف البيان، انتكاســة للمكتســبا­ت الديمقراطي­ة التي ناضل من أجلها الشــعب الموريتاني بكل أطيافه السياســية، ومحاولة للفت أنظار المواطنين عن معاناتهــم اليومية وتغطية على عجز الســلطات العموميــة الحالية فــي التعاطــي إيجابياً مع همــوم هؤلاء المواطنين".

وأضــاف البيان: "في وقــت تزداد فيه الأوضاع الإقليميــ­ة والدولية تعقيداً، كان حرياً بسلطات البلاد تفادي كل ما من شأنه الدوس على الحريات الفردية والجماعية والاحتقان السياسي الداخلي".

ويتابــع الموريتاني­ــون باهتمــام كبير مجريات هذا التحقيق الذي تسعى شرطة الجرائــم الاقتصادية والماليــة من خلاله لتدقيــق مضامين التحقيقــا­ت المحالة من البرلمان إلــى العدالة، والتي كشــفت عن حالات نهب وفســاد ورشــا كبيرة طبعت العديــد مــن الصفقــات العمومية خلال الفتــرة التي حكمها الرئيس الســابق من 2008 إلى 2019.

وكان النائب العام في ولاية نواكشوط الغربية، منســق قطب مكافحــة الجرائم الاقتصــاد­ي، قــد أصدر الجمعــة الماضي قراراً يقضي بتمديد منع الرئيس الســابق محمــد ولد عبد العزيز مــن مغادرة ولاية نواكشوط الغربية.

وأوضــح "أن قــرار التمديــد اتخذ في ضوء تسبب المشــتبه به في تأخير إتمام إجــراءات البحــث، برفضــه التعــاون وتسريع الإجراءات".

ويلاحق ولد عبد العزيز والعشرات من المســؤولي­ن والمقربين منه بسبب شبهات فســاد أثارها تقرير صادر عــن البرلمان، أحيل إلــى القضاء وفتح فيه القضاء بحثاً ابتدائياً تتولاه منذ أكثر من شــهر، شرطة الجرائم الاقتصادية والمالية.

وضمن التعليقات التي واكبت استدعاء الرئيس الســابق، أكد موقع "إينســياتف نيوز" الإخبــاري المســتقل، تحت عنوان "ولد عبد العزيز في عين الإعصار" "أنه في الوقت الذي اقترب يوم المحاكمة، تتحدث المعلومــا­ت المؤكــدة عن إغــاق أكثر من عشرين حســاباً مصرفياً، وحجز ما يقرب من 24 مليار أوقية يملكها الرئيس السابق وعدد من كبار أعوانه وأقربائه".

وأضاف الموقع: "علــى محامي الرئيس الســابق أن يغيروا أسلوب عملهم بعد أن فشــلت محاولاتهم توريط القضاء في هذا الملف، وأن يضعوا في الحسبان أن الأمور الجادة على وشك أن تظهر للعلن قريباً".

ومــع أن التحقيقات فــي ملف الرئيس الســابق متواصلة، فإن تباطؤها مضافاً لعدم عــزل عدد من كبــار أعوانه المتهمين بالفســاد من مناصبهم في نظام الرئيس الغزوانــي، يســبب إربــاكاً كبيــراً في الأوســاط السياسية وفي أوساط خصوم الرئيس السابق، وهم غالبية كبيرة.

وقد عبــر عن هــذا الإربــاك الإعلامي والمدون البارز عبــد الرحمن ودادي الذي كتب أمس على صفحته: "ما دام ولد أجاي، وزير المالية السابق والمدير الحالي لشركة المناجم، وآمال بنت مولود، وزيرة سابقة ومديرة شــركة الطيران حالياً، باقيين في منصبيهمــا، فإنني أعجز عن اســتيعاب شفافية التحقيق"، مضيفاً: "نعم لمحاسبة شاملة ولا للمسرحيات".

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom