Al-Quds Al-Arabi

اليمن: اتفاق تبادل المعتقلين بين الحكومة والحوثيين يحقق مطالب الإفراج عن أسرى السعودية على حساب الشرعية

- تعز- «القدس العربي» من خالد الحمادي:

كشــف العديد من الحقوقيين اليمنيين أن اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين بين الحكومة الشرعية والجماعة في سويسرا تمت بضغوط سعودية لتحقيق مطالب إطلاق سراح الأسرى السعوديين، والتي دفعت الحكومة اليمنية إلى التنازل عن كافة مطالبها الرئيسية بهذا الشأن، مقابل إتمام هذه الصفقة التي رعاها مبعوث الأمم المتحدة لدى اليمن، مارتن غريفيث.

وقالوا لـ»القدس العربي» إن «اتفاق تبادل إطلاق الأسرى والمعتقلين بين الجانبين الحكومي والحوثي لم يكــن منطقياً ولا متوازناً، حيث حقق مطالب الحوثيــن بالموافقة على إطلاق ســراح الأســرى المحاربــن منهم وبعضهم قيادات وبأعــداد مضاعفة، بينما تمت الموافقة على إطلاق ســراح مختطفين محســوبين على الحكومة الشــرعية، بينما هم مدنيون اختطفتهم ميليشيا الحوثي من مناطقهم السكنية أو من مقار أعمالهم.»

وذكــروا أن هــذه «الصفقة التي بــدت فيها الحكومة الشــرعية بالطرف الأضعف لم تكن منصفة مطلقاً ولم تحقق الهدف الرئيســي منها، وهو إطلاق ســراح المختطفين في معتقلات الحوثي منذ قرابة ست سنوات، وفي مقدمتهم المختطفون السياسيون والصحافيون والقادة العسكريون.»

وأكدوا أن هذا الاتفاق لم يكن ســوى استجابة لمطالب السعودية بإطلاق سراح أســراها لدى الحوثيين، الذين تم أسرهم من الحد الجنوبي السعودي أثناء اقتحام الحوثيــن له، وبالتالي إن حقيقة وهدف هــذا الاتفاق لم يكن

سوى إطلاق سراح الأسرى السعوديين، والبقية تفاصيل على الهامش.

وقال الناشط الحقوقي حسين الصوفي لـ»القدس العربي: «نجح مبعوث الأمم المتحــدة في تحويل أخطــر الجرائم التــي يصنفها القانــون الدولي الإنســاني، جرائم التعذيــب والقتل تحــت التعذيب، واختطــاف المدنيين لاتخاذهم رهائن لتحقيق مكاسب سياسية، إلى إنجاز يستقبل عليه التهاني ويحظى بمباركات مكثفة».

وكان مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن واللجنة الدولية للصليب الأحمــر، أعلنوا أمس الأول عن إبــرام اتفاق بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثــي للإفراج الفوري عن مجموعــة أولى قوامها 1081 معتقلاً وأســيراً طبقاً لقوائم الأسماء المتفق عليها بين الجانبين، بينهم 19 من أسرى التحالف العربي، وهم 15 أسيراً سعودياً و5 سودانيون.

وقالوا في بيانهما في ختام الاجتماع الرابع للجنة الإشرافية المعنية بتنفيذ اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين الذي استمر نحو أسبوع في سويسرا، والذي ضم ممثلين عن الحكومــة اليمنية والحوثيين، برعاية مكتب المبعوث الخاص للأمين العام لــأمم المتحدة إلى اليمن ومشــاركة اللجنــة الدولية للصليب الأحمر، بالاضافة إلى حضور ممثلين غير معلنين عن الحكومتين الســعودية والإماراتي­ة.

وأوضح البيان الرســمي لرعــاة المباحثات أن الطرفين جــددا التزامهما بالإفراج عن جميع الأســرى والمعتقلــ­ن والمفقودين والمحتجزين تعســفياً والمخفيين قســراً والأشــخاص قيد الإقامــة الجبرية، بموجــب اتفاقهما في ستوكهولم عام 2018.

إلى ذلك، قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، مارتن غريفيث: «إن اليوم هو يوم مهم لأكثر من ألف عائلة تتطلع إلى استقبال أحبائها في القريب العاجــل»، ودعا الطرفين الحكومي والحوثي إلى المضــي قدماً على الفور في تنفيذ الإفراج وعدم ادخار أي جهد في البناء على هذا الزخم للاتفاق بسرعة على إطلاق سراح مزيد من المحتجزين.

وأضاف أن هذا الاتفاق «يهدف إلى زيادة عدد من ســيفرج عنهم، وصولاً إلى الإفراج عن كافة الأســرى والمعتقلين، بمن فيهم الأربعة المشمولون بقرار مجلس الأمن الدولي 2216»، في إشــارة إلى القادة العســكريي­ن المأسورين، وهم: وزير الدفاع السابق اللواء محمود الصبيحي، والقائد العسكري فيصل رجب، وشــقيق الرئيس هــادي اللواء ناصر منصور هــادي، بالإضافة إلى السياسي المخضرم محمد محمد قحطان، عضو الهيئة العليا لحزب الاصلاح، الذين اختطفتهم ميليشيا جماعة الحوثي في ربيع 2015.

كما قال المدير الإقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر في الشرق الأوسط والأدنــى، فابريزيو كاربوني، ان الاتفاق الموقّع بين الجانبين يشــكل خطوة إيجابية لمئــات المعتقلين وعائلاتهم في اليمن. مؤكداً على ضرورة الإســراع بالاتفاق على خطة تنفيذ ملموســة، بحيث يمكن لهــذه العملية أن تنتقل من مرحلة التوقيع على الورق إلى حقيقة على أرض الواقع.

وفي الســياق ذاته، أوضح عضو الوفد الحكومي المفــاوض وكيل وزارة حقوق الإنســان اليمنية ماجــد فضائل، أن «هذا الاتفاق يعــد بداية للتبادل المرحلي للأســرى والمعتقلين وصولاً إلى إطلاق جميع الأســرى والمختطفين تحت قاعــدة إطلاق الكل مقابل الكل». مشــيراً إلى أنــه تم الإتفاق على عقد جولة مشاورات لاستكمال تنفيذ اتفاق الجولة الثالثة التي عقدت في شباط / فبراير الماضي بالعاصمة الأردنية عمان.

وعلى الرغم من تحقيق هذا الاتفاق لخطوة إنســانية إيجابية على صعيد إطلاق ســراح هذا العدد الكبير من الأســرى والمعتقلين من الجانبين، إلا أنه لــم يحقق أحــام وطموحات الكثيرين، الــذي بدا أكثر قتامــة من ذي قبل، وبدد أحلام كثير من أســر وعوائل المختطفين والأسرى الذين لم يشملهم هذا الاتفاق، والذين يقدر عددهم بأكثر من 15 ألفاً، وكانت أسرهم تعول كثيراً على إطلاق سراحهم في هذه الجولة من المباحثات المفصلية.

وأعربت العديد مــن المنظمات الحقوقيــة اليمنية عن خيبــة أملها جراء النتيجة التي أفرزتها المباحثات الطويلة التي اســتمرت لأكثر من سنتين بين الجانبين الحكومي والحوثي بشأن تبادل الأسرى والمعتقلين، والتي أسفرت عن هذا الاتفاق لإطلاق سراح الأســرى الحوثيين والسعوديين، بينما لم يتم الاتفاق على إطلاق أي من المعتقلين البارزين لدى جماعة الحوثيين، بمن فيهم الذين أمرت المحاكم الحوثية بإطلاق سراحهم.

وقالــت رابطة أمهات المختطفين، في بيان لها أمس، تلقت «القدس العربي» نســخة منه: «إننا رابطة أمهات المختطفين نذكــر الجميع بأن الاتفاقات تبقى حبراً على ورق ما لم نحتضن أبناءنا ونهنأ بعودتهم ونصبح ونمســي على رؤيتهم مثل كل أمهــات العالم وأبنائهن. وعليه، ندعــو المجتمع الدولي إلى الاســتمرا­ر بالضغط على الأطراف اليمنية للإســراع في تنفيذ هذا الاتفاق، وتنفيذ اتفاق الســويد بإطلاق شــامل وكامل لجميع المختطفــن والمعتقلين والمخفيين». وأضافت: «نحن الأمهات إذ نعيــش هذه اللحظات بترقب كبير، تمتزج فيه فرحتنا بمن ســيطلق ســراحهم، وآلامنا بمن ســيطول أكثر أمد اختطافهم في ظل تجزئة اتفاق الســويد والخلط بين ملف المختطفين المدنيين والأسرى المقاتلين».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom