Al-Quds Al-Arabi

أسواق النفط العالمية ما زالت تحت رحمة الإشارات المتضاربة

-

■ نيويورك - دب أ:الإشارات التي تصل إلى أســواق النفط العالمية متباينــة، فمخزون الخام لدى الصين ارتفع ليقترب من مستوى قياسي رغم عودة الاختناقات المرورية لشوارع المدن الصينية وانتعاش النشاط الصناعي.

في المقابل تراجع مخزون النفط لدى الولايات المتحدة، رغــم أن المســافري­ن لا يتحركون كثيرا باســتخدام وســائل النقل. ومازالت دول منظمة البلدان المصدرة للنففط والــدول الحليفة لها في تجمع «أوبك+» تحجب ملايين البراميل من النفط الخام عن الوصول إلى الأسواق يومياً، بهدف منع تراكم الفائض في الأســواق، لكن هناك مؤشرات علــى ان بعض الــدول المصدرة للنفــط لا تلتزم بحصتها الإنتاجية وفقا للاتفاق.

يذكــر أن ســوق النفط العالمية شــهدت خلال النصــف الأول من العام الحالي أقــوى التفلبات صعوداً وهبوطاً في تاريخها، وهي الان تعاني من الإشــارات المتباينة والمتعارضة، في الوقت الذي يحاول فيه المتعاملون استكشــاف آفاق السوق خلال الشهور المتبقية من العام الحالي.

وفي حين تدور الأسعار حاليا حول مستوى 40 دولاراً للبرميل، فإن كبرى شــركات تجارة النفط والمواد الخام، مثل «فيتول غروب»، و»ترافيغورا غــروب»، و»ميركوريــا إنِرجي» غــروب، لديها وجهات نظر متباينة حول أوضاع الســوق خلال الفترة المقبلة.

وســيكون فيروس كورونا المســتجد هو أهم العوامل المؤثرة في تطورات سوق النفط. فأعداد المصابــن بالفيــروس عــادت إلــى الارتفاع في الولايات المتحــدة وأوروبا، وهمــا مركزا الطلب الرئيسيان على النفط في العالم.

وفــي حين أن آســيا، وبخاصة الصــن، تبدو أفضل من حيث كيفية الســيطرة على الفيروس، فإن التأثيــرا­ت الاقتصادية للجائحة ستســتمر لسنوات مقبلة.

وفيمــا يتعلق بموضــوع تطوير لقــاح مضاد لفيروس كورونا المســتجد، يرى بنك «غولدمان ساكس» الاســتثما­ري الأمريكي أنه يمكن الرهان على ارتفاع أســعار وقود الطائرات مع اكتشــاف لقاح مضــاد للفيروس، حيث ستســتعيد حركة الطيران والســفر جزءا من عافيتها. ويرى البنك أن زيادة الطلب على وقود الطائرات سيؤدي إلى زيادة مفاجئة في الطلب على الديزل )الســولار(، مما يخفف الضغط علــى مصافي تكرير النفط في العالم.

ويقول جيوفاني ســتاونوفو، خبير أســواق السلع في مجموعة «يو.بي.إس غروب» المصرفية السويسرية، لأأن «السوق في حالة ترقب... لكي تزيد الأســعار يجب تراجــع الفوائض الإنتاجية لدى تجمع أوبــك+، ولكي يحدث ذلــك يجب أن يتعافى الطلب على الخام بصورة أكبر.»

وإذا لم يحــدث إغلاق ثــانٍ للاقتصاد العالمي بسبب جائحة كورونا فإن سعر النفط لن يتراجع أقل كثيرا عن 40 دولاراً للبرميل، لأن ذلك ســيمنع الــدول النفطية مــن خارج «أوبــك+» عن زيادة إنتاجها.

في الوقت نفســه، فإن ما يحــدث في الصين، وهــي أكبر مشــتر للنفط في العالم، هــو أمر مهم للغايــة. فقد تباطــأت واردات النفــط الصينية في وقت ســابق من العام الحالي بســبب امتلاء مســتودعات التخزين. ورغم تراجــع الواردات زاد المخزون الصيني إلى حوالــي 73 في المئة من طاقة الصين التخزينية في الأســبوع المنتهي يوم 24 سبتمبر/أيلول الحالي، حسب شركة «أورسا» للبيانات. وهذه هي أعلى نســبة سجلتها الصين على الإطلاق.

ويقول مراقبو أســواق أنه في حين يبدو الأمر وكأن الصــن لــن تندفع نحــو شــراء المزيد من شــحنات الخام، فــإن بيانات الطلــب من جانب المســتهلك النهائي لمنتجــات النفط فــي الصين تتحســن. فالاختناقـ­ـات المروريــة في شــوارع المــدن الرئيســية بالصين زادت خلال الأســبوع الماضي لتصل إلى أعلى مســتوى لهــا منذ يناير/ كانــون ثاني الماضــي، وزاد معــدل الاختناقات المرورية في الأســبوع الماضي بنســبة 5 في المئة عن المتوســط في 2019 حسب بيانات شركة «توم توم إنترناشــي­ونال» لخدمات الملاحة باستخدام الأقمار الصناعية.

ومع ذلــك تجدر الإشــارة إلــى أن البنزين لا يعتبر مؤشراً مهماً بالنسبة للطلب على النفط في الصين، كما هو الحال في الولايات المتحدة.

ومازال الغموض يحيط بآفاق الطلب الصيني على النفــط الخام، والذي أصبح داعماً أساســياً لأســعار الخام فــي العالــم منذ تفشــي جائحة فيروس كورونا في بداية العام الحالي. ففي هذه اللحظة حصل عدد قليل من الشــركات المســتقلة لتكرير النفط فــي الصين علــى موافقة الحكومة لشراء حصص إضافية من الخام.

وسيكون الســماح لهذه الشــركات بمواصلة اســتيراد النفط عنصراً مهماً بالنســبة لمستقبل واردات النفط الصينية ككل.

من ناحيتها قالت لي لــي، المحللة الاقتصادية في شركة «آي.سي.آي.إس تشاينا»، أنه من غير المحتمــل حدوث تغيير كبير في أوضاع اســتيراد النفط في الصين في الوقت الراهن.

وأضافــت أن واردات الصين من الخام وصلت إلى ذروتهــا فــي يونيو/حزيــران الماضي، لكن الــواردات خلال ســبتمبر/أيلول لــن تتغير عن أغسطس/آب الماضي.

وقالت أيضــاً «تراجع هامش أرباح شــركات التكرير عن مســتواه في الربــع الثاني من العام الحالــي عندما بــدأت الصــن وضع حــد أدنى للأســعار، وقــد نرى المزيــد من خفــض الطاقة التشــغيلي­ة لــدى شــركات التكريــر الحكومية والمستقلة » في الصين.

ولكن الصــورة فــي الولايات المتحــدة تبدو مختلفة. فمخزون الخام تراجع بواقع 46.3 مليون برميل عن أعلى مستوى له والمسجل في منتصف يونيو/حزيران الماضي. وفي حين أن هذا التراجع أســرع من المعتاد في مثل هذا التوقيت من السنة، فإن المخزون مازال عند مســتوى قياسي بالنسبة لمثل هــذا الوقت من العام، في ظــل تراجع الطلب على الوقود بشدة نتيجة جائحة كورونا.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom