Al-Quds Al-Arabi

موجة ثانية من كوفيد - 19 تضرب الاقتصاد المحلي في الضفة الغربية وسط مخاوف من المزيد

-

■ رام الله - الأناضول: مع اندلاع موجة ثانية من إصابات كوفيد-19 في الضفة الغربية، يخيّم الصمت على الأسواق القديمة في أكبر مدنها التي لطالما امتازت بصخبها وكثرة الحركة فيها.

ففــي نابلس والخليل وبيت لحــم والبلدة القديمة فــي القدس، يحرص أصحاب المتاجر من شدّة قلقهم على إبقاء متاجرهم الفارغة مفتوحة. ولكنّهم يجدون أنفســهم في مأزق مزدوج لا يرحم: ليس لديهم فرصة لإعادة إحياء متاجرهم إلّا إذا أبقوها مفتوحة، ولكنهــم يهدرون أموالهم كل يوم يفتحون فيه أبوابهــا دون وجود أعداد كافيــة من المشــترين. الآن، وكما هو الحال دائماً، يعتبر الأمل والخوف عنصري رئيسيين في تحديد وجهة الاقتصاد في فلسطين. يقول ياســر صبحة، وهو بائع ألبان في البلدة القديمة في نابلس، والذي يعمل في مهنته منذ عقود، أنه لم يشهد أبداً أزمة اقتصادية مثل هذه.

ويضيــف «إن وضع مدينتي أشــبه بالحصار، الحركة محــدودة للغاية، والخوف من انتشار عدوى فيروس كورونا في كل مكان.»

ويتحدّث الشــاب أحمد الشخشــير، وهــو صاحب محل لبيــع الأجبان والزيتــون، عن أمله بأن «تعود الحياة في نابلس إلى طبيعتها، وأن يكســر صوت التجار والمارة صمت المدينة القسري».

والشخشــير ليس الوحيد. حيث يشــاركه أمله وخوفه، سامي خميس، وهو عَلَم من أعلام الحياة في مدينة بيت لحم التي تزدحم بالعادة بالســياح المســيحيي­ن القادمين لزيارة كنيســة المهد. وكان شــرب القهوة مع خميس، القهوجي، بمثابة طقس المرور لزوار المدينة.

لكن صوت خميس وهو ينادي «شــاي ... قهوة» لم يعد يتردد في شــارع كنيسة المهد كما كان من قبل. فالشارع يخلو من أي سائح يلبّي النداء.

وبالجوار، ترى رجلاً عجوزً يبيع ســلعاً بسيطة، بالقرب من كنيسة المهد. وفي كل يوم، يجهّز الرجل «بســطته» الخشبية ولكنه لا يبيع شيئاً، ويقول «هذه البسطة هي أملي الوحيد بمستقبلٍ أفضل».

وكما هو متوقــع ينخفض البيع عندما يبقى المتجــر مفتوحاً، لكن إغلاقه بالكامل يعني الاستســام، هكذا يرى الحاج أبو أسامة منّاع، صاحب مخبز في نابلس الواقعة في شمالي الضفة.

ففي مخبز مناع، كانوا يخبزون حوالي خمســة أكياس من الدقيق يومياً. أمــا الآن فلا يخبزون أكثر من نصف أو ثلثي الكيس، علماً بأن خمس عائلات تعتمد في كســب رزقها على المخبز. والرواية هي ذاتها في البلدة القديمة في القدس.

يقول وليد غنيم، وهو صاحب محل لبيع الهدايــا التذكارية، أنه «لم يعد يتذكر» ما كان عليه السوق قبل الجائحة. ويضيف «أفتح المحل فقط للتهوية، الحركة قليلة جداً بشــكل عام، والحركة الســياحية معدومة». ويأمل غنيم بشــدة، ألا يبقى الحال على ما هو عليه بعد نهاية العــام. وكما هو معروف فإن الكساد له عواقب وخيمة. فـفتحي الجبريني الذي يعمل بائع أغذية في البلدة القديمة في الخليل )جنوب( بجوار الحرم الإبراهيمي، يقول «كل شهر لدي تكلفة دواء تصل إلى 5000 شــيكل )1400 دولار(، والآن لا أجني أكثر من 10 شيكلات يومياً بسبب فيروس كورونا».

والعــودة إلى نوع من الحياة الطبيعية تعتمد على مدى قدرة الســلطات الفلسطينية على إبقاء الفيروس تحت السيطرة. ووفقاً لمسح أجرته اللجنة الدولية للصليب الأحمر على الفلسطينيي­ن، فإن الامتثال لتدابير الوقاية في الضفة الغربية أقل بكثير مما هو عليه في غزة والقدس الشرقية.

وفي يونيو/حزيران الماضي، ذكر 28 من السكان أنهم ما زالوا لا يرتدون أقنعة الوجه، وقال 22 إنهم لم يتجنبــوا الأماكن المزدحمة، و21 لم يبقوا في منازلهم عند الشعور بالمرض.

من الواضح أن هناك الكثير ممّا يجب إتمامه قبل أن تعود أســواق الضفة الغربية إلى ســابق عهدها من الزحام والضجيج الذي كان يميزها، وقبل أن يتمكّن أصحاب المتاجر الصغيرة من النوم قريري الأعين من جديد.

 ??  ?? سوق خضار في نابلس شبه فارغ من المتسوقين
سوق خضار في نابلس شبه فارغ من المتسوقين

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom