Al-Quds Al-Arabi

بالتعاون... والكمامة أولاً: هكذا يجتاز شعب إسرائيل الوباء كما اجتاز عثراته السابقة

- البروفيسور أرنون أفيك OECD

■ كتب يوآف إسحق، في ترجمته لقصيدة «هذا زمن المغفرة» يقــول: «هذا زمن المغفــرة، والتنازل والنســيان حتى لو كانــا صعبين، ســنغيرهما معاً وسنغير كل شيء...».

لا يوجد مثل هذا الزمن، عشــية يــوم الدين في عصر كورونا، لحســاب نفس شــخصي وجماعي. انقلب علينــا عالمنا في الســنة الأخيــرة: التقارب البشــري، المصافحة، العناق واللقاءات المباشــرة مع أحبابنــا ومحيطنا... كلها غابــت خلف الكمامة والتباعد الاجتماعي الذي فرض علينا.

صحيح أن كل واحدة وواحد منا سيســأل نفسه «ممن علــيّ أن أطلب المغفرة؟» و»كيــف يمكنني أن أفعل أفضل في السنة القادمة؟».

أولاً، ملزمــة دولــة إســرائيل بحســاب للنفس على إهمالها الجهاز الصحي على مدى الســنين. في 2012وصفــت­منظمةالـــ جهازالصحة الإســرائي­لي بأنه باعــث على الحســد. وها هو في غضــون أقل مــن عقد، يخلــق غيــاب الاحتياطات والاستثمار في الجهاز عبئاً غير معقول على الطواقم الطبية، التي تتآكل في كفاحهــا اليومي لمنح العلاج الطبي الأفضل لسكان الدولة.

ثمن العــبء يدفعه كبار الســن والمرضى الذين ينزلون المستشــفي­ات لشــدة العار في الرواق حتى في الشــتاء العادي. وأطلب المغفرة باســم الدولة من مؤسســيها، وآمل في تغيير قادة الدولة نهجمهم تجاه الجهاز الصحي فيستثمرون فيها.

لقد غير كورونا العالم الطبي أيضاً. نعلم الأطباء الشــبان الأهمية الكبــرى التي في التقــارب، وفي الاتصال المحترم وبالعلاقة الشــخصية مع المرضى. أما اليوم وبســبب اضطرارات كورونا، فإن مظاهر التقارب هذه أصبحت مــن الماضي. وأتمنى أن يأتي اليوم الذي يصبح فيه التقارب الإنساني مرة أخرى جزءاً لا يتجــزأ من العمل، وأشــكر الطواقم الطبية على تفانيها غير المنتهــي وصمودها في هذه الفترة المعقدة.

فــي بداية الوباء، وكنتيجــة لنقص المعرفة وفي محاولة لحماية أبناء العائلات، لم نســمح للعائلات بــأن تبقى إلى جانب أعزائها في أقســام كورونا في المستشــفي­ات. وأحياناً رحل الناس إلى عالم الآخر دون أن يكــون إلــى جانبهم شــخص قريب. أطلب المغفــرة ممن لــم ينالــوا وداع أعزائهــم بالطريقة الإنسانية والمناسبة. أما اليوم فإننا نتصرف بشكل مختلف، ونحمي أبناء العائلات الذين يطلبون ذلك

ونسمح لهم أن يكونوا إلى جانب أقربائهم.

نحن أيضاً، مجتمعــاً وأفــراداً، علينا أن نجري حســاباً للنفس؛ فقد عمق وباء كورونا الصدوع في المجتمع الإســرائي­لي. يصر كل واحــد في الجماعات الأهلية المختلفــة والفئات الســكانية المختلفة على مبادئــه المهمة، فيمــا يفحص كيــف أن الآخرين لا يلتزمون بتعليمات التباعد ومنع التجمهرات.

في هذه الســاعة، ينظر كل منا إلى نفسه ويسأل كيف يمكنه أن منع العدوى.

وضع الكمامة هو التعبير الأكثر بساطة للمساهمة الشــخصية. في مقال نشــر في الصحيفــة الطبية الرائدة «نيو إنغلاند» كتب أن وضع الكمامة لا يحمي المحيط من المرضى فحســب، بل يقلــص احتمال أن يصاب من يضع الكمامة بالعــدوى أيضاً. فضلاً عن ذلك، حتى لو أصيب واضع الكمامة بالعدوى، يرتفع الاحتمال أن يمرض دون أعراض.

لقد تغلب شعب إسرائيل في الماضي على مصاعب كثيرة. إذا كنا معاً فلا شك عندي بأننا سننتصر على كورونا. وكما قيل في قصيدة يوآف إســحق: «حتى لو كان هذا صعباً، فمعاً ســنغير كل شيء...» خاتمة عيد طيبة!

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom