Al-Quds Al-Arabi

مخاوف من تفاقم أزمة الفقر في المغرب بسبب كورونا

-

■ الربــاط - الأناضول: ترفع مــن المتوقع تداعيات تفشي فيروس كورونا نسبة الفقر في المغرب إلى 19.87 في المئة خلال العام الحالي مــن17.1 في المئة في 2019، وفــق تقرير صادر عــن المندوبية الســامية للتخطيط، ومنظمة الأمم المتحدة، والبنك الدولي.

ويفتح التقرير الذي جاء بعد دراسة الأثر الاجتماعي والاقتصادي لوباء «كوفيد- 19 »، في المغرب، الباب أمام سيناريوهات أكثر تشاؤما حيال الاقتصاد المحلي.

وقبل ذلــك، أظهرت إحصائيات رســمية صادرة عن مندوبيــة التخطيط الحكومية مالكلفــة بالإحصاء، أن ثلث أســر البــاد لا تملك مصدراً للدخل بســبب توقف أنشــطتها أثناء الحجر الصحي، بينما هناك 34 في المئة أي ثلث آخر من الأسر المغربية، لا تحصل على دخل كافٍ بسبب الحجر الصحي.

ويرى واضعو التقريــر أن تداعيات الأزمة الصحية الناتجة عن تفشي «كوفيد-19» ستدفع مليوناً و58 ألف مغربي نحو الفقر.

ويضيفــون أن «تداعيات أزمة كورونا، ستتســبب خلال الســنوات القادمة في اتساع قائمة الفقراء بشكل غير مسبوق في المغرب.»

ويرى عمر الكتاني، أستاذ الاقتصاد في جامعة محمد الخامس في الربــاط، أن «التوقعــات الحالية المرتبطة بارتفاع عدد فقراء البلد، ليس عالية، مقارنة مع الضرر الواقع على الاقتصاد». ويضيــف «الآن هناك قناعة أنه ســيكون ارتفاع في نســبة الفقراء.. ما الخطوة المقبلة الواجب اتخاذها رســميا؟ خصوصا أن الفقر في المغرب يأخــذ طابعــا جغرافيــاً، إذ يأتي من المناطــق الريفية ويذهب نحو المدن .»

ويقول أيضاً «يجب دراســة التطور الجغرافي للفقر وهجرته من الأرياف نحو المدن، لا دراســة ارتفاع الفقر فقط، وإنما حركة نموه في المدن، وهذا أخطر.»

ويتابع «كلفة علاج الفقر في الأرياف قليلة، وعلاجه أصعب في المــدن، وبالتالي يجب أن يكــون العلاج في البداية وليس بعد الانتقال إلى المدن.»

ويذهب المتحدث إلى أن «أزمــة كورونا كان لها الأثر الكبير في المدن بخلاف البوادي»، مشيراً إلى أن «الوباء

مكلف في المدن، لأن حزامات الفقر منتشــرة حولها، مع تنامي مظاهر الجهل والإجرام».

ويضيــف «هنــا يكمن المشــكل الأساســي للفقر في المغــرب، وهو حركية الفقــر، فالمدن مهــددة بالانفجار بســبب وضــع الفقــر، لأنها هــي التي تنتــج وظائف جديدة، بينما البوادي لا تنتج وظائف جديدة وترتبط بالفلاحة».

غير أن الكتاني يحذر من «التوجه نحو منح الأســر المغربية دعمــاً مالياً مباشــراً بدون مقابــل انتاجي... أتخوف مــن أن ندخل الريع للفقراء، لا يجب أن نعطيهم النقود للاســتهلا­ك».ويعتبر أن «اللجوء إلى منح مالية مباشرة للاســتهلا­ك، ستســاهم فقط في الحفاظ على الفقــر»، بينما «قد تكــون الآلية ناجعــة إذا تعلق الأمر بالعجزة والأرامل، وأطفال الشوارع».

من جهة ثانية يرى مهدي فقيــر، الخبير الاقتصادي المغربي، أن «المخاوف من ارتفاع عدد الفقراء في المغرب بســبب تداعيات كورونا لها ما يبررها». ويقول «هناك ثلاثة أســباب تدفع فــي اتجاه ارتفاع نســبة الفقر في المغرب بسبب تداعيات الجائحة، الأول أن البلاد تعاني من أزمة اقتصاديــة، فالجائحة خلفت توقفا للنشــاط الاقتصادي في عدد من القطاعات، وتسريح للعمالة.»

أما الســبب الثاني فيتمثل في «تقليص عدد ساعات العمل، مما ســيخلف محدودية الدخــل لمئات أو الآلاف من الأسر، بينما الثالث هو تضرر القطاع غير المنظم، مما سيؤثر كثيرا على مناصب الشغل.»

ويضيف «صحيــح أن المخاوف مبررة ومشــروعة، لكن حجم التأثير ســيظهر جلياً مع مرور الوقت، يجب الانتظار قليلا لتقييم الوضع». وسبق للمغرب، أن أطلق مبادرة اجتماعية قبل 15 عاما، سميت «المبادرة الوطنية للتنمية البشرية - برنامج لمحاربة الفقر» امتدت المرحلة الأولى منها بين عامي 2005 و2010، والمرحلة الثانية بين 2011 و2015 .

وخلال ســبتمبر/أيلول 2019، أطلق المغرب المرحلة الثالثة للمبــادرة الوطنيــة للتنمية البشــرية تمتد 5 سنوات، بميزانية تقدر بنحو 18 مليار درهم ) 1.9 مليار دولار(.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom