Al-Quds Al-Arabi

دعوة الرئيس التونسي إلى تطبيق عقوبة الإعدام تثير جدلاً سياسياً في تونس

- تونس «القدس العربي» من حسن سلمان:

أثــارت دعوة الرئيــس التونســي قيس ســعيد إلى تطبيــق عقوبة الإعــدام على مرتكبي جرائم الاغتصاب والقتل، جدلاً سياســياً كبيراً فــي البــاد، فبينما أيــد البعض هــذه الدعــوة، طالب آخرون ســعيّد بالابتعاد عن الخطاب الشعبوي.

وكان ســعيد تطرق، خلال إشــرافه، الإثنين، علــى اجتماع مجلس الأمــن القومي، إلى جريمة قتل واغتصاب الشــابة رحمــة لحمر التي هزت الرأي التونســي، داعياً إلى تطبيق عقوبــة الإعدام على مرتكبي جرائــم الاغتصــاب والقتل، حيــث أكد أن «مــن قتل نفســاً بغير حق جزاؤه الإعدام»، مشيراً إلى ارتفاع منسوب الجريمة في تونس.

واعتبــر رئيس المجلس الأعلى للقضاء، يوســف بوزاخر، أن ما ورد علــى لســان رئيــس الجمهورية حول ارتفــاع منســوب الجريمة «فيه جانب كبير من الصواب، لكن السلطة القضائية هي آخر المتدخلين في مســار محاربة الجريمــة، مضيفاً: «تونس لم تلــغِ عقوبة الإعدام، لكن تبقى مســألة تنفيذها مــن اختصاص رئيس الجمهورية وله الســلطة التقديرية في ذلك.»

فيمــا اتهم محســن مــرزوق رئيس حزب مشــروع تونس، ســعيد بالشــعبوي­ة، مضيفــاً: «الرئيــس الفعلــي لا يقــدم آراء فيســبوكيّة

بخصــوص الإعدام، وإنما يقدم أفعالاً. ويجــب أن يخرج للعلن ويعلن رسمياً التراجع عن اتفاقية عدم تطبيق حكم الإعدام التي تم إمضاؤها في عهد الترويكا.»

وتابع بقوله: «ســعيد لا يتصــرف اليوم على اعتبــار أنه رئيس كل التونســيي­ن وإنما كمرشــح للانتخابــ­ات. وهو يرغــب بتولي منصب رئيــس حكومة ورئيس حزب ويعمل على إرضاء الفيســبوك­يين )...( القيــادة والزعامــة الحقيقة تتطلــب تقديم رؤيــة مســتقبلية ونتائج للشــعب الذي أنت تحكمه، على غرار إرســاء مقاربة وسياسية أمنية ناجحة لتجنب الجرائم التي أصحبت تشهدها الشوارع التونسية.»

وخاطبت البرلمانية الســابقة بشرى بالحاج حميدة، الرئيس سعيد بقولها: «يكفي من من الخطابات الفيســبوك­ية. لمــاذا لا تجمع مجلس الأمــن القومــي وتقــول لهــم: لا أرغــب برؤية امــرأة تونســية تعيش الخــوف، ولا أرغب برؤية التونســي يعيــش القلق في الشــارع؟ أنتم تتحملون مسؤولية الوضع الأمني في البلاد.»

ودوّن عدنــان منصــر، الأمين العام الســابق لحزب الحــراك، على صفحته في موقع فيســبوك: «رئيس الجمهورية لم يقل إنه سيمضي علــى أحكام الإعدام، قال فقط إنه جزاء القتــل العمد هو الإعدام. هذه الحقيقة الجميع يعرفها! الرئيس فضل أن يلعب في مســألة الغموض والانســيا­ق في المزاج العام. ليس هذا المطلوب مــن رئيس يفهم دوره التاريخــي. هــو يعرف جيــداً أن الدولة لديهــا التزامــات دولية حول موضوع الإعدام، لا تستطيع التراجع عنها. هو فقط خاطب الناس بما

يرغبون بسماعه، وهو يطرح موضوع النزاهة الأخلاقية في عمقها».

وأضاف: «الرئيس نقل الموضوع الخاص بجريمة فظيعة من الرأي العام إلى الســاحة السياســية، وهذا أمر خطير جداً. رئيس جمهورية لديــه رؤيــة كان يفترض أن يعبــر عن تعاطفــه مع الضحيــة، ويحيل الموضــوع إلى القضاء، لأن من أهــم أدوار رئيس الجمهورية هو زيادة ثقة شــعبه في مؤسســات الدولــة، وخاصــة القضاء. لكــن الرئيس عرّى القضاء، ونقل القضية من الرأي العام للســاحة السياسية )كما أســلفت(. وهذا خطير جداً على مؤسسة القضاء التي أصبحت تحت الضغــط. قضاء تحت الضغــط لا يمكن أن يكون عــادلاً، وهذا يتنافى مــع الأنظمــة الديمقراطي­ــة». وقــال الإعلامي والناشــط السياســي برهان بســيس: «الرئيس يعيش حالة ازدواجية بين شخصه كرئيس جمهورية صاحب أفعال وأقوال، وبين الصورة التي يمارسها كمرشد عام يكتفي بإسداء الوصايا النظرية مثل وصايا المسيح».

وأضــاف: «القضاء لا يزال يصدر أحكام الإعدام بشــكل عادي في القضايا التي تســتحق الإعدام، لكن بكل بســاطة رئيس الجمهورية لا يمضى )...( الرؤســاء الســابقون كانوا ملتزمين بالتــزام تونس مع المؤسســات الدولية بعدم تنفيذ حكم الإعدام ومــا على الرئيس قيس سعيّد إلا أن يصحح هذا الأمر».

ولــم تطبــق تونس عقوبة الإعــدام منذ ثلاثة عقــود، حيث تم تنفيذ آخر عملية إعدام في 1991 بحق من عرف يومها باســم «ســفاح نابل» الــذي اغتصب وقتــل 13 طفلاً، وهي العملية الوحيــدة منذ أن التزمت الســلطات التونســية بوقــف تطبيق عقوبــة الإعدام بما ينســجم مع المواثيق والأعراف الدولية. وتشير بعض المصادر إلى وجود أكثر من مئة حكم بالإعدام تم تحويلها إلى الســجن مدى الحياة، كما أن هناك أحكامــاً صادرة بالإعدام لــم تُنفذ حتى الآن، والقضــاء ما زال يصدر أحكام الإعدام، لكن السلطة السياسية تعطّل تنفيذها.

 ??  ?? بشرى بالحاج حميدة
بشرى بالحاج حميدة

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom