Al-Quds Al-Arabi

تركة الرزاز الثقيلة... من يحملها؟... التشبيك «وبائياً» مع الجيش الأردني بدأ وكوكتيل «وزاري» متنوع في الطريق

- عمان - «القدس العربي» من بسام البدارين:

يتمهل رئيس الوزراء الأردنــي الدكتور عمر الرزاز قليلاً وإلى حد ما قبل تقديم اســتقالته من منصبه تفاعلاً مع معطيات الاســتحقا­ق الدســتوري. ويعبر اليوم الثالث تقريباً والرزاز مهتم بالشعار الذي رفعه قبل حل مجلس النواب بعنوان «العمل حتى آخر رمق.»

لا أحد يعرف بصورة محددة سر التمهل بعدما أصبحت الحكومة مستقيلة حكماً إثر قرار الملك بحل مجلس النواب، لكن التغيير الوزاري في كل الحالات وشيك جداً، والمنطقي أن لا يتجاوز في سقفه الزمني نهاية الأسبوع الحالي، علــى أن الإعلان عن رئيــس الوزراء الجديد خطوة قــد تحصل في غضون ساعات.

مصيــر الوزراء المحوريين في طاقم الرزاز لم يحســم بعــد، لكن الحاجة ملحة جداً لأدوات قــادرة على التعاطي مع الواقع الموضوعي ولمرحلة تؤدي إلى استراتيجية وطنية عميقة ليس فقط في تشخيص المشكلات وترسيمها، ولكن فــي معالجتها، كما يؤكــد لـ«القدس العربي» الناشــط والصيدلاني المعروف والمرشــح أيضــاً لانتخابات البرلمــان الآن الدكتور عبــد الرحيم المعايعة.

المعايعة مثل غيره من الحريصين على تجاوز منطق ومنطقة الأزمة، يؤكد الحاجة الموضوعية إلى البرامج ومنهجيات فعالة بدلاً من الغرق في الأسماء والملامح. ورغم ذلك، وحتى بعد ظهر الثلاثاء، لا تزال هوية الجســم الهيكلي الوزاري للحكومة المقبلــة غامضة، وإن كانت معلومــات «القدس العربي» تؤكد بأنها حسمت بنســبة كبيرة يومي الأربعاء والخميس الماضيين، وقبل حتى حســم ورقة هوية رئيس الوزراء المقبل الذي ســيرث تركة ثقيلة بكل تأكيد وفي الســياق المزدوج، حيث تركة الواقــع الاقتصادي الصعب ومعها تركة حكومة الرزاز، كما يقدر البرلماني والبيروقرا­طي المخـــضرم ســـامح المـجالي.

الأســماء لها معنى دوماً في الحالة السياســية الأردنية. وأغلب التقدير أن رئيس الوزراء الذي ســيصدر بشأنه قريباً جداً الدخان الأبيض لتعميده سياسياً وبيروقراطي­اً، لن يكون من النادي التقليدي بالعادة.

قد لا تشكل هوية خليفة الرزاز اليوم المشكلة الأساسية، فالمؤسسة قادرة -ما دام رموز ما يســمى بالتيار المدني ابتعدوا عنها- على هضم أي رئيس للوزراء أو أي اســم. والأولوية كانت في المشاورات التي أدت إلى طهي خطة شــاملة بدأت بحل مجلس النواب وبالنتيجة إقصــاء، حكومة الرزاز بقيت معنية بتشكيل جسم وزاري قبل اي اعتبار آخر، وبالتالي تحديد من سيبقى

من حمولة الرزاز ومن سيغادر.

وأيضاً تحديد وترســيم الجالســن في مكان قريب من رئيس الحكومة المقبل الذين ســتوكل إليهم مهمة الاشــتباك والمواجهة فــي وقت حرج جداً وظرف اقتصادي معقد، وإقليمي مفتوح على كل السيناريوه­ات.

الخطة الموضوعة على الأرجح، ســتبدل أســماء بعض الوزارات وتدمج بعضها الآخر، وســتتضمن أو يفتــرض أن تتضمن اســتراتيج­ية جماعية شــمولية ليس فقط لمواجهة التداعيات الخطرة للفيــروس كورونا، ولكن لترشيد النفقات واحتواء مؤشــرات التراجع الاقتصادي والبقاء في دائرة التفــاوض مع صندوق النقد الدولي. هنا تحديداً قد تســتمر خطة الاحتواء الاقتصاد، مما يؤشر على استقرار أبرز رموز الطاقم الاقتصادي على الأرجح، وبصيغة تضمن وتحديداً الوزراء الذين ينســقون برامجهم الاقتصادي مع القصر الملكي.

وأغلب التقديــر أيضاً أن المطلوب في التشــكيل الــوزاري المقبل طمأنة القطــاع المصرفي بوجود لاعبــن بيروقراطيي­ن بنفس الوقت يســتطيعون التفاعل مع بنية المجتمع في الأطراف والمحافظات والعشائر.

وقــد يكون المطلوب طاقم سياســي له رديف في مؤسســة القصر داخل الحكومة يعمــل على الملفــات السياســية والإقليمية في ظل المســتجدا­ت الحساســة، وهــو دور بكل الأحــوال يمكــن أن يلعبــه الوزير الســابق

والدبلوماس­ي المخضرم والمستشــا­ر الملكي الأبرز الدكتور بشر الخصاونة. مهم في الأثنــاء الحديث عن رؤية علميــة واســتراتي­جية أعمق في المجال الصحي تحديداً تســتند إلى التشــبيك في الحرب على الفيروس المنتشــر اجتماعياً الآن مع الخدمات الطبية الملكية والمؤسسة العسكرية. وهو تشبيك بدأ فعلاً من إعلان مدير التوجيه المعنوي في القوات المســلحة صبيحة أمس الثلاثاء، إلى التحرك لتحويل منطقة الحجر في البحر الميت إلى مستشــفى ميداني يتســع لألفي سرير، في مؤشر على أن حســابات الدولة الأعمق في الأردن تتحدث عن مرحلة صعبة قادمة في مسألة الوباء كورونا.

اشــتغل في هذا الملف بكثافة طوال الأشــهر الماضية المستشار العلمي في القصر الملكي الدكتور عبد الله طوقان، الذي درس منحنيات الوباء وجمعها ووضع خططاً مبكرة أخفقت الحكومة الســابقة في تنفيذها، مما يســتدعي عملياً وجود انعكاس علمي وصحي يمتد في تشكيل الحكومة المقبلة.

تلك المعطيات على الأرجح حســمت بمشاورات مكثفة خلف الستارة، وما تبقى بعدما انهى الرزاز آخر جلسة لمجلس الوزراء أمس الثلاثاء، هو تركيب لأســماء على المضمون بكوكتيل نخبوي وترســيم انعكاســات هذه الخطة الجديدة في المســارين الاقتصادي والوبائي، وأيضاً في المســار السياسي، حتى يشعر الجميع بأن الدولة فتحت فعلاً صفحة جديدة، بصرف النظر عن هوية رئيس الوزراء الوشيك.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom