Al-Quds Al-Arabi

بَيَانُ الْفَرَاغِ... مِنْ أَجْلِ أُفُقِ شِعْرِيٍّ مُخَاتِلٍ

- ٭ شاعر من المغرب

تتخلَّق الكتابة مــن تُرْبَة الذات، وتنْمو مُجْترِحة أفــق حياتها على البياض، ناصبة فِخاخ السّحر النابض بالتّيه في مسارات مَحْفوفَة بِدهْشة البحث الأبدي عن الكينونة. و تتجذّر في مفاصل الحياة بجعل الشــعر نثرا والنثر شــعرا، لا فُصَامَ بين الشــعر والنثر، فهما يشــكلان كونا واحدا مُوَحّــدا مُتوحّدا، ومُوهِمٌ مَــنْ يعتقد خلاف هذه الحقيقة، تلك هوية الشــعر المغربــي المعاصر،وذلك بعد الاختلاف عن الآبامن حيْث الرؤى والتجارب، وحيْث تجاوز الأشــكال البائتة والمعايير الثابتة، فهو شعر يتولّد من الفراغ. فالفراغ سيّد هذا الشعر وامتلاؤه، ولا ضَيْــرَ مِنَ الجمــع بينهما بوصفه نابعــا من المفارقة ومولــودا بأرخبيلات مترامية الأطراف. فلا معنى لهذا الشعر إلا داخل منظومة الفراغ المليء بالمكابدة والاحتراق، التأمل والسيْر بخطى وئيدة صوب ذاك المنسيّ في اللاوعي.

فالوعي بالفــراغ خروج عن الطاعة، وتمرّد على أنظمة شــعرية مُســتبِدّة، وحفْرٌ عميق في طبقات المنسي من الذاكرة وبَحْثٌ أبدي عن المختلف في التجربة الشــعرية، ومطاردة الخيــالات الآفلة من أجل القبض علــى المنفلت والغامض والملتبس.

(1( الْفَرَاغُ سَِّيدُ التَّمَرُّدِ وَرُبَّانُ الْمُغَايَرَة

هذا الفراغ نقيضُ الإنشــاد، الصَّدى ، المطابَقــة، المماثَلة،المؤالَفة، و الوحْدة. مُؤمِن بالتعدّد والاختلاف الصَّمت والحــواس و الصَّوت. إنّه شــعر يُمــارِس الخَــرْق داخــل التنوع والتغيّر، بِصِفَتِهُ التحوّلية لِيَحْفِر جغرافيــات إبداعيــة جديــدة ، لايبحث عــنْ سَــنَدٍ فــي الماضي ولا ينفصــل عنــه، بل يجــاورُه وفــي الوقــت يتجــاوزُه، جدارة وجوده فــي حضــوره وامتداده في المســتقبل، مســتمِدّ ديْمومَته من هــذا الُمبْهــم الُمســلِّط عتماته علــى الوجــود، لا يقيم فــي جبّة الأســاف ولا الأخــاف، هو وليد لحظتــه وراهنيتــه المنبثقــة من جوانيته،و يشــترع حوارا عميقا، مُنصتا ومُصغيــا لدبيبه وهزّاته، لإبدالاته ،مُوسّــعا تــراث الماضي ببلاغــة جديدة تعجن أســاليبها بمــاء التحــوّل والإضافــا­ت، لذا نجد فراغــه محمّلا بأكثر من معنى ودلالات.

إن الفــراغ المهــول، الذي ينظر إليه من لَدُنِ دعــاة النَّمطية تُّجَاهَ النَّصّ الشِّــعري، لا يعبّــر إلا عن قِصَرِ النَّظــر وعماء البصيرة، ففي الفــراغ امتلاء وطــراوة وطزاجة شــكلا ومعْنى، ولا حياة في المعنى إلا في إطار هــذا الفراغ الذي يُقعّد لبداية الشعر الخالص والمتخلّص من الوضوح والســطح، والحامل لمحمولات مفارقة للذائقة المتسيِّدَة الجامدَة، حساسية ورؤى. لأن السّطح يُواري العمق ويُضمرُه، لهذا فالشــاعر يغوصُ في المهاوي العميقة للكائنات والأشياء للكشف عن الظاهر الجلي البسيط الُمترع بالعمق، من خلال، لغة واعية بِقُدْرَتِها على الشَّــرْخ والتَّفتُّق من العتمات، ضوْء يُنير دهاليــز الذات ومغالقَ الوجود. وعليه فهذا الشــعر، كتجربة وممارســة، يجمع بين الواضــح والمبهم، الغريب والمنســي، السّــهل الممتنع،المتعدّد والُمتشــظّي، يبتعد عن الحضور والأضواء ويقترب من الظلال والغياب.

الْفَرَاغُ لُغَةٌ الاِمْتِلاءِ وَصَنِيعُ اللانِهَائِيّ، وَبَلاغَةٌ تَضُخُّ الأَلْفَاظَ وَتُوَسِّعُ الْمَعَانِي بَعِيداَ عَنْ الأَسَالِيبِ الْمَسْكُوكَةِ، وَتِلْكَ أَبْجَدِيَّةٌ ثَانِيَةٌ.

(2( الْفَرَاغُ أُفُقٌ شِعْرِيٌّ مُخَاتِلٌ:

فالفراغ اعتراف بأحقية البياض بالامتلاء، والحفْر والتَّشكيل واقتراح رؤى تنْهل من المهمش والمهمل، من البســيط في اتجاه المركّب، من الواحد إلى المتعدّد، مــن العماء الأفقي إلــى البصيرة العموديــة المتّجهة صــوب الومض والخفق، والخوافــي المعتمة، وهنــا مكْمن الانتعاش الشّــعري حرارة وتجربة، كشْــفا ومغايرة. لقد آن الأوان لجعل هوية الشعر المغربي المعاصر أكثر امتلاء للاحتفاء بالحيــاة في بســاطتها وتعقيداتها، ونافضا عن الذّات غبــار الصدى الآتي من البعيــد النّهائي، ليبتدع تجربته بعيــدا عن الاجترار، ومنخرطــا في التجاوز والإبداع لمعانقة اللانهائي. والفراغ المقصود به تلك الهوّة الفاصلة بين السّــاكن والمتحرّك، بين الصدى والصوت، بين المعلوم والمجهول، بين المحدود واللانهائي، بين العتمــة والنّور، بين الجانح صوب الماضي والجامح صوب المســتقبل. وفي هذه الهوة يتحقّق الخلْق ويتم اشــتراع أفق كتابة يحتفلُ بعلاقة الذات واللغة، و علاقة اللغة بالاحتمالا­ت الجمالية، وعلاقة المجتمع بأســئلة الراهن وصوْغها في ســبائك اللغة المعبّرة عن هذه الذات والُمشكّلة لمعالم الكون، بوساطة ذاكرة تخييلية متجذّرة في المفاجئ والمباغث، والسّفر في أرض الشعر الممتدّ في تخوم اللانهائي، الّذي يَحُفّ الوجود والموجودات.

إن الشــعر المغربي المعاصر ، منذ الرواد إلى اللحظــة الراهنة، يعيش غربة قاســية نّاجمة عن هيمنة الذهنية المتكلّســة، المقيمة في ذاكرة النشيد، والمؤمنة بهويّة القوالــب الراكنة والراكدة، والمغتربة عن ذاتهــا، بوصف الذات حاضنة للغة المشــتركة، وللمتخيّل الممتد في تاريخها وحضارتهــا، وللكلام المنبثق من صلب التجربة،رغم مظاهر التحديث الشــعري. هذا الشعر الُمثقل بصدى الُمثل القبَلية والخاضع لنسق ثقافي مسوّر بالتّصلُّب والتّكلُّس، يُواجه محنة القراءة النقدية المبتسَــرة. ذلك أن مناولته كانت تقتصر على تداول الجوانب الشكلية، والتركيــز على أســاليب البلاغة المختزلــة، ممّا يخنق صوت الشــاعر ويذوب في صدى النشــيد،لكون الممارسة النقدية اتّســمت بالقُصور في نظرتها للنص الشــعري نظرة لا ترى فيه إلا شــكله المتآكل والبالي، فعاش الشــاعر المغربي المعاصــر حياتــه الإبداعية محاصرا بهــذه الرؤية، التي تحُــول دون اجتراح الممكن للقبض على الكائن من لدن الشــاعر. إلا أن هذا الواقع ســيعرف إبدالات ستصيب الذائقة الشعرية الســـــائ­دة بنوع من الارتبــــ­اك والإدهــاش،من خــال، الإتيان بالخلْق والتّجديد لشــعراء آمنوا بعقيــدة التخطي والتجاوز، ليعرف المشهد الشّعري تحوّلا واضحا شــكلا ومحتوى، فلم يعد الشعر مرتبطا بالقضايــا الكبرى، وإنمــا جدّد فيها وأضفى عليها مُســوحاتٍ تكشــف صوته الخاص، وتشــــكيل­ها )أي القضايا الذاتية والكبرى( وفْق رؤية للذات وللعالم وللكتابة.

الْفَرَاغُ فَتْحٌ وَكَشْــفٌ وَاجْتِرَاحٌ لأُفُقٍ شِــعْرِيٍّ مُخَاتِلٍ، الْفَرَاغُ عَصِيٌّ عَنْ الثّابِتِ وَخَاضِعٌ لِمَشِــيئَةِ التّحَوُّلِ، الْفَرَاغُ تِلْكَ الْكِتَابَةُ الْبَيْضَاءُ الْعَاصِيَةُ عَنِ التَّسْــوِيدِ وَالتَّحْدِيدِ. الْفَرَاغُ مُغَايَرَةٌ أَبَدِيّةٌ تُؤَسّــسُ لأَبَجَدِيّةٍ الاحْتِرَاقِ/ الْقَلَقِ/ السُّـَـؤالِ. الْفَرَاغُ اِنْتِحَالُ الْعُمْقِ وَلَفْظُ السَّــطْحِ. الْفَرَاغُ إِيقَاعٌ جَدِيدِ لِشِــعْرٍ مَغْرِبِيٍّ مُفَارِقٍ وَمُخْتَلِفٍ.

(3( الْفَرَاغُ اِلْتِباسٌ وَمُغَايَرَةٌ:

الكتابــة منذورة للفــراغ و الامتلاء في آن، فهي ليســت جريــرة أو خطيئة مُحرّمة منبوذة، تفرض سُــلطتها على الذات والعالم، وإنما هي تمثيل للتجربة داخل الحياة، واستشــراف لحياة المجهول،واستقدام المستقبل باللغة والخيال والمتخيّل، فبدون هذه اللعنة لا تســتقيم دورة الإبداع الطبيعية، فَبِهَا يتِمّ عقْلنة ) من العقل( المحســوس وحسّــية المجرّد، وهذا ما نلحظه على مستوى تجارب الشعراء المنســيين قراءة ونقدا، فهم بلا رعاية نقدية، يبدعون ولا يلتفتون ولا يكثرتون برحمة الأب الناقد. فاليُتم النقدي ميْســم عطّل ولَجَمَ دينامية النص، وكبَــحَ جِماح حيويته، بالرغم مــن بعض الحضور النقدي المحتشــم، فجعلتْه يعيش اغترابا مزدوجا، جرّاء مقاومته للذهنية الكلاســيك­ية وغياب ممارســة نقدية جديرة بهذه التجارب الشــعرية المؤسّســة والمتحرّرة من عُقدة الشّــكْل والخالقة لمعانيها المعبّرة عنها ، فهذا الغياب ضاعف من محنة الشعراء، وزاد من غربة النص. فالكثير من الجماليات الشــعرية المعجونة بماء خيال الرواد ومَنْ تبِعَهم في الغواية البهيجة المترعة بالحياة والكشــف، وبابتداع متخيّل شعري مفارق ومخالف للشّــائع، لم يُســلَّط عليها الضّوء لإضاءة عوالمها المتخلّقة من نار الكتابة ومكابدات التجربة. وعليه فممارســة نقد الشعر المغربي المعاصر، وتحديدا تجارب شعراء التســعيني­ات، تتّسمُ بظلم نقدي مُجحف وقاسٍ، وهي تجربة لأصــوات متخفّفة مــن كل الالتزامات الإيديولوج­يــة، صانعة لصوتها الإبداعي العميــق، المتأصّل في أرض الشــعر الجدير بالحيــاة، وخالقة لنص شعري معبّر عن كينونة متشظية، منبوذة نقديا، فُرضتْ عليها الإقامة في مواقع

متباعدة، والانكماش حول الذات وإعطاء مسافة من القضايا الكبرى، التي ســرَت في شرايين التجارب الشعرية الســالفة، ناحتة صوتها الشعري بإزميل الحياة وتفاصيلهــ­ا الصغيرة، حيــث الذات مجرّة تسبح في فضاءات كونية للتأمل والتّألّم، للتّرحال في الأعماق ومجابهة شراسة اللامعنى. فحياة التجربة تكتمل بالنقد، وفي غياب النقد تموت هذه التجربة .

ففي غياب المعنى لم يكن أمام الشــاعر المغربي ســوى الانخراط في مغامرة محفوفة بمخاطر الفقدان والهشاشــة، التشــظّي والتّمزّق، البشــاعة وإقصاء العقل، وسيادة النّقل،و الفوضى بتجلياتها المختلفة.

إِنَّ الْفَرَاغَ الَّذِي لا يَقُودُ إِلَى الْمَهَاوٍي سِــَمتُهُ النُّقْصَانُ، وَالَّذِي لا يُشْعِلُ الْمَعْنَى فِــي قَلْبِ اللامَعْنَى عَمَاءٌ. وَلا يُضِيئُ عَتَمَةَ التَّجْرِبَةِ وَلا يَكْشِـُـف خَبَايَا الرُّؤَى وَلا يُثِيرُ الأَسْــئِلَةِ، وَلا يَصِلُ تُخُومَ اللانِهَائِي فُضْلَةٌ زَائِدَة. الْفَرَاغُ الأَجْدَرُ بِالامْتِلاءِ هُوَ فَرَاغُ الالْتِبَاسِ وَالْمُغَايَرَةِ.

(4( الْفَرَاغُ تَحْرِيرٌ لا تَكْرِيرٌ :

إنّ شــعرية الكتابة لن تتأتى عــن طريق الاحتذاء، بل تتحقّــق انطلاقا من التوظيــف الأمثل للغة، وبالخــروج عن أوهام الوثوقية التعبيرية الســاذجة، والدخــول في حقيقة الذات والتباســا­تها، وذلك في إطار علاقتها بالعالم، فحياة اللغة في الذات وليس في المعاجم، ذلك أن الذات، في ســياق التجربة، تُبــدع لغتها وتثوّرها بشــحنها بطاقــة تخييليــة مُنْزاحة عن اللغــة العادية/ الطبيعية،شــعرية تُبْدِع معجمها الخاصّ بها، وتفتح أفق كتابة لها نَفَــس إيحائي يحقّق لها وجودها الاســتعار­ي المختلف مع الوجــود الحقيقي، فالشــاعر يصنع وجوده الاســتعار­ي بلغة الانزياح/ العُدول، ويجدّده عبْر إضفاء صبغة مجازية نابضة بتفاصيل الحياة، وهشاشة الكائن، والحلم بالممكن، ومطاردة المستحيل. من هنا يشكّل الشاعر زمن الإبداع المتغيّر، والمتجــاو­ز لراهنية مفتعلة، بوصف الشــعر ضد الراهنيــة، ومع البحث عن الديمومة. شــعر لاإقامة له إلا في اللامكان، فهــو عدّو التحديد، في اللاهنا كينونة الشــعر قاصرة، و في اللاهناك تولد وتتجدّد هذه الكينونة بمُتاخمة ميتافزيقا الحيرة وسؤال الماوراء.

هنا نحتفي برؤية جديدة منفتحة على ســؤال الذات والعالــم، لا حدود فاصلة بين هذين المقوّمين في أي تجربة شعرية، رؤية تجعلها )التجربة( أكثر حضورا بطزاجتها وطراوتها على المستوى الاستعاري، للحفاظ على طاقتها الإبداعية. هذا التصور في الكتابة مقصديته عدم السقوط في فخاخ النّســخ الشــعري، الذي غَدَا دمغة الشــعرية العربيــة، حتى اختلط الحابــل بالنابل فــي التمييز بين التجارب القمينة بالحياة، الأمر الــذي يحتّم علينا النظر بعين الريب والشّك لهذا المتن الشعري، الذي كثر شعراؤه وقلّ فيه ماء الشــعر ، وتلك قضية أخرى تحتاج إلى أكثر من وقفة، وهي مهمة النقد الغائب. ولابد من إضافة معطى مهم يكمن في أن هذه الرؤية تحمل المغايرة للذات باعتبار كونا متحرّرا من أغلال الخارج ومن القمع كأداة للشللية، فتحرير اللغة والتخييل من تحرير الذات.

الْفَــرَاغُ تَحْرِيــرٌ لا تَكْرِيــرٌ، اِنْبِجَاسٌ مِنْ قَيْــدِ الْجُمُودِ لِمُعَانَقَةِ جُمُوحِ الْخَيَال، وَمَعْصِيَةِ الْمَجَــازِ. مُغَايَرَةٌ لا مُطَابَقَةٌ. انْطِلَاقٌ فِي اتِّجَاهِ الْيَقَظَةِ الْمُتَوثِّبَةِ، يَقَظَةِ الْحَوَّاسِ وَتَشْكِيلِ الْعَالَمِ.

(5( الْفَرَاغُ إِدَانَةٌ لِلْغِيَابِ:

إنّ مســار الشــعر المغربي المعاصر متميّز بهذه الانتقالات الفردية وليســت الجماعية، فكل شــاعر يؤســس لتجربته بعيــدا عن الآخر، وفــي هذا تنجلي الفردانية الشــعرية -إن صح القــول- وتتمرأى صورة التجــارب على مرايا متشــظية تبرز التعددية المختلفة، التي تعكس حيوية الشــعرية في الممارســة الشعرية بالمغرب، والمعبّرة عن اختلاف وتعدّد الروافد المعرفية والشعرية، التي تنهل منها التجربة الشــعرية بالمغرب، مما يؤكّد على أن هذه الشــعرية لم تعد خاضعة لتأثيرات المشــرق العربي، كما كان سائدا في منعطفات الشعر المغربي المعاصر، بــل إنّ غناه وثراءه في هذا التعدّد المغايــر ، وفي هذا الاختلاف على صعيد المتخيّل المختلف الُمسْتَلْهَم من ثقافات وتجارب أخرى.

إنها كتابة شــعرية زاخرة بصوت الذات المقيمة في حافّة النسيان، والقابضة على جمر الإبداع، والمنفية من دائرة النقد، والُمكَابِدَة لظلم ذوي القربى شــعراء ونقادا. كتابة تحتاج إلى أكثر من مبادرة لِنَفْضِ غبار التهميش والإقصاء، وذلك بالقراءة الواعية والمدرِكَة لمفاصل هذا الشــعر المشعّ بالجمال والخلْق والإبداع، والَموســوم بالْخَرْق الُمسْهم في إغناء التجارب الســالفة وتجسير عُرْوَة القرابة الشعرية،خَرْق مؤمن بالاتصال ونابذ الانفصال.

الْفَرَاغُ إِدَانَةٌ لِلْغِيَابِ،اِمْتِلاءٌ لِلْحُضُورِ، وَرَغْبَةٌ فِي إِثَارَةُ سُؤَالِ الشِّعْرِ الْمَغْرِبِيِّ الْمُعَاصِرِ، وَإِضَــاءَةٌ لِهَذَا الْمُعْتِمِ فِي هَــذَا الْمُنْعَطَفِ الْمَلِيءِ بِالصِّــرَاعِ مِنْ أَجْلِ الْوُجُودِ، وَمُقَاوَمَةِ حُرَّاسِ التَّوَابِيتِ، وَكَهَنَةِ الْقَوَامِيسِ، وَأَعْدَاءِ أَبَدِيةِ الْحَيَاةِ فِي اللُّغَة.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom