بعد تطبيع العرب مع إسرائيل: أين اختفى الفلسطينيون؟
■ بعــد أن هــدأ الفلســطينيون من احتفــالات اتفــاق التطبيع بين إســرائيل والإمــارات والبحرين، يُســأل الســؤال: أين اختفى الفلسطينيون عن الخريطة السياسية في الشرق الأوسط؟
لقد باءت المحاولة الفلسطينية لانتزاع شجب الاتفاق بين إسرائيل والإمارات من الجامعة العربية بفشل ذريع، بل أصبح لاذعاً أكثر بعد الاتفاق مع البحرين. وبالتالي، بدأ الفلســطينيون يفهمون بأن قطار التطبيــع مع الــدول العربية الذي كان ينبغي أن يمــر في محطة رام الله، وفقاً لمبادرة السلام العربية، فإننا نعيش اليوم عصراً جديداً لا تتردد فيه بعض الدول العربية في الكشف عن العلاقات مع إسرائيل. وغياب الفلســطينيين عن الصورة العامة يطرح علامات اســتفهام حول وضعهم الحالي، ويستوجب حساباً للنفس.
عملياً، الإمارات والبحرين ليســتا الدولتــن العربيتين الأوليين اللتين توقعان اتفاقات مع إســرائيل دون حل المشــكلة الفلسطينية: فقد ســبق لمصر أن فعلت في 1979، والأردن في 1994. ولكن رغم أنها ليست سابقة تاريخية، يبدو أن النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني هذه المرة أبعد بكثير عن أن يكون مركز مسألة العلاقات بين الدول العربية وإســرائيل. يمكن للفلسطينيين أن يتمســكوا بصعوبة بأن الجامعة العربية رفضت في بداية الســنة صفقة ترامــب، ولكن لا يزال الوقت قائماً لإعادة احتساب المسار.
على الفلســطينيين أن يســتوعبوا ما فهموه جيداً. ثورة الربيع العربي وإن لم تنتشــر في كل أرجــاء الدول العربيــة، إلا أنها أدت
بزعمائها إلى تفضيل الاســتثمار بالحداثة وبالمســائل الداخلية قبل الشــؤون الخارجية، وعلى رأسها المشكلة الفلســطينية. ويبرز هذا التغييــر على نحو خاص لدى الجيل الشــاب، الذي لــم يتربّ على خلفيــة الحروب مع إســرائيل، ولا يــرى في العلاقــات العلنية مع إسرائيل فعلاً منكراً.
كي لا نخطئ: لا يشــهد هذا الوضع على أن إسرائيل الحالية، في عصر نتنياهو، دولة محبة للسلام مع الفلسطينيين. فإسرائيل معنية أكثــر بالإبقاء على الوضــع الراهن للاحتلال، ولا شــك بأن القيادة الفلســطينية تخدم إســرائيل من جهتها. أولاً، الانقسام بين رام الله وغزة يلحق ضرراً بالمسألة الفلســطينية ويؤدي إلى إحساس الملل في العالم العربي مثابة «إذا كنتم لا تنجحون في تدبر أنفســكم فيما بينكم، فما الــذي تريدونه منا». إضافة إلى ذلك، لأن فك الارتباط عن غزة في 2005 لم يستغل في ترميمها وإعادة بنائها، فذلك يلحق ضرراً بصورة الفلسطيني وتطلعه إلى دولة. وأخيراً، بدأ العالم يعترف بأن عدم اســتغلال الفرص وتبني سياسة الانتظار فشل ذريع في اختبار الواقع.
إن التحــدي الفلســطيني الآن هو إيجاد ســبيل لإلــزام الطرف الإســرائيلي بالدفع إلى الأمام بخطوة سياسية، ويستنتج بعدئذ أن حان الوقت للكف عن التلويــح بحل الدولتين الذي لم يخرج منه أي شــيء منذ قرابة ثلاثة عقود، والبدء بالدعوة إلى تطبيق حل الدولة الواحدة؛ لأنه إذا كان هناك شيء ما يخيف الطرف الإسرائيلي، فهو زيادة عدد المواطنين العرب.
يديعوت 2020/9/29