Al-Quds Al-Arabi

إلى معارضي الاتفاقيات: هل ننتظر اليمين الإسرائيلي و«كرامة الفلسطينيي­ن الوطنية»... لتحقيق السلام؟

- ألوف بن

■ قــرأت مقال عودة بشــارات («لو كنت تعيــش في غــزة»، 9/17( ومقال آفنر غبرياهو («ليس بائســاً أن تنتقــد اتفاق متهكم وعدائــي»، 9/22(، ورجعت إلى 19 تشــرين الثاني 1977، لحظة هبوط أنور الســادات في القدس. جلسنا في الصالون وشــاهدنا بانفعال، بالأســود والأبيض، باب الطائرة وهو يفتح والرئيس المصري يخرج منــه. كنت حينها في الصف الثامن وحســدت صديقي رولــي أراد الذي كان والده رئيس «يد واسم»، واستضاف في اليوم التالي العدو الذي جاء لصنع السلام.

عندها تخيلت صف المســتقبل­ين، وفــي الطرف رأيت بشــارات وغبرياهو يقفان جانبــاً ويرفعان لافتات كتــب عليها «خائن، عد إلــى بيتك» و»اذهب مــن هنا أيها الديكتاتور». كان هناك عدد من رجال الشرطة يفصلون بينهم وبين متظاهري اليمين المتطرف الذين رفعوا لافتات مشــابهة. أرادوا معاً وقف مبادرة السلام. تخيلت ماذا كان سيحدث لو نجحوا: حرب يوم الغفران الثانية، الثالثة، والرابعة... رأيت صفوفاً كثيرة من شــواهد القبور في المقابر العســكرية، واســتيقظت من الحلم وأنا أتنفس الصعداء.

لا أعرف إذا كانت الاتفاقات الجديدة مع الإمارات والبحرين ســتؤدي إلى تعميق الاحتلال والقمع في المناطق، ولكن في حالة السادات، كانت النتيجة واضحة: استغل مناحيم بيغن الســام مع مصــر لبناء «المئات من ألون موريه» فــي الضفة الغربية، مثلمــا وعد. وقام اريك شــارون وزمبيش وبني كتســوفر، في حينــه، بملء التلال بالمستوطني­ن، وصمت الغرب ومنح جوائز نوبل للسلام للسادات وبيغن.

هل كان الســام مع مصر خطــأ؟ هل كان من الأفضل اســتمرار الحروب إلى حين انتهاء الاحتلال وتحقق العدل للفلسطينيي­ن؟ وماذا عن السلام مع الأردن الذي سلب الفلسطينيي­ن الحرم؟ هذا هو السؤال الذي يقف في مركز النقاش الحالي.

حســب بشــارات وغبرياهو، هناك رد واحد على الاحتلال، وهو مقاطعة دولية وتهديد مســتمر بالحرب على إســرائيل. وهم يطالبون بتضامن من الدول العربية. لماذا هذا التحيز؟ لماذا يكون مقبولاً أن تقيم هولندا أو روسيا علاقات مع إسرائيل في حــن ممنوع عن البحرين؟ إذا كانت الاتفاقات مع دول الخليج مدمرة لـ «أســس قيم المجتمع»، مثلما يقول غبرياهو، فلماذا لا يطلب كل العالم قطع العلاقات مع إســرائيل إلى حين انتهاء الاحتلال؟ أم أن هذه هي الرســالة الخفية التي يتم تبييضها كانتقاد لنتنياهو، وكغمز للجمهور الذي يكره بيبي، لكنه لا يريد العيش في دولة مقاطعة؟

بشــارات على حق: لا أعيش في غــزة أو في رام الله. وقد أجــد صعوبة في فهم محمود عباس ويحيى السنوار، اللذين يضحيان باحتمالية التغيير بمبررات الكرامة الوطنية. بماذا أفادتهم الصواريخ التي أطلقوها من غزة عشية التوقيع في واشنطن؟ أو «غضب» محمود عباس؟ أظهرت الاتفاقات الجديدة، خلافاً لجميع الادعاءات، بأن إدارة ترامب غير شــريكة في سياســة الضم التي يتبناها اليمين الإسرائيلي. لماذا لا نتحداه ونتحدى نتنياهو باقتراح تســوية؟ هذا ما فعله حكام الخليج. عندما أعلن نتنياهو عن ضم ثلث الضفة كان يمكنهم الرد بطرد جميع شــركات السلاح والسايبر الإسرائيلي­ة ووقف التجارة والتبرع بالمليارات للسلطة الفلسطينية وحتى لحماس. أهكذا كانوا ســيعملون على تأخير الضم أو العكس، يدفعون إســرائيل إلى أن تقوم بالضم بشكل سريع وأكبر؟ لقد اختاروا الطريق العكسية، منحوا الإسرائيلي­ين مقابلاً دبلوماسياً واقتصادياً، وعلّق الضم.

ولكن هــذا غير كاف لبشــارات وغبرياهــو. فهما يفضلان الوقــوف إلى جانب المســتوطن­ين في النضال ضد مبادرة ترامب («الخدعة»، مثلما سماها رئيس مجلس «يشع»، دافيد الحياني(. من الجيد أن بقي هؤلاء وأولئك في آخر المسار.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom