Al-Quds Al-Arabi

رؤية نتنياهو للسلام: إلى متى سيظل 5 ملايين فلسطيني تحت حكم عسكري و«احتلال مؤقت»؟

- شكيد مورغ

منــذ الإعلان عن التوصــل إلى اتفاق سلام مع الإمارات والبحرين، يتجول رئيس الوزراء نتنياهو كطــاووس فخور؛ «جئت بالسلام مقابل السلام»، يقول لكل من يسأل ولمن لا يسأل. ومن أجل تحريك الرأي العام، يعرف نتنياهو بأنه يجــب الاتصال به في مستوى العينين، في رسائل بسيطة وقابلة للاســتيعا­ب. وبالفعل، فإن الســام مقابل السلام شعار رائع في بســاطته، فهو قابل للاســتيعا­ب ومختصر، وإذا مــا كررناه ما يكفي من المرات، سيبدو مصداقاً أيضاً. ولكن الفرضية التي بموجبها يصنع اليمين القوي «السلام مقابل الســام» بينما يبقى اليسار أســير مفهوم «الســام مقابل الأرض»، هي بالإجمال كذبة أخرى غلفها نتنياهو بغلاف لاذع بهدف زوغ عيون الجمهور.

قبل كل شــيء، الســام ليــس «مقابل الســام»، بل مقابــل التخلي عــن «حلم» الضم، الذي عمل عليــه نتنياهو كأنه إرثه التاريخي. ثانياً، ســابقة «الســام مقابل الأرض» مسجلة في الطابو على اسم مناحم بيغن، من آباء حركــة الليكود، الذي تنازل عن أراضي شــبه جزيرة ســيناء في صالح الســام مع مصــر. وبالمقابل، لــم تتنازل إســرائيل في إطار اتفاق السلام مع الأردن عن أراض )باســتثناء تعديــات حدودية هامشــية(، ومثــل الســام مــع البحرين والإمارات، اشــترط الســام مــع الأردن بالتقدم بالتســوية مع الفلسطينيي­ن )رابين في اتفاقات أوسلو، نتنياهو في التنازل عن الضــم(. وإذا كان كذلك، فإن ادعاء نتنياهو في خلــق معادلــة جديدة ورائعــة أخرى ســيختفي قريباً مع الإعلانات الكاذبة مثل «لن يكون هناك شــيء لأنه لا يوجد شيء»، و»سنســقط حكم حماس» أو «سأنفذ اتفاق التناوب مع غانتس».

إن أولئــك الذيــن يدعــون بــأن دولة إســرائيل الآن «صحت من وهم الســام»، غرقوا عميقاً فــي حلم الصيف، الذي يعيش فيه نحو ثلاثة ملايين فلســطيني في الضفة تحت الاحتلال، ومليونا فلسطيني في غزة تحت الحصــار. إذا كان اليســار غارقاً في «الأوهام»، فمــا هو «حــل» اليمين؟ رئيس الوزراء يرفض عرض حله للمشكلة.

لا توجــد هنا حلول ســحرية: فلا يدعي أحد بأن الســام ســهل، ولكن الناظر إلى الواقع ملزم بأن يعترف بأن ليس هناك حل آخــر. دولة غربيــة وديمقراطية، ترغب في البقاء كذلك أيضاً، لا يمكنها أن تبقي الملايين تحت سيطرة عسكرية وتمنع عنهم إمكانية كتابة قصة حياتهم بأنفسهم.

إن رفض التساوم على الأرض سيجرنا إلى التنازل عن ديمقراطيتن­ا، ليس أقل.

المفارقة هنــا هي أن نتنياهــو يفهم ذلك أيضاً: في تنازله عن الضم، يعترف نتنياهو ضمناً بأن إســرائيل ســتواصل الاحتفاظ بالمناطق بمكانــة احتلال مؤقــت فقط. كل

شــيء جاء في صالــح نتنياهــو: لم يحلم اليمين في الماضي برئيــس أمريكي، وبعدم اكتــراث من جانب العالــم العربي، وهدوء أمنى نسبي من جانب الفلسطينيي­ن. كل هذه لن تكفيه كي يفي بوعده لقاعدته اليمينية. وإذا كان هناك تطبيع مع دولة بعيدة، وكان هناك أفق لنتنياهو لدفــن حلم الضم، فهذا يقول شيئاً ما عن الضم، وليس عن نتنياهو فحسب.

معاريف 2020/9/29

 ??  ?? مظاهرة مناهضة للحكومة أمام منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القدس
مظاهرة مناهضة للحكومة أمام منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القدس

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom