Al-Quds Al-Arabi

واشنطن تفرض عقوبات جديدة على كيانات وشخصيات سورية مقرَّبة من الأسد

منظمة إنسانية بريطانية: 4.6 مليون طفل يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي

- دمشق «القدسالعرب­ي» من هبة محمد:

■ واشنطن ـ دمشق ـ وكالات: فرضت الولايات المتحدة أمس الأربعاء عقوبات جديدة على كيانات ســورية وأفراد مقربين من الرئيس السوري بشار الأســد. وشملت العقوبات محافظ البنك المركزي السوري و16 شخصاً أو مؤسسة أخرى، في إطار سعيها لمنع الدولة التي مزقتها الحــرب من العودة إلى الحياة الطبيعية في ظل حكم الرئيس بشــار الأســد، وذلك حسب وكالتي الأنباء الألمانية والفرنسية.

وأمــرت الولايات المتحدة بتجميد أي أصــول أمريكية لمحافظ البنك المركزي حازم قرفول.

ولم تنسب وزارة الخزانة الأمريكية لقرفول ارتكاب مخالفة أو جريمة محددة، لكنها أشــارت إلى محاولته إرغام الشركات على المساهمة في خزينة الدولة.

وقال وزير الخزانة ستيفن منوتشــن في بيان «أولئك الذين يواصلون الوقوف إلى جانب نظام بشار الأسد الوحشي يزيدون من فساده وانتهاكاته لحقوق الإنسان».

وقال وزير الخارجيــة مايك بومبيو إن فــرض عقوبات على شخصيات سورية «لن يتوقف حتى يتخذ نظام الأسد وعناصره خطوات لا رجوع عنها لإنهاء حملة العنف ضد الشعب السوري».

ومن بين الأشــخاص الذين أدرجت وزارة الخزانة أسماءهم رجــل الأعمال خضر طاهر بن علي وحســام محمــد لوقا رئيس

مديرية المخابرات العامة. واتهم طاهر بأنه مورد رئيســي للفرقة الرابعة فــي الجيش بما في ذلك من خلال إنشــاء شــركة أمنية خاصة أصبحت «الذراع التنفيذية غير الرسمية» للفرقة. ويعتقد أن لوقا مقرب من ماهر الأســد، شــقيق الرئيس السوري، الذي يقود الفرقة الرابعة بالجيش السوري، حسب الوكالتين الألمانية والفرنسية.

وقالت وزارة الخزانة إن طاهر أنشــأ أيضا شــركة «إيما تل» للاتصالات كمنافســة لشــركة رامي مخلوف، قطــب المال الذي اختلف مع الأســد ابن عمته. وقالــت وزارة الخارجية الأمريكية بشــكل منفصل إنها تعمل على تحديد ثلاثة أشخاص أو وحدات مســؤولة عن ضربات جويــة قاتلة قبل ثلاث ســنوات في بلدة أرمناز بمحافظة إدلب بالقرب من الحدود التركية.

وقد قُتل ما لا يقل عن 34 شــخصاً فــي الهجوم، وفقًا لحصيلة وزارة الخارجية، في وقت دعمت روســيا القوات الســورية في محاربة التنظيمات الإسلامية المتطرفة.

وقالــــــ­ت منظمــــــ­ـة «أنقـــــــ­ذوا الأطفال» ‪Save The(‬ Children) وهــي منظمة بريطانية غير حكوميــة معنية بالدفاع عن حقوق الأطفال حول العالم، إن عدد الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في سوريا وصل إلى 4.6 مليون طفل.

تمكنت روسيا خلال خمس سنوات من تدخلها العسكري المباشر في ســوريا من تغيير توازنات المشــهد في البلاد، وتثبيت النظام الســوري بعد أن كان وشيك الســقوط، كما كان تدخلها مدفوعاً بمجموعة أســباب أهمها جيوسياسية وعسكرية واقتصادية، حققت موســكو أهدافها ورســخت نفوذهــا عبــر قاعدتــن عســكريتين ومجموعة مطارات وضعت تحت تصرف القوات الروســية، كما حالت دوت تحقيق فصائل المعارضة المسلحة أي تقدُّم ميداني على الإطلاق منذ التدخُّل الروسي وأخرجتهــا من أهمّ معاقلها حيث خســرت كبرى المدن السورية دمشق وحلب وغيرها.

وبطبيعة الحال، انتهت العمليات العســكرية، كما أعلنت موسكو رســمياً، لكن ماذا بعد؟ سؤال يطرح نفسه أمام بلد مدمر ونظام فاسد وهزيل هو ما أعلنه الروس أنفســهم حيث قالوا إن النظام لا يمكنه إدارة البلد.

دوافع التدخل

الخبير في الشــؤون الروســية الســورية د.محمود حمزة قال إن أسباب التدخل العسكري الروسي له مجموعة دوافع جيوسياسية عسكرية وأسباب اقتصادية لا ســيما بعد أحداث أوكرانيا ودخول موســكو في مأزق حيث اعتقدت موسكو بتدخلها العسكري ستثبت للغرب موقفها وتفرض نفســها على المجتمع الدولي، فضــاً عن المصالح الاقتصادية فروســيا تعتبر سوريا بوابة وقاعدة للشرق الأوسط لاسيما أن هناك علاقات تاريخية بين الاتحاد السوفييتي ثم روسيا مع سوريا.

وبالفعل ثبتت روسيا في سوريا، عبر قاعدتين عسكريتين جوية وبحرية في حميميم وطرطوس إضافــة إلى المطارات التي تنتشــر فيهــا القوات الروسية. الأســباب التي أعلن عنها الروس وفقاً للخبير السياســي هي «محاربــة الإرهاب» حيث اعتبر أن ذلك «كلام فــارغ لأن محاربة داعش هو مشــروع اســتخبارا­تي دولــي أرادوا منه ضرب الثورة السورية وتحقيق مصالح متعددة».

وقــال د. محمــود حمزة لـ «القــدس العربي» إن أكثر من 80 فــي المئة من الضربات الروســية استهدفت المعارضة المسلحة ولم تكن ضد داعش، وأضاف «التدخل الروســي لم يحصل لولا ضوء أخضر أمريكي وفي عام 2015 كان النظام في وضع ضعيف للغاية عســكرياً وميدانياً ولذلك تدخلت روسيا واســتعادت موازين القوى لصالح النظام واسترجعت جزءاً كبيراً من الأراضي، تقدر بنحو 45 في المئة بعدما كان يملك نحو 20 في المئة فقط».

الــروس لهم أهداف عســكرية أخــرى، أعلن عنها بوتين ووزير الدفاع الروســي مراراً، «حيث جربوا أكثر مــن 350 صنفاً جديداً من الأســلحة وتم تحديث بعضها وتطوريهــا بعد تجريبها في سوريا، اي أنهم اعتبروا ســوريا ميداناً لتجريب الأســلحة، وهذا أقل ما يقال عنه أنه غير أخلاقي وله صفة إجرامية حيث جربوها في المدن والقرى والأسواق الشــعبية وقتلوا النســاء والأطفال» وفق المتحدث.

فروســيا عملياً اســتخدمت أحدث أسلحتها في ضرب فصائــل المعارضة التي لا تملك ســوى أسلحة بســيطة وانتصرت عسكرياً كدولة كبيرة على مدنيين عــزل وفصائل محليــة صغيرة. كما أعلنوا في أكثر من مناســبة تدريــب أكثر من 60 ألف ضابط وعسكري روسي في سوريا، إذ يقول د.محمود حمــزة «إن الجنرالات الــروس طبقوا تعليمهم النظري على الأرض التي تشمل بلد كامل ضمن مئــات آلاف الطلعات الجوية وقتلوا الآلاف وهؤلاء فعليا ليســوا من داعش بل من المعارضين السوريين».

وحــول دوافــع التدخل الروســي أيضاً يقول الخبير السياســي محمــد ســرميني لـ»القدس العربــي» إن موســكو حشــدت كل طاقاتهــا الدبلوماسـ­ـيَّة والسياســيَّة منذ بداية الأزمة في ســوريا، لدعم نظام الأســد، وقد أخذ هذا الدعم في الفترة مــن 2011 وحتَّى الربع الثالث من 2015 شــكل الدعم الدبلوماسـ­ـي والسياســي، إلا أنَّ روســيا أدركت بعدها أن هذا الجهد الدبلوماسي والسياســي، مصحوبــاً بالدعــم اللوجســتي والعســكري، لم يعد كافياً لتحقيق مصالحها في ســوريا، الأمر الذي دفعها للتدخُّل المباشر، حيث بدأت أولى غاراتها هناك يوم 30 أيلول/ســبتمبر .2015

أسباب داخلية وخارجية

ويمكن حصر الدوافع الفعليَّة للتدخُّل الروسي في سوريا بعدة أســباب داخلية وخارجية، على رأســها «منع سقوط النظام الســوري الذي يمثِّل نظام الأســد الحامل الرئيسي للمشروع الروسي في البلاد، إذ ارتبط هذا النظام مع موسكو بحلف طويل الأمد منذ السبعينيات، وانعكس هذا الحلف في إقامة قاعــدة بحريَّة عســكريَّة في طرطوس منذ عــام 1971 وقد أدركت روســيا في عام 2015 أنَّ معــادلات الوضع الميدانــي لا تصبُّ في صالح النظام الســوري، حيث كان قاب قوسين أو أدنى من السقوط، رغم الدعم الإيراني المباشر، وهو ما يعني حكماً خسارة نفوذها التقليدي في سوريا، بما في ذلك قاعدتها الاستراتيج­يَّة في طرطوس.»

وتحدث الخبير السياســي عما حققه الرئيس الروســي من شــرعية داخلية، حيث اســتطاع فلاديميــر بوتين إعــادة التماســك السياســي والاقتصادي للدولة الروســية، فقد بنى جزءاً من شــرعيته الداخلية عبر تقديم نفسه كرجل دولة قوي يحاول استعادة مكانة روسيا على الساحة الدولية، وقد نجح التدخل في سوريا إلى حد كبير في تحقيق هذا الهدف، وهو ما انعكس على شعبية بوتين، التي ارتفعت إلى مســتويات غير مسبوقة بعد التدخل مباشرة.

وتحدث ســرميني عن اســتغلال الانسحاب الأمريكي من المنطقة، حيث جاء التدخل الروســي في ســوريا مدفوعاً بنوايا روســية لمــلء الفراغ الناجم عن الانكفاء الأمريكي الجزئي من المنطقة، وقد شكلت سورية ساحة مناســبة بالنسبة إلى موسكو لملء هذا الفراغ، باعتبار أنَّها ساحة نفوذ روســي تاريخيَّاً، ومن السهل على روسيا توسيع دورها فيه.

وفور تدخلها في سوريا ســارعت روسيا إلى تركيز جهودها على المؤسســة العسكرية التابعة للنظام، وعليه بذلت روســيا جهــداً كبيراً - وما زالــت - لإنجاح إصلاح عســكري في مؤسســة الجيش بإعادة تشكيله من جديد مع التركيز على تعليم وتدريب العسكريين ومراقبة عملية الانتقال مع ضمان الاستقرار.

نتائج التدخل

وتمكنت روســيا خــال خمس ســنوات من تدخُّلها وفقــاً للمتحدث لـ«القــدس العربي» من تغيير توازنــات لصالح النظام حيث كان النظام، كما «عــززت مكانتها الدوليَّة فــي النظام الدولي، ومن علاقتهــا بالأطراف الفاعلة فيه مثل الولايات المتحــدة وأوروبَّا بالتحديد عبر جــولاتٍ طويلة من المفاوضات والأخذ والرد، واســتخدام الفيتو، وفتــح المعابر الإنســانيَّة في مجلــس الأمن، ثمَّ تشكيل اللجنة الدســتوري­ة برعاية أممية وتحت مظلة الأمم المتحدة، وغيرهــا الكثير من المحطَّات التــي أثبتت فيهــا روســيا حضورهــا الدولي، وقدرتهــا على حــلِّ الأزمات أو تســهيلها وحتَّى تعقيدها» وفقــاً للخبير السياســي الذي أوضح أيضاً أن موســكو تمكَّنت من خلال تدخُّلها المباشر في سوريا من التموضع في موقع الشريك المباشر بصياغة المشروع اللازم للخروج من الأزمة، وكان التجلِّي الأهــم لذلك هو القــرار 2254 الذي جرت صياغته والاتفــاق عليه بين روســيا والولايات المتحدة، وحصل على إجماع مجلس الأمن.

كما تمكنت روسيا من حماية قاعدتها العسكريَّة الموجودة أصلاً في ســوريا، وتوســيع قواعدها العســكرية منذ ذلك الحين إلى 24 قاعدة، إضافة إلى 42 نقطــة مراقبة، حيث وقعت في نيســان/ أبريل 2019 اتفاقيَّة مع دمشــق تنص على تأجير مينــاء طرطوس للــروس لمــدة 49 عامــاً للنقل والاســتخد­ام الاقتصادي والعســكري، حيث تم تصديق الاتفاقية من قبل مجلس الشعب السوري في يونيو /حزيران/ من العام نفسه.

المختــص د. محمود حمــزة قال إن موســكو ثبتت نفســها في ســوريا وانتشــرت في مناطق عديدة وتغلغلت في النظام الســوري، وشــكلت الفيلق الخامــس، كما تدخلت في الأجهزة الأمنية الســوري، أما اقتصاديــاً فلروســيا مصالح مع شركات تعمل في الغاز والفوسفات والنفط.

انتهاكات موسكو

وحول انتهاكات القوات الروسية منذ تدخلها، أصدرت الشبكة السورية لحقوق تقرير أكدت فيه ارتكاب موســكو جرائم ضد الإنســاني­ة وجرائم حرب في ســوريا قتلت خلالها 6859 مدنياً بينهم 2005 طفلاً، واستهدفت 207 منشآت طبية.

وذكر أن روسيا بررت تدخلها في سوريا بحجة الطلب الرســمي من النظام السوري، موضحاً أن التبرير هو مجرد تضليل قانوني.

وأشارت الشــبكة الســورية لحقوق الانسان إلى أن موســكو قصفت أحياء ســكنية ومسحت أحياء من على وجه الأرض، وحســب التقرير فقد اســتخدمت روســيا العام المنصرم الفيتو ثلاث مرات من بين 16 مرة اســتخدمت فيها الفيتو منذ آذار/ 2011 وقد كانت هذه الاســتخدا­مات الثلاثة ضد مشاريع قرارات تعمل على إعادة إحياء القرار رقم 2165 الذي أصدره مجلــس الأمن الدولي في تموز/ 2014 والــذي يُتيح لــأمم المتحدة إدخال المســاعدا­ت عبر الحــدود مــن دون إذن النظام الســوري. وأشــار التقريــر إلى إصــدار النظام الســوري قوانين تمييزية لصالح روســيا مشيراً إلى عقود وقعتهــا وزارة النفط والثروة المعدنية وشــركة ميركوري الروســية، التي اســتطاعت الحصول علــى ترخيص للتنقيب عــن النفط في منطقة الجزيرة السورية وشمال نهر الفرات.

وسجل التقرير مقتل 6589 مدنياً، بينهم 2005 طفلاً و969 ســيدة )أنثى بالغة( علــى يد القوات الروســية منذ تدخلها العســكري، كما سجل ما لا يقل عن 354 مجزرة ارتكبتها القوات الروســية، ومــا لا يقل عــن 1217 حادثة اعتــداء على مراكز حيوية مدنية بينهــا 222 على مدارس، و207 على منشــآت طبية، ذلــك منذ تدخلها العســكري في ســوريا حتى 30 أيلول/ 2020. وطبقاً للتقرير فقد قتلــت القوات الروســية 69 من الكــوادر الطبية و42 من كــوادر الدفاع المدنــي، إضافة إلى 22 من الكوادر الإعلامية، كما استخدام القوات الروسية للذخائر العنقودية، وقــد بلغت ما لا يقل عن 236 هجوماً، إضافة إلى 125 هجوماً بأســلحة حارقة نفَّذتها القوات الروسية منذ تدخلها العسكري في سوريا.

 ??  ?? سوريون ينددون بالمحتل الروسي في إدلب أمس في الذكرى الخامسة لدخوله سوريا
سوريون ينددون بالمحتل الروسي في إدلب أمس في الذكرى الخامسة لدخوله سوريا

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom