Al-Quds Al-Arabi

لاجئون سوريون في الدنمارك يخشون الترحيل... ويرددون: «دمشق ليست آمنة»

- أنطاكيا - كوبنهاجن - «القدس العربي»:

يخشى الكثير من اللاجئين السوريين في أوروبا أن يُجبروا على العودة إلى مناطق سيطرة النظام، بعد إدارج محافظات سورية من قبل بعض الدول الأوروبية على أنها «مناطق آمنة». وما يعزز هذه المخاوف، الخشــية من أن تقوم دول أوروبيــة جديدة بانتهاج طريقة التعاطي الدنماركية الجديدة مع اللاجئين، أي ســحب الإقامات المؤقتة من اللاجئين، وإمهالهم مدة 20 يوماً، لمغادرة البلاد.

هيثم شــحادة الكــردي 59 عاماً، واحد مــن اللاجئين الســوريين في الدنمارك، الذين سُحبت إقامتهم من قبل «مجلس اللاجئين الدنماركي» لأن الأخير رأى أن عودته إلى دمشــق ممكنة، نظراً لعمره المتقدم. يقول هشام لـ »القدس العربي »: «قالوا لي تســتطيع العودة إلى دمشق، لأن النظام لن يضايقك وأنت بهذا الســن» ويضيف: «عندما وصلــت الدنمارك لاجئاً في العام 2015 كنت أســتطيع لم شــمل عائلتي على اعتبار أن من بين أولادي من هم دون ســن الـ18 لكنهم الآن تجاوزا هذا الســن، ولــم يعد بالإمكان

إجراء معاملة «لم الشمل» والآن سُحبت الإقامة مني، وعن قريب سأضطر إلى مغادرة الدنمارك». ويضيف: «أجهل ما ينتظرنا في المســتقبل، لكن من الواضح أن اجتماع أســرتي معي لن يكون بالأمر السهل» يستدرك بقوله: «المشكلة في سن الأولاد، فحتى لو استقبلني بلد أوروبي آخر غير الدنمارك، فإن لم شــمل العائلة بات بحكم المستحيل». وبســؤاله: عن السبب الذي يمنعه من العودة إلى دمشــق، أجاب الكردي:» فضلاً عن صعوبة الوضع الاقتصادي في دمشــق، والمخاوف الأمنية، فإن واحداً من أولادي مطلوب للخدمة الإلزامية في جيــش النظام» وأنهى بقوله: «المطلوب من الدنمارك تطبيق الشعارات الإنسانية التي تجاهر بها، أي النظر بعين الإنسانية إلى حالنا».

الكردي حاله كحال العشــرات من اللاجئين السوريين في الدنمارك، كما يوضح الناشــط المدني المهتم بقضايــا اللجوء، المقيم فــي الدنمارك، نايف عودة الــذي أكد لـ «القــدس العربي» أن الدنمارك لم ترحــل أي لاجئ بعد إلى دمشــق، ويوضح أن عدداً منهم يقيم الآن فــي «مخيمات الترحيل» التي أقامتها الدنمارك خصيصاً للذين سُــحبت الإقامة منهم، بانتظار تطبيق قرار الترحيل. ويضيف عودة، أن الدنمارك التي تعتبر دمشــق «منطقة آمنة» لم تقدم للآن علــى ترحيل أي لاجئ إليها، وهذا ينطــوي على تناقض صريح، متسائلاً: «كيف يعتبرون دمشــق منطقة آمنة، وفي الوقت نفسه تتردد في ترحيل اللاجئين إليها»؟

وناشــد عودة المنظمات الحقوقية بقوله: «دمشــق لا تعــد مدينة آمنة، واللاجئين في الدنمارك يشــعرون بالخــوف من احتمالية قيــام الحكومة الدنماركيـ­ـة، بترحيل عدد مــن اللاجئين إلى دمشــق، بالتواطؤ مع النظام، وخصوصاً من المنسقين والمعارضين للأخير، ولذلك نناشد المنظمات الحقوقية الدولية بالتحرك العاجل لمنع تعريض حياة المئات للخطر». وحسب عودة، فإن الدنمارك تعكف على دراســة 900 ملف لاجئ ســوري، للنظر في كيفية التعامل مع أوضاعهم قبل نهاية العام الجــاري، موضحاً أن «غالبية الملفات لنســاء، ومن بينها ملفات للاجئين زاروا سوريا، بعد حصولهم على الإقامة في الدنمارك». وأضاف عودة بأن «مصير كل من زار ســوريا حتماً ســيكون الترحيل لدمشق، على اعتبار أن لا مشكلة في عودتهم إلى هناك» مستدركاً: «الخوف على من سُــحبت إقامته، ولا يستطيع العودة، وهناك حالات تحيق

بها مخاطر كبيرة في حال وصولها لدمشــق». وقــال عودة، في الإطار العام تمارس الدنمارك سياسة التضييق على اللاجئين السوريين، من خلال فرض قوانين «جائرة وتعقيدية».

وكانت الدنمارك قد عينت في مطلع أيلول/سبتمبر الماضي، سفيراً خاصاً بالهجرة، وأوضح وزير الخارجية الدنماركي، جيبي كوفود، أن مهمة السفير الجديد، هي المســاعدة بفتح الباب أمام اقتــراح الدنمارك بنهج جديد لوقف ضغط الهجرة على أوروبا، وضمان مســاعدة اللاجئين الحقيقيين بشــكل أسرع وترحيل اللاجئين المرفوضين.

وتابــع قائلاً: الهدف من هذه الخطوة يتمثل في ثني المهاجرين عن التقدم بطلب اللجوء إلى الدنمارك، وتحســن ترحيل طالبــي اللجوء المرفوضين، إلى جانب تعزيز ســلطات الهجرة واللجوء إلــى دول ثالثة على طول طرق الهجرة، وتقوية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. وحســب إحصائيات شبه رسمية، فإن أعداد اللاجئين السوريين في الدنمارك تتراوح بين 40-27 ألف لاجئ، وتؤكد مصادر أن الدنمارك لم تمنح الجنســية لأي منهم إلى الآن، رغم مضي مدة طويلة على إقامتهم في أراضيها.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom