Al-Quds Al-Arabi

السفير الأمريكي في إسرائيل: خطة الضم شهدت تأجيلا لا إلغاء

- الناصرة ـ «القدس العربي»: ديفيد فريدمان

عاد الســفير الأمريكي الصهيوني المستوطن لدى إسرائيل ديفيــد فريدمان لدحض مزاعم الإمارات حول شــطب مخطط الضم في الضفة الغربية المحتلة. وشــدد على أن ما حصل هو مجرد تأجيل لا إلغاء.

وأوضح في تصريح لإذاعة جيش الاحتلال أمس أن عملية الضم لم تلــغ وإنما تم إرجاؤها الى موعــد لاحق، وأن عملية التأجيل لا تعني أبدا شطبها.

خلافا لما أعلنته الإمــارات عند توقيعها على اتفاق التطبيع مع إســرائيل برعايــة أمريكية، أعلــن الســفير الأمريكي أن إسرائيل تعهدت بتأجيل فرض السيادة، لكنها لم تلغ الخطوة.

يشار الى أن الصحيفة العبرية "يديعوت أحرونوت" كانت قد كشــفت قبل شــهر ونيف أن ما جرى جوهره صفقة سلاح مقابل تطبيــع، موضحة أن رئيس حكومــة الاحتلال بنيامين نتنياهــو قد وافق للمــرة الأولى على بيــع الولايات المتحدة طائرات مقاتلة متطورة من طراز إف 35 للإمارات.

وقــال فريدمان في اللقــاء الإذاعي ذاته "قلنــا في البيان إننا سنؤجل الســيادة، هذا لا يعني أنها ألغيت، بل يعني أنه تم تعليقها في الوقت الحالي. لقــد تم تعليقها لمدة عام، وربما لفترة أطول، ولكن لم يتم إلغاؤها بالتأكيد" .

يشــار الى أن الإمارات أكــدت من جانبها أنهــا تمكّنت من خلال توقيعها على اتفاق ســام مع اســرائيل من إلغاء نوايا نتنياهو بفرض السيادة الإســرائي­لية على أجزاء من الضفة الغربية المحتلة. ويبدو أن توقيت تصريحات فريدمان مرتبط بالانتخابا­ت الرئاسية في الولايات المتحدة وبرغبته بتبييض صفحة صديقه وحليفه الرئيس دونالد ترامب.

وهناك من يرى أن تصريحات فريدمان تخاطب الإنجيليين واليهــود المناصرين لإســرائيل في الولايــات المتحدة علاوة على 600 ألف إســرائيلي يحملون الجنســية الأمريكية ولهم حق التصويت في الانتخابات الرئاســية، وهو بذلك يحّضهم للتصويت لترامب بطريقة غير مباشــرة وفــق رؤية مراقبين محليين.

العمليات الانتحارية خلقت ميزان رعب مع الاسرائيلي­ين، لكنها لم توقف جرافات الادارة المدنية

وتتزامن تصريحات فريدمان مع الذكرى السنوية لنشوب الانتفاضة الثانية التي تتجاهلها إســرائيل رســميا وتقزّمها وســائل إعلامها المنشــغلة في قضايا داخلية وكأن الاحتلال مفقود وغير موجود.

في هذا الســياق اعتبرت محررة الشؤون الفلسطينية في

صحيفة "هآرتس" عميــرة هاس أن الانتفاضة الثانية اندلعت لأن اسرائيل اســتغلت المفاوضات مع الفلســطين­يين من أجل الدفع قدما بمشروعها للنهب والاستيطان.

وتابعت " النفاق كان يصرخ الى عنان الســماء: من جهة، الحديث عن سلام، ومن الجهة الأخرى استمرار السيطرة على الفضاء الفلســطين­ي من أجل مصلحة وراحــة اليهود، وكان النفاق يصرخ ولكن الاسرائيلي­ين لم يسمعوا" .

تضاعف الاستيطان ثلاث مرات

يشــار الى أن حركة" السلام الآن "الإســرائي­لية أكدت في تقاريرها المتكــررة أن الاحتلال قام منذ توقيع اتفاق أوســلو عــام 1993 حتى اليــوم بمضاعفة الاســتيطا­ن ثلاثة أضعاف وتجاوز عدد المســتوطن­ين نصف مليون مستوطن. وأكدت هي الأخرى أن إسرائيل في العقدين الأخيرين تحدثت عن السلام في الهواء وعلى الأرض ملأت الأرض الفلســطين­ية استيطانا وتهويدا.

وفي هذا الســياق قالــت عميرة هاس المعروفــة بمواقفها المناهضــة للاحتلال، إن الغضب والاشــمئز­از مــن الاحتيال الاســرائي­لي الــذي تراكــم علــى مــدى ســنوات الإحباط والاســتيق­اظ من اتفاقات اوسلو، اندلع في29 سبتمبر/ أيلول 2000، في اليوم التالي لاســتفزاز اريئيل شــارون، بمصادقة رئيس الحكومة في حينه أيهود باراك.

عسكرة الانتفاضة

فــي المقابل ترى هاس فــي رؤيتها النقدية أنــه في المقابل لم تكن الانتفاضــ­ة الثانية انتفاضة بالمعنــى المقبول للكلمة: باســتثناء أيامها الأولى، هي لم تكن شعبية ـ مدنية، ومعظم الجمهور لم يشــارك فيها، خلافــا للانتفاضة التــي اندلعت في1987 . وترى أن الأســاس الشعبي ـ الجماعي الذي بقي في الانتفاضة الثانية هو الصمود الذي أظهره الفلسطينيو­ن أمام خطوات القمع والإحباط والعقاب والاستنزاف الاقتصادي.

وتضيف "الجيش الاســرائي­لي وحرس الحدود والشرطة الذين قاموا بقمع المظاهرات بوســائل قاتلــة من اليوم الأول، نجحوا في ردع متظاهرين محتملين.

الرئيس الراحل ياسر عرفات ورجاله خافوا من الانتقادات التي وجهت ضد الســلطة الفلســطين­ية وحركة فتح، فمنحوا الضوء الأخضر لأعضــاء فتح والأجهزة الأمنية لاســتخدام الســاح في نقاط الاحتكاك مع الجيش الاســرائي­لي، وهكذا يعودون ويرتدون قبعة المقاومة ويسيطرون على المظاهرات. وهم أيضا اعتقدوا بأن العسكرة ســتعزز الموقف الفلسطيني

في المفاوضات. وقد كانوا وما زالوا يؤمنون أن بإمكانهم وقف الكولونيال­ية الاسرائيلي­ة في مناطق 1967 ."

يذكر أن نائب رئيس سابق للمخابرات العامة ) الشاباك( يوســي بن آري قد كشــف أمس الأول في صحيفة " هآرتس" أن الرئيس ياســر عرفات لم يبادر لإشعال الانتفاضة الثانية بخلاف مزاعم إســرائيل التي وجهت لــه التهم لتثبيت فرية "اللا شــريك فلســطيني". ونوه بن آري أنه وعددا من ضباط "الشاباك" كانوا قد رفعوا تقارير بذلك لقادة المخابرات ولرئيس الحكومة إيهود ابــراك ومن ثم أريئيل شــارون، لكن كافتهم تجاهلوا ذلك ومضوا في توجيه التهم لعرفات الذي اختار أن يركب النمر حينما فقد السيطرة عليه خلال الانتفاضة الثانية.

وتقول عميرة هــاس في تقييمهــا ومراجعتها للانتفاضة الثانية إن جهاز الناطق العســكري لدى الجيش الاسرائيلي والحكومة قد نجحوا في جبهة الدعاية، وقاما ببناء كذبة وكأن هناك معارك تدور بين جيوش متكافئة، وأن الفلســطين­يين هم الذين بدأوا بالاعمال العدائية.

وعن تجاهــل الوجع الفلســطين­ي والتعامي عن الاحتلال تقول "بعــد ذلك، مثلمــا هي الحــال الآن، لم تكــن الأغلبية الاسرائيلي­ة تحصي القتلى الفلسطينيي­ن ولم تعتبر السيطرة على أراضيهم عدائية ممؤسسة. في المقابل، عدد الفلسطينيي­ن غير المسلحين الذين قتلتهم اسرائيل أخذ يزداد. مع كل جنازة فإن مطالبة الفلســطين­يين بالثأر تعززت. مع ضوء أخضر من فوق قام فلســطينيو­ن مســلحون باطلاق النار على مدنيين اسرائيليين )الذين كانوا مسلحين مثل الكثير من المستوطنين( في الضفة الغربية وفي القطاع" .

ميزان رعب

وتشــير عميرة هاس أن حركة " حمــاس" انضمت بمرحلة متأخرة للانتفاضة الثانية واظهرت أنه إذا كان النجاح يقاس بعدد جثث الاسرائيلي­ين، فهي أكثر نجاعة من"فتح".

وتتســاءل المعلقة الإســرائي­لية بالقول إن اسرائيل قامت بمحــو الخــط الأخضر فلمــاذا لا تعــود" حمــاس" وتهاجم اسرائيليين ؟

وفــي معاينة عــدد الضحايا في الجانبين تقــول هاس إن الاذرع المســلحة في حماس تنافســت فيما بينها وخســرت في المنافســة مع اســرائيل على عدد القتلى، مشــدّدة على أن العمليــات الانتحارية)الاستشــها­دية( خلقت ميزان رعب مع الاسرائيلي­ين، لكنها لم توقف جرافات الإدارة المدنية.

وتنــوه أن الحديث يدور عن أربعــة إخفاقات : الانتفاضة الأولى مع مطالبتها المليئة بالأمل بدولة ذات سيادة في حدود الرابع من حزيران 1967، فشــلت. محادثات مدريد واوســلو التي بــدأت في أعقابها لم توقف شــهوة اســرائيل للأراضي الفلسطينية. كما فشــل ايضا تكتيك الدبلوماسي­ة والقبول في الأمم المتحدة لمحمود عباس: إدانة دول الغرب ليست سياسة، بل هي مسألة ملحة.

وترى هــاس أنه رغم النجاحــات الصغيــرة والمتناثرة، فشــلت أيضا النضالات الشــعبية والقانونية ضد السيطرة على الأراضي، واســتخدام السلاح الذي ما زال يعتبر في نظر الكثير من الفلسطينيي­ن ذروة النضال والمقاومة، رغم أن قلائل يحتاجونه، ايضا هذا السلاح لم يوقف العملية.

وترى أن اســتخدام الســاح يعكس الحنين الى الماضي، الغضــب والرغبــة فــي الانتقــام، ولا توجــد لــه أي قيمة استراتيجية".

وتخلص المعلقة الإســرائي­لية للقول إنه بعد مرور عشرين ســنة على الانتفاضة الثانية فان انتصار اسرائيل هو تقريبا كامل: الســطو المســلح والمخطط جيدا للأراضي الفلسطينية ينفذ يوميا بدون ازعاج.

البحرين والإمارات

ويخالف محرر" هآرتس" ألوف بن توجهات هاس وغيرها، ويعتبر أن الضم قد نزل عن الأجنــدة بعكس مزاعم فريدمان ونتنياهو.

ويتابــع في مقالــه أمس" لا أعــرف إذا كانــت الاتفاقات الجديدة مع الإمارات والبحرين ستؤدي الى تعميق الاحتلال والقمع فــي المناطق. ولكن في حالة الســادات كانت النتيجة واضحة: مناحيم بيغن استغل الســام مع مصر لبناء المئات من المســتوطن­ات في الضفــة الغربية، مثلما وعــد، واريئيل شارون قام في حينه بملء التلال بالمستوطني­ن، الغرب صمت ومنح جوائز نوبل للسلام للسادات وبيغن".

ويتســاءل هل الســام مع مصر كان خطأ؟ هــل كان من الأفضل اســتمرار الحروب الى حين انتهــاء الاحتلال وتحقق العدل للفلســطين­يين؟ وماذا عن السلام مع الأردن الذي سلب الفلسطينيي­ن الحرم؟

ويقول الوف بن إن هذا هو الســؤال الــذي يقف في مركز النقاش الحالي مع كاتب مقالات "هآرتس" عودة بشارات الذي يرى أن هناك فقط ردا واحدا على الاحتلال وهو مقاطعة دولية وتهديد مستمر بالحرب على اسرائيل.

ويتابع " هم يطالبون بتضامن من الدول العربية، لماذا هذا التحّيز؟ لماذا يكون مقبولا أن هولندا أو روســيا تقيم علاقات مع اســرائيل في حين البحرين لا ؟ إذا كانت الاتفاقات مع دول الخليج مدمرة لـ" أســس قيــم المجتمع "، مثلمــا يقول عودة وغيره، فلماذا لا يطلب كل العالم قطع العلاقات مع اســرائيل الى حين انتهاء الاحتلال؟ أم أن هذه هي الرســالة الخفية التي يتم تبييضها كانتقاد لنتنياهو، كغمــز للجمهور الذي يكرهه، لكنه لا يريد العيش في دولة مقاطعة" .

وفي سياق النقاش مع عودة بشارات الذي يهاجم التطبيع والاتفــاق مع دول لم تطلــق رصاصة على إســرائيل بدلا من الحل مع الفلســطين­يين، يقول الوف بن" بشــارات على حق: أنا لا أعيش في غــزة أو في رام الله. ربما لذلك أنا أجد صعوبة في فهــم محمود عبــاس ويحيى الســنوار، اللذين يضحيان باحتماليــ­ة التغيير بمبررات الكرامــة الوطنية. بماذا أفادتهم الصواريخ التي أطلقوها من غزة عشية التوقيع في واشنطن؟ أو " غضب "محمود عباس؟ وبشــأن ما يتكاتب مع تصريحات فريدمان حــول الضمّ، يقول الوف بــن ان الاتفاقات الجديدة اظهرت خلافا لجميع الادعاءات بأن إدارة ترامب غير شــريكة في سياسة الضم لليمين الاسرائيلي. ويتساءل لماذا لا نتحداه ونتحدى نتنياهو باقتراح تسوية؟ وعن ذلك يقول مدافعا عن منفعة التطبيع" هذا ما فعله حكام الخليج. عندما أعلن نتنياهو عن ضم ثلــث الضفــة كان يمكنهم الرد بطرد جميع شــركات الســاح والســايبر الاســرائي­لية ووقف التجــارة والتبرع بالمليارات للسلطة الفلسطينية وحتى لحماس. هل هكذا كانوا ســيعملون على تأخير الضــم أو العكس، يدفعون اســرائيل الى أن تقوم بالضم بشكل ســريع وأكبر؟ لقد اختاروا الطريق العكسية، منحوا الاســرائي­ليين مقابلا دبلوماسيا واقتصاديا والضم تم تعليقه.

ويخلص محرر"هآرتس" للقول ضمن مزاعمه المغايرة حول التطبيع، لكن هذا غير كاف لبشــارات فهو يفضل الوقوف الى جانب المســتوطن­ين في النضال ضد مبادرة ترامب ) " الخدعة" مثلما ســماها رئيس مجلس المستوطنات دافيد الحياني(. من الجيد أن هؤلاء وأولئك بقوا في آخر المسار".

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom