Al-Quds Al-Arabi

جمعية حقوقية إسرائيلية: حكومة تل أبيب تميّز بين اليهود والعرب في كل المجالات بما فيها الصحة

بعد عشرين عاما على هبة القدس والأقصى

- الناصرة ـ «القدس العربي» من وديع عواودة:

في الذكرى العشرين لأحداث هبة القدس والأقصى عام 2000، وفي ظــل الإغلاق والأضرار التــي ألحقها فيروس كورونا في البلــدات العربيّة الفلســطين­ية داخل أراضي 48 ، كشــفت جمعية حقوقية إســرائيلي­ة أمس أن التمييز البنيويّ الذي يضــرّ بالمواطنين العــرب )18%( ما زال قائما في إسرائيل نتيجة سياسات منهجية.

وقالت جمعية أطباء لحقوق الإنســان في تقرير جديد إنه بعد عقدين من الزمن أيضا علــى مرور الأحداث التي قتل فيهــا13 متظاهرا عربيا ورغم دعــوة لجنة التحقيق الرسمية بشــأن الأحداث )لجنة أور( إلى معالجة التمييز البنيويّ القائم ضد المواطنين العرب في إســرائيل، إلا أن الفروقات الكبيرة على حسابهم في المجال الصحّيّ لا تزال قائمة.

العرب أقل رضى

وفي قلــب التقرير نتائج مســحٍ يكشــف أن المواطنين العرب الفلســطين­يين في إســرائيل أقلّ رضى عن الجهاز الصّحّــي، ولديهم ثقة أقل بهذا الجهــاز مقارنةً بالمواطنين اليهود.

وقد أجري المســح من قبل شركة الاســتطلا­عات "بانل برويكت همِدچام"، وشمل 554 مشاركا منهم 110 من العرب و444 من اليهود. ووصف 2.41 % فقط من العرب الجهاز الصحّي )المستشــفي­ات، عيادات صناديق المرضى، نجمة داوود الحمراء، وغيرها( بالجيّد، وذلك مقارنة بـ53.2% من اليهود. في حين أن 13.7 % من المستطلعة آراؤهم من العرب قــد صنّفوا أداء الجهاز بوصفه غير جيّد، مقارنةً بـ 7.5% من المســتطلع­ة آراؤهم من اليهود. كما أنّ الثّقة في قــدرة الجهاز الصحّي على التّعامل مــع كورونا كانت أقلّ لدى العرب منها لــدى اليهود، وهكذا، فــإن 14.7% من العرب و 20.9% من اليهود يعتقدون بأن جهوزيّة النّظام الصّحّيّ جيّــدة، في حين أن 46.2% من العرب و40.4% من اليهود يفترضون أن الجهاز الصّحيّ قليل الجهوزيّة أو غير جاهزٍ على الإطلاق لمواجهة الوباء.

حملة إرشادات فاشلة بالعربية

ويرتبط انخفــاض الرّضى لدى العرب بــأداء وزارة الصحــة في وقت كورونــا إذ أنّ 20.6% منهــم قد قاموا بتصنيــف أداء الــوزارة بوصفه جيدًا، وذلــك مقارنةً بـ 33% مــن اليهود. في حين صنّف 29.4% من العرب أداء الوزارة بوصفه غيــر جيّد، مقارنة بـ 23.5% من اليهود. وبصورةٍ مماثلةٍ، فقد صنّف 38.2% من العرب مســتوى الثّقة الذي شــعروا به تجاه الاحاطات والإعلانات التي يقوم الجهاز الصحّي بنشــرها على الجمهــور بأنّه عالٍ، وذلــك مقارنة بـــ 49.3% من الجمهــور اليهودي. فيما صنــف 6.9% من العرب ثقتهم فــي إحاطات وإعلانات النظــام الصحّي على أنها منخفضــة، مقارنة بـ 9% من اليهود.

إلى جانب نتائج المســح، يســتعرض التقرير أحدث المؤشّــرات الصحّية الصادرة عن كلٍّ من مكتب الإحصاء المركزيّ ووزارة الصحّة: إذ أن الدلائل تشــير إلى وجود فجــواتٍ كبيرة علــى حســاب العرب. مــن ضمن هذه المؤشــرات، متوسّــط العمر المتوقع لدى السكّان العرب (79.5( الــذي يقلّ بشــكلٍ كبيرٍ عن مثيله لدى الســكّان اليهــود )83.1( .كما أنّ منســوب الوفيــات لدى الرضّع العرب يفوق ضعف) )5.4المنســوب لدى السكان اليهود

فلسطينيون في مناطق48 يتظاهرون دعما لقضاياهم (2.4( فــي حين أن معدّلات الوفيات للفرد لدى الســكّان العرب )7.1 لدى الرّجال، و4.9 لدى النّساء(أعلى بكثير من نسبته بين الســكّان اليهود )5.5 لدى الرّجال، و3.9 لدى النّساء(.

السكري والسمنة أعلى

وبلغت معدّلات الإصابة بمرض السـّـكري بين السكّان العــرب )14.0 % بــن الرّجال و14.5 % لدى النّســاء( منســوبا أعلى من تلــك الإصابات بين الســكان اليهود 8.5(% لــدى الرّجال و6.8 % لدى النّســاء(. وبلغت معدّلات الوفيــات نتاجًا لمرض الســكّري بين الســكّان العرب )32%( وهي نسبة تبلغ أكثر من ضعف الوفيات لهذا الســبب بين السكّان اليهود )14%(. وتبلغ معدّلات السمنة بين السكّان العرب )54%( وهي أعلى بكثير من معدّلاتها بين السكّان اليهود )46%(. أما التقدير الذاتي الصحي فهو منخفض في أوســاط المستطلعة آراؤهم من العرب )إذ قدّر49% من العرب صحّتهم بأنها جيدة جدًّا( وذلك مقابل المستطلعة آراؤهم من اليهود حيث قدّر 56% منهم بأن صحّتهم جيدة جدًّا.

عدد الأطباء

كما يرســم التقرير صورةً قاتمة لنقــص الأطبّاء وعبء العمل علــى العيادات الموجودة في البلــدات العربيّة حيث يتّضح، بناء على توجّهات وصلت إلى جمعية أطباء لحقوق الإنسان بأن وضعا يســود في المجتمع العربيّ، يضطرّ فيه طبيب عائلة واحد لمعالجة ما بين 2,000 إلى 3,000 مريض،

في حين أن المعيار الموصى به لطبيب العائلة يتلخص بنحو 1,000 مريض.

كذلك تشــير "أطبّاء لحقوق الإنسان "بأصابع الاتهام إلى التقليصات في الميزانية وإلى سياسة الخصخصة في الجهاز الصحّيّ. ويصــف التقرير كيف أن التآكل فــي الموازنات قد ظهر فــي إضعاف خدمــات الصحة العامــة، وتقليص عدد العاملين في المجال الصحّي في مناطق الضواحي والهوامش الجغرافية، ونقص الاســتثما­ر في البنى التحتيّة ووســائل النقل العام، وهي سياســة تمنع الســكان العــرب )خاصّةً في الجنوب( من الوصــول إلى العيــادات ومراكز الأمومة والطفولة. وتؤكــد الجمعية أثر الخصخصــة الخطير على الطبقات الدنيا من المجتمع وتقول إن منسوب الفقر المرتفعة في أوســاط المجتمع العربي هي الأخــرى تضعف من قدرة الكثيرين على شــراء تأمينات صحية اســتكمالي­ة وخاصة. وهكذا، تتســبب هذه المعدلات المنخفضة في ارتفاع النفقات العامة على العلاجات والأدوية، تحديدا في أوســاط الفئات السكّانية ذات الدخل المنخفض نسبيا.

الأمن الغذائي

وإلى جانــب ذلك، فإن مناســيب الأمــن الغذائي في المجتمع العربيّ منخفضةً مقارنةً بالمجتمع اليهوديّ، وتعدّ عاملًا غالبًا ما يرتبط بالإصابة بالأمراض المرتبطة بسوء التغذية والتوتر النفسيّ.

كما يعرض التقرير قائمة طويلًة من المعايير الاقتصاديّة والاجتماعيّة النابعة عن العنصرية المؤسّسية في إسرائيل التــي تقصي الســكان العرب مــن الوصول إلــى العمل، والســكن، والتعليم، والإشــراف، وتنظيم تلوث الهواء، والضجيــج، والاكتظــا­ظ في المناطــق الحضريّة، وغياب تخصيص المــوارد الهادفة لتشــجيع نمط حيــاة صحّي يمنع الإصابة بالســمنة، وارتفاع ضغط الدّم، والسكري، وغيرهــا. ويؤكــد الدكتور يوتــام روزنــر، مدير وحدة الأبحاث في جمعيّــة أطباء لحقوق الإنســان أن فيروس كورونا أصــاب المجتمع العربيّ بحالٍ مــن نقص الميزانيّة والتمييز المســتمرّ والعنصريّة المؤسسيّة لافتا إلى أن هذه العوامل جميعا تمس بشكل خطير بالحق في الصحة.

ويضيف في بيــان الجمعية" بعد مرور عشــرين عاما علــى أحداث هبة القــدس والأقصى في أكتوبر/ تشــرين الأول2000 نرى أنفســنا أمام مشهد أضرار كورونا بشكل خطير أكثر بالمهمّشين والمعرّضين للتمييز، وكأنّ الأمر حالة روتينيــة". ويقول أيضا إن الحكومة الإســرائي­لية ملزمة بوضع حد للسياســات التمييزية والعنصرية التي تسهم بشكل مباشر في رفع معدلات الإصابة بالأمراض، والفشل في مواجهة كورونــا، وحالات الوفيات غيــر الضرورية. الآن هو الوقت المناســب للبدء بالتصحيح من خلال خطّة قطرية تضمن المســاواة في جميع المؤشــرات الاقتصادية والاجتماعيّة التي تؤثّر على الصحّة" .

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom