Al-Quds Al-Arabi

المغرب: حزب معارض ينتقد «الحضور الباهت» للحكومة وفقراء يضطرون إلى بيع أثاث منازلهم لتأمين الاحتياجات

- الرباط ـ «القدس العربي» من الطاهر الطويل:

أعلنــت وزارة الصحة المغربيــة، في حصيلتها نصف الشــهرية الخاصة بتطــور أوضاع جائحة «كورونا» عن تجاوز السقف الرمزي لعدد الحالات المســجلة مئة ألف حالة، وتجاوز السقف الرمزي لعــدد الحالات النشــطة 20 ألف حالــة، وتجاوز الســقف الرمزي لعدد حالات الوفــاة ألفي حالة. وعلى مســتوى التطور الأسبوعي لعدد الفحوص المخبرية، كشــفت أن المغرب يحتل المرتبة الثانية إفريقياً و31 عالمياً وذلــك بمعدل إنجاز يفوق 165 ألف فحص أسبوعي.

أما فيما يخــصّ المعطيات اليوميــة، فقد أُعلنَ عشية الثلاثاء عن تســجيل 2076 إصابة جديدة بالفيــروس، و2785 حالة شــفاء، و39 حالة وفاة خلال 24 ســاعة. وبذلــك ارتفع العــدد الإجمالي لحالات الإصابة المؤكدة في المغــرب إلى 121 ألف و183 حالة منذ الإعلان عــن أول حالة في 2 آذار/ مارس الماضي، ومجموع حالات الشــفاء التام إلى 100 ألف و253 حالة.

وســجل أكبر عدد من الإصابات بالفيروس في جهة «الــدار البيضاء ـ ســطات» (1024( متبوعة بجهــة الرباط – ســا - )202( ثم جهة الشــرق (196( وجهة بني ملال-خنيفــرة )142( أما أدنى الإصابات فكانت في جهة الداخلة وادي الذهب في الصحراء المغربية )6 إصابات(.

اتساع مؤشرات الفقر

وبينمــا ينتظــر أن يحــل رئيــس الحكومة، ســعد الدين العثمانــي، يوم الإثنين 19 تشــرين الأول/ أكتوبــر، في مجلس النواب ضمن جلســة الأســئلة الشــهرية المتعلقة بالسياســة العامة، لمســاءلته بشــأن «السياســة الحكومية في ظل تطورات الوضعية الوبائية» أصدر حزب «التقدم والاشتراكي­ة» المعارض بلاغاً عقب انعقاد اجتماع لمكتبــه السياســي، أول أمس الثلاثــاء، دعا فيه إلــى التوفيق بين الأبعاد الصحيــة والاقتصادي­ة والاجتماعي­ــة في تدبيــر الجائحة، مؤكــداً على «ارتبــاك» التدبير الحكومــي للمرحلــة الثانية مــن الجائحة، لا ســيما على مســتوى «الحضور السياســي الباهت» للحكومة، و»انعدام تماســك مكوناتهــا، و»ســوء تواصلها» مع الــرأي العام المحلــي، و«ضعــف» إشــراكها لمكونــات المجتمع السياسية والمدنية.

وطالــب الحكومة بإيــاء الفئــات الفقيرة ما تســتحقه من اهتمامٍ، بالنظر إلى الاتســاع المقلق لمؤشرات الفقر والبطالة والهشاشة، وإلى ضعف التغطيــة الاجتماعيـ­ـة، مطالباً بإجــراء «تقييمٍ مرحلي» لحالة الطوارئ الصحية، من أجل ترصيد إيجابياتها وتجــاوز إخفاقاتها، مشــدداً على أن تجاوز تداعيات الجائحة وتوفير شــروط تعافٍ للاقتصاد المغربي يستلزمان اتخاذ تدابير جريئة.

في السياق نفسه، أوردت وكالة الأنباء المغربية أنه بســبب الأزمــة الصحيــة المرتبطة بتفشــي فيــروس «كوفيــد 19» وتداعياتــ­ه الاقتصادية الوخيمة، وجدت العديد من الأسر المغربية نفسها مضطــرة لمقايضة أو بيع قطع مــن أثاث المنزل في أسواق السلع المستعملة، من أجل تغطية نفقاتها. وتنتشر هذه الأسواق الشــعبية الشهيرة في كل أنحاء المغرب، وتشــتهر بعرضهــا، بالإضافة إلى الملابس ومختلف الأشــياء المستعملة، لقطع ذات قيمة يتم بيعها بأســعار زهيــدة. وكان لتداعيات الفيروس أشــد الضرر على الأســر الفقيرة التي وجدت نفســها مجبرة على التخلــص من أثاثها المنزلي بهذه الأسواق، على أمل، أن يكون هذا الأمر آخر المنعطفات السيئة للفيروس.

وساقت الوكالة شهادات لمواطنين في الموضوع، حيث قال عيســى، وهو تاجر للسلع المستعملة في سوق شعبي في مدينة ســا، إنه يعيش وضعية صعبة جراء تفشــي الجائحة، شأنه في ذلك شأن معظم أولئك الذين يأتون لبيــع أثاثهم. وأضاف: «مــع بدايــة الأزمة كنت أقبل شــراء الســلع من الجميــع، حتى من عند مقاولات ناشــئة أفلســت بســبب الجائحة وأرادت تصفيــة معدّاتها» غير أنه اعتــرف في المقابــل بأنه لم يعد يســعى إلى الاســتفاد­ة من هذه الظرفية، قائلاً: «لم أعد أقبل شراء أي شيء من الأشــخاص الذين يعانون من صعوبات اقتصادية. فأنا أيضاً لم أبع سوى قطعة واحدة منذ أيام».

أما ســعيد، وهــو أيضاً تاجر قطع مســتعملة، فكشف في تصريح مماثل، أنه يواصل شراء جميع أنواع الأثاث )الأرائك، الكراسي والخزائن...( على الرغم مــن ركود التجارة خلال الأشــهر الأخيرة.

وتابع: «لا يمكننــا رفض هذه القطــع. من يأتون لبيعهــا يقولون إنهــم مضطرون لذلــك لتغطية نفقاتهم اليومية» قبــل أن يقاطعه أحد زملائه في المهنة، قائــًا: «هناك أيضاً أشــخاص، وإن كانوا قلة، يأتون لمقايضة قطع أثاث بقطع أخرى».

وحول ما إذا كان يحقــق أرباحاً جيدة من هذه التجارة، أكد ســعيد أنه يشــتري قطعــاً دون أن يتمكن من إعادة بيعها بســبب الوباء، مضيفاً أن «هذه المهنة تحتم علينا الشراء عندما تكون لدينا الموارد الكافيــة للقيام بذلك، في انتظار أيام قادمة أفضل».

على صعيد آخر، أفــاد مصدر إعلامي أن «لجنة القطاعات الاجتماعية» في مجلس النواب المغربي تتجــه إلى فتــح تحقيــق برلماني فــي الصفقات التفاوضيــ­ة التي قام بها خالــد أيت الطالب وزير الصحة من مالية صندوق «كورونا». وأورد موقع «زنقة 20» استناداً إلى مصادر وصفها بالمطلعة، أن اللجنة التي ترأســها القيادية الاستقلالي­ة سعيدة آيت بوعلي طالبــت الحبيب المالكي رئيس الغرفة الأولى للبرلمان بالتأشــير على لجنة استطلاعية تحط الرحــال في وزارة الصحة، مــن أجل إعداد تقرير برلماني حــول طريقة إجــراء أكثر من 300 صفقة أدوية وأجهزة طبية قامت بها وزارة الصحة طيلة 200 يوم من جائحة «كوفيد 19». وذكر الموقع أن المطالــب البرلمانيـ­ـة بفتح تحقيــق في صرف مبالغ مالية مهمة من صنــدوق «كورونا» مازالت تُواجَه بمعارضة صامتة من طرف الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب الــذي يرفض الموافقة على المهمات الاستطلاعي­ة خلال الجائحة، مبرراً موقفه بضرورة الانتهاء من تقارير اللجان الاستطلاعي­ة الأخرى التي تشــكلت منذ أكثر من ســنة دون أن تصل إلى صياغــة تقريرها النهائــي. وأوضحت مصــادر الموقع المذكــور أن الدفع نحــو التحقيق البرلمانــ­ي في صفقــات الصحــة يقــف وراءها ممثلو أحــزاب المعارضة: «الأصالــة والمعاصرة» و «الاستقلال» و«التقدم والاشتراكي­ة .»

وكتبــت صحيفة «المســاء» في عــدد أمس، أن الجدل بين وزارتي الصحــة والصناعة المغربيتين حول أجهــزة التنفس المحلية يصــل إلى البرلمان، حيث تقدم «الفريق الاشتراكي» في مجلس النواب بسؤال شــفوي إلى حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاقتصــا­د الأخضــر والرقمي، حول تعثّر استعمال أجهزة التنفس المغربية، منبهاً إلى الخصاص الذي تعرفه المستشفيات العمومية في هذه الأجهزة؛ إلا أن عملية تشــغيل أجهزة تنفس مغربية الصنــع ما زالت متوقفة، ممــا يدفع باقي المؤسسات الرسمية، وعلى رأسها وزارة الصحة، إلى اســتيراده­ا من الخارج، وهو ما يلحق ضرراً بالاقتصاد المغربي.

وقالت فاطمة الزهراء بلين، مســؤولة الإعلام والتواصل في حركة الممرضــن وتقنيي الصحة، في تصريح لصحيفة «هسبريس» الإلكتروني­ة، إن عدد حالات الإصابة بـ«كوفيــد 19» بين الممرّضين وتقنيي الصحة وصل، بناء على آخر إحصاء قامت

به الحركة، إلــى 750 حالة. وأضافــت المتحدثة: «نحن على يقين تام أن الرقم لا يســاوي حتى ربع الإصابات الفعلية؛ فالأمر يتعلق بمجهود بســيط من لجنة تتبــع حركة ممرضــي وتقنيي الصحة، من أجل تســليط الضوء على عــدد الإصابات في صفوف الممرضين والتنديــد بالتكتم الذي تنهجه وزارة الصحة في إحصــاء الإصابات في صفوف الممرضين خلافاً لبعض الدول التي نحن نتبعها في طريقة تتبع المرضى وتسيير أزمة الجائحة.»

نصف الخسارة

ولفــت موقــع «الجريــدة 24» الانتبــاه إلى تجاوزات بعض الشركات التي تؤدي إلى تسريح العمــال بدون ضمان حقوقهم، تحــت ذريعة أزمة «كورونا» ملاحظة أن وزارة الشغل )العمل( تقف عاجزة أمام هذه الإشــكالا­ت التــي تهدد بانفجار اجتماعــي في حال تصاعدها، علــى حد تعبيرها. ونقلت عن ســعيدة آيــت بوعلي، رئيســة لجنة القطاعات الاجتماعية في مجلس النواب المغربي، قولها إن الوزارة المذكورة تملك جهاز رقابة واحداً وهو «مفتشية الشــغل» ولا يتجاوز عدد المفتشين 300 مفتــش موزعين علــى مدن المغــرب، مؤكدة أن هنــاك أماكن لا تتوفر أصلاً على مفتشــن، كما أن هناك حقــولاً زراعيــة لا يصلها المفتشــون إلا تحت الطلب. وكشــفت أن بعض الشــركات التي تشــغل كوادر ومهندســن كانوا يتقاضون أكثر من 10 آلاف درهم مغربــي )1081 دولاراً أمريكياً( اســتغلت الظروف الوبائية وقلصت أجورهم إلى حدود 2000 درهم )216 دولاراً( دون الحديث عن المتدربين والعاملين وفق عقــود «الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات» (مؤسسة حكومية للوساطة في العمل(.

وأكــدت البرلمانيـ­ـة آيــت بوعلي أنــه لا يمكن التحكم في هذه التجــاوزا­ت، إذا لم تقم الحكومة بتعزيز جهاز التفتيــش ليغطي على الأقل المناطق الصناعية التــي تضم عدداً كبيراً من الشــركات. كمــا دعت الــوزارة المعنيــة إلى الانتبــاه ليأس المواطنين الذين يرضخون للأمر الواقع، إذ يقبلون بنصف الخسارة عوض الخسارة بأكملها، وهذا ـ باعتقادها ـ مؤشــر لا يخدم الاستقرار الاجتماعي للكادحــن، ويهدد بانهيــار ما تبقى مــن الطبقة المتوسطة.

 ??  ?? مسن يحمل كيسا فيه بعض الأطعمة في أحد الأحياء الشعبية الفقيرة في المغرب
مسن يحمل كيسا فيه بعض الأطعمة في أحد الأحياء الشعبية الفقيرة في المغرب

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom