Al-Quds Al-Arabi

محللون: الجبهات البرلمانية بلا مستقبل ... والتحالف بين النهضة وقلب تونس قد ينتهي لمصير التوافق مع «النداء»

- تونس- «القدس العربي» من حسن سلمان:

شــهد البرلمان التونســي في الفترة الأخيرة تطوراً جديداً تمثل بتشــكيل جبهتين سياســيتين، تضم الأولى 120 نائباً )أغلبيــة(، فيما تضم الثانيــة 80 نائباً )أقليــة( في محاولة لتجاوز التشــتت البرلمانــ­ي الكبير الذي أفرزتــه الانتخابات البرلمانية الأخيرة.

وكانــت حركــة النهضــة وحزب قلــب تونــس وائتلاف الكرامــة وبعض المســتقلي­ن، أعلنوا تشــكيل تحالف برلماني يهــدف لدعــم حكومــة المشيشــي، فضــاً عن تمريــر بعض القوانين واســتكمال عدد من الهيئات الدســتوري­ة كالمحكمة الدستورية وغيرها.

وأعلــن عبــد الكــريم الهارونــي، رئيــس مجلس شــورى النهضة، في وقت ســابق، عن تشــكيل حزام سياسي يضم 120 نائبــاً في البرلمان يهدف لتشــكيل قوة برلمانية لتيســير عمل البرلمان والحكومة.

فيمــا أكــد نبيل القــروي، رئيس حــزب قلــب تونس، أن الائتــاف البرلمانــ­ي الجديد اتفــق على منح الثقــة لحكومة المشيشــي، علــى أن يقــوم لاحقــاً بســحب الثقة مــن بعض الوزراء الذين "تم تعيينهم من قبل رئاسة الجمهورية".

كمــا أعلــن ســيف لدين مخلــوف، رئيــس كتلــة ائتلاف الكرامة، أن كتلته ســتكون طرفاً في حزام برلماني يضم 120 نائباً وسيســاهم في تشكيل المحكمة الدستورية واستكمال انتخاب بقية الهيئات الدســتوري­ة وتقديم جملة من القوانين التاريخية.

وأضــاف فــي تدوينــة علــى موقــع فيســبوك: "موعدنا الأول مع قانون المحكمة الدســتوري­ة التي عجز عنها الجميع طوال ست سنوات، ســيكون في دورة استثنائية في خلال الأسبوعين المقبلين، ثم ستتتالى المفاجآت بإذن الله".

ورغم أهمية هذه التحالفات في تجميع القوى السياســية المشتتة داخل البرلمان، وبالتالي تحسين الأداء البرلماني، إلا أن بعض المراقبين يعتبرون أنها تحالفات هشــة لأنها مبنية على المصالح ولا تمتلك أرضية سياسية وفكرية صلبة.

ويقــول المــؤرخ والمحلــل السياســي د. عبــد اللطيــف الحنّاشــي لـ"القدس العربي" ـ "الوضــع القائم في البرلمان حاليــاً هو نتيجة انتخابات 2019 التي أفرزت نظاماً برلمانياً فسيفســائي­اً فيه يضم قوى سياسية عدة، حيث نرى عدداً من التيارات اليمينية وبعض التيارات الوســطية واليســار البرلمان التونسي الاجتماعي )وســط غياب اليسار التقليدي(، وهي بأحجام مختلفــة، وهــو مــا يســاهم أساســاً في تشــتيت المشــهد البرلماني".

ويضيــف: "وما يعمــق عدم الثقة في النخبة السياســية الحاليــة في تونس هــو أن الأحزاب التــي كان بينها صراع حاد خــال الانتخابات التقت الآن تحت شــعارات مختلفة

وبلا أرضية سياسية أو فكرية صلبة، وبدون رؤية، وهو ما يعني أن هذه التحالفات قد تنفجر في أي لحظة".

ويوضــح أكثــر بقوله: "لدينــا الآن تحالف بــن النهضة وقلب تونــس وائتــاف الكرامة وكتل أخــرى تمثل أغلبية تضــم 120 نائباً، وهنــاك تحالف أقلية تمثــل 80 نائباً، لكن الأغلبية غير متجانســة سياسياً أو فكرياً، ويمكن أن تنفجر

في أي لحظة )كما أســلفت( بمعنــى أننا أمام تحالفٍ رخوٍ، ووفق قضايا ثانوية وليست رئيسية. كما أن الأقلية تشقها العديــد من التناقضــا­ت، فهي متحالفة أساســاً ضد حركة النهضة، لكنها لا تســتطيع أن تتفاعل مع الدســتوري الحر وفي داخلها تناقضات".

ورغــم أن الحناشــي يرحــب بقيــام تحالفــات برلمانيــة تساهم في تنظيم الفسيفســا­ء البرلمانية التي تعطل الحياة السياسية في تونس، كما تساهم في تعطيل عمل الحكومة واتخاذ القرارات السياسية، لكنه يرى أن عمرها قصير في ظل التباين الكبير بين مكوناتها، مشيراً إلى أن التحالف بين حزبي النهضة وقلب تونس قد ينتهي إلى مصير "التوافق" الســابق بين حزبــي النهضة ونــداء تونــس، وخاصة بعد الخلافات التي عصفت بالنداء وأدت لاندثاره لاحقاً.

ويضيف: "دعونا في وقت ســابق لعلاقات استراتيجية بين الطرفين، بما أن لديهما تصورات مشتركة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، لكننا نخشى أن ينتهي مصير هذا التحالف إلى ما حدث بين النهضة والنداء. وهذا ما سيؤثر لاحقــاً علــى الحياة السياســية وعلــى الوضع السياســي بشــكل عــام، ولن يســاعد الحكومة علــى اتخــاذ القرارات المناسبة".

فيما يرى المحلل السياســي والدبلوماس­ي السابق، عبد اللــه العبيدي، أن تونس اليوم هي "صور مصغرة من العالم العربــي، فهــذه التحالفــا­ت البرلمانية مفروضــة من جهات خارجية، كما أن كبرى الملفــات يديرها الأغراب في تونس. ولا ننسى أن أقطاب الحكم في تونس )الرئاسة والحكومة والبرلمان( لا شــيء يجمعها اليوم، فأنت لا تســتطيع إدارة شأن بلد بقيادة متناثرة ومختلفة".

ويضيــف لـ"القدس العربي": "هــذه التحالفات البرلمانية يكون لديها أهمية عندما تكون نابعة من الحاجة والتعاطي مع ملفــات داخلية من منطلقات وطنية ومحلية. لكن تونس اليــوم محل أطمــاع، والتيارات السياســية الموجــودة فيها ينظمون أنفســهم كي يتلقون المزيد من الأموال للاستمرار. وعندما تتابع مداولات مجلس الشعب ترى أنها مهزلة بكل ما تعنيه الكلمة".

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom